هاني نقشبندي... الصحافي والروائي السعودي يترجل

هاني نقشبندي (قناة المشهد)
هاني نقشبندي (قناة المشهد)
TT

هاني نقشبندي... الصحافي والروائي السعودي يترجل

هاني نقشبندي (قناة المشهد)
هاني نقشبندي (قناة المشهد)

غيّب الموت الصحافي والروائي السعودي هاني نقشبندي، بعدما عاش 6 عقود قضى جلها في بلاط صاحبة الجلالة، وأروقة الروايات وكواليس إستوديوهات البرامج. إذ مضى صديق الجميع من دون مقدمات، فقلبه الكبير آثر أن يتوقف بلا ضجيج.

وقدّم وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري تعازيه في وفاة الفقيد بمنشور عبر منصة «إكس» إذ قال: «أتقدم بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرة الإعلامي الأستاذ هاني نقشبندي - رحمه الله - الذي وافته المنية اليوم».

كما قدمت جمانا الراشد، الرئيس التنفيذي لـ«SRMG»، التعازي لأسرة الراحل، وذلك عبر منشور في حسابها على منصة «إكس»، وقالت: «أتقدّم بخالص العزاء والمواساة لأسرة الأستاذ هاني نقشبندي - رحمه الله - الذي كان له أثر ملموس في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام كرئيس تحرير لمجلة (المجلة) ومجلة (سيدتي) لسنوات عدة».

المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام نعت بدورها صحافيا جال بين مطبوعاتها ومنصاتها المتعددة وانطلق منها نحو النشر والإبداع. وتقدمت لأسرة الفقيد بأحر التعازي.

«نُبل النعي»

في 6 يونيو (حزيران)، كتب نقشبندي في منصة «إكس» (حين كان اسمها «تويتر») معقباً على «تغريدة» كتبها ناشر «إيلاف» ورئيس تحريرها عثمان العمير، حول وفاة الكاتب العراقي خالد القشطيني: «نبل منك صديقي الغالي عثمان على وفائك بحق أصدقائك وزملائك. ورحم الله زميلنا خالد القشطيني، سيبقى في الذاكرة وكأني أراه أمامي الآن يدخل بانحناءة الأدباء الراقية من هاي هلبورن، وكأن العراق كله يأتينا». لم يعلم أنه بعد أشهر من تلك اللفتة، سيعود عثمان العمير نفسه وينعاه هو شخصياً، بعدما ترجل إلى التاريخ. إذ قال: «حزن الفقد المفاجئ لا حدود له».

وكان آخر منشورين للراحل في حسابه بمنصة «إكس»، يتعلقان بحبه لبلاده، وعن اليوم الوطني السعودي، قال: «أكثر ما جاءتني من تهنئة باليوم الوطني السعودي، كان من غير سعوديين. هم مقيمون في البلد منذ عقود. ما يعني أن المواطنة الحقيقية هي في الحب والانتماء، لا في الهوية فقط». وكان قبل ذلك المنشور احتفى باليوم الوطني السعودي.

«علاقتي بالكتاب قبل الصحافة»

قد يتفاجأ كثيرون عرفوا الراحل صحافياً قبل أن يعرفوه روائياً. لكنه يؤكد في حوار أجراه مع «إندبندنت عربية»، بالقول: «علاقتي بالكتاب سبقت علاقتي بالصحافة. لكن انصرافي للأخيرة لفترة تزيد على العشرين عاماً، قبل العودة إلى العمل الروائي، أفادني في تنويع الأفكار، وتوطيد العلاقة مع الإعلام».

هاني نقشبندي (إكس)

بين الصحافة والرواية

في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، نشرت وسائل الإعلام نبأ انضمامه إلى قناة «المشهد» التي تنطلق من دبي، وأواخر الشاشات التي انضمت إلى قائمة المحطات العربية. وكانت آخر محطة صحافية لنقشبندي، الذي عاش تجربة تلفزيونية أخرى مع قناة «دبي» في برنامج «حوار هاني».

قبل ذلك، كان مشوار الراحل مليئاً بالمحطات الصحافية، انتهت بترؤس تحرير «سيدتي» وقبلها «المجلة»، وعمل نائباً لرئيس تحرير «الشرق الأوسط» ومسؤولاً للتحرير في مجلة «الرجل» وصحافياً لدى صحف محلية سعودية عدة. ولا يعد المشوار الأدبي لنقشبندي أقل إثارة من الصحافي. فواحد من أعماله كان ممنوعاً من البيع في كثير من الدول العربية، وجرت ترجمة كثير من أعماله إلى لغات أجنبية. لكنه لم يتوقف، بل استمر ينقب وينتج الرواية تلو الأخرى بسلاسة وركض لم ينتهيا إلا مع آخر يوم من حياته.

هاني نقشبندي مع فريق مسلسل «صانع الأحلام» الذي استُلهم من روايته «قصة حلم» (سيدتي)

نشر روايات كثيرة، آخرها رواية «قصة حلم» وجرى تصويرها في مسلسل اسمه «صانع الأحلام»، وكان من أبرزها «اختلاس» التي صدرت عام 2007. كما صدرت له روايات «الخطيب» التي صدرت عام 2017، و«طبطاب الجنة» التي صدرت عام 2015، و«نصف مواطن محترم» التي صدرت عام 2013، و«ليلة واحدة في دبي» التي صدرت عام 2011، و«سلام» التي صدرت عام 2009. كما صدر له كتاب «يهود تحت المجهر» (1986) وكتاب «لغز السعادة» (1990).

ضمن آخر حوارات الراحل، حديث سريع له مع «الشرق الأوسط»، حين سئل: «صدرت لك بضع روايات آخرها منذ سنوات. فإلى أي مدى ابتعدتَ عن الرواية، ولماذا؟» فأجاب: توقفت عنها، فلن تتوقف هي عن المجيء إليّ. وإن ابتعدتُ عنها اقتربتْ هي منّي. أنا لم أتوقف عن الرواية أبداً (...) وقريباً سيكون لي إصدار قريب هو الثامن في سلسلة أعمالي الروائية.

زملاؤه: كان استثنائياً

تداول الوسط الإعلامي والأدبي رحيل هاني نقشبندي بوصفه صدمةً، فهو من الشخصيات التي تعتقد بأنك تعرفها منذ زمن طويل، وإن لم تلتقِ به يوماً.

كتب الإعلامي عمر الأنصاري، صديق الراحل، يقول: «رحل هاني، وكان بلا ريب رجلاً متفرداً وغير تقليدي، صاحب آراء صادمة وصريحة وصادقة، كان مثقفاً، واسع الاطلاع، متعدد المعارف، كان ممن نهل الثقافة من معينها الأصلي، فلم يكن من تلامذة (غوغل) و(ويكيبيديا)، بل أسس نفسه في كل المعارف عبر منابعها الأصلية».

يقول عادل نعمان، المخرج الفني لصحيفة «الشرق الأوسط»: كان هاني غاية في التهذيب مع الجميع. هذه السمة الكبرى. يتابع: زاملت الراحل خلال عملي في المجموعة السعودية منذ عام 1987، وتحديداً في مجلة «الجديدة». وعندما انتقلت إلى صحيفة «الشرق الأوسط» في عام 1998 أسدى إليّ نصيحة ذهبية، قال: حاول ألا تكون عادياً، اعمل على أن يكون إخراجك مختلفاً عن التصميمات الاعتيادية. يضيف نعمان: وبالفعل أخذت بالنصيحة وهي ما خرجت به الصحيفة منذ ذلك التاريخ.

ويتذكر قصي العيسى، المصمم الفني في صحيفة «الشرق الأوسط»، الذي زامل الراحل خلال فترة عمله في مجلة «سيدتي»: «كان متواضعاً ورائعاً في العمل. لم يترك أحداً لم يساعده من فريق التحرير والفريق الفني. كان غاية الكرم، ويتعامل مع المحررين والموظفين، وكأن كل شخص منهم أهم موظف لديه. كان يحب النقاش».

يضيف العيسى: «رغم أنه كان رئيساً وقراره هو الذي سينفذ، فإنه كان يفضل الحوار. أتذكر عندما أجرى أول صحافي حواراً مع رغد صدام حسين، ذهبنا إلى المكتب بعد منتصف الليل لتنفيذ الحوار والصور والتصميمات ولم ينم حينها إلا عندما أنجز العمل من شدة الحرص على التفاصيل الصغيرة والكبيرة... كان يحب عمله كثيراً ويعدّه حياته. كان لا يغادر إلا بعدما ينجزه».

وفيما يلي مجموعة من المنشورات التي نعت الراحل وتذكرته في يوم وفاته:


مقالات ذات صلة

إريش كستنر يطرح سؤال الأخلاق بين الحربين العالميتين

ثقافة وفنون إريش كستنر يطرح سؤال الأخلاق بين الحربين العالميتين

إريش كستنر يطرح سؤال الأخلاق بين الحربين العالميتين

تُعيد ترجمة عربية لرواية «فابيان - قصة رجل أخلاقي» للكاتب والروائي الألماني إريش كستنر (1899 – 1974) تأمل الهُوة السحيقة في ألمانيا خلال الفترة بين الحربين العا

منى أبو النصر
ثقافة وفنون إعادة نشر أول رواية مكتوبة باللغة الكرديّة

إعادة نشر أول رواية مكتوبة باللغة الكرديّة

صدرت حديثاً عن «منشورات رامينا» في لندن، بالتعاون مع «وكالة حرف» في الرياض، طبعة جديدة لرواية «السيّدة خاتي» للكاتب الكرديّ علي عبد الرحمن بترجمة قادر عكيد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الروائيّ اللبناني جبّور الدويهي (فيسبوك)

كيف أمضى جبّور الدويهي يومه الأخير؟

عشيّة الذكرى الثالثة لرحيله، تتحدّث عائلة الروائيّ اللبنانيّ جبّور الدويهي عن سنواته الأخيرة، وعن تفاصيل يوميّاته، وعن إحياء أدبِه من خلال أنشطة متنوّعة.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

رواية «حكاية صفية» للروائية الكويتية ليلى العثمان الصادرة عام 2023، رواية جريئة بشكل استثنائي

فاضل ثامر
ثقافة وفنون غلاف الكتاب

الرواية الفلسطينية... ممارسات الاحتلال وآليات المقاومة

«أسئلة الرواية الفلسطينية» هو الكتاب الحادي عشر في النقد الروائي للشاعر والناقد سلمان زين الدين، وقد صدر مؤخّراً عن «مركز ليفانت للدراسات والنشر» في الإسكندرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
TT

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)

اختتم مهرجان «العلمين الجديدة» نسخته الثانية بحفل غنائي للمطرب المصري الشاب ويجز، الجمعة، بعد فعاليات متنوعة استمرت 50 يوماً، ما بين حفلات غنائية وموسيقية وعروض مسرحية، بالإضافة إلى أنشطة فنية ورياضية متعددة.

وشهدت النسخة الثانية تعاوناً بين إدارة المهرجان والهيئة العامة للترفيه، ممثلة في إدارة «موسم الرياض»، بتقديم عروض مسرحية في العلمين قادمة من «موسم الرياض»، من بينها مسرحيات «السندباد» لكريم عبد العزيز، ونيللي كريم، و«التلفزيون» لحسن الرداد، وإيمي سمير غانم، إلى جانب حفلات غنائية منها حفل الفنان العراقي كاظم الساهر.

ومنحت الشراكة بين «موسم الرياض» و«العلمين الجديدة»، زخماً كبيراً للفعاليات، حسب الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «تقديم العروض المسرحية يُعدّ من أهم الإضافات التي شهدها المهرجان في نسخته الثانية العام الحالي، خصوصاً مع وجود نجوم كبار شاركوا في هذه العروض».

عمر خيرت مع إسعاد يونس ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأضاف عبد الرحمن أن «من بين الأمور المميزة في العروض التي تضمّنها المهرجان عدم اقتصار المسرحيات على النجوم، ولكن أيضاً على الشباب، على غرار مسرحيتي (الشهرة)، و(عريس البحر)، وهما العرضان اللذان لاقيا استحسان الجمهور، ما انعكس في نفاد تذاكر المسرحيات خلال ليالي العرض».

يدعم هذا الرأي الناقد الفني خالد محمود، الذي يشير إلى أهمية التعاون بين الجانبين بما ينعكس إيجاباً على المحتوى الفني المقدم للجمهور، مشيراً إلى أن «في النسخة الثانية من مهرجان (العلمين الجديدة) تحقق جزء كبير من الأحلام والطموحات التي جرى الحديث عنها بعد انتهاء الدورة الأولى، عبر مشاركة نجوم عرب في الحفلات على غرار ماجدة الرومي، وكاظم الساهر، بعد غياب لفترة طويلة».

وأشار محمود إلى «تنوع الحفلات الغنائية والفعاليات المصاحبة للمهرجان، خصوصاً فيما يتعلّق بالاستعانة بفرق الفنون الشعبية من مختلف المدن المصرية لتقديم عروضها في المهرجان بحفلات متنوعة»، لافتاً إلى أن «غياب البث المباشر للحفلات كان بمثابة نقطة ضعف لا بدّ من تجاوزها في النسخة المقبلة».

وتضمن المهرجان، الذي افتتح حفلاته الغنائية محمد منير في يوليو (تموز) الماضي، فعاليات جماهيرية كثيرة، منها الاحتفال بأبطال مصر الحاصلين على ميداليات في دورة الألعاب الأوليمبية، بالإضافة إلى إطلاق فعاليات مهرجان «نبتة»، الذي قدم أنشطة فنية وترفيهية للأطفال بمشاركة فنانين، من بينهم أحمد أمين وهشام ماجد.

محمد منير خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

ومن بين الحفلات الفنية الكبرى التي شهدها المهرجان، حفلات عمرو دياب، وتامر حسني، وعمر خيرت، وفريق «كايروكي»، بجانب تصوير عشرات الحلقات التلفزيونية مع نجوم الفن من مصر والعالم العربي الذين شاركوا في المهرجان.

وشهدت سماء مدينة العلمين الجديدة عروضاً جوية بالطائرات في الأيام الأخيرة للمهرجان، فيما قدمت فرق متعددة من جهات وأقاليم مختلفة عروضاً مجانية لمسرح الشارع.

إحدى فرق الفنون الشعبية ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأعلنت «اللجنة العليا» للمهرجان، في بيان، السبت، انتهاء الفعاليات بعد تحقيقه «خدمة توعوية وتثقيفية وسياسية وتنموية ومجتمعية للدولة المصرية وأبنائها بتنفيذ عدد غير مسبوق من الفعاليات الشاملة، ومشاركة جميع أطياف المجتمع المصري وفئاته العمرية والصحية والاقتصادية والتعليمية، واستقبال زوار من 104 جنسيات لدول أجنبية، وكذلك عدد كبير من المسؤولين والدبلوماسيين العرب والأجانب».

ويتوقف محمد عبد الرحمن عند إعلان المهرجان تخصيص 60 في المائة من الأرباح لدعم فلسطين للتأكيد على أن «تأثير المهرجان ليس فنياً ترفيهياً فقط، بل يحمل رسالة مجتمعية مهمة».

ويشير خالد محمود إلى «ضرورة استفادة المهرجان مما تحقّق على مدار عامين بترسيخ مكانته بين المهرجانات العربية المهمة، الأمر الذي يتطلّب مزيداً من التوسع في النُّسخ المقبلة التي تتضمن التخطيط للاستعانة بنجوم عالميين لإحياء حفلات ضمن فعالياته».