طفل لبناني يتفوّق عالمياً... ما الحساب الذهني الفوري؟ وما أهميته؟

الطالب سيزار أبي صعب حصد لقب بطل الأبطال في مسابقة دولية أُقيمت في دبي (إنستغرام)
الطالب سيزار أبي صعب حصد لقب بطل الأبطال في مسابقة دولية أُقيمت في دبي (إنستغرام)
TT

طفل لبناني يتفوّق عالمياً... ما الحساب الذهني الفوري؟ وما أهميته؟

الطالب سيزار أبي صعب حصد لقب بطل الأبطال في مسابقة دولية أُقيمت في دبي (إنستغرام)
الطالب سيزار أبي صعب حصد لقب بطل الأبطال في مسابقة دولية أُقيمت في دبي (إنستغرام)

حاز الطفل اللبناني سيزار أبي صعب، هذا الشهر، المعدل الأعلى في مسابقة الحساب الذهني الفوري، ضمن بطولة دولية أقيمت في دبي. وتكتسب هذه التقنية التعليمية مؤخراً زخماً في عالمنا العربي، وتنتشر بين الأكاديميات والمدارس، ضمن المناهج التطويرية، التي لا تعتمد فقط على المواد الأساسية داخل الصفوف لتنمية قدرات الطلاب.

وحصل أبي صعب، البالغ من العمر 8 سنوات، على لقب «بطل الأبطال»، وهي الجائزة الأكبر في البطولة، متفوقاً على أكثر من 350 مشاركاً من كل دول العالم.

وتألف الفريق اللبناني في بطولة الحساب الذهني حول العالم، من 3 طلاب أساسيين، كلهم حازوا جوائز.

وفي حديث حول التحضير للمسابقة، قالت المدربة لورا المهتار، التي رافقت أبي صعب في رحلة التجهيزات الأكاديمية قبل البطولة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الطالب تدرب يومياً لساعتين، ما مكّنه من تحقيق السرعة اللازمة والأدوات للفوز ونيل أعلى معدل في البطولة.

وأشارت إلى أنه كان واثقاً جداً من فوزه، حيث قال أبي صعب: «كنت ذاهباً وفي ذهني أنني سأربح، لم أَخَفْ من المنافسة». وكان شعار الفريق اللبناني بالفعل «قادمون للفوز».

فما الحساب الذهني الفوري؟

الحساب الذهني الفوري، أو ما يُعرف بـgenius map هي تقنية تعليمية يابانية، يستخدم فيها المدربون آلة حساب يابانية تسمى soroban (سوروبان) بحيث يمكن للطلاب تخيلها ومن ثم استخدامها للتعامل مع الأرقام المعقدة.

تعمل هذه التقنية على تنمية قدرات الطفل المتكاملة، بحيث تقوّي خياله وإبداعه وقدرته على التركيز تحت الضغط.

وتقول المهتار: «هذه التقنية موجودة في لبنان وفي أماكن كثيرة مؤخراً حول العالم، تعمل على تطوير عمل الدماغ لدى الأطفال، بحيث تقوّي الذاكرة، والإبداع، والخيال، والثقة بالنفس أيضاً».

وتضيف: «تأخذ الخطة التعليمية Genius MAP في الاعتبار تحديات الطلاب المختلفة، ويجري تعديلها وفقاً لذلك. نستخدم الأساليب الأربعة في مناهج التدريس لدينا: الأرقام البصرية والسمعية والحركية والقراءة والبطاقات التعليمية».

وتوضح المدربة أن الحساب الذهني هو في الأساس برنامج لتنمية الطفل يعتمد على «سوروبان»، وهي أداة حسابية قديمة تُستخدم في اليابان والكثير من البلدان الأخرى، منذ آلاف السنين.

لقد كانت «سوروبان» جزءاً من المناهج الدراسية في اليابان لسنوات كثيرة. خلال هذه الفترة، أظهر السكان اليابانيون مهارات قوية في أساسيات عملية التفكير.

وقالت المهتار: «لذلك، تؤمن Genius MAP بعلوم الرياضيات العقلية وتقوم برعاية العباقرة منذ عام 2007. طوّر البرنامج الفريق الياباني واللبناني وفق المعايير اليابانية المطابقة للمعايير العالمية في الرياضيات الذهنية».

