100 عام من عالم «ديزني» الساحر

الأبطال يخرجون من الصور في تحيّة لمُبتكرهم والجمهور

543 من شخصيات ديزني في صورة تذكاريّة بمناسبة المئويّة الأولى (ديزني)
543 من شخصيات ديزني في صورة تذكاريّة بمناسبة المئويّة الأولى (ديزني)
TT

100 عام من عالم «ديزني» الساحر

543 من شخصيات ديزني في صورة تذكاريّة بمناسبة المئويّة الأولى (ديزني)
543 من شخصيات ديزني في صورة تذكاريّة بمناسبة المئويّة الأولى (ديزني)

المناسبة استثنائيّة، لذلك كان لا بدّ من جمع أفراد العائلة كلّهم للاحتفال. بلغت استوديوهات «ديزني» عامها المائة، وهل أهمّ من هكذا حدث لاستدعاء أبطالها من قلب الأفلام والمسلسلات والصور؟

من ضمن الاحتفالات بالمئويّة الأولى لاستوديوهاتها، بدأت «ديزني» عرض فيلم قصير لا تتخطّى مدّته 10 دقائق، على كلٍّ من منصّتها ومنصّة «هولو». يأتي العمل الذي يحمل عنوان «كان يا مكان في استوديو» (Once Upon a Studio)، بمثابة تحيّة لشركة كبرت من دون أن تشيخ، جامعاً 543 شخصيّة من أكثر من 85 من أفلام «ديزني» الطويلة والقصيرة.

«ميكي» و«بامبي» و«موانا» وبقية الفريق

هي قصة صورة تذكاريّة تجمع الأبطال مع الكومبارس، والأميرات مع الساحرات، والطيّبين مع الأشرار. ما إن يغادر آخر الموظّفين مقرّ الشركة في كاليفورنيا ويقفل الباب خلفه بعد انتهاء الدوام، حتى تبدأ الشخصيات بالخروج من صورها المعلّقة على جدران المكان الذي شهد على ولادتها. يقود «ميكي ماوس» دفّة اللقاء السعيد والمليء بالمشاعر والنوستالجيا.

تلحق به «ميني» والساحرة الصغيرة «تنكر بل»، لينضمّ إليهم «بيتر بان» والغزال «بامبي» وآخرون من الرعيل الجديد، مثل «موانا» والسمكة «نيمو» و«إلسا» و«آنا» من فيلم «ملكة الثلج» (Frozen) وغيرهم. تجول شخصيّات الرسوم المتحرّكة بألوانها وضحكاتها وبهلوانيّاتها في أروقة الشركة، وتتسلّق سلالمها. وفي لفتة إلى الأب المؤسس والت ديزني، يتوقّف «ميكي ماوس» أمام صورة له رافعاً قبّعته، وموجّها التحية إلى الرجل الذي ابتكره: «يجب أن أذهب؛ لكن شكراً! علينا أن نواصل العرض»، هكذا قال له.

«بيتر بان» ورفاقه يجولون في أرجاء مكاتب الشركة في كاليفورنيا (ديزني)

لا يخلو الفيلم من اللفتات المؤثّرة، فالموظّف الذي أقفل الباب خلفه تاركاً الشركة بعهدة صولات وجولات «ميكي» ورفاقه، هو باري ماتينسون، أقدم موظّفي الشركة والذي خدم فيها 70 عاماً، قبل أن يتوفّى مطلع 2023 عن 87 سنة.

ومن بين الذين رحلوا، استعاد القيّمون على العمل صوت الممثل روبن ويليامز بشخصية «المارد الأزرق» في فيلم «علاء الدين»، وذلك من خلال الاستعانة بتسجيلاتٍ قديمة له. أما الممثلون الذين ما زالوا على قيد الحياة، فقد عاد نحو 50 منهم مانحين أصواتهم للمشروع، على رأسهم جيرمي آيرونز بشخصية «سكار» من «الأسد الملك» (The Lion King). ومن بين العائدين، كلٌّ من: جودي بينسون، وبيج أوهارا، لتؤدّيا شخصيتَي «أرييل» من «حوريّة البحر» (The Little Mermaid)، و«بيل» من «الجميلة والوحش» (Beauty and the Beast).

