نيكولا معوّض «مراسل» في هوليوود يُصوّب الصورة

يقول لـ«الشرق الأوسط»: أشعر بإنسانيتي حين أصحّح المسار

نيكولا معوّض بشخصية النبي إبراهيم في هوليوود (لقطة من الفيلم)
نيكولا معوّض بشخصية النبي إبراهيم في هوليوود (لقطة من الفيلم)
TT

نيكولا معوّض «مراسل» في هوليوود يُصوّب الصورة

نيكولا معوّض بشخصية النبي إبراهيم في هوليوود (لقطة من الفيلم)
نيكولا معوّض بشخصية النبي إبراهيم في هوليوود (لقطة من الفيلم)

يقلب الممثل اللبناني نيكولا معوّض معادلة البعض: «وجودي في أميركا لتصوير فيلم فرصة لاعتلاء المنبر. أنا هناك صوتٌ يرجو التأثير. وجودي يتيح نقل الحقيقة. على عكس مطالبة بعودتي من باب مقاطعة المكان والاعتراض السياسي، لدي ما أقوله فأصحّح النظرة المجحفة حيال إنسان غزة». يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن «مسؤولية كبرى حين يكون الفنان مراسلاً».

يتعامل مع صنّاع الفن في الغرب وفق مبدأ أنّ «الرزق من الله، لا البشر». بالنسبة إلى مؤدّي شخصية النبي إبراهيم في فيلم «ابنه الوحيد»، «لا يملك الناس رَسْم المصائر. ليست أيديهم ما تحجب الفرص أو تمنحني إياها. المكتوب سيأتيني على قدميه. لذا لا أساير. أجاهر بما يمليه الضمير».

نيكولا معوّض يرفع صوت مَن لا تصل أصواتهم (حسابه الشخصي)

منذ الحرب، وصوته يعلو لإنصاف الإنسان. صفحته في «إنستغرام» التي يتابعها 2.5 مليون شخص، تنادي بوقف إطلاق النار. تعلّم من والديه تبنّي رواية المظلومين والميل إلى الضعفاء. كان في المدرسة حين هزَّه التعدّي على الآخرين ورفض التزام الحياد. يرى الإنسانية بعين العدل خارج تصنيف الهوية. «المعتّر بكل الأرض دايماً هوِي ذاته»، تغنّي فيروز لآلام البشرية.

تنازُل نيكولا معوّض عن استجداء الشهرة يحرّره من إرضاء الجميع وإطلاق المواقف وفق الأهواء. يقول: «الشهرة هي الجانب السلبي الوحيد للتمثيل؛ مهنتي التي أعشق. لا أكترث لخسارة مَن يصفّقون لِما يناسبهم فقط. يهمّني مَن يبقى حين أكون على حقيقتي. أؤيّد فلسطين لإدراكي المسار الطويل لعذابات شعبها وشقاء العيش تحت الحصار. في الغرب، لا يعلمون كثيراً عن تاريخ الصراع. وسائل إعلامهم أخبرتهم أنّ ما جرى في 7 أكتوبر (تشرين الأول) عمل إرهابي وإسرائيل تدافع عن نفسها. صدَّقوا السردية لمحو الخطاب البديل. أتحدّث عن شعب يدفع ضريبة البقاء، وألمس الاستجابة والتفاعل».

يؤمن بأثر الكلمة ودور النقاش في تكوين الوعي. يلتقي بشرٌ متعدّدو الجنسية في مواقع تصوير، من بينهم معوّض الواثق بجدوى المحاولة: «حين أحدّثهم عما جرى قبل 7 أكتوبر، يصغون ويطرحون الأسئلة. كثر يراسلونني في (إنستغرام) لاستفهام مسائل لا يقدّم إعلامهم حولها أجوبة شاملة. الناس في الغرب ليسوا كما نظنّ. دعونا من الحكومات. التعاطف كبير، وليست صحيحة صورة الدفاع المستميت عن إسرائيل كما تصل».

