مع دخول إضراب كتّاب التلفزيون والسينما في الولايات المتحدة الأميركية شهره الثالث، تباطأت عجلة صناعة المسلسلات وبدأت منصات البث الكبرى تبحث جدياً عن محتوى جديد تغذّي به شاشاتها، وتسدّ جوع المشاهدين.
ورغم الاعتقاد السائد منذ عقود بأن فصل الصيف هو موسم ركود بالنسبة للاستهلاك التلفزيوني، فإن العلاقة الوطيدة التي باتت تجمع الناس بمنصات البث ومحتواها من مسلسلات وأفلام قد تلغي قريباً ذلك الاعتقاد. إذ يجد عدد كبير من مستهلكي التلفزيون في إجازة الصيف فرصةً لمتابعة ما فاتهم من مواسم وحلقات، متجنّبين حرّ الخارج بالجلوس في بيوتهم المبرّدة وأمام مسلسلاتهم المفضّلة.
صحيح أن المنصات تعتمد استراتيجية تأجيل الإنتاجات الكبرى والمنتظَرة إلى مطلع الخريف، غير أنها استطاعت ملء الفراغ بأعمال من المرجّح أن تشقّ طريقها إلى قلوب المشاهدين. ومن بين تلك الأعمال ما هو جديد، ومن بينها ما هو استكمال لمواسم سابقة من مسلسلات جماهيرية.
صيف حارّ على «نتفليكس»
افتتحت «نتفليكس» عروض الصيف بطرح الموسم الرابع والأخير من السلسلة المحبّبة إلى قلوب المشاهدين «Never Have I Ever». ويبدو أن المنصة العالمية اختارت التوقيت المناسب، بما أن عرض المسلسل الذي تدور أحداثه في مدرسة ثانوية تزامن مع اختتام السنة الدراسية حول العالم. ويشهد هذا الموسم نهاية مغامرات الطالبة الهندية - الأميركية «ديفي» وتخرّجها، وسط تطوّرات في حياتها العاطفية ومسيرتها الدراسية. وقد لاقت الحلقات الأخيرة استحسان الجمهور والنقّاد على حدّ سواء.
ضمن 3 حلقات وثائقية تحمل اسمَه، يستعرض الممثل الأميركي أرنولد شوارزنيجر حياته الحافلة رياضياً وفنياً وسياسياً. يفتح النجم قلبه أمام الكاميرا من دون تمثيل هذه المرة، ليتحدث عن بداياته في رفع الأثقال، وانتقالاً إلى نجاحه غير المسبوق في عالم السينما، وصولاً إلى حاكميّته لولاية كاليفورنيا، من دون أن يتستّر على الفضائح التي هزّت حياته الشخصية. ويضمّ الوثائقي شهادات من شخصيات معروفة، كالمخرج جيمس كاميرون، والممثلين سيلفستر ستالون، وداني دي فيتو، وجايمي لي كورتيس، وغيرهم.
لمحبّي خلطة الرعب والخيال العلمي، تُهدي «نتفليكس» الموسم السادس من «Black Mirror». وبعد انقضاء 3 أسابيع على بدء بث الحلقات، يحافظ العمل على مراتبه المتقدمة في قائمة المسلسلات الأكثر مشاهدةً. «Black Mirror» في عرض متواصل منذ عام 2011، وهو يعود إلى الشاشة بعد غياب 4 سنوات. لكن ذلك لم يُفقد العمل وهجه في عيون عشّاق السيناريوهات الافتراضية، التي تمزج العنف مع التكنولوجيا. ومن عناصر الجذب في الموسم الجديد، مرور لافت للممثلة سلمى حايك.
بعيداً عن السرديّات والديكورات المركّبة، عودة إلى الطبيعة ببساطتها وحقيقتها المجرّدة في الجزء الثاني من وثائقي