لعنةُ حوض الاستحمام... تعدَّدَ المشاهير والوفاة واحدة

ماذا يقول طب القلب والنفس عن هذه الظاهرة؟

الفنانون الأميركيون ماثيو بيري وويتني هيوستن وجيم موريسون قضوا جميعاً في حوض الاستحمام (إنستغرام)
الفنانون الأميركيون ماثيو بيري وويتني هيوستن وجيم موريسون قضوا جميعاً في حوض الاستحمام (إنستغرام)
TT

لعنةُ حوض الاستحمام... تعدَّدَ المشاهير والوفاة واحدة

الفنانون الأميركيون ماثيو بيري وويتني هيوستن وجيم موريسون قضوا جميعاً في حوض الاستحمام (إنستغرام)
الفنانون الأميركيون ماثيو بيري وويتني هيوستن وجيم موريسون قضوا جميعاً في حوض الاستحمام (إنستغرام)

أعادت حادثة وفاة الممثل الأميركي ماثيو بيري الأسبوع الماضي إلى الذاكرة نهاياتٍ مماثلة لزملاء له من عالم الفنّ. كثيرون قبله أغمضوا عيونهم للمرّة الأخيرة وَهُم داخل حوض الاستحمام أو السباحة. لم تسحبهم المياه إلى أسفل ولم يغرقوا في شبرٍ منها، إنّما غلبَهم مفعول ما تناولوه من كحول أو مخدّرات أو عقاقير، ليقضوا تحت سطح الماء.

من عازف فريق «رولينغ ستونز» براين جونز، إلى مغنّي «ذا دورز» جيم موريسون، والمغنّية الأميركية ويتني هيوستن وابنتها بوبي كريستينا براون، مروراً بمغنّية فريق «كرانبيريز» دولوريس أوريوردان، وصولاً إلى ماثيو بيري... جميعُهم مشاهير غادروا هذا العالم بالطريقة الدراماتيكيّة ذاتها، وعانَوا خلال حياتهم من الإدمان.

في يمين الصورة عازف فريق «رولينغ ستونز» براين جونز الذي توفّي عام 1969 في حوض السباحة (رويترز)

انتحار أم حادث؟

يوضح الطبيب والمعالج النفسي د. جورج كرم في هذا السياق، أنه لا يمكن معرفة ما إذا كان الهدف الأساسيّ لدى هؤلاء المشاهير هو الانتحار، أي أن يتعاطوا المخدّرات ويتركوا أنفسهم يغرقون عمداً، أم إذا كانوا قد توفّوا داخل حوض الاستحمام من دون تعمّد وضع حدّ لحياتهم. ويتوقّف كرم في حديث مع «الشرق الأوسط» عند حالة ماثيو بيري ليقول: «لا ندري ما إذا كان قد غرق لأنه تناول الكثير من الكحول، أم لأنّ هدفه كان قتلَ نفسه».

وفي وقتٍ أجّلت الجهات القضائيّة الإعلان عن أسباب الوفاة، فإنّه من المؤكّد أنّ بيري لطالما رزح تحت ثقل المخدّرات والكحول والمسكّنات، وقد تحدّث علناً عن الأمر مرّاتٍ عدّة. على مدى سنوات حياته الـ54، لم يُعلَن عن أي محاولة انتحار قام بها بيري. غير أنّ معاناته مع الإدمان ظهرت للعيان منذ كان في الـ28 من عمره، عندما وقع في شرك مسكّنات الألم بعد تعرّضه لحادثٍ بَحريّ. وصل به الأمر إلى حدّ تناول 55 حبّة منها يومياً. وقبل عامٍ من وفاته، كشف أنه أنفق نحو 9 ملايين دولار على العلاج من الإدمان، بما في ذلك 14 جراحة للمعدة، و15 إقامة في مراكز إعادة تأهيل، والخضوع لجلسات نفسية مرّتين أسبوعياً طوال 25 عاماً.

أثّر الإدمان على مسيرة بيري وغالباً ما وصل إلى موقع تصوير «فريندز» وهو تحت تأثير الكحول والمخدّرات (رويترز)

جرعة زائدة هبوط في الضغط فغرق

من وجهة نظر طبّ القلب التي عبّر عنها لـ«الشرق الأوسط» أخصّائي القلب والشرايين د. إيلي شمّاس، فإنّ ما يحصل لهؤلاء الأشخاص هو توقّف للقلب بسبب جرعة زائدة من المخدّرات أو الكحول أو الأدوية المضادّة للألم والمهدّئات. ويضيف شمّاس: «عندما ينزلون في المياه، ينخفض ضغطهم بشكل مفاجئ ويتوقّف قلبهم». ويلفت الطبيب إلى أنّ درجة حرارة المياه عنصر مؤثّر كذلك، فارتفاع حرارتها أو انخفاضها قد يزيد من منسوب الصدمة.