نيكولا معوّض يقول إن ضميره الإنساني هو الذي يجعله يساند المظلومين (حسابه الشخصي)

يشيد بوظيفة مواقع التواصل في جَعْل الجميع يعرف، ويتحدّث عن انفتاح العالم على المعلومة وتعدّد المصادر. لذا، هو مسؤول: «الضمير أولوية والأشغال تأتي لاحقاً. استغرب الصمت لمداراة المصالح. أدرك أنّ مشاهير يتألمون من الداخل، لكنّ هل ثمة ما يستحق تعليق الإنسانية؟».

ماذا تغيّر الحرب في العلاقة بين الفنان العربي وهوليوود؟ هل تفرض شروطاً مسبقة أم تُعدّل بنود عمل؟ يجيب: «حين أتعاقد مع صنّاع سينما عالميين، أفترض تحلّيهم بمستوى مهني رفيع. أي خلّل، يعكس تضعضع معايير الطرف الآخر. قد لا تروق للبعض مواقفي، إنما هذا أنا. لا شروط مسبقة حتى الآن، ولن أعدها خسارة إن استبعدتُ لرأيي».

يعطي نهر البشر في لندن ونيويورك وعواصم الدول، مثالاً على نجدة الإنسانية. الإنسان في نيكولا معوّض يجعله في صفّ مَن لا ذنب له، أينما حلَّ: «في 7 أكتوبر، كنتُ في أميركا. لمستُ غضباً مبرَّراً نتيجة التعرّض للمدنيين. بعض البشر ليسوا مسؤولين عن سلوكيات حكامهم، ونحن في لبنان نموذجاً. بالنسبة إليّ، أرفض عقاب الأبرياء. لم يعلم الغرب ما سبب الحرب وأشعل الشرارة. أشعر بفائدتي حين أعدل الصورة. أمام نحو 300 شخص في موقع التصوير، وفي فترات الاستراحة، أحاول تصحيح المسار».

يدعو الفنانين ليكونوا صوت المُصادَرة أصواتهم، فيؤثّرون حيث يجب: «يحدث التغيير حين نحاول. تصويب النظرة مسألة مهمّة، وأمام مجتمعات لم يصلها سوى أنّ الفلسطينيين إرهابيون وأطفالهم دروع بشرية، تنبغي الإشارة إلى الجانب الآخر من الحكاية. عمر الصراع 75 عاماً، و7 أكتوبر ليس البداية. الإنسانية تمنح صوتي لكل معذَّب في العالم».

نيكولا معوّض بطل فيلم «ابنه الوحيد» من إنتاج هوليوودي (البوستر الرسمي)

هل طرأ تعديل على معيار قبول الأدوار وفرص هوليوود المغرية؟ حرب غزة، هل رفعت سقوفاً وفرضت التزامات أخرى؟ يردّ أنه انطلق في المهنة بمعايير عالية ولم يساوم على السقوف: «الوعي هو الأساس. لا أكترث للدور بحجم الاكتراث للمغزى. رسالة الفيلم تشكّل اهتمامي. سأؤدّي بالطبع دور شيطان يمجّد الله، ولن أؤدّي دور نبي في فيلم يمجّد الشيطان. المهمّ الانتباه إلى تشويه مجتمع كامل. في جميع المجتمعات ثمة الجانبان المضيء والمظلم. التصويب على المجتمع العربي لناحية تشويه الضوء، مسألة مرفوضة. هذه رسالتي. بعضٌ يشكرني، فأخجل ولا أدري كيف أردّ. لا ينبغي الشكر على واجب».

أدّى سيرة النبي إبراهيم في فيلم من إنتاج هوليوودي تخطّى التوقُّع. كان بديعاً في تلبُّس روح الشخصية. يُبقي سراً ما يصوّره في أميركا، ويكشف ما يحضّره لمصر: «شخصية عمر الخيام في مسلسل (الحشاشين)، من كتابة عبد الرحيم كمال وإخراج بيتر ميمي، مع كريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب في البطولة». كما العادة، اللبناني الوحيد في العمل، يتألق باللهجة المصرية.


