«الإسكندرية السينمائي» يتجاوز الصعوبات المالية ويختتم دورته الـ39

إسبانيا واليونان تستحوذان على جوائز المسابقة الدولية للمهرجان

نجل الفنان توفيق الدقن يتسلم وسام تكريمه (الإسكندرية السينمائي)
نجل الفنان توفيق الدقن يتسلم وسام تكريمه (الإسكندرية السينمائي)
TT

«الإسكندرية السينمائي» يتجاوز الصعوبات المالية ويختتم دورته الـ39

نجل الفنان توفيق الدقن يتسلم وسام تكريمه (الإسكندرية السينمائي)
نجل الفنان توفيق الدقن يتسلم وسام تكريمه (الإسكندرية السينمائي)

اختتم مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط دورته الـ39 التي شهدت تقليص عدد ضيوفه وإلغاء طباعة الكتب بسبب محدودية الميزانية.

واستحوذت السينما الأوروبية على جوائز المسابقة الدولية للأفلام الطويلة؛ إذ تقاسمت كل من إسبانيا واليونان أغلب الجوائز، وحصل الفيلم اليوناني «حجر أسود» على جائزة أفضل فيلم، وأفضل مخرج سبيروسجا كوفيديس، وأفضل ممثل خوليو جورج كاتسيس، وأفضل ممثلة إلين كوكيديو، وعرض الفيلم قصة «باولا» الأم اليونانية البائسة التي تخوض رحلة بحث عن ابنها المفقود.

المنتج محسن جابر يلقي كلمة خلال الحفل (الإسكندرية السينمائي)

في حين حصل الفيلم الإسباني «ماتريا - الوطن - الأم» على جائزتين؛ الأولى لجنة التحكيم الخاصة، والثانية لأفضل سيناريو الذي كتبه المخرج الفاروجاجو، وتناول الفيلم قصة أم تجد سعادتها في التضحية لأجل ابنتها الوحيدة، لكن الأحداث تقودها إلى إعادة التفكير في تلك القرارات، وفازت أغنية «البوسنة والهرسك» بفيلم «أغنية 22» بأفضل إسهام فني، في حين حصل الفيلم المغربي «سلم وسعى» على جائزة أفضل فيلم عربي. أعلن عن الجوائز المؤلف عبد الرحيم كمال عضو لجنة التحكيم.

وزيرة الثقافة وإلهام شاهين ورئيس المهرجان يسلمون جوائز المهرجان (الإسكندرية السينمائي)

ذهبت جوائز مسابقة الأفلام القصيرة للسينما العربية؛ إذ فاز الفيلم الجزائري «ضوضاء» بجائزة أفضل فيلم، والفلسطيني «صمود» بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير، والمصري «حجر معسل» بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، وحصل الإيطالي «مونتاج عاطفي» على تنويه خاص في المسابقة التي شارك بها 22 فيلماً.

وأقيم حفل ختام المهرجان مساء الخميس بحضور وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني التي شاركت الفنانة إلهام شاهين، التي حملت الدورة اسمها، ورئيس المهرجان الناقد الأمير أباظة، في توزيع الجوائز.

وأعلنت جوائز مسابقة «ممدوح الليثي» للسيناريو التي سلّم جوائزها حفيده محمد عمرو الليثي، وفاز بالجائزة الأولى سيناريو فيلم «هارب وشارد ومخطوف» لعماد يوسف، والجائزة «متروبول» لريم أبو عيد، وذهبت الجائزة الثالثة لسيناريو «موحمامة» لمحمد محمد مستجاب.

