أجهزة الذكاء الاصطناعي تضاعف استهلاك الكهرباء

تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي يستهلك الكثير من الطاقة (بابليك دومين)
تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي يستهلك الكثير من الطاقة (بابليك دومين)
TT

أجهزة الذكاء الاصطناعي تضاعف استهلاك الكهرباء

تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي يستهلك الكثير من الطاقة (بابليك دومين)
تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي يستهلك الكثير من الطاقة (بابليك دومين)

رجَّحت دراسة حديثة «تزايد استهلاك الطاقة المرتبط بالذكاء الاصطناعي مستقبلاً». وشهد الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يمكنه إنتاج نصوص أو صور أو بيانات، بناءً على مطالبات نصية، منذ العام الماضي، نمواً سريعاً، بما في ذلك روبوت الدردشة ChatGPT الذي طوَّرته شركة OpenAI.

ويتطلب تدريب أدوات الذكاء الاصطناعي تغذية النماذج بكمية كبيرة من البيانات، وهي عملية تستهلك كثيراً من الطاقة، وفق دراسة نُشِرت بدورية «جول» (Joule)، أمس (الثلاثاء).

وذكر الدكتور أليكس دي فريس، الباحث بجامعة فو أمستردام الهولندية، الباحث الرئيسي في الدراسة، أنه «بالنظر إلى الطلب المتزايد على خدمات الذكاء الاصطناعي، فمن المحتمل أن يزيد استهلاك الطاقة المرتبط بالذكاء الاصطناعي بشكل كبير في السنوات المقبلة».

وأضاف أن أدوات الذكاء الاصطناعي، عند اعتمادها على نطاق واسع، يمكن أن يكون لها بصمة طاقة كبيرة قد تتجاوز في المستقبل متطلبات الطاقة في بعض البلدان.

وأفادت شركة «Hugging Face»، وهي شركة تعمل بمجال تطوير الذكاء الاصطناعي، ومقرها نيويورك، بأن أداة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لإنشاء النصوص متعددة اللغات استهلكت نحو 433 ميغاواط/ ساعة أثناء التدريب، وهو ما يكفي لتزويد 40 منزلاً أميركياً لمدة عام.

ووفق دي فريس، لا تنتهي بصمة طاقة الذكاء الاصطناعي بالتدريب، مضيفاً أنه عندما يتم تشغيل الأداة التي تولّد البيانات بناءً على المطالبات، في كل مرة تقوم الأداة بإنشاء نص أو صورة، فإنها تستخدم أيضاً قدراً كبيراً من قوة الحوسبة، وبالتالي الطاقة. على سبيل المثال، يمكن أن يكلف تشغيل ChatGPT 564 ميغاواط/ ساعة من الكهرباء يومياً.

وقامت «غوغل» على سبيل المثال بدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في خدمة البريد الإلكتروني للشركة، وتقوم باختبار تشغيل محرك البحث الخاص بها باستخدام الذكاء الاصطناعي. كما تقوم الشركة حالياً بمعالجة ما يصل إلى 9 مليارات عملية بحث يومياً.

وبناء على البيانات، يقدر دي فريس أنه إذا كان كل بحث على «غوغل» يستخدم الذكاء الاصطناعي، فستحتاج الشركة لنحو 29.2 تيراواط/ ساعة من الطاقة سنوياً، وهو ما يعادل استهلاك الكهرباء السنوي في آيرلندا.

دي فريس أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «دراسته تسلّط الضوء على استهلاك الكهرباء المرتبط بالذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم، الذي يمكن أن يتصاعد في السنوات المقبلة».

وأضاف أنه بحلول عام 2027، ومع تصاعد استخدام الذكاء الاصطناعي، من الممكن أن يزيد استهلاك الكهرباء بما يصل لـ134 تيراواط/ ساعة سنوياً، هو أكثر من إجمالي استهلاك الكهرباء في هولندا. وأشار إلى أن هذا الاستهلاك يماثل استهلاك الكهرباء السنوي لدول مثل الأرجنتين والسويد.

علاوة على ذلك، يمكن للتحسينات في كفاءة الذكاء الاصطناعي أيضاً أن تمكّن المطورين من إعادة استخدام بعض رقائق معالجة الكومبيوتر لاستخدام الذكاء الاصطناعي؛ ما قد يزيد من استهلاك الكهرباء المرتبط بالذكاء الاصطناعي.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».