مقالات ذات صلة

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مشاهد من حيفا لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي خلال اعتراض صواريخ (أرشيفية - رويترز)

إسرائيل: اعتراض صاروخ باليستي من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي إن صاروخاً باليستياً أطلق من اليمن «اعترضته دفاعاته الجوية بنجاح».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي المرجح أن يختار جوزيب بوريل البالغ من العمر 77 عاماً التقاعد بعد أن تنقّل في مناصب رئيسة (أ.ف.ب)

بوريل: العمليات الإنسانية الأممية في غزة قد تتوقف الاثنين بسبب نفاد الوقود والطعام

قال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، إن العمليات الإنسانية للأمم المتحدة بقطاع غزة قد تتوقف، يوم الاثنين المقبل.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لوزيرة العدل الإسرائيلية أيليت شاكيد تتحدث في الكنيست (رويترز)

تقرير: منع وزيرة العدل الإسرائيلية السابقة من دخول أستراليا لأنها «قد تحرّض على الفتنة»

قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن وزيرة العدل الإسرائيلية السابقة، أيليت شاكيد، منعت من دخول أستراليا، لحضور مؤتمر نظّمه مجلس الشؤون الأسترالية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الصراع بين المنطق والعاطفة... لماذا لا نستطيع مقاومة التسوق في «بلاك فرايداي»؟

«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)
«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)
TT

الصراع بين المنطق والعاطفة... لماذا لا نستطيع مقاومة التسوق في «بلاك فرايداي»؟

«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)
«بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات غير عقلانية (رويترز)

هل شعرت يوماً بصراع بين المنطق والعاطفة أثناء البحث عن تنزيلات للتبضع، خصوصاً فيما يعرف بـ«يوم الجمعة الأسود» (Black Friday)؟

وفق تقرير لموقع «سايكولوجي توداي»، فإن «بلاك فرايداي» لديه طريقة فريدة لإثارة سلوكيات تبدو غير عقلانية تماماً.

وأشار التقرير إلى أن هذه التفاعلات ليست عشوائية؛ فهي متجذرة بعمق في علم النفس البشري.

فلماذا إذن يمتلك هذا الحدث السنوي للتسوق القدرة على جعل ملايين الناس يتصرفون وكأن الحصول على أداة مخفضة السعر مسألة حياة أو موت؟

وتحدث التقرير عن أنه غالباً ما لا تكون عروض «بلاك فرايداي» أفضل الخصومات في العام. تستخدم العديد من الشركات التسعير الديناميكي القائم على الخوارزميات استناداً إلى بيانات المستهلكين؛ مما يعني أن بعض العناصر قد تكون أسعارها مماثلة - أو حتى أقل - خلال مبيعات أخرى طوال العام.

ومع ذلك، سنة بعد سنة، نصطف بفارغ الصبر خارج المتاجر عند الفجر، أو نعطل خوادم التجارة الإلكترونية بنقراتنا المحمومة. هذا لا يتعلق بالمنطق، بل يتعلق بالعاطفة. «بلاك فرايداي» ليس مجرد حدث تسوق، إنه ساحة معركة نفسية حيث تتولى غرائزنا زمام الأمور.

الإثارة والخوف من تفويت الفرصة

على سبيل المثال: أنت تتطلع إلى ساعة ذكية محدودة الإصدار، ولا يوجد سوى «ساعتين متبقيتين في المخزون». ينبض قلبك بسرعة، وتتعرق راحتا يديك، وتنقر فوق «اشترِ الآن» أسرع مما تتخيل.

يتم هندسة هذا المزيج الغامض من الإثارة والقلق بعناية من قبل المسوقين. تخلق إشارات الندرة - مثل تحذيرات انخفاض المخزون ومؤقتات العد التنازلي - إلحاحاً؛ مما يؤدي إلى إثارة خوفنا من تفويت الفرصة.

والخوف من تفويت الفرصة ليس مجرد اختصار جذاب، بل هو استجابة نفسية متجذرة في نفور الخسارة. وهو يصف كيف أن الألم الناتج عن فقدان الفرصة أقوى بكثير من فرحة الحصول على شيء ما. ولكن هناك المزيد من العوامل التي تلعب دوراً هنا؛ إذ يستغل يوم «بلاك فرايداي» أيضاً رغبتنا في الشعور بالنصر. فالحصول على صفقة يشبه الفوز بلعبة ــ وهو الشعور الذي يتضخم بفعل الأجواء الاحتفالية والحشود والديناميكيات التنافسية. فنحن لا نشتري المنتجات فحسب، بل «نتفوق» على الآخرين في الفوز بجائزة.

مبدأ الندرة

يفترض مبدأ الندرة أن الناس يعطون قيمة أكبر لأقل الفرص توفراً. وفي يوم «الجمعة السوداء»، يستغل تجار التجزئة هذا من خلال تقديم صفقات «محدودية الوقت» ومنتجات «حصرية». وعندما ندرك أن شيئاً ما نادر، تشتد رغبتنا في الحصول عليه. غالباً ما يؤدي هذا الاستعجال إلى اتخاذ قرارات شراء متهورة؛ إذ نخشى أن يؤدي التأخير إلى تفويت الفرصة بالكامل.

الدليل الاجتماعي

يشير مفهوم الدليل الاجتماعي إلى أن الأفراد ينظرون إلى سلوك الآخرين لتحديد أفعالهم الخاصة.

خلال «بلاك فرايداي» يخلق مشهد المتاجر المزدحمة والطوابير الطويلة ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تعرض المشتريات، تأثيراً يشبه تأثير عربة الموسيقى.

ونفترض أنه إذا شارك الكثير من الأشخاص، فيجب أن تكون الصفقات تستحق العناء. يعزز هذا السلوك الجماعي قرارنا بالانضمام، حتى لو لم نخطط للتسوق في البداية.

نظرية السعر المرجعي

وفقاً لنظرية السعر المرجعي، يقيم المستهلكون الأسعار بناءً على «سعر مرجعي» داخلي - وهو معيار يعتقدون أنه عادل. يتلاعب تجار التجزئة بهذا من خلال عرض أسعار أصلية مبالغ فيها إلى جانب أسعار مخفضة. حتى لو لم يكن السعر النهائي صفقة حقيقية، فإن التباين يجعل الخصم يبدو أكثر أهمية؛ مما يجبرنا على إجراء عملية شراء قد نتخطاها بخلاف ذلك.

قرارات مبنيّة على العاطفة

تلعب العواطف دوراً محورياً في قرارات الشراء الخاصة بنا. إن عقوداً من أبحاث المستهلكين تخبرنا أن الاستجابات العاطفية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على سلوك المستهلك. فالأجواء الاحتفالية في «الجمعة السوداء» ــ بما في ذلك موسيقى الأعياد والعروض النابضة بالحياة وإثارة المنافسة ــ تثير ردود فعل عاطفية قوية.

ويمكن لهذه المشاعر أن تتغلب على التفكير العقلاني؛ مما يدفعنا إلى إجراء عمليات شراء مدفوعة بالإثارة وليس الضرورة. فما هو الاستهلاك في نهاية المطاف إن لم يكن تجربة مثيرة؟!

تأثير الهِبَة

بمجرد أن نضيف عنصراً إلى عربة التسوق ــ سواء كان موجوداً في عربة تسوق مادية أو في تجاويف رقمية لعربة تسوق على الإنترنت ــ يبدأ الشعور وكأنه ملك لنا بالفعل. ويطلق علماء النفس على هذا تأثير الهبة؛ ولهذا السبب يصبح التخلي عنه أكثر صعوبة.