كشفت الخدمة الصحفية لجامعة كانساس يوم الجمعة الماضي، أن علماء مناخ من اليابان والولايات المتحدة أثناء عمليات التنقيب في محيط بحيرة بايكال، اكتشفوا أن المناطق الجنوبية من سيبيريا كانت مأهولة بالإنسان العاقل الأول منذ حوالى 45 ألف عام.
ويوضح تيد جويبل الأستاذ بالجامعة «أظهرت حفرياتنا بالقرب من شواطئ بحيرة بايكال وتحليل عينات حبوب اللقاح الأحفورية أنه منذ حوالى 40 -45 ألف عام ساد مناخ دافئ بشكل غير عادي في المنطقة المجاورة لبحيرة بايكال. وتنتمي إلى هذا العصر البقايا التي تم اكتشافها شرق بايكال في بلدة أوست-إيشيم. حيث يشير الحمض النووي الخاص بها بوضوح إلى أنها تنتمي إلى الإنسان العاقل، وليس إلى إنسان النياندرتال»، وفق ما ذكرت وكالة أنباء «تاس» الروسية.
وفي هذا الاطار، قال علماء الأنثروبولوجيا «ان أول إنسان كروماجنون غادر أفريقيا منذ حوالى 100-130 ألف عام، وبعد ذلك بدأت تلك القبيلة في الانتشار بجميع أنحاء آسيا وأوروبا. وإن مسألة متى وعلى أي طريق جرت هذه الهجرات تسبب الآن الكثير من الجدل، وغالبا ما تعود تلك المشكلة إلى أن جزءا كبيرا من أوروبا وسيبيريا والشرق الأقصى كان مغطى آنذاك، كما اعتقد العلماء، بالأنهار الجليدية، التي كانت تتراجع وتتقدم بشكل دوري».
جدير بالذكر، استطاع البروفيسور جوبيل وزملاؤه حل لغز مناخ العصر الذي دخل فيه البشر جنوب سيبيريا لأول مرة؛ فقد توصل جوبيل وزملاؤه إلى هذا الاكتشاف خلال عمليات التنقيب التي أجراها علماء المناخ قبالة الشواطئ الجنوبية لبحيرة بايكال؛ فخلال هذه البعثة الأثرية درس العلماء تكوين وبنية رواسب الطمي الطويلة المدى التي تشكلت في قاع البحيرة والأحواض المائية المجاورة لها على مدى عشرات آلاف من السنين.
ويشرح الباحثون أن طبقات الطمي السيبيري القديم تحتوي على عدد كبير من جزيئات حبوب اللقاح النباتية التي يختلف شكلها وحجمها وخصائصها الأخرى إلى حد بعيد بالنسبة إلى مختلف أنواع النباتات. ويجعل ذلك من الممكن الكشف عن تكوين الأنواع وتحديد الظروف المناخية الدقيقة التي نمت فيها بالقرب من شواطئ حوض مائي ما.
ويشير التحليل الذي أجراه العلماء إلى أنه منذ حوالى 40-45 ألف عام كان بالقرب من الشواطئ الجنوبية لبحيرة بايكال مناخ رطب ودافئ نسبيا للعصر الجليدي. وكان مستوى هطول الأمطار مطابقا للمستوى الحالي، كما كان متوسط درجات الحرارة في يوليو (تموز) أقل بمقدار 3 درجات مئوية فقط عما هو عليه اليوم. كما حدث احترار مماثل جنوب سيبيريا منذ حوالى 72-78 ألف عام، وكذلك منذ 53 ألف عام.
ويرجح الباحثون أن ارتفاع درجة الحرارة منذ 40-45 ألف عام له أهمية خاصة، حيث أن بقايا إنسان أوست-إيشيم، الذي يفترض أنه كان أقدم إنسان سيبيري، والذي تم العثور على عظامه بالقرب من بلدة أوست-إيشيم عام 2008، يعود تاريخها إلى نفس العصر تقريبا. وعلى ما يبدو، ساعد «ذوبان الجليد» أسلاف هذا الإنسان على التوغل جنوب سيبيريا، الذي كان آنذاك مغطى بالغابات من الصنوبر والتنوب والأرز السيبيري.
ويخلص البروفيسور جوبيل وزملائه، الى أن «الهجرات الأولية للبشر لسيبيريا حدثت بسبب ذوبان الجليد وليست نتيجة لتبريد المناخ في أوروبا، والذي يفترض أنه حدث منذ 38-40 ألف عام بعد الانفجارات البركانية الهائلة بإيطاليا».
ويأمل العلماء أن تؤكد الدراسات اللاحقة هذه الفرضية ونتائج التنقيب التي حصلوا عليها.