في عام الشعر العربي... السعودية تحتفي بامرئ القيس شاعراً للغزل

في عام الشعر العربي... السعودية تحتفي بامرئ القيس شاعراً للغزل
TT

في عام الشعر العربي... السعودية تحتفي بامرئ القيس شاعراً للغزل

في عام الشعر العربي... السعودية تحتفي بامرئ القيس شاعراً للغزل

تجربة فريدة، تستوحي من حياة واحد من أرفع شعراء العرب، تفاصيل إبداعية وسيرة فنية يتجلى فيها أشعر العرب امرؤ القيس الكندي، للوقوف على البيئة التي رعت موهبته، والمسيرة التي بنت تجربته الشعرية البارزة في تاريخ العرب.

وتتهيأ منطقة الدرعية التاريخية، لاحتضان المهرجان الذي تنظمه وزارة الثقافة السعودية في الفترة من 4 حتى 12 من أكتوبر (تشرين الأول)، للاحتفاء بشاعر الغزل العربي امرؤ القيس الكندي، وتمنح الزوّار رحلة غير مسبوقة تعكس حياة الشاعر وعصره وتعزز مكانة الشعر العربي في ثقافة الفرد.

وتسعى وزارة الثقافة من خلال المهرجان الذي يأتي ضمن عام الشعر العربي، الذي أطلقته السعودية مطلع العام، إلى الاحتفاء برموز الشعر العربي، والتعريف بسيرة الشاعر وحياته ومسيرته الشعرية الزاخرة، وتقديم رحلة ثقافية تُعرّف الزائر على امتداد الإبداع الشعري منذ القِدم وأبرز شعرائه، إلى جانب قولبة سلوكيات العرب، وعاداتهم، وتاريخهم، وأشعارهم وإعادة تقديمها للجمهور بقوالب ثقافية مثرية.

تسعة أيامٍ متتالية هي عمر المهرجان، الذي يأخذ زوّارَه في جولة ثقافية تفاعلية تعبر سيرة وحياة الشاعر التي انطبعت في تجربته الشعرية، ونحتت قدراته التي تجلت في صورة شاعر عربي مؤثر، ويحيي المهرجان فرائد القصائد التي تجلت فيها شاعرية امرؤ القيس بقالبٍ إبداعي.

تفاصيل شعرية بقوالب إبداعية

وفي «معرض الشاعر» يتوقف الزائر في أعمال فنية مرتبطة بالمعلقات السبع التي تأخذ أشكالاً مختلفة للتعبير والإبداع، وركناً مخصصاً للتوثيق البصري، مركِّزاً من خلال ذلك على الشعراء وأشعارهم والمحيطِ الذي عاشوا فيه عبر موادَّ مرئيةٍ متميزة تكون في منطقتين، أولاهما للعرض المرئي، والأخرى للعرض التفاعلي.

ويضم المهرجان منطقة «السوق» المكوّنة من أركانٍ للحرف اليدوية، التي سيتعرّف بها الزوّار على مجموعة من الحرف والصناعات اليدوية على أيدي حرفيين وحرفيات متميزين في هذا المجال، وسيتفاعلون مع الزوّار بالمشاركة في صناعتها، ومن أبرز هذه الحِرف والصناعات صناعة الورق، وحِرفة الخوص، وحِرفة التطريز، وصناعة الفخار، وصناعة الحُليّ.

كما سيشهد تقديم مشاهد أدائية بين أزقّة السوق، بحيث ستكون مشاهد مسرحية حيّة للزوّار بعيداً عن خشبة المسرح، وتتطرق إلى موضوعات متنوعة، من بينها السيرة الذاتية للشاعر امرئ القيس، وعرض لبعض المواقف من حياته، وتصوير الحياة الاجتماعية في تلك الفترة بأصوات مارّتها وأحاديثهم وأزيائهم، وستمنح الفرصة للجمهور المشاركة فيها إما بالتمثيل أو بإبداء الرأي، وذلك عبر تقنية مسرح الفوروم.

وسيتضمن المهرجان عروضاً موسيقية حيّة تقدمها فرق سعودية، ويختلف محتواها بحسب أنواع الغناء الشعبي في المنطقة الوسطى، ليحقق المهرجان من خلال ذلك الاختلاف في نمط الموسيقى الشعبية، ويُرضي الذائقة السمعية لمختلف الفئات، وتعتمد هذه العروض على العزف بالآلات الموسيقية الشعبية، ويشمل جميع الفئات العمرية من أطفال وشباب وكبار، وذلك لِمَدّ جسور التواصل بين الأجيال عبر طابع موسيقي تقليدي.

وأما على مسرح الشاعر، فستُقام الأمسيات الشعرية مع نُخبة من الشعراء، لإيصال مضامين الشعر العربي القديم، تحديداً قصائد امرئ القيس إلى الجمهور، كما ستُقام مسابقة شعرية تبدأ بقراءة بيتٍ للشاعر امرئ القيس، ثم يُطلب من المشاركين مجاراتُه خلال دقائق معدودة، ويفوز من يتقن الوزن ويجيد المعنى. وكذلك سيقدم «مسرح الشاعر» ندواتٍ علمية تتناول محاورُها شيئاً من سيرة امرئ القيس وشعره، وآليات الاستثمار الثقافي والإبداعي في الشعر العربي القديم وشعراء جزيرة العرب.

وأعدّت وزارة الثقافة مجموعة من ورش العمل التي سينظمها المهرجان طيلة فترة إقامته، من أبرزها ورشة «إلقاء الشعر» التي يقدمها خبير في هذا المجال معتمداً على معلقة الشاعر امرئ القيس، وأُخرى في «كتابة القصائد»، بحيث يقوم من خلالها المشاركون بتحليل معلقة شاعر المهرجان، وأسلوب كتابته، ثم يقومون بكتابة قصائد مستوحاة منها بإشراف خبير. وفي الورشة الثالثة «الشاعر في عيون الرسامين»، سيُقدم رسّامون مبدعون لوحاتٍ فنيةً ثنائيةَ الموضوع، الأول منهما هو رسمٌ ذاتي للشاعر، والثاني رسمُ موقع الوقوف على الأطلال بحسب ما وصفه الشاعر.

كما يقدم المهرجان أنشطة تفاعلية لتحفيز الزوّار على المشاركة، من أبرزها فعالية «الشعر بين السمع والنظر»، وهي ورشةُ فنٍ تشكيلي يستمع من خلالها المشاركون لبعض الأبيات الشعرية، ويحوّلون الصورة الشعرية إلى رسمٍ تشكيلي. وفعالية «وصف الناقة والخيل» التي سيُتنافَسُ فيها على وصف الناقة أو الخيل كما كان يفعل الشعراء في السابق، وفي هذه المسابقة سيُفتح المجال للزائر بالاعتماد على شعر امرئ القيس، أو أن يَنظم شعره الخاص. وفي فعالية «أبيات وأسماء عبر الخطوط» سيستضيف المهرجان أشهر خطاطي اللغة العربية للكتابة بشكلٍ مباشر أمام الجمهور. وأما فعالية «من أكون» فسيجتمع الزوار في حلقةٍ حول ممثلٍ يُجسّد في كل مرة دورَ شاعرٍ من شعراء المعلقات السبع، ويذكر معلوماتٍ عنه ويردد بعض أشعاره، ويمنَح الزوّار بين معلومةٍ وأخرى حيّزاً من الوقت لتخمين من يكون، ويفوز من يُخمّنه قبل أن ينتهي الممثل من ذكر جميع المعلومات.

وفي منطقة الطفل بالمهرجان فستُقدَّم مجموعة من التفعيلات الثقافية، من أبرزها «ركن الراوي» الذي ستُروى فيه قصص مبسطة للأطفال مستوحاة من حياة امرئ القيس وشعره، و«الجدارية التفاعلية والتلوين» التي سيرسم من خلالها الأطفال لوحة «بورتريه» لامرئ القيس وتلوينها، ثم يُعلقونها على الجدارية التفاعلية التي ستتحوّل إلى عملٍ فني مع نهاية المهرجان. وفي «ركن الخطاطة» سيكتب الخطاطون أحد الأبيات المشهورة من شعر امرئ القيس على ألواحٍ ورقية معتمدين على أنواعٍ مختلفة من الخط العربي، لتتكون بذلك تصميماتٌ فنيةٌ وأشكال هندسية مختلفة للأبيات، ثم يُطلب من الأطفال أن يصِلوا هذه الألواح ببعضها لتكوين بيت كامل. وأما «ركن الرمل» فيهدف إلى تعريف الأطفال على الألعاب الشعبية النجدية وتشجيعهم على ممارستها. و«مسرح العرائس» المتضمن عروضاً فنية لمسرحياتٍ مبسّطة تتناول بشكلٍ مشوِّق وتفاعلي حياة الشاعر. وأخيراً «ركن التصوير» المستوحى من الحقبة التي عاش فيها الشاعر امرؤ القيس، ويرتدي الأطفال فيه أزياء تراثية لالتقاط صورهم.


مقالات ذات صلة

دراسة: الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد أفضل من البشر

تكنولوجيا غالبية القُرَّاء يرون أن الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد شعر أفضل من البشر (رويترز)

دراسة: الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد أفضل من البشر

أكدت دراسة جديدة أن قصائد الشعر التي تكتب بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي أفضل من تلك التي يكتبها البشر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
ثقافة وفنون «اخترعت الشعر»... مختارات لأفضال أحمد سيد

«اخترعت الشعر»... مختارات لأفضال أحمد سيد

«اخترعت الشعر» عنوان لافت لمختارات نقلها عن الأردية المترجم هاني السعيد للشاعر الباكستاني أفضال أحمد سيد الذي يُعد أحد رواد قصيدة النثر في باكستان.

رشا أحمد (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة (صور الفنانة)

جاهدة وهبة «تعيش مع الضوء» وتجول العواصم بصوتها دعماً للبنان

كان لا بد أن تعود الأغنية لتنبض في حنجرة جاهدة وهبة بعد صمت صدمة الحرب. وها هي الفنانة اللبنانية تحمل أغنيتها وتجول العواصم الأوروبية والعربية رافعةً صوت وطنها.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون الشعر حين يتحول إلى فعل مقاومة

الشعر حين يتحول إلى فعل مقاومة

يحتضن الشاعر المصري كريم عبد السلام، فلسطين، في ديوانه الذي وسمه باسمها «أكتب فلسطين - متجاهلاً ما بعد الحداثة»، ويكشف أقنعة المواقف والسياسات المتخاذلة.....

جمال القصاص
ثقافة وفنون قصيدتان

قصيدتان

متحف العائلة رغم رحيلها لم تخسر الفتاة غرفتها في بيت العائلة المزدحم لم تسمح الأم أن يتوارث الباقون مكانها، حولت غرفتها إلى متحف: احتفظت بالبوسترات…


«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».