جويا خير الله بطلة لبنان في رفع الأثقال... العضل صدى الأنوثة

التشكيك بأنها «لن تستطيع» تحريضٌ لإثبات العكس

العضل صدى أنوثة جويا خير الله، لا يتعارض مع رقّتها الداخلية (حسابها الشخصي)
العضل صدى أنوثة جويا خير الله، لا يتعارض مع رقّتها الداخلية (حسابها الشخصي)
TT

جويا خير الله بطلة لبنان في رفع الأثقال... العضل صدى الأنوثة

العضل صدى أنوثة جويا خير الله، لا يتعارض مع رقّتها الداخلية (حسابها الشخصي)
العضل صدى أنوثة جويا خير الله، لا يتعارض مع رقّتها الداخلية (حسابها الشخصي)

سمعت بطلة لبنان في رفع الأثقال جويا خير الله إحباطاً من نوع: هذه الرياضة ليست لكِ. إنها للرجال. أي أنوثة ستبقى؟ وبينما شقيقتها تلبس الأبيض في يوم زفافها، تذكّرت دعابة والدتها: «ستقفين (إشبينة) لها، كيف سترتدين فستاناً يُظهر العضلات بارزة؟». لا تخفي أنّ التعليقات موجعة، لكنها لم تردع وصولها بعيداً.

بدأت من ارتياد النادي الرياضي، من دون طموحات كبرى. تذهب للتمارين وتعود للاستراحة. إلى أن دعاها أصدقاء مفتونون برفع الأثقال لتُشجّعهم خلال منافسة. تخبر «الشرق الأوسط» عن تجربة حرّكت نهمها للمشاركة في بطولات عالمية. يوم أُعجبت بأصدقاء يرفعون الأثقال، شاءت أن تُجرّب. المفارقة أنّ التلميذ تفوّق على أساتذته.

تتحدّث عن الروح الحلوة خلال المنافسات: «الجميع يُشجّع، ولا أحد يضمر السوء لسواه. ما إن يهمّ أحدنا بالرفع، حتى يسمع تصفيقاً ممن حوله. هذه الرياضة تخلو من القبح».

الطاقة والإرادة حاجتا المرء لخطوة أولى على دروب لبنان غير المعبَّدة (حسابها الشخصي)

عمرها 22 عاماً، والمشوار بدأ في السابعة عشرة. الطاقة والإرادة، حاجتا المرء إلى الخطوة الأولى. وحين تتوالى الخطوات، تتراءى لذة الطريق. كان عام 2018 حين شاركت في بطولة لبنان لرفع الأثقال وكسبت، ليقودها الطموح إلى رغبة في المزيد.

شاركت قبل أسبوعين في بطولة العالم برومانيا. كل إنجاز هو ردّ على المشككين بالنتيجة. كثر سخروا، وردّدوا «لن تستطيع». من هذه الـ«لن» وُلدت الـ«سوف»: «سأفعل. سأحقق الألقاب وأُراكم الجوائز. سأمثّل لبنان في المحافل».

استوقفها كلام مُعلَّب مفاده أنّ العضل رمز «الرجولة»، وأنه لا يليق بالنساء مداراة تلك الكتل، جارة الكتف، والسعي إلى نموّها. لكنها تكترث لعضلاتها بقدر الاكتراث لأنوثتها: «أكون الاثنين، الرياضية والمرأة. لِمَ عليَّ الاختيار؟ ولِمَ يجدر بنا أن نوضع بين الشيء وما يقابله؟ بالنسبة إليّ، أختار ما يُشعرني بالجدوى. رفع الأثقال علاج، وكلما زادت أوزاني، شعرتُ بشفائي. أنا الدليل إلى أنّ النساء يستطعن القيام بكل ما يظنه الآخرون خاصية الرجل. أرفع أوزاناً ويقال إني صاحبة عضلات، لكنني لا أتنازل عن رقتي الداخلية في مواقف تستدعي استراحة القوة».

كلما شاركت في منافسة، شاءت إثبات أنّ المرأة قادرة. تتبنّى قضية ردّ الاعتبار للنساء أمام الأحكام الجاهزة. برفع الأثقال، ترفع الصوت. وبحجم الأوزان، تجعل العدالة مسألة مُلحَّة. تقول: «لا يمكن التغاضي عن ممارسات تُحجّم المرأة وتُحبطها. أتصدّى برياضتي. هي ما أملك للاعتراض. لا أخوض بطولات لنيل الألقاب فحسب. هي رائعة، وطموحُ كل مُتنافِس. لكنني أهتم أيضاً بتصحيح الصورة. لا أريد أن يُقال إنني امرأة فكيف أفعل ذلك؟ أسعى إلى المساواة مع الرجل في الرفع والفوز، علماً أنّ بنيتي الجسدية مغايرة لبنيته، لكنّ الإرادة لا شأن لها بفوارق الجنسين. تتأجّج من الداخل، والدواخل متشابهة».

جويا خير الله ترفع الأثقال من أجل رفع نداء المساواة (حسابها الشخصي)

تذكُر مع بداية خوض المنافسات، اقتصار المشاركة النسائية على قلّة: «كنا بالكاد 5 فتيات ضمن مجموعة فئات. اليوم، هذا العدد موجود ضمن فئة واحدة. العالم ينفتح، والنظرة تختلف. المرأة مثل الرجل، تُنافس وتربح».

أسابيع تفصلها عن المشاركة في بطولة العالم لرفع الأثقال بفرنسا. الوقت ضاغط، تمضيه في التمارين والمشي يومياً لـ15 ألف خطوة. حياة الرياضيّات شاقة، لكنهنّ يعتدن نمطها: «أتناول الطعام بالاعتماد على وزنه. الغرام الإضافي قد يؤثر في المعادلة. أتمرّن وأتفادى السهر. نخوض البطولات العالمية لأننا ندرك الأثمان ونستعدّ لها. الهيِّن لا يصنع إنجازات. لذلك، تلبّي الأجساد أوامر العقل، وتتكيّف. مع الوقت، يصبح نمط الحياة هذا أقلّ خشونة. إننا نعتاد؛ هذه طبيعة الإنسان حين يطارد هدفاً».

الالتزام والتضحية، خلف هذه الألقاب: الأولى في لبنان، السادسة في بطولة العالم بالسويد (2021)، المركز الأول في بطولة آسيا (2021) بتركيا، المركز الأول في كأس العرب (2023) بلبنان، المركز الأول في بطولة العالم 2023 برومانيا، قبل أسبوعين... هذا وسواه في عمر الورد. (22 عاماً)، والأنظار على قَطْف شيِّق.

تعلم أنّ أخريات سبقنها في التمارين والجوائز، وفرص فوزهنّ تفوق فرصها في بطولة فرنسا. في 22 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، تقف معهنّ في مواجهة: «لن أفوز، ولا بأس بذلك. عُمر خبرتي في هذه الرياضة 5 سنوات، وخبراتهنّ تصل إلى 10 و15. هنّ من دول تدعم طاقات شبابها وتنفق عليها الميزانيات. بلدي سعيٌ فردي. الدرب غير مُعبَّدة، ومن أراد الوصول، عانَدَ الصعوبة. إدراكي بأنني لن أكسب، لا يعني الاستسلام. الخبرة والتجربة واللحظات الحلوة، كَسْبٌ أيضاً».


مقالات ذات صلة

«كايرو كوميكس»... أحلام الشباب تُجسِّدها القصص المصوَّرة

يوميات الشرق مشهد من معرض «من قتل أسمهان» (الشرق الأوسط)

«كايرو كوميكس»... أحلام الشباب تُجسِّدها القصص المصوَّرة

يقدّم المهرجان - الذي اختار أيقونة مجلة «ماجد» الإماراتية «كسلان جداً»، للفنان المصري مصطفى رحمة، شخصية هذا العام - أعمال فنانين من الأردن وسويسرا والأرجنتين.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق وائل مرقص وعلاقة حب مع الخطّ العربي (صور الفنان)

وائل مرقص لـ«الشرق الأوسط»: الخطّ العربي مفتاح الهوية العربية الواحدة

حقّق وائل مرقص شهرته من خلال علاقته بالخطّ العربي. إقامته في أميركا منذ نحو 12 عاماً زادت من توطيدها. فالغربة، كما يقول، «توقظ عندنا مشاعر الحنين لأوطاننا».

فيفيان حداد (بيروت)
شمال افريقيا شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

شباب محبط من السياسة في تونس يرى الحلّ في الهجرة

بحسب دراسة أجراها «الباروميتر العربي» صدرت قبل أكثر من شهر، فإن 7 من كل 10 شباب تونسيين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما يريدون الهجرة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
رياضة سعودية تزايد عدد المستخدمين للألعاب الإلكترونية في المنطقة يتطلب استراتيجية مثالية لتلبية رغباتهم (الشرق الأوسط)

«الاتحاد السعودي» و«نيكو بارتنرز» يقودان استراتيجية توطين الألعاب بالمنطقة

تعاونت شركة «نيكو بارتنرز» مع الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية لمساعدة الشركات على فهم خصوصية منطقة الشرق الأوسط في مجال توطين الألعاب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق شيرين عبد الوهاب

«بيلبورد عربية» تطلق 4 قوائم جديدة وتحتفي باللهجات

أعلنت «بيلبورد عربية» عن إطلاقها 4 قوائم جديدة خاصة باللهجات الخليجية، والمصرية، والشامية، والمغاربية، للإضاءة على تنوّع اللغة العربية.


افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
TT

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

نحو إثراء المشهد العالمي لفنون الوسائط الجديدة عبر تقديم وجوه إبداعية من المنطقة، تجمع بين الفن، والتكنولوجيا، والابتكار، افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل أبوابه رسمياً، اليوم (الثلاثاء)، بوصفه أول مركز مخصص لفنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، متخذاً من منطقة الدرعية التاريخية المسجّلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي موقعاً له.

ويأتي المركز في مبادرة تجمع بين وزارة الثقافة، وهيئة المتاحف، وشركة الدرعية في السعودية، في الوقت الذي انطلق ببرنامج متنوع يشمل أنشطة ومعارض فريدة ومبادرات تفاعلية مع الجمهور، مع التركيز على تمكين الفنانين والباحثين ومتخصصي التكنولوجيا من داخل المنطقة وخارجها، في بيئة إبداعية مجهزة بأحدث المختبرات والاستوديوهات الرقمية ومساحات العرض المبتكرة.

وقالت منى خزندار المستشارة في وزارة الثقافة السعودية إن «مركز الدرعية لفنون المستقبل يجسّد التزامنا بتطوير الإنتاج الفني المبتكر واحتضان أشكال جديدة من التعبير الإبداعي، فمن خلاله نسعى إلى تمكين الفنانين والباحثين ودعمهم لإنتاج أعمال بارزة والخروج بأصواتهم الإبداعية إلى الساحة العالمية».

وأشارت إلى أن المركز سيُوظّف مساحاته للتعاون والإبداع لترسيخ مكانة المملكة في ريادة المشهد الثقافي والتأكيد على رؤيتها في احتضان أشكال التعبير الفني محلياً وعالمياً.

من جانبه، بين الدكتور هيثم نوار مدير مركز الدرعية لفنون المستقبل أن افتتاح المركز يمثّل منعطفاً في السردية القائمة حول فنون الوسائط الجديدة، لكونه يخرج بالمرئيات والتصوّرات الإقليمية إلى منابر الحوار العالمية.

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

وقال: «إن المركز سيتجاوز حدود الإبداع المتعارف عليها نحو آفاق جديدة، وسيقدّم للعالم مساحة للابتكار والنقد الفني البنّاء عند تقاطع الفن والعلوم والتكنولوجيا».

وتتزامن انطلاقة مركز الدرعية لفنون المستقبل مع افتتاح معرضه الأول بعنوان «ينبغي للفنّ أن يكون اصطناعياً... آفاق الذكاء الاصطناعي في الفنون البصرية» خلال الفترة من 26 نوفمبر (تشرين ثاني) إلى 15 فبراير (شباط) المقبل، حيث يستكشف المعرض، الذي أشرف عليه القيّم الفني جيروم نوتر، تاريخ فن الحاسوب منذ نشأته في ستينات القرن الماضي وحتى يومنا الحاضر، من خلال أعمال فنية متنوعة تحمل توقيع أكثر من 30 فناناً إقليمياً وعالمياً.

وسيحظى الزوار بفرصة استكشاف أعمال من صنع قامات في الفن أمثال فريدر نايك (ألمانيا) وفيرا مولنار (هنغاريا/فرنسا) وغيرهما من المُبدعين في ميادين الابتكار المعاصر مثل رفيق أناضول (تركيا) وريوجي إيكيدا (اليابان).

وسيكون للفنانين السعوديين لولوة الحمود ومهند شونو وناصر بصمتهم الفريدة في المعرض، حيث يعرّفون الزوّار على إسهامات المملكة المتنامية في فنون الوسائط الجديدة والرقمية.

وبالتزامن مع الافتتاح، يُطلق المركز «برنامج الفنانين الناشئين في مجال فنون الوسائط الجديدة»، بالتعاون مع الاستوديو الوطني للفن المعاصر - لوفرينوا في فرنسا. ويهدف البرنامج، الذي يمتد لعام كامل، إلى دعم الفنانين الناشئين بالمعدات المتطورة والتوجيه والتمويل اللازمين لإبداع أعمال متعددة التخصصات.

وأعلن المركز عن برنامج «مزرعة» للإقامة الفنية، المخصص لفناني الوسائط الرقمية، في الفترة من فبراير (شباط) حتى أبريل (نيسان) 2025، ويهدف إلى استكشاف العلاقة بين الطبيعة والتكنولوجيا والمجتمع من خلال موارد المركز.

ويجسد مركز الدرعية لفنون المستقبل «رؤية السعودية 2030»، التي تسعى إلى تعزيز الابتكار، والتعاون العالمي، وترسيخ مكانة المملكة بوصفها وجهة رائدة في الاقتصاد الإبداعي العالمي.