انتقادات واسعة لهدم مقابر وأضرحة تراثية جديدة بالقاهرة

وسط محاولات للحفاظ على لوحاتها ونقوشها الفريدة

مقابر قديمة تم إزالتها بمنطقة الإمام الشافعي
مقابر قديمة تم إزالتها بمنطقة الإمام الشافعي
TT

انتقادات واسعة لهدم مقابر وأضرحة تراثية جديدة بالقاهرة

مقابر قديمة تم إزالتها بمنطقة الإمام الشافعي
مقابر قديمة تم إزالتها بمنطقة الإمام الشافعي

أثار هدم مقابر وأحواش تراثية جديدة بجبانة القاهرة التاريخية انتقادات واسعة في البلاد من قبل آثاريين وسياسيين خلال الساعات القليلة الماضية، وأعرب عدد كبير من محبي التراث عن حزنهم الشديد لما آلت إليه جبانة القاهرة.

وفي محاولة لإنقاذ الشواهد واللوحات والنقوش والمقرنصات الفريدة، عكف مهتمون بالتراث على تجميع بعض هذه القطع خوفاً عليها من السرقة، وحفاظاً عليها من الاندثار، معبرين عن خوفهم من هدم نحو 17 مقبرة مسجلة بقائمة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، من بينها مقبرة علي باشا فهمي، ومقابر عائلة الدرامللي، وذلك بعد هدم مدفن عتقاء البرنس إبراهيم حلمي ابن الخديوي إسماعيل، التي مرّ على إنشائها أكثر من قرن، وسط حالة شديدة من استياء الآثاريين.

مدفن عائلة الدرامللي

وبينما أكد الدكتور أبو بكر عبد الله، نائب قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، بوزارة السياحة والآثار المصرية، في تصريحات مقتضبة لـ«الشرق الأوسط»، على «عدم هدم أي مبنى أثري مسجل في قوائم الآثار الإسلامية»، فإن آثاريين اتهموا وزارة السياحة والآثار بالتقصير والإهمال الشديد لعدم حماية المدافن التراثية الفريدة التي جرى هدمها ويتم التخطيط لهدم أخرى غيرها، ورأوا أنها ينطبق عليها شروط المباني الأثرية من حيث مرور 100 عام على إنشائها بجانب طرازها المعمار الفريد الذي يجب الاهتمام به بدلاً من السماح بهدمه.

مصر تسعى لشق طرق بالقرافة الصغرى

وأعرب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار سابقاً، عن «استيائه من صمت الجهات المختصة بحماية الآثار والتراث، وعدم توضيح حقيقة الأمور للجمهور العادي».

مبيناً أنه من «غير المنطقي ترك حماية التراث والنقوش واللوحات النادرة للجهود الشخصية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «في الوقت الذي تحاول فيها قطاعات وزارة الآثار وجهاز التنسيق الحضاري، التنصل من المسؤولية، فإنه لا يمكن للجرافات إزالة أي مبنى بمدافن القاهرة التاريخية من دون الحصول على موافقتها».

مدفن علي باشا فهمي

ولفت عبد المقصود إلى أن «وزارة السياحة والآثار تقاعست عن أداء دورها في تسجيل الآثار بعد صدور قرار وزاري في عهد وزير الآثار الأسبق الدكتور ممدوح الدماطي بضرورة تشكيل لجان وتسجيل المباني التاريخية بالمنطقة في عام 2015، مؤكداً أنه لم يتم إلغاء هذا القرار حتى الآن».

شواهد متبقية من مقابر تم إزالتها

وتسعى الحكومة المصرية لإنشاء محاور مرورية جديدة للربط بين شرق وجنوب القاهرة عبر هذه الجبانة التاريخية، المسجلة في قوائم تراث اليونسكو.

بدوره، أدان الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في بيان له، الخميس، التعدي على تراث القاهرة العمراني في أعمال الإنشاءات التي طالت منطقة جبانات القاهرة الأثرية، وقال إنه «يتابع بقلق بالغ تطورات أعمال الإنشاءات بنطاق القاهرة التاريخية، التي طالت منطقة جباناتها الأثرية، والتي تعد أحد أهم معالم تراث المدينة العمراني الممتد عبر مئات السنين من التراكم الحضاري والإنساني».

وأشار إلى هذه المنطقة تعرضت لإهمال بالغ، وشهدت أعمال نهب، أحدثها ما تعرض له مدفن أمير الشعراء أحمد شوقي بالسرقة، وسط غياب كامل لدور المؤسسات المعنية».

ودعا الحزب إلى تنفيذ «التزامات الحكومة الخاصة بإعادة دراسة موقف أعمال التطوير، وملائمتها لتاريخية المناطق موقع التنفيذ، وتكثيف أعمال التأمين والحراسة وفتح تحقيق عاجل».

شارك في إنشاء مدافن القاهرة عدد من كبار المعماريين الأجانب، منهم المهندس الإيطالي إرنستو فيروتشي، كبير المهندسين في السرايات الملكية، وصاحب تصميم قصر رأس التين، ومبنى معهد الموسيقى العربية، وإضافات قصر عابدين.

وتضم جَبَّانة القاهرة بين جوانبها مقابر بعض الشخصيات الشهيرة، أمثال الإمام ورش، صاحب «قراءة ورش» القرآنية، ومقام الإمام وكيع مقرئ الإمام الشافعي، والشيخ محمد رفعت، وعبد الخالق باشا ثروت، والشمسي باشا، وعثمان مصطفى، ومحمد نسيم توفيق.

كما تضم رفات فنانين مشاهير، من بينهم يوسف وهبي، وأم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وأسمهان، وفريد الأطرش، وهند رستم، وصلاح ذو الفقار.

ومن الشعراء تضم مقبرة محمود سامي البارودي، الذي خدم وزيراً للحربية، و«شاعر النيل» حافظ إبراهيم، و«عميد الأدب العربي» طه حسين.

من جهتها، قالت الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، إن المقابر والأضرحة التي يتم هدمها بالفعل ليست موجودة في قوائم الآثار، لكنها مسجلة في قوائم هيئة التنسيق الحضاري، وقد تشكلت لجنة من وزارة الآثار للبتّ في قضية 17 مقبرة مسجلة ضمن قوائم المنشآت والمباني المحمية بموجب القانون لدى الهيئة القومية للتنسيق الحضاري، فضلاً عن منظمة اليونسكو.

وتتساءل حواس: «ما هي المنفعة العامة التي توضع في الميزان أمام التراث؟»، لافتة: «هذه مقابر مهمة وغير جائز التخلص منها، لأنها لعائلات ورموز مهمة جداً في تاريخ الوطن».

يوجد 17 مقبرة مسجلة بقوائم تراث الجهاز القومي للتنسيق الحضاري (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأضافت حواس لـ«الشرق الأوسط»: «كانت هناك لجنة سابقة تشكلت بناء على قرار رئيس الجمهورية بوقف أعمال الإزالة لحين إبداء الرأي في قيمة المقابر، ولا أحد يعلم ما الذي خرجت به هذه اللجنة، وما الذي اتخذته»، موضحة أنه تم «تشكيل لجنة جديدة للبت في قرار الـ17 مقبرة المسجلة، لإخراجها من قائمة الحماية».


مقالات ذات صلة

حلب «الشاهدة على التاريخ والمعارك» تستعد لنفض ركام الحرب عن تراثها (صور)

المشرق العربي لقطة جوية تُظهر قلعة حلب (أ.ف.ب)

حلب «الشاهدة على التاريخ والمعارك» تستعد لنفض ركام الحرب عن تراثها (صور)

أتت المعارك في شوارع حلب والقصف الجويّ والصاروخي على كثير من معالم هذه المدينة المُدرجة على قائمة اليونيسكو، لا سيما بين عامي 2012 و2016.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
يوميات الشرق «مستر بيست» انتهى من تصوير أفلام ترويجية بمنطقة الأهرامات (إنستغرام)

«مستر بيست» يفجر جدلاً في مصر بشأن «تأجير الأهرامات»

أثار «يوتيوبر» أميركي جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بعد حديثه عن «تأجير الأهرامات»، وهو ما نفته وزارة السياحة والآثار المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرون تحت الماء (جمعية «سوبمير»)

سفينة غارقة قبل 2500 سنة تُخبّئ اكتشافات في صقلية

أسفرت حفريات تحت الماء قبالة سواحل صقلية لحطام سفينة عمرها 2500 عام، عن اكتشاف أدوات ومراسٍ قديمة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إحدى الأيقونات في فيلم «كنيسة أبي سرجة» (يوتيوب)

«أبي سرجة»... فيلم وثائقي يُبرز رحلة العائلة المقدسة في مصر

فوق المغارة التي لجأت إليها العائلة المقدسة خلال رحلتها في مصر، تحديداً في المنطقة المعروفة حالياً بمصر القديمة في «مجمع الأديان».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )

إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى في الطائرة... من أجل كلب

صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»
صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»
TT

إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى في الطائرة... من أجل كلب

صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»
صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»

أُجبر أحد ركاب شركة «دلتا للطيران» على التخلي عن مقعده الفاخر في الدرجة الأولى لمسافر آخر، اكتشف فيما بعد أنه كلب، الأمر الذي أثار غضبه ودهشته.

وبحسب صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، فقد كتب المسافر الذي يدعى بن بوب على منصة «ريديت»، أمس (السبت): «لقد تمت ترقية تذكرتي إلى الدرجة الأولى في طائرتي التابعة لشركة (دلتا للطيران) هذا الصباح، ولكن بعد 15 دقيقة تم تخفيض درجتي ومنحي مقعداً أسوأ من ذلك المحدد لي سابقاً».

وأضاف: «حسناً، لقد كنت مستاء من هذا الأمر، ولكنني قررت أن أتجاوز الأمر وصعدت على متن الطائرة لأرى هذا الكلب في مقعدي من الدرجة الأولى. أنا مندهش وغاضب للغاية».

وأرفق بوب المنشور بصورة تظهر الكلب وهو جالس في المقعد الذي كان من المفترض أن يكون له.

واتصل بوب بخدمة عملاء شركة «دلتا للطيران»، ليتم إخباره بأن أي راكب بشري قد يتعيَّن نقله لمقعد آخر ومن درجة لأخرى «من أجل الحيوانات الخدمية»، وأن الشركة «لا تستطيع فعل أي شيء» في مثل هذه المواقف.

وتعليقاً على ذلك، قال خبير السفر غاري ليف: «أنا حقاً لا أفهم منطق شركة (دلتا للطيران) في إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى لمنحه لكلب».

ولفت ليف إلى أن «شركة (دلتا للطيران) يبدو أنها تنحاز عموماً إلى الكلاب»، مشيراً إلى حالات أخرى تم فيها طرد أحد ركاب الدرجة الأولى لإفساح المجال لكلب دعم عاطفي و4 حقائب يد، هذا بالإضافة إلى السماح للكلاب بالجلوس والأكل على طاولات الطعام فيما تُسمى «صالات دلتا ون» بالمطارات.