وفي شرحها بشكل أعمق عن التقنية، أخبرت المهتار «الشرق الأوسط» بأنهم كمدربين يعملون مع الأطفال على كيفية التعامل مع الأرقام، وأضافت: «يمكن للطفل البدء في تعلم طريقة الحساب هذه منذ عمر 4 سنوات، أي منذ أن يتأقلم مع الأرقام كافة ويستوعبها... ونبدأ معه في شرح كيفية عمل الحسابات، ضمن آلية مُقسمة إلى مراحل».

وأضافت: «نعمل مع كل طالب على حدة، وليس ضمن فريق، بحيث يمكن لطفل أن ينجز مراحل معينة قبل طفل آخر، اعتماداً على طاقته وقدراته العقلية».

وفي سؤال حول ما إذا كان من الضروري أن يكون الطالب موهوباً أو مُحباً لمادة الرياضيات قبل البدء بتعلم الحساب الذهني الفوري، أجابت المهتار: «الموهبة في الرياضيات ليست شرطاً أبداً، فنحن نعطي الطالب كل ما يلزمه من تشجيع نفسي عند البدء ليتأقلم من السرعة المطلوبة للتعامل مع الأرقام».

كيف تنمي التقنية مهارات الأطفال؟

تشرح المدربة الحائزة شهادة الماجستير في التربية، لورا المهتار، أن هذه التقنية تُحضر دماغ الطفل للعمل سريعاً، وتقول: «ضمن التدريبات، نعطي الأطفال بطاقات عليهم حلها سريعاً، ونعمل معهم على ما يسمى speed writing أو الكتابة السريعة للأرقام التي تقوّي الذاكرة وتساعد على التركيز وتحفز الدماغ على الحسابات الصعبة مع الوقت».

وتابعت: «هذا بدوره يعوّد الدماغ على الحفظ وسرعة التفكير، ويستثمر الطالب هذه المهارات في المدرسة وخلال رحلته التعليمية، بحيث يصبح سريع الحفظ والتحليل داخل الصفوف الأكاديمية، وفي أي نشاطات جانبية يمارسها أيضاً».

كما شددت على أهمية هذه التقنية في تعزيز الثقة بالنفس، والمثابرة، حيث أشارت إلى وجود الكثير من المسابقات المحلية والعالمية التي يشارك في الطلاب، والتي تقوّي ثقتهم بمهاراتهم بمرور الوقت.


مقالات ذات صلة

احتجاجات بنغلاديش تحدٍ كبير لنظام الشيخة حسينة

آسيا متظاهرون يقطعون الطرق ويشتبكون مع الشرطة في دكا (أ.ف.ب)

احتجاجات بنغلاديش تحدٍ كبير لنظام الشيخة حسينة

إطلاق الذخيرة الحية على المحتجين في العاصمة البنغلاديشية دكا دفع آلاف المتظاهرين إلى المطالبة برحيل رئيسة الوزراء الشيخة حسينة.

«الشرق الأوسط» (دكا)
يوميات الشرق رقائق البطاطس غير مخصصة للاستهلاك من قِبل الأطفال دون سن 18 عاماً (إندبندنت)

بسبب «أقوى فلفل في العالم»... رقائق بطاطس تُدخل أطفالاً يابانيين المستشفى

أُدخل ما لا يقل عن 14 طالباً من مدرسة ثانوية في طوكيو المستشفى بعد تناول رقائق البطاطس «شيبس» الحارة أثناء استراحة الصباح

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق طالب يذاكر قبيل امتحانات شهادة الثانوية العامة في مصر (إ.ب.أ)

«الحنين للوطن»... كيف تتعامل مع الوحدة في الجامعة؟

يعد الذهاب إلى الجامعة لحظة كبيرة في حياة الشخص - بالنسبة لكثيرين، ستكون هذه هي المرة الأولى التي يعيشون فيها بعيداً عن المنزل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا قرار حظر الهواتف الجوالة يهدف إلى تحسين سلوك التلاميذ (د.ب.أ)