يسلسل شمّاس المراحل المؤدّية إلى الوفاة في مثل هذه الحالات، وهي أوّلاً الجرعة الزائدة، ثمّ هبوط في ضغط الدم، يليه توقّف القلب، ليحصل بعد ذلك الغرق والوفاة. وقد تعدّد الذين اختاروا عمداً أو صُدفةً هذه النهاية. فقبل 5 سنوات من العثور على نجم مسلسل «فريندز» المحبوب جثّةً داخل حوض الجاكوزي في منزله في لوس أنجليس، قضت المغنية الإيرلنديّة دولوريس أوريوردان بالطريقة ذاتها. وُجدت الفنانة الأربعينيّة متوفّاة داخل حوض الاستحمام في أحد فنادق لندن. كان قد سبق ذلك تناولُها كمياتٍ كبيرة من الكحول، ووفق تقرير الوفاة فإنها غرقت بعد أن خدّرها التسمّم بالكحول.

عانت أوريوردان من الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب، كما راودتها أفكار انتحاريّة، بسبب تعرّضها لاعتداءات جنسية خلال طفولتها. وقد تفاقمت حالتها النفسيّة مع مرور السنوات، ما أغرقها في الإدمان على الكحول.

البُعد النفسي للمياه

من الغرق في الإدمان إلى الغرق في أحواض الاستحمام، ظاهرةٌ تكرّرت لدى المشاهير يربطها د. جورج كرم بالبُعد النفسي للمياه؛ «الموت داخل المياه، أكان في حمّام السباحة أم المغطس أو حتى البحر، أشبَه بالاستسلام. المياه تبتلع كل شيء كما أنها تنظّف كل شيء». غير أنّ ذلك لا يعني أنّ الأمر بالضرورة انتحار، فالمخدّر هو السبب المباشر للوفاة.

يوضح كرم أنّ «إغراق النفس من دون أن يكون الشخص تحت تأثير المخدّرات صعب جداً، لأنّ غريزة الحياة تغلب ويعود النفَس من تلقاء ذاته. لكنّ هذه الغريزة تغيب عندما يكون المرء تحت تأثير المخدّر أو الكحول، فيصبح الغرق والموت أسهل، مع العلم بأنّ الغيبوبة تحصل قبل الغرق».

هذا هو السيناريو الذي رسم نهاية الفنانة العالميّة ويتني هيوستن عام 2012، عندما غرقت في حوض استحمام أحد فنادق بيفرلي هيلز في الولايات المتحدة الأميركية. توقّف قلب هيوستن بسبب جرعة زائدة من الهيروين. وهي كانت قد عانت طويلاً من الإدمان على إثر علاقتها المتفجّرة مع زوجها بوبي براون، وبسبب ضغوط العمل والشهرة.

توفيت ويتني هيوستن داخل حوض الاستحمام بسبب جرعة زائدة من الهيروين عام 2012 (أ.ف.ب)

بوبي كريستينا على خطى والدتها

تكرّرت مأساة هيوستن مع ابنتها التي اختارت أن تسير على خطى والدتها. فبعد 3 سنوات على رحيل هيوستن، عُثر على بوبي كريستينا براون فاقدةً للوعي في حوض استحمام منزلها في ولاية جورجيا الأميركية. وبعد غيبوبة استمرّت 6 أشهر، توفّيت الشابّة وهي في الـ22 من عمرها. أظهرت التقارير القضائيّة لاحقاً أنّها كانت تحت تأثير مزيج من الماريغوانا، والكحول، والكوكايين، والمورفين، والأدوية المهدّئة.

ويتني هيوستن وابنتها بوبي كريستينا براون (أ.ب)

تعود لعنة حوض الاستحمام إلى سنواتٍ خلت، فتحتَ المياه أسلمَ المغنّي الأميركي جيم موريسون الروح عام 1971 عن سنّ 27 عاماً. ذُكر حينها أن سبب الوفاة هو فشلٌ في القلب، لكنّ شهوداً أفادوا بتعاطيه جرعة زائدة من الهيروين. ومن المعروف أن موريسون عانى خلال سنوات حياته القصيرة من الإدمان على الكحول والمخدّرات.

عام 1969، طفت جثّة الموسيقيّ البريطاني براين جونز على وجه حوض سباحة منزله جنوبي إنجلترا. كان كذلك في الـ27 من عمره. وعلى سجلّ جونز تاريخٌ من تعاطي الموادّ المخدّرة، ما أثّر على عمله وأدّى إلى استبعاده عن فريق «ذا دورز».


مقالات ذات صلة

ارتفاع حالات الانتحار في الجيش الأميركي عام 2023

الولايات المتحدة​ جنود أميركيون (رويترز - أرشيفية)

ارتفاع حالات الانتحار في الجيش الأميركي عام 2023

قال مسؤولون كبار في وزارة الدفاع الأميركية، إن حالات الانتحار في الجيش الأميركي زادت عام 2023، وهو ما يمثل استمراراً لاتجاه طويل الأمد كافح البنتاغون للحد منه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق نجومٌ في الصغر... ضحايا في الكبر

نجومٌ في الصغر... ضحايا في الكبر

من مايكل جاكسون إلى ليام باين، مروراً بماثيو بيري وغيرهم من النجوم... خيطان جمعا ما بينهم؛ الشهرة المبكّرة والوفاة التراجيدية التي تسببت بها تلك الشهرة.

