فؤاد يمين لـ«الشرق الأوسط»: الأزمات تسهم في تغيير المشهدية الفنية

يطل بمسرحية «بليلة فيا ضو قمر» مع زوجته سيرينا الشامي

«بليلة فيا ضو قمر» يصنفها يمين بالكوميديا السوداء (فؤاد يمّين)
«بليلة فيا ضو قمر» يصنفها يمين بالكوميديا السوداء (فؤاد يمّين)
TT

فؤاد يمين لـ«الشرق الأوسط»: الأزمات تسهم في تغيير المشهدية الفنية

«بليلة فيا ضو قمر» يصنفها يمين بالكوميديا السوداء (فؤاد يمّين)
«بليلة فيا ضو قمر» يصنفها يمين بالكوميديا السوداء (فؤاد يمّين)

يقلِب فؤاد يمين القاعدة بالعبارة اللبنانية المشهورة «بليلة ما فيها ضو قمر»، يحذف «ما» منها لتأخذ متابع مسرحيته الجديدة إلى حيث يسطع نور ذلك الكوكب ويفضح المستور. وابتداءً من 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، تنطلق عروض مسرحيته «بليلة فيها ضو قمر» على مسرح «دوار الشمس» لغاية 29 منه، ومن ثمّ يحملها إلى مسرح مونو في الأشرفية لتستمر عروضها لغاية 5 نوفمبر (تشرين الثاني). ويقدمها ضمن ثنائية يكررها للمرة الثانية مع زوجته الممثلة سيرينا الشامي. وسبق لهما أن تشاركا في مسرحية «خلّيا بيناتنا» جمعتهما معاً لأول مرة.

وتحكي المسرحية عن شاب وفتاة يلتقيان بالصدفة على سطح عمارة في بيروت في موسم الصيف، فيمضيان الأمسية بكاملها في الحديث عن موضوعات مختلفة، فيتعارفان على بعضهما البعض بشكل جيد. وهذا الإعجاب الذي يولد بينهما يدفعهما إلى اكتشاف الأسرار والكواليس المخفية في علاقتهما.

يبدأ عرض المسرحية في 24 أكتوبر الحالي (فؤاد يمّين)

قد يخيل إليك أن موضوع العمل من النوع الرومانسي، فهو يجمع بين ضوء القمر وفتاة وشاب يتحدثان تحت سماء ليل بيروت. ولكن يمّين يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن عنوانها يوحي بذلك، ولكنها في الحقيقة من نوع الكوميديا السوداء (بلاك كوميدي). فعندما أكتب أمزج بين الدراما والكوميديا والرومانسية فأنقل مواقف واقعية يختلط فيها الفرح والحزن والضحكة والدمعة كما في يومياتنا. العلاقة الرومانسية موجودة أيضاً، ولكن ليس ضمن إطارها العادي».

«بليلة فيا ضو قمر» عنوان يحمل دلالة واضحة وصريحة بأن هذه الليلة التي يلتقي فيها بطلا المسرحية ليست معتمة، فالضوء الذي يتسلل إليها يشي بفضح الأسرار وكشفها. والقمر هو البطل الرابع للمسرحية إلى جانب يمين والشامي وطوني داغر سيتلقفه الحضور في نهاية المسرحية.

يستغرق وقت عرض المسرحية نحو 70 دقيقة ونجومها يقومون بالتدريبات النهائية التي تسبق موعد عرضها. ويتحدث يمّين عن ديكوراتها: «ليست هناك من ديكورات لافتة لأني وسيرينا نتبع في أعمالنا المسرحية المنمنمات منها. في مسرحيتنا السابقة (خليا بيناتنا) تألف ديكور العمل من كنبة فقط. فنرغب دائماً في التركيز على المحتوى والأداء التمثيلي. ونبتعد بذلك عن المظاهر الخارجية وكل ما يتعلق بعوامل البهرجة».

هذه الثنائية بين الممثلين الزوجين ليست جديدة كما يقول يمين. فهما وقبل أن يتزوجا قدّما معاً أعمالاً كثيرة. «ولكن اليوم جاء الوقت لنعتلي المسرح معاً ونترجم عبره انسجامنا في التمثيل».

ويصف يمين تعاونه مع زوجته اليوم بأنه يحمل أبعاداً أخرى: «من قبل كنا نتعاون في فيلم سينمائي أو مسرحية مفاصلهما الفنية من إخراج وتأليف لا يعودان لنا. ولأننا نحب المسرح دخلنا هذه الثنائية من بابها العريض. بالتأكيد لن نتوقف هنا». ولكن ألا تتأثر علاقتكما الزوجية بوجودكما دوماً مع بعضكما بعضاً دائماً حتى أثناء العمل؟ يرد: «لا أبداً، نحن متزوجان منذ نحو 14 عاماً، ومررنا بكل المراحل التي يتطلبها هذا الارتباط. وكغيرنا من المتزوجين شهدنا طلعات ونزلات فلن تتسبب لا المسرحية ولا أي عمل آخر بزعزعة هذه العلاقة المتينة. نحن نملك الرؤية الفنية نفسها وأذواقنا متشابهة. وبعد كل هذه السنوات حفظ كل منا الآخر».

سيرينا الشامي تشارك فؤاد يمين بطولة المسرحية (فؤاد يمّين)

يرى فؤاد يمين بالنهضة المسرحية التي تشهدها بيروت اليوم رد فعل طبيعياً لسنوات عجاف. «لا تنسي أننا عشنا سنوات قاحلة وجافة توقفت فيها الفنون على أنواعها. اليوم يشعر اللبناني بالحاجة إلى التحدث مع الآخر، وكذلك لخوض حياة طبيعية. وأسعار بطاقات دخول المسرح التي تدنت تكلفتها عن الماضي ساهمت في ذلك أيضاً». ويتابع: «لا يجب أن ننسى أن الأزمات التي تمر بها البلدان عامة تنعكس زخماً على الفن، فتسهم في تغيير المشهدية الفنية وتلبي حاجة الناس. فجميعنا اليوم نحمل الهموم نفسها ونعاني من المشكلات نفسها. ويأتي الفن ليلون حياتنا ويضخ فيها الأمل الذي نتطلع إليه دائماً».

الكل بات يعرف اليوم أن يمين أغلق باب التلفزيون وراءه ويعلق لـ«الشرق الأوسط»: «ولا مرة يمكننا أن نصل إلى المكان الذي نطمح إليه، لأننا في حالة تقدم مستمرة. صرت أعرف بالتأكيد متى أوافق على أو أرفض عرضاً ما. ولكن لدي أحلام وأعمال كثيرة أتمنى تحقيقها، وحالياً أتجه صوبها».

قريباً سيعرض له مسلسل «ترتيب خاص» من إخراج ميار النوري ومن كتابتهما على منصة «أمازون برايم»، فيكون أول عمل عربي يعرض هذه المنصة العالمية. وهو مسلسل من إنتاج «فالكون فيلمز»، ويشاركه التمثيل رامي عوض.

ويعلق: «من الآن حتى نهاية السنة أتوقع أن تكون جميع الأعمال التي صورتها سابقاً قد رأت النور. عندها سأبدأ في العمل على مشروعات جديدة، أنا في طور تحضيرها».

ويبرر يمين غياب أعمال المسرح اللبناني عن المنصات بقوله: «للمسرح خصوصيته، إنه ابن بيئته وبلده، ويحاكي اللحظة والواقع، لذلك من الصعب عرضه على المنصات التي تشاهدها جنسيات مختلفة».


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.