حتى لأغراض التعلم... دولة أوروبية تقرر حظر الهواتف في الفصول الدراسية

من المقرر حظر الهواتف الجوالة في الفصول الدراسية الإيطالية في العام الدراسي الجديد بالمدارس، بموجب مرسوم أصدرته، اليوم الخميس، الإدارة اليمينية.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق 11 طالباً من ذوي الاحتياجات الخاصة يتابعون برنامجاً أكاديمياً متخصصاً يمتدّ 3 سنوات (Next Step @ AUB)

الطلّاب ذوو الاحتياجات الخاصة في أحضان الجامعة الأميركية ببيروت

لم يكن خرّيجو مدارس الدمج ليحلموا باستكمال دراستهم الأكاديمية لو لم تفتح الجامعة الأميركية في بيروت ذراعَيها لهم ضمن برنامج خاص في إطار التعليم المستمر.

كريستين حبيب (بيروت)

«ليلة الأحلام» تُبهر جمهور جدة بتألُّق عمر خيرت وآمال ماهر

«ليلة الأحلام» جمعت عمر خيرت وآمال ماهر في جدة (بنش مارك)
«ليلة الأحلام» جمعت عمر خيرت وآمال ماهر في جدة (بنش مارك)
TT

«ليلة الأحلام» تُبهر جمهور جدة بتألُّق عمر خيرت وآمال ماهر

«ليلة الأحلام» جمعت عمر خيرت وآمال ماهر في جدة (بنش مارك)
«ليلة الأحلام» جمعت عمر خيرت وآمال ماهر في جدة (بنش مارك)

في ليلة ساحرة خارج صخب يوميات الحياة، استمتع الحضور بحفل «ليلة الأحلام»، الجمعة، فاجتمع الموسيقار المصري عمر خيرت وابنة بلاده الفنانة آمال ماهر على خشبة مسرح «عبادي الجوهر أرينا» ليقدّما عرضاً استثنائياً ضمن فعاليات «موسم جدة 2024»، لتشكّل الأمسية رحلة إبداعية فريدة.

البداية بعرض فيديو للتمارين المكثَّفة التي جمعت الأوركسترا العالمية بقيادة الموسيقار وليد فايد والفنانة؛ فأشار فايد إلى أنّ صوت ماهر «يعزف ولا يغنّي»، فيما أبدى عازف الفلوت العالمي بيدرو أوستاش إعجابه الكبير به.

عمر خيرت يشدو بألحانه في «ليلة الأحلام» بجدة (بنش مارك)

افتتح خيرت الأمسية بأداء مبدع، فقدَّم مقطوعات شهيرة مثل «قضية عم أحمد»، و«فيها حاجة حلوة»، و«عارفة» التي شاركه الجمهور بغنائها، بجانب «ليلة القبض على فاطمة»، و«ما طلعت شمس ولا غربت».

وفي ختام عرضه، سلَّمه رئيس «الهيئة العامة للترفيه» المستشار تركي آل الشيخ دعوة لتكريمه ضمن حفل ضخم يقيمه في «موسم الرياض 2024»، تقدَّم بها بالنيابة عنه رئيس مجلس إدارة شركة «بنش مارك» زكي حسنين.

علَّق خيرت في مؤتمره الصحافي على الدعوة قائلاً: «سعيد جداً بها، وبجمهور السعودية الذي أشعر بتجاوبهم العميق والكيمياء التي تجمعهم بالموسيقى».

وأشاد بتعاونه مع فنانين سعوديين منذ مدّة طويلة، مشدّداً على أنّ الأغنية مهمّة جداً، ولكن بجانب أهميتها، تأتي أيضاً أهمية الموسيقى: «وهذا ما حرصتُ عليه منذ صغري، أن تكون لدينا موسيقى مرافقة للغناء».

صعدت آمال ماهر إلى المسرح، وافتتحت عرضها بأغنيتها الشهيرة «اللي قادرة» بمشاركة عمر خيرت على البيانو، ثم تتابعت الأغاني: «كل ده كان ليه»، و«مش أنا اللي أشكي» لمحمد عبد الوهاب، و«إنت الحب» لأم كلثوم بتألُّق صوتها وموسيقى الموسيقار المصري.

تعلَّم حبّ الموسيقى من عائلته (بنش مارك)

كما قدَّمت أغنية «الرسايل» لمحمد عبده مع عازف الساكسفون العالمي ديفيد كوز وعازف البيانو العالمي راؤول دي بيلاسيو الذي أشاد بصوتها وإحساسها العميق بالموسيقى العربية.