كريستين حبيب (بيروت)
تكنولوجيا السيدة اتهمت روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي بدفع ابنها إلى الانتحار (رويترز)

سيدة تتهم روبوت دردشة بدفع ابنها إلى الانتحار

اتهمت سيدة أميركية روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي بدفع ابنها إلى الانتحار بعد أن أصبح «مهووساً به».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق السلامة أولاً وأخيراً (أ.ب)

«وعاء» نيويورك الشبيه بخلية يُرحِّب مجدّداً بالزوار... و«سلامتهم»

صعد السياح مجدّداً درجات منحوتة «الوعاء» في مانهاتن التي تتّخذ شكل خلية نحل، وذلك بعد إعادة إتاحة زيارتها أمام الجمهور للمرة الأولى منذ 3 سنوات.

«الشرق الأوسط» (مانهاتن (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق وفق علم النفس فإنّ مَن ينتحرون من أماكن مرتفعة يرغبون في تحويل موتهم إلى فعلٍ عام (رويترز)

ليام باين ليس أوّل ضحاياها... الشرفةُ كوسيلة انتحارٍ حتميّ

أعادت حادثة سقوط المغني ليام باين من على شرفة الفندق وفياتٍ كثيرة مشابهة إلى الأذهان. فلماذا يختار بعض المشاهير الانتحار من أماكن مرتفعة؟

كريستين حبيب (بيروت)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
TT

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير الذين اختفوا عن حفل الختام الذي أقيم في قصر ثقافة مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء.

ووفق نقاد، فإن التضارب الذي يحدث بين مواعيد انعقاد مهرجانات مصرية على غرار «شرم الشيخ المسرحي» و«القاهرة السينمائي» هو السبب وراء اختفاء نجوم الشاشات والمسرح عن حضور فعاليات المهرجان.

ورغم استمرار انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي المعروف بكثافة فعالياته، جرى تكريم بعض نجوم الفن والسينما، عبر حفل «غولدن غلوب» ومجلة «Enigma»، بأحد الفنادق الكبرى على النيل، كان من بينهم الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، والفنانة يسرا، اللذان تم منحهما جائزة «عمر الشريف».

وشهد حفل ختام «شرم الشيخ المسرحي» حضور عدد قليل من الفنانين والمسرحيين، من بينهم الفنان سيد خاطر، وكيل وزارة الثقافة المصرية الأسبق، وأحمد بو رحيمة، مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة، والفنان علاء مرسي، والفنان والبروفيسور الروسي ميخائيل جوريفوري، والمخرج الروماني قسطنطين كرياك، رئيس مهرجان سيبيو الدولي، والفنانة حلا عمران، والفنانة اللبنانية مروة قرعوني، والفنان أحمد وفيق، والمخرج السوري ممدوح الأطرش، والكاتبة فاطمة المعدول، والدكتور سعيد السيابي من سلطنة عمان، والمخرج عصام السيد، والفنانتان المصريتان عزة لبيب، ومنال سلامة.

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي (شرم الشيخ المسرحي)

وسيطرت مصر على جوائز حفل الختام؛ إذ حصل شباب مسرحها على جائزة أفضل عرض متكامل بمسرحية «هجرة الماء» وشهادتي تقدير لجودة العمل في مسابقة مسرح الطفل والنشء، كما حصل المصري أحمد بيلا على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع، عن عرض «خلف النافذة»، أما عن أبرز الجوائز العربية فحصل العرض الإماراتي «حكايات صامتة» على جائزة أفضل أداء جماعي في مسابقة مسرح الطفل والنشء، وحصل العرض العماني «فضيلة عبيد» على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع.

وأعلن المخرج مازن الغرباوي، مؤسس ورئيس المهرجان، أن دولة كوريا الجنوبية ستكون ضيف شرف المهرجان في الدورة المقبلة التي ستحمل اسم الفنانة المصرية القديرة إلهام شاهين، لمسيرتها المهمة في المسرح المصري والعربي.

وأعرب المخرج السوري ممدوح الأطرش عن سعادته البالغة لتكريمه في مصر، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتابع المهرجان منذ انطلاقه قبل 9 سنوات، وأراه يتطور سنة تلو الأخرى».

ممدوح الأطرش خلال حفل الختام (شرم الشيخ المسرحي)

وعن أعماله الفنية التي يحضر لها خلال الفترة المقبلة، قال الأطرش: «أجهز لفيلم سينمائي عن حياة الفنانة الراحلة أسمهان، نجري حالياً تشاورات ونقاشات عدة حوله، حتى يخرج بالصورة الرائعة التي تُمثل قيمة أسمهان بصفتها فنانة عالمية، مع سرد سريع لقصة عائلة الأطرش».

يُذكر أن الدورة التاسعة من المهرجان كانت تحمل اسم المخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوي، وشهدت مشاركة 36 دولة، ومنح الفنانة السورية حلا عمران درع «سميحة أيوب»، بجانب تكريم الفنان علاء مرسي، والفنان الروسي ميخائيل جوريفوي، والمخرج السوري ممدوح الأطرش.