نجل الفنان توفيق الدقن يتسلم وسام تكريمه (الإسكندرية السينمائي)

كما أعلنت الفنانة شيرين رئيسة لجنة التحكيم نتائج مسابقة الفيلم المصري الطويل، وذهبت جائزة أفضل فيلم وأفضل سيناريو لـ«الصف الأخير» من إخراج شريف محسن، وجائزة لجنة التحكيم لفيلم «أما عن حالة الطقس» لأحمد حداد، وأفضل إخراج لمحمود يحيى عن فيلم «اختيار مريم»، الذي حاز أيضاً جوائز التمثيل لبطليه محمد رضوان ورشا سامي.

وشهد حفل الختام تكريم المخرج العماني خالد الزدجالي ومنحه وسام «عروس البحر المتوسط»، وفي مناسبة احتفاء المهرجان بمئوية ميلاد الفنانين الراحلين محمود مرسي وتوفيق الدقن، تسلم كل من المستشار ماضي الدقن ومدير التصوير السينمائي سمير فرج وسام تكريميهما.

وفي إطار الاحتفاء بالسينما الغنائية التي حملت شعار هذه الدورة «السينما ترقص وتغني»، تم تكريم المنتج محسن جابر تقديراً لتميزه في مجال الغناء، وقد أهدى هذا التكريم لكل من الموسيقار محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ومجدي العمروسي مؤسسي شركة «صوت الفن»، كما تم تكريم المطرب خالد سليم لأفلامه الغنائية.

المطرب خالد سليم وتكريم عن أعماله السينمائية (الإسكندرية السينمائي)

وانعكست الأزمة الاقتصادية في مصر على دورة المهرجان هذا العام. وعَدّ وليد سيف أستاذ النقد السينمائي بأكاديمية الفنون، أن إقامة مهرجان في ظل هذه الظروف أمر في غاية الصعوبة؛ لأن الإمكانات المتاحة باتت محدودة في ظل الظرف الاقتصادي الذي تمر به مصر والعالم كله.

وأضاف قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «فعاليات المهرجان شهدت زخماً رغم ذلك، وهو ما يميز (الإسكندرية السينمائي)، من خلال برامج عديدة واستحداث مسابقة للفيلم المصري بمشاركة أربعة أفلام، وهو جهد محسوب للمهرجان؛ لأن الحصول على فيلم مصري بات مسألة صعبة، لكن على الجهة الأخرى غابت مسابقة دعم الفيلم القصير التي استحدثها العام الماضي وكان من نتائجها فيلم الافتتاح (فاطيمة)».

تحية بين شيرين وإلهام شاهين (الإسكندرية السينمائي)

وحول انعكاس الظروف الاقتصادية على بعض أنشطة الدورة 39، يرى سيف أن صدور كتب المئويات كنسخة «PDF» دون طباعة ورقية بات اتجاهاً لدى كثير من المهرجانات لتخفيض التكلفة، كما جاءت دعوة الضيوف في أقل الحدود لارتفاع أسعار تذاكر الطيران والإقامة.

واختتم قائلاً: «نحن نقدر الظروف الاقتصادية التي نمر بها، لكن ميزانية المهرجانات تتقلص لأضيق الحدود، ومن الضروري زيادة (الدعم اللوجيستي) في أسعار الفنادق وتذاكر الطيران، ولا بد من مساهمة رجال الأعمال وإعادة النظر في دعم الدولة لثاني أعرق مهرجان مصري بعد (القاهرة السينمائي)».


مقالات ذات صلة

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق وصيفات العروس يبتهجن في حفل زفافها بالفيلم (القاهرة السينمائي)

«دخل الربيع يضحك»... 4 قصص ممتلئة بالحزن لبطلات مغمورات

أثار فيلم «دخل الربيع يضحك» الذي يُمثل مصر في المسابقة الدولية بمهرجان «القاهرة السينمائي» في دورته الـ45 ردوداً واسعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)

أفلام فلسطينية ولبنانية عن الأحداث وخارجها

حسناً فعل «مهرجان القاهرة» بإلقاء الضوء على الموضوع الفلسطيني في هذه الدورة وعلى خلفية ما يدور.

محمد رُضا (القاهرة)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.