وأيضاً شاركت عازفة التشيللو العالمية ماريكو موراناكا في أداء أغنيتَي «رايح بيّا فين» و«من غير ليه» لمحمد عبد الوهاب. وفي لمسة مُشابهة لما قدَّمه الفنان محمد منير في حفله السابق، قدَّمت ماهر أغنية «علّي صوتك بالغنا» بمشاركة عازف الفلوت بيدرو أوستاش وعازف الكمان ديفيد غاريت.

وختمت الحفل بأغنية «يا أنا يا أنا» لفيروز بمشاركة عازفَي الكمان غاريت وغارسيا وعازفة التشيللو ماريكو موراناكا. وبعد أكثر من ساعتين ونصف ساعة من الأداء المبهر، تحوّل الحفل واحداً من أجمل ليالي «موسم جدة 2024».

عازفون عالميون و150 آخرون ضمن أوركسترا بقيادة وليد فايد (بنش مارك)

وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال الموسيقار خيرت: «أعتزّ كثيراً بالدعوة لتكريمي في (موسم الرياض)، فقد بات من الفعاليات العربية التي تتميّز بأهمية خاصة؛ إذ يُعمِّق تفاعل الجمهور العربي مع الفنّ، ويضع الفنان المُشارك أمام مسؤولية كبيرة».

وأضاف: «الدعوة فرصة للاحتفاء بمشواري الفنّي، ومشاركتي في حفل (ليلة الأحلام) جعلتني أستعيد ذكريات عزيزة على قلبي».

وعن أغنيات الحفل، تابع: «حقَّق الفنان محمد عبد الوهاب نقلة كبيرة في الموسيقى المصرية، وأنا من عشاقه. ألبوم (الوهابيات) الذي قدّمته مع (صوت الموسيقى) في الثمانينات، من التجارب الفنّية المهمّة المتعلّقة بتقديم الموسيقى الشرقية في قالب أوركسترالي؛ فوزَّعتُ بعض أغنياته، منها (لأ مش أنا اللي أبكي)، و(كل ده كان ليه)، و(كنت فين)».

وأوضح أنّ «عبد الوهاب لم يكن يرفض التوزيعات الأوركسترالية، بل كان يحترمها ويحبّها، ومن المعروف أنّ موسيقار الأجيال خاض تجربة توزيع أغنيته (لأ مش أنا اللي أبكي) مع الفنان أندريه رايدر».

ديفيد غارسيا وعازف البيانو راؤول دي بيلاسيو يقدّمان مقطوعة لويتني هيوستن (بنش مارك)

ومن الذكريات التي جالت في خاطره خلال العزف، إشادة تلقّاها من عبد الوهاب في شبابه، والتي يعدُّها تكريماً حقيقياً له في بداية مشواره: «فوجئتُ بعد عرض مسلسل (ضمير أبلة حكمت)، من بطولة فاتن حمامة وأحمد مظهر، بمكالمة هاتفية منه يهنئني على موسيقى المسلسل، قائلاً: (ربنا يخليك لمصر). كان لهذه الكلمات سحرٌ خاص على أذني، لأنها جاءت من موسيقار بحجمه، ولأنني أعشق تراب بلادي».

وعدَّ الفنان عمر خيرت الموسيقى جزءاً من تكوينه و«شفرته الجينية»، وفق تعبيره: «أراها إرثاً عائلياً نتناقله عبر الأجيال. فقد كان جدّي عاشقاً لها، وكان لأبي الفضل في استغراقي مبكراً في عالمها. كثيراً ما جلست أستمع إلى عزفه روائع الموسيقى العالمية على البيانو، لأتعلّم العزف مبكراً على هذه الآلة، إلى أن أتقنته بشكل أكاديمي ولم يتجاوز عمري 11 عاماً».

وأكمل استدعاء الذكريات: «أتذكر أنّ أبي اقتنع بإصراري على اختيار طريق الموسيقى، وأخذ أوراقي من الثانوية العامة لتقديمها لمعهد الموسيقى بنفسه، مؤكداً على تمتّعي بالموهبة. لقد شكَّل نموذجاً للآباء المتفهّمين حق الأبناء في تحديد مصيرهم».