إثر اندلاع حرب غزة، سادت قطاع المسرح في لبنان أجواء بلبلة. فبعضٌ أقفل أبوابه تضامناً مع أهل فلسطين الذين يواجهون حرباً ضارية، وبعضٌ أكمل برامجه المُعدّة مسبقاً، مُدخِلاً تعديلات تواكب الأحداث الأليمة.
في هذا السياق، أقفل مسرح «مترو المدينة» أبوابه في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بُعيد مقتل الصحافي عصام عبد الله في جنوب لبنان؛ لتعود الحياة مؤخراً إلى خشبته؛ بإطلاق حفلات فنية تحية إلى فلسطين، تحت عنوان «من القلب».
تقول لارا نهرا من «مترو المدينة»، إنّ القيّمين على المسرح لم يستطيعوا إكمال برامجهم المُعلَن عنها، وكأن الحياة تسير بصورة طبيعية. كما اضطرهم مقتل عبد الله، صديق المسرح، إلى إقفال أبوابه: «كنا نستعد لعرض حفل (هشّك بشّك) في تلك الليلة، فألغيناه وأقفلنا حداداً. الأمور كانت متأزمة جداً، والبلاد في حالة شلل. عروض أخرى أيضاً أُرجئت».
تتابع لـ«الشرق الأوسط»: «كان لا بدّ من التفكير في الشعب الفلسطيني وكيفية مساندته في الحرب القاسية. كل منا يحاول التضامن على طريقته وبأسلوب مقاوم يُشبهه. ولئلا نلجأ إلى الإقفال التام، اتخذنا هذه المبادرة».
مسرح «مترو المدينة»، أسوة بغيره من القطاعات الفنية في لبنان، يحتاج إلى مردود مادي للاستمرار. عشرات العاملين يعتاشون منه. وسعياً وراء الرزق والتمسّك بالحياة، يُكمل مشواره. أما ريع الحفلات فيعود لمساندة أهالي غزة وتأمين نسبة من المردود لمصاريف المسرح.
استُهلَّ البرنامج في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بعرض الفيلم السينمائي «حكاية الجواهر الثلاث»، من تنظيم مؤسسة «أفلامنا»، في ذكرى «وعد بلفور». فحرصاً منها على إيصال الأصوات الفلسطينية، وفق منشورها الإلكتروني، تُقدّم هذا الفيلم من إخراج ميشال خليفي، وهو يُكمل أهداف «مهرجان السينما الفلسطينية» الذي أُلغي بسبب الحرب.
يحكي الشريط قصة صياد العصافير يوسف الذي يُغرَم بغجرية قوية الشخصية، تشترط عليه لقبول الزواج منه البحث عن الجواهر الثلاث المفقودة من عقد جدّة أبيها، الذي كان حمله جدّها لها من جنوب أميركا، فيصبح يوسف بطلاً لحكاية عصرية. يُعرَض الفيلم مجاناً في صالة «مترو المدينة» ببيروت. والمعروف أن خليفي فلسطيني وُلِد في الناصرة ويقيم في بلجيكا.
أما في 3 نوفمبر، فيقام الحفل الغنائي «إليكم أينما كنتم»، على خشبة «مترو»، بمشاركة زياد الأحمدية وسلوى جرادات وساندي شمعون وكوزيت شديد. توضح نهرا: «يتضمّن أغنيات ثورية وأخرى فولكلورية من فلسطين. فتؤدّي جرادات: (لو شربوا البحر) و(عن إنسان)، فيما تغنّي كوزيت للسيد درويش (أهو ده اللي صار)، إضافة إلى (أناديكم) وغيرها...».
في أمسية 4 نوفمبر، وأيضاً تحت شعار «من القلب»، يُقام حفل «احكي للعالم»، يحييه زياد الأحمدية مع فريق كورال، ويقدّم خلاله أغنيات تراثية فلسطينية وغيرها.
في حديث مع «الشرق الأوسط»، يؤكد مدير مسرح «مترو المدينة» هشام جابر أنّ «هذه المبادرة هي أقل ما يمكن تقديمه لشعب جريح. شعرنا بأنه يجب ألا نتفرّج ونكتّف الأيدي، مهما تبدو المبادرة خجولة أمام ما يجري في حرب غزة، كان علينا التحرُّك».
ويرغب، من خلال هذه الأمسيات الفنية، في إيصال رسالة: «نملك الحضارة والفن، ونحاول أن نصمد في هذه المرحلة الصعبة على طريقتنا».