استعادت الشركة صوت الممثل الراحل روبن ويليامز بشخصية «المارد الأزرق» من فيلم «علاء الدين» (ديزني)

أنجز فريق «ديزني» الفيلم من دون اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي. وبإشراف المخرجَين دان أبراهام وترنت كوري، رُسمت 80 في المائة من الشخصيات باليَد، وجرت الاستعانة بالكومبيوتر للقلّة المتبقّية.

المشهد الأخير الذي تجتمع فيه الشخصيات لالتقاط الصورة التذكاريّة، يتولّاه بشكلٍ مضحك الكلب «غوفي»، وهو أقرب الشخصيات إلى قلب والت ديزني. أما الختام فيحمل تحية للجمهور المنتشر حول العالم: «لكل مَن تخيّل معنا، ضحك معنا، وحلم معنا، شكراً».

أنجز الفريق الفيلم من دون اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي (ديزني)

صانع السحر

كان والت ديزني في الـ22 من عمره يوم انتقل إلى هوليوود، وأسس مع شقيقه روي «استوديو الأخوَين ديزني» الذي صار لاحقاً «شركة والت ديزني». حدث ذلك عام 1923، وكانت باكورة الإنتاجات مسلسل «أليس في بلاد العجائب» الذي استمرّ عرضه 4 سنوات.

الأب المؤسس أو «صانع السحر» الذي وقف خلف أسطورة ديزني، وُلد مع موهبة خارقة في الرسم، تظهّرت للمرّة الأولى عندما كان في الخامسة من عمره. رسم حصان جار العائلة في شيكاغو الأميركية مقابل راتبه الأوّل. ولتطوير موهبته، صار ينسخ يومياً الكاريكاتور من جريدة والده.

والت وشقيقه روي ديزني أمام الاستوديو الذي أسّساه عام 1923 (ديزني)

لم تكن طفولة والت ديزني سهلة، فقد عمل في توزيع الصحف ليلاً ونهاراً بين سنّ 10 و16 عاماً. كان يستيقظ وأخوه يومياً عند الرابعة فجراً، لتسليم الجرائد قبل الذهاب إلى المدرسة. انعكس هذا الأمر سلباً على نتائجه الدراسيّة، وقد كان يغفو داخل الصف. لكن رُبّ ضارّة نافعة، فقد تسجّل في المقابل في معهد لتعليم فن الرسم، وأخذ دروساً بالمراسلة في الرسوم المتحرّكة.

بعد تولّيه وظائف عدّة في المجال، وافتتاحه أوّل استوديو خاص به وهو بعد في العشرين من العمر، انتقل والت ديزني إلى هوليوود؛ حيث كانت البداية الفعليّة.

والت ديزني وشخصية «بينوكيو» التي ابتكرها عام 1940 (ديزني)

إمبراطوريّة الرسوم المتحرّكة

لم يكن سهلاً على شابٍّ في الـ22 أن يضع حجر الأساس لما سيصبح لاحقاً إمبراطوريّة الرسوم المتحرّكة. لكنّ ديزني فعلها، هو صاحب القول المأثور: «يمكنك تحقيق أحلامك كلها، إذا كانت لديك شجاعة ملاحقتها». ومن أحلامه تلك، خرجت شخصياتٌ لا تُحصى، أخذت الأطفال والكبار على حدٍّ سواء إلى عالم من الخيال الجميل.

وكما تولّى افتتاح Once Upon a Studio، كذلك افتتح «ميكي ماوس» طريق الشّهرة والجماهيريّة أمام والت ديزني. شكّل الفأر الصغير فأل خير بالنسبة للفنان الأميركي. يُحكى أنه استوحاه من فأرٍ أليف كان قد تبنّاه، وقد أحبّ «ميكي» إلى درجة أنه منحه صوته نحو 20 سنة (1928– 1947).

«ميكي» و«ميني» من بين الشخصيات الأحبّ إلى قلب والت ديزني (ديزني)

لم يبقَ «ميكي» وحيداً لمدّة طويلة، إذ انضمّ إليه عام 1930 رفيقه الكلب «بلوتو»، ليلحق بهما «غوفي» بعد عامين. أما البطّة الأشهر «دونالد داك» فقد التحقت بالمجموعة عام 1934. وفي تلك السنة، صمم ديزني -رغم الانتقادات والتحذيرات الكثيرة- على أن يُطلق إنتاج أول فيلم طويل له، وهو «بياض الثلج والأقزام السبعة» (Snow White and the Seven Dwarfs).

خلافاً للتوقّعات، حقق الفيلم نجاحاً مدويّاً، واستحقّ عنه ديزني أول جائزة «أوسكار»، تلتها 21 جائزة، و59 ترشيحاً، ليصبح بذلك الفنان الأكثر تكريماً من قبل الأكاديمية الأميركيّة.

إحدى لقطات الفيلم القصير بمناسبة المئوية الأولى (ديزني)

بعد وفاته عام 1966، حافظت «ديزني» على إرث الأب المؤسس. أنتجت استوديوهاتها خلال القرن المنصرم نحو 500 فيلم، ليس كلّها رسوماً متحرّكة. وفي جعبة الشركة حتى عام 2026، 30 فيلماً قيد الإعداد.


مقالات ذات صلة

غياب منة شلبي عن تكريمها بـ«الإسكندرية السينمائي» يثير تساؤلات

يوميات الشرق لقطة جماعية للفائزين بمسابقة أفلام البحر المتوسط رفقة المخرج يسري نصر الله (إدارة المهرجان)

غياب منة شلبي عن تكريمها بـ«الإسكندرية السينمائي» يثير تساؤلات

اختتم مهرجان الإسكندرية السينمائي دورته الـ40، وهي الدورة التي عدّها نقاد وصناع أفلام «ناجحة» في ظل ظروف صعبة تتعلق بالميزانية الضعيفة والاضطرابات الإقليمية.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق ‎⁨تضم النسخة الثانية معرضاً يجمع «سلسلة القيمة» في أكثر من 16 مجالاً مختلفاً ومؤتمراً مختصاً يتضمن 30 جلسة حوارية⁩

«منتدى الأفلام السعودي» يجمع خبراء العالم تحت سقف واحد

بعد النجاح الكبير الذي شهده «منتدى الأفلام السعودي» في نسخته الأولى العام الماضي 2023، تستعد العاصمة السعودية الرياض لانطلاقة النسخة الثانية من «المنتدى».

«الشرق الأوسط» (الدمام)
يوميات الشرق ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

انضمت الفنانة المصرية ياسمين رئيس لقائمة الممثلين الذين قرروا خوض تجربة الإنتاج السينمائي من خلال فيلمها الجديد «الفستان الأبيض».

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)

فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

يخرج آرثر فليك (واكين فينيكس) من زنزانته، عاري الظهر، بعظام مقوّسه، يسحبه السجانون بشراسة وتهكّم...

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق يشجّع المهرجان الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما (الشرق الأوسط)

الشيخة جواهر القاسمي لـ«الشرق الأوسط»: الأفلام الخليجية تنمو والطموح يكبُر

الأثر الأهم هو تشجيع الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما، ليس فقط عن طريق الإخراج، وإنما أيضاً التصوير والسيناريو والتمثيل. 

إيمان الخطاف (الدمام)

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
TT

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

حين أطلق صُنّاع أغنية «ودارت الأيام» تحفتَهم الغنائية الخالدة عام 1970 لتصبح واحدة من روائع «كوكب الشرق» أمّ كُلثوم، ربما لم يخطر على بالهم أنها سوف تصبح اسماً لواحد من العروض المسرحية بعد مرور أكثر من نصف قرن.

وبينما تحفل الأغنية الشهيرة التي كتبها مأمون الشناوي، ولحّنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بالتفاؤل والنهاية السعيدة لجفوة قديمة بين حبيبَين التقيا بعد سنوات من الفراق، فإن المسرحية التي تحمل الاسم نفسه، وتُعرَض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «أيام القاهرة للمونودراما الدّولي»، تحمل أجواءً حزينة مِلؤها الحسرة والأسى لزوجة تكتشف بعد فوات الأوان أنها خسرت كل شيء، وأن تضحياتها الزوجية عبر أحلى سنوات العمر ذهبت أدراج الرياح.

حالات متناقضة من المشاعر والانفعالات (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تروي المسرحية قصة زوجة تستيقظ فجأةً على نبأ وفاة زوجها، بيد أن المصيبة هذه لم تأتِ بمفردها، بل جرّت معها مصائب متلاحقة، ليُصبح الأمر كابوساً متكامل الأركان، فالزوج لم يَمُت في بيت الزوجية، بل في بيت آخر مع زوجة أخرى اقترن بها سراً قبل نحو 15 عاماً، لتكتشف البطلة أنها عاشت مخدوعة لسنوات طوال.

محاولة لاستعادة الماضي بلا جدوى (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تلك الصّدمة العاطفية الكُبرى شكّلت نقطة الانطلاق الحقيقية للعرض المسرحي الذي أخرجه فادي فوكيه، حين تأخذ البطلة التي جسّدت شخصيتها الفنانة وفاء الحكيم، في استرجاع ذكريات رحلتها الزوجية التي اتّسمت بتنازلها عن كثيرٍ من حقوقها بصفتها زوجة وأنثى، كما تروي مواقف عدّة، تقبّلت فيها معاملة زوجها المهينة ونظرته الدُّونية لها، وأنانيته وتغطرسه؛ إذ لم يكن يفكر إلا في نفسه، وكان يتعامل مع زوجته كأنها خادمة مسخّرة لتلبية رغباته، وليست شريكة حياة لها حقوق كما أن عليها واجبات.

عدّ الناقد المسرحي د. عبد الكريم الحجراوي، مسرح المونودراما الذي ينتمي إليه العمل «من أصعب أنواع القوالب الفنية؛ لأنه يعتمد على ممثّل واحد في مواجهة الجمهور، مطلوب منه أن يكون شديدَ البراعة ومتعددَ المواهب من حيث التّشخيص، والمرونة الجسدية، والاستعراض، والتحكم في طبقات صوته»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الممثل مُطالَب بالسيطرة على المتفرج، والإبقاء عليه في حالة انتباه وتفاعل طوال الوقت، ومن هنا تكمن الصعوبة، حيث لا وجود لشخصيات أخرى أو حوار.

ويضيف الحجراوي: «وجد ممثل المونودراما نفسه مطالَباً بالتعبير عن الصراع الدرامي بينه وبين الآخرين الغائبين، أو بينه وبين نفسه، فضلاً عن أهمية امتلاكه مرونة التعبير عن حالات مختلفة من المشاعر، والانفعالات، والعواطف المتضاربة التي تتدرّج من الأسى والحزن والشّجَن إلى المرح والكوميديا والسُّخرية، وهو ما نجحت فيه وفاء الحكيم في هذا العمل».

أداء تمثيلي اتّسم بالإجادة (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

ويُبرِز العمل الذي يُعدّ التجربة الأولى للمؤلفة أمل فوزي، كثيراً من محطات الخذلان والإحباط التي عاشتها الزوجة؛ فقد رفضت والدتها ذات الشخصية القوية، فكرة انفصالها عن زوجها في السنوات الأولى لحياتهما معاً، ومن ثَمّ رفضت الزوجة نفسها فكرة الانفصال بعد إنجاب أكثر من طفل، وتلوم البطلة نفسها بسبب قبولها لموضوع الزواج في سنٍّ صغيرة وهي لا تزال في بداية دراستها الجامعية، وعجزها عن التمرد بوجه زوجها حين رفض بإصرارٍ أن تُكمل دراستها، مخالِفاً بذلك وعدَه لها ولأسرتها أثناء فترة الخطوبة.

واللافت أن الزوجة لا تغار من الزوجة الثانية التي أنجبت هي الأخرى طفلاً من زوجهما المشترك، بل تلومُ نفسها على ضعف شخصيتها حيناً، وثقتها غير المبرّرة في زوجها أحياناً.