معرض كاريكاتيري في القاهرة يتفاعل مع حرب غزة

بمشاركة 50 فناناً

من أعمال المعرض (قوميسير عام المعرض)
من أعمال المعرض (قوميسير عام المعرض)
TT

معرض كاريكاتيري في القاهرة يتفاعل مع حرب غزة

من أعمال المعرض (قوميسير عام المعرض)
من أعمال المعرض (قوميسير عام المعرض)

تفاعل معرض «غزة في قلوبنا» الكاريكاتيري الذي تستضيفه «جمعية محبي الكاريكاتير» في القاهرة بالتعاون مع «الجمعية المصرية للكاريكاتير»، مع حرب غزة، وتستمر فعالياته حتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

فعبر نحو 50 عملاً كاريكاتيرياً داخل المعرض يُمكن مراجعة أحداث الحرب الإسرائيلية على غزة منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لا سيما صور وعبارات الأطفال البالغة التأثير التي تحوّلت إلى أيقونات للحرب، كما تبرز إحدى لوحات المعرض صورة الطفل صاحب الفيديو الشهير الذي ظهرت عليه علامات الهلع بعد استيقاظه على أصوات القصف والهدم من حوله، وأخرى لطفلة تمسك بدميتها وتبكي طويلاً.

شعار معرض «غزة في قلوبنا» بالقاهرة (قوميسير عام المعرض)

فنان الكاريكاتير فوزي مرسي، قوميسير عام معرض «غزة في قلوبنا»، قال إن المعرض هو «حالة تضامن فني مع غزة في الوقت العصيب الذي تمر به». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك انفعال كبير من جانب الفنانين بمشاهد القتل والدمار، وهناك رغبة كبيرة من قبل الفنانين في مساندة القضية الفلسطينية وأهالي غزة»، موضحاً: «استقبلنا عدداً كبيراً من الأعمال من مختلف دول العالم منذ أن أعلنت (جمعية الكاريكاتير) عن تنظيم المعرض، وبسبب الارتفاع الكبير في أعداد اللوحات، لم يتّسع المعرض لها جميعها، لذلك نفكّر في تنظيم معارض أخرى لاحقة لاستيعاب العدد الكبير من تلك الأعمال».

الإعلام والصحافة حاضران في المعرض (قوميسير عام المعرض)

تتراوح أعمال المعرض بين فنانين من جنسيات مختلفة، منهم من «مصر، والسعودية، والبحرين، واليونان، وصربيا»، وغيرها من الدول. وتطرح الأعمال المشاركة تساؤلات عن موقف العالم إزاء الحرب الدائرة في غزة.

ففي أحد الأعمال يستعير صاحبه تعبير «إصحى يا نايم» المرتبط بنداءات «مسحراتي» شهر رمضان للفنان المصري الراحل سيد مكاوي، لكن في المعرض يسعى المسحراتي بمصاحبة طبلته الشهيرة لـ«إيقاظ ضمير العالم» كما يُظهره العمل الكاريكاتيري.

انفعال بقصص أطفال غزة داخل المعرض (قوميسير عام المعرض)

وتناول عدد من الأعمال الانتهاك الذي يتعرض له الصحافيون الذين يؤدون عملهم في موقع الحرب، حيث تهديدات القتل والقصف من كل اتجاه، وفي المقابل يُبرز الكاريكاتير الوجه الآخر للإعلام الغربي «الذي تظهره الأعمال وكأنه حليف للجنود الإسرائيليين في حربهم على أهل غزة»، حسب اللوحات.

لوحة داخل المعرض (قوميسير عام المعرض)

ويقدم المعرض تحية لفنان الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي (1937-1987)، وأيقونته الكاريكاتيرية الصبي «حنظلة»، الذي يظهر في عدد من أعمال المعرض بظهره الذي يديره للعالم ويديه المعقودتين، إلى جانب بورتريه لناجي العلي، الذي يُعدّ أحد أبرز رسامي الكاريكاتير، الذين عبّروا عن الهم الفلسطيني والعربي عبر أعماله.

بكاء أطفال غزة يسود أعمال المعرض (قوميسير عام المعرض)

وهنا قال مرسي إن «الكاريكاتير من أبرز الفنون التي طالما ارتبطت بالنقد السياسي، وأكثرها قدرة على التعبير وإظهار المعاناة الإنسانية من دون تعليق أو عبارات طويلة، وهو من الفنون التي يستطيع أن يفهمها أي متلقٍّ في أي مكان بالعالم؛ لأنه عابر لحواجز اللغة؛ لذلك فإن تأثيره نافذ لدى الجميع، وهو قادر على الانتشار بشكل واسع، كما نرى سرعة تداول الرسوم الكاريكاتيرية التي تُواكب أي حدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي».


مقالات ذات صلة

هل اقترب الوسطاء من «اتفاق إطاري» يُنهي حرب غزة؟

شمال افريقيا دبابتان إسرائيليتان تعبران طريقاً بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

هل اقترب الوسطاء من «اتفاق إطاري» يُنهي حرب غزة؟

في وقت تصاعد فيه الزخم من أجل إنجاز هدنة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة... تردّد حديث عن تراجع قدَّمته حركة «حماس» بشأن مطلب «وقف نهائي للحرب».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي والأسد خلال لقائهما على هامش القمة العربية - الإسلامية بالرياض نوفمبر 2023 (الرئاسة المصرية)

مصر وسوريا تحذران من خطورة اتساع الصراع في المنطقة

حذرت القاهرة ودمشق من خطورة اتساع رقعة الصراع في المنطقة. وأكد الرئيسان عبد الفتاح السيسي وبشار الأسد، خلال اتصال هاتفي، السبت، رفضهما «تهجير الفلسطينيين»

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي أطفال فلسطينيون في خان يونس بجنوب قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

تنازل «حماس» عن شرط وقف الحرب مسبقاً يقرّب اتفاقاً لوقفها

فتح تنازل حركة «حماس» عن شرط التزام إسرائيل بوقف الحرب على غزة، قبل بدء أي مفاوضات حول تهدئة في القطاع؛ الباب واسعاً أمام اتفاق محتمل، وجعل نهاية الحرب ممكنة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مسعفون يحاولون إنقاذ رجل يرقد على نقالة أصيب خلال القصف الإسرائيلي في مستشفى ناصر بخان يونس (أ.ف.ب)

غزة: إيقاف العمل في كثير من الأقسام داخل ما تبقى من مستشفيات

حذرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة مجدداً، السبت، من استمرار أزمة الوقود اللازم لتشغيل مولدات المستشفيات ومحطات الأكسجين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يقفون أمام جثامين أشخاص قتلوا بالغارات الإسرائيلية على مخيم خان يونس جنوب غزة (إ.ب.أ)

غزة: مقتل 23 فلسطينياً في قصف إسرائيلي

قُتل 23 فلسطينياً على الأقل وأصيب آخرون اليوم (السبت) في قصف إسرائيلي على مدينة غزة ومخيمي المغازي والنصيرات وسط القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

هيام عباس عن أصعب أدوار العمر: تألمت وبكيت لكن لا أدري ما إذا شُفيت

الممثلة الفلسطينية العالمية هيام عبّاس وابنتها لينا سوالم مخرجة فيلم «باي باي طبريّا» (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)
الممثلة الفلسطينية العالمية هيام عبّاس وابنتها لينا سوالم مخرجة فيلم «باي باي طبريّا» (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)
TT

هيام عباس عن أصعب أدوار العمر: تألمت وبكيت لكن لا أدري ما إذا شُفيت

الممثلة الفلسطينية العالمية هيام عبّاس وابنتها لينا سوالم مخرجة فيلم «باي باي طبريّا» (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)
الممثلة الفلسطينية العالمية هيام عبّاس وابنتها لينا سوالم مخرجة فيلم «باي باي طبريّا» (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)

غالباً ما تعكس هيام عباس صورة المرأة الحديدية المتماسكة؛ أكان أمام الكاميرا أم خلفها. لكن عندما اعتلَت خشبة افتتاح «مهرجان عمان السينمائي الدولي»، لم تستطع حبس الدموع، فالمناسبة خاصة جداً. فيلم ابنتها المخرجة لينا سوالم «باي باي طبريا»، يفتتح المهرجان، وهيام شخصية محورية فيه، تؤدي التحية لأجيالٍ متعاقبة من نساء العائلة. على المسرح إلى جانبها، اصطفت شقيقاتها اللواتي لم تلتقِ بهن منذ فترة، وهذا سبب إضافيّ للدموع.

يحكي الوثائقيّ الطويل قصة شعبٍ، من خلال سيرة عائلة فلسطينية اختبرت النكبة والحروب والتغريبة. تتحدَّث الممثلة الفلسطينية المخضرمة لـ«الشرق الأوسط»، عن فيلم لا يشبه في شيء أياً من الأعمال التي عبَّرت في مسيرتها الحافلة والممتدة شرقاً وغرباً «خشيتُ في البداية من أن يتحول الفيلم إلى سيرة ذاتية عني، لكن حين استوعبتُ أن لينا تحاول تركيب قِطَع التاريخ المبعثرة من خلاله، اتضح لي أن المشاركة فيه واجب عليَّ لأنني الأم التي اختارت الهجرة، ولأنها الابنة الباحثة عن جذورها».

أمّ علي ونعمات

هي حكاية الصبية العشرينية المتمرّدة التي قرَّرت السير وراء حلمها، فهجرت البلاد وقريتها دير حنَّا إلى باريس بحثاً عن الممثلة التي تسكنها. تركت هيام خلفها «أم علي»، الجدة القدوة التي أعالت أطفالها بماكينة خياطتها بعد وفاة الزوج. ودعت كذلك «نعمات»، والدتها المدرِّسة التي أخفت الكثير من الفطنة والحنان خلف نظارتَيها السميكتَين. ابتعدت أيضاً عن خالة شرَّدتها النكبة واختفى أثرها، وشقيقاتٍ فاضت قلوبهن بحبٍ كبيرٍ لها.

تؤكد الفنانة الفلسطينية أن المخرجة تعمَّدت اختيار مسارٍ نَسَوي للفيلم: «منحت لينا نساء العائلة ما كن يستحققن أن يأخذن من الحياة وهن على قيدِها». تُقر بأن ابنتها كانت أكثر منها شجاعة لناحية التجرؤ على نبش الماضي، ولا تُخفي أن مشروع لينا «أصاب مكامنَ الوجع»، ما انعكس بكاءً وألماً روحياً عميقاً خلال التصوير، «خصوصاً أنني كنت ملتصقة عاطفياً بأمي وجدتي».

الممثلة الفلسطينية هيام عبّاس متحدّثةً إلى «الشرق الأوسط» (إدارة مهرجان عمّان السينمائي)

لا تنسب عباس لنفسها ردَّ الجميل لتلك النساء المكافحات، بل تحصر هذا الإنجاز بابنتها: «أنا فخورة بها وبقدرتها على إرجاعهنَّ إلى الضوء، ومَنحهنَّ مكاناً في التاريخ الذي حاول محوَهنّ».

حكاية شعب

صحيح أن «باي باي طبريا» ينطلق من ألبومات العائلة وذكرياتها الشخصية، إلا أنه يسرد مسار وطنٍ وشعبٍ بأكمله. تستعين سوالم لهذه الغاية بلقطات ثريَّة بالأسود والأبيض من أرشيف نكبة 1948، عندما تنظر هيام عباس إلى هذا العمل المحترف الذي مثَّل فلسطين في السباق إلى «الأوسكار»، لا يمكنها أن تتجرَّد من عين الأم. ولا تُنكر أنها لو نفَّذت الفكرة نفسها تحت إدارة مخرجٍ آخر، لتعاملت معه بصعوبة أكبر، «لكني قرَّرت أن أثق بـ(لينا)، وأن أتيح لها تجميع القطَع المبعثرة من التاريخ».

هيام عبّاس مع جدّتها "أم علي" وابنتها لينا في التسعينات (أرشيف المخرجة)

بلغ الألم مستوياتٍ متقدِّمة طيلة فترة الإعداد والتصوير، ما يدفع بالممثلة إلى البَوح: «كان من الأسهل عليَّ طبعاً أن أمثل دوراً في أي فيلم روائي من أن أفعل ما فعلته في هذا الوثائقيّ». يكفي أن يعود المُشاهد إلى تلك اللحظة التي دخلت فيها هيام عباس تحت عين الكاميرا، إلى بيت والدتها للمرة الأولى بعد وفاة الأخيرة. بلغت المشاعر ذروتها في هذا المشهد، حيث تحدَّثت عن «نعمات» بصيغة الماضي، وبحثت بين أغراضها عن تفصيلٍ أو رائحة تردها إلى أحضانها ولو خيالاً.

رغم ذلك، لا تدري عباس ما إذا كان حدادُها قد انتهى مع انتهاء الفيلم؛ فهي لم تدخل العمل السينمائي مع هدف الشفاء من جراح الماضي.

المخرجة ووالدتها الممثلة على شرفة الذكريات في دير حنّا الفلسطينية (فريق الإنتاج)

تصوير بلا تمثيل

هيام عبَّاس التي اعتادت خلعَ جلدها وتقمُّص شخصياتٍ في أفلامها ومسلسلاتها، ها هي في «باي باي طبريَّا» نسخة طبق الأصل عن نفسها. لا تمثيل هنا سوى في مشاهد قليلة ابتكرتها لينا سوالم للتخفيف من وطأة الماضي المُثقل بالغصَّات. ومن بين تلك الغصَّات أن عباس شعرت في وقتٍ من الأوقات بأن حلمها الذي ضاقت عليه جدران البيت العائلي، كان السبب بأن لا توجد إلى جانب والدتها عندما فارقت الحياة منذ سنتين. «بما أنني لم أستطع أن أودعها، وددتُ أن أسألها ما إذا كانت قد سامحتني على خياري المهنيِّ هذا». لكن ضمناً هي تعرف الجواب، فلطالما تابعت والدتُها أخبارها وافتخرت بها ودعت لها بالتوفيق.

في مقابل المشاعر الأليمة التي حرَّكها فيلم «باي باي طبريَّا»، جاء بمثابة هديَّة للعائلة التي تمكَّنت بفضله من تكريم ذكرى الأمهات المؤسِّسات. كما أنه لمَّ شمل الأشقَّاء تحت سماء العاصمة الأردنية عمَّان، للاحتفاء بالحب الذي يجمعهم، وبنجاح لينا سوالم في إيصال الفيلم إلى محافل مرموقة وجوائز عالمية.

هيام عباس وشقيقاتها حنان، بثينة وديانا خلال تصوير الوثائقي (فريق الإنتاج)

«مارشا روي»

ليست العالميَّة غريبة على هيام عباس، وهي من الممثِّلات العربيات القليلات اللواتي اخترقن جدار هوليوود. قبل سنوات أطلَّت شخصية رئيسية في مسلسل Succession الأميركي عبر منصة HBO. أدَّت دور زوجة لوغان روي «مارشا»، تلك المرأة الحديدية والباطنية. تقول إنها استمتعت كثيراً بالتجربة التي أدخلتها للمرة الأولى عالم التلفزيون الهوليوودي: «عندما أبلغني وكيل أعمالي بأنني مطلوبة للمسلسل، ظننته يمزح. كانت المرة الأولى التي يأتيني فيها عرضٌ بهذا الحجم».

هذا الوصول المدوِّي لممثلة عربية إلى الشاشتَين الكبيرة والصغيرة العالميَّتَين، لا يعني أن هيام عباس لهثت في يومٍ من الأيام وراء دورٍ أو إطلالة؛ «لم أتوسَّل، لكنِّي ثابرت». تشرح أنه نتيجة الخيارات التي أخذتها في مسيرتها والعلاقات المهنية التي نسجتها، صار يجري انتقاؤها لأدوار في أعمال عالمية، من بينها فيلم «ميونيخ» لستيفن سبيلبرغ، وكثير من الأفلام الأوروبية والأميركية.

عباس في دور «مارشا روي» إلى جانب الممثل البريطاني براين كوكس في مسلسل Succession (HBO)

ميدان الحرّيّة

على امتداد تلك الرحلة التي أخذتها من قرية دير حنّا إلى باريس ثمَّ هوليوود، أصرَّت عباس على أن تشبه نفسها. «الطريق ما زال طويلاً أمامي، وفيه لا أريد أن أخون نفسي وعقائدي وجذوري. أينما حللت، أنا فلسطينية. كل ما أفعل اليوم هو استكمالٌ لدربٍ قررت السير فيه منذ الـ20 من عمري».

تواصل هيام عباس مسيرتها السينمائية والدراميّة العالمية الممتدة أكثر من 3 عقود (إدارة مهرجان عمّان السينمائي)

فيما تستعد لتصوير فيلم فرنسي ومسلسل لـ«نتفليكس» إلى جانب المخرج والممثِّل رامي يوسف، تستمدّ هيام عباس طاقتها من الشغف، وتقول: «التمثيل هو ميدان حريتي الذي حلمتُ به صغيرة وما زلتُ أركض فيه من دون تعب».