على عكس البشر، تتواصل الحيوانات مع بعضها البعض باستخدام مجموعة متنوعة من الإشارات، بما في ذلك الإشارات البصرية والصوتية والكيميائية. وتلعب تلك الإشارات دوراً مهماً في العديد من جوانب حياة الحيوانات، بما في ذلك البحث عن الطعام، والدفاع عن النفس.
وكشفت دراسة حديثة عن أن «الضوضاء التي يُحدثها البشر ربما تؤثر على سلوكيات القرود، وتجعلها تطلق رائحة كريهة كلما تعرضت للتلوث الضوضائي البشري». وأوضح الباحثون في دراستهم المنشورة، (الأربعاء)، في دورية «علم البيئة والتطور» أن «دراستهم هي الأولى التي تبحث في كيفية تغيير الرئيسيات لاستراتيجيات الاتصال الخاصة بها استجابةً للتلوث الضوضائي».
وحسب الدراسة يستخدم قرد الطمارين كلا من النداءات الصوتية وإطلاق الرائحة للتواصل ووظائف أخرى بما في ذلك التزاوج. وتعد القدرة على التواصل مع المجموعات الأخرى أمراً حيوياً لصحة النوع وبقائه في نهاية المطاف. ويمتلك قرد الطمارين نطاقاً جغرافياً ضيقاً للغاية في وسط البرازيل، ويقع معظمه الآن داخل مدينة ماناوس البرازيلية. وأدى توسع المدينة إلى تقييد المجموعات القردية في بقع صغيرة من الغابات، محاطة ببيئات حضرية صاخبة، ويعتبر الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة هذا النوع مهدداً بالانقراض بشدة.
وحققت الدراسة في سلوك 9 مجموعات منفصلة من قرد الطمارين البري. واستخدم الباحثون التتبع اللاسلكي لمتابعة كل مجموعة لمدة 10 أيام.
وفي كل منطقة تمت زيارتها، كان المصدر الأكثر شيوعاً للضوضاء البشرية هو حركة المرور على الطرق، على الرغم من وجود تلوث ضوضائي أيضاً ناجم عن الطائرات، وزوار المتنزهات، وحتى النشاط العسكري.
وأثبتت النتائج أن وتيرة إطلاق الرائحة زادت بشكل مباشر بما يتماشى مع زيادة مستويات الضوضاء بالديسيبل (وحدة قياس شدة الصوت).
وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة، الدكتورة تينارا سوبروزا، من جامعة الأمازون الفيدرالية، لـ«الشرق الأوسط»: «في هذه الدراسة وجدنا أن قردة الطمارين المهددة بالانقراض تقوم بالمزيد من إطلاق علامات الرائحة في المناطق الأكثر ضجيجاً في ماناوس، لكنها لا تقلل من عدد النداءات الأخرى التي تصدرها. ربما يستخدمون قنوات اتصال متعددة لاستكمال المعلومات».
وأضافت «يبدو الأمر كما لو كنت في مكان صاخب وتريد الاتصال بشخص ما، فمن المحتمل أن تستخدم وسائل متعددة للتواصل مع هذا الشخص، مثل الإشارات المرئية والصوتية لجذب الانتباه، ووجدنا أن قرد الطمارين يفعل نفس الشيء».
وأشارت سوبروزا إلى أنها تحققت مما إذا كان قرد الطمارين يعاني من صعوبات في التواصل في مدينة ماناوس الصاخبة، والتي تضم أكثر من مليوني شخص وهي مدينة صناعية للغاية. في الواقع، فوجئنا عندما اكتشفنا أن هذا النوع لديه استراتيجيات وما زال قادراً على التواصل في هذه المناطق. ووصفت هذه النتيجة بأنها «مثيرة للاهتمام» من منظور الحفاظ على البيئة، حيث قد يكون قرد الطمارين قادراً على التعامل مع ضجيج المدينة للتواصل مع الأنواع المحددة، وهو مبدأ أساسي للبقاء في هذه الغابات الحضرية.