صالات السينما السعودية... ملاذ الخليجيين الهاربين من القيود الصارمة

المنطقة الشرقية الوجهة الأقرب للممتعضين من منع فيلم «باربي»

نقاد يرون أن الفيلم لا يستحق الجدل وقيود المنع (الشرق الأوسط)
نقاد يرون أن الفيلم لا يستحق الجدل وقيود المنع (الشرق الأوسط)
TT

صالات السينما السعودية... ملاذ الخليجيين الهاربين من القيود الصارمة

نقاد يرون أن الفيلم لا يستحق الجدل وقيود المنع (الشرق الأوسط)
نقاد يرون أن الفيلم لا يستحق الجدل وقيود المنع (الشرق الأوسط)

لا تقتصر مكاسب الانفتاح الثقافي الذي تعيشه المملكة حالياً على السعوديين فحسب، بل يجني ثمارها الخليجيون أيضاً، ممن وجدوا في صالات السينما السعودية متنفساً للفرار من القيود الصارمة المفروضة في بلدانهم، حيال منع فيلم «باربي»، لتكون السعودية الوجهة الأقرب للراغبين بمشاهدة الفيلم الذي بدأ عرضه في أكثر من 60 صالة سينما سعودية مساء الأربعاء الماضي.

وتداول ناشطون عبر الشبكات الاجتماعية توصيات بحضور الفيلم بالسفر براً من الكويت إلى السعودية، ويأتي الخيار الأقرب في محافظة الجبيل (شرق المملكة) بمسافة تقدر بساعتين و20 دقيقة، تليها مدينة الدمام بمسافة تقدر بساعتين و50 دقيقة، ومن ثَمّ محافظة الخُبر بمسافة تقدر بـ3 ساعات و15 دقيقة.

وكانت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) قد نشرت خبر منع عرض فيلم «باربي»، ونقلت عن وكيل وزارة الإعلام رئيس لجنة رقابة الأفلام السينمائية لافي السبيعي، تأكيده حرص اللجنة «على منع كل ما يخدش الآداب العامة أو يحرّض على مخالفة النظام العام والعادات والتقاليد ويدعو لأفكار دخيلة على المجتمع»، حسب قوله.

انفتاح وتفهّم الرقابة السعودية

وينقل تقرير لموقع «ذا هوليوود ريبورتر» ما يصفه بالمفارقة، حين كان السعوديون قبل سنوات مضت يسافرون إلى الدول المجاورة لارتياد دور السينما، ولكن بفضل انفتاح البلاد وتفهّم الرقابة المحلية لطبيعة المصنفات السينمائية، فإن عشاق الأفلام صاروا يقصدون المملكة هرباً من القوانين الصارمة في بلدانهم، ويأخذ التقرير فيلم «باربي» نموذجاً في هذا السياق.

من ناحيته، يُشيد أحمد العياد، الناقد السينمائي السعودي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بما وصفه بـ«وعي الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في عدم الانسياق للآراء المتشنجة حيال الفيلم ومطالبات البعض بمنعه»، مشيراً إلى أن حضور الأفلام ليس إجبارياً، وما دام هناك تصنيف عُمري فمن الضروري أن يُحترم، وفق رأيه.

نقاد يرون أن الفيلم لا يستحق الجدل وقيود المنع (الشرق الأوسط)

ويوضح العياد: «لقد تجاوزنا زمن المنع، يأتي ذلك في ظل رفع التصنيف العمري للفيلم في السعودية إلى 15 سنة، من غير أي عبث أو تدخل في محتواه»، موجهاً حديثه للخليجيين قائلاً: «أدعو الأشقاء الأعزاء في الخليج للاستمتاع بمشاهدة الفيلم في السعودية، وأتمنى ألا يكون المنع هاجساً لدى الدول الخليجية والعربية عموماً، خصوصاً أنّه لا يستحق كل هذا الجدل ولا الحديث المطوّل، فلقد تجاوزنا نقاشات كهذه تعود لزمن مضى».

وأكد العياد أن السعودية أول دولة خليجية ومن أوائل دول الشرق الأوسط التي تعرض «باربي» في ظل وجود «دول أخرى يُمنع عرض الفيلم فيها بشكل رسمي وبخطابات شعوبية تحاكي أزماناً عتيقة»، حسب وصفه. وهنا يعوّل العياد كثيراً على وعي الجهات المعنية في السعودية، ويردف: «ليس بالضرورة أن يعجبنا الفيلم، فعدم إعجابنا به لا يعني المطالبة بمنعه، وأنا ضد منع عرض أي فيلم».

صالات السينما السعودية توشحت باللون الوردي تزامناً مع عرض «باربي» (الشرق الأوسط)

دور السينما السعودية باللون الوردي

وجاء العرض الأول للفيلم في السعودية مساء الأربعاء الماضي، حيث توشحت صالات السينما باللون الوردي لجذب الجمهور ومضاعفة أعدادهم في الصالات المكتظة، التي شهدت إقبالاً كبيراً، كما تظهر تطبيقات الشركات المشغلة للسينما، حيث يندر وجود مقاعد فارغة في مختلف صالات السينما.

أكثر من 62 ألف مقعد

جدير بالذكر أن مجموع عدد صالات السينما السعودية يصل إلى 66 صالة، بإجمالي 607 شاشات، وأكثر من 62.5 ألف مقعد، لـ7 شركات من مشغلّي دور السينما، تتوزع في 20 مدينة سعودية، كما توضح هيئة الإعلام المرئي والمسموع، يتمحور دورها حول مراقبة جميع الأفلام السينمائية وتصنيفها قبل عرضها في دور السينما، إذ يجري التأكد من محتوى الفيلم وتحديد التصنيف العمري المناسب له، وفي حال لزم التعديل يتم التأكد من التعديلات وجودتها قبل عرضها.


مقالات ذات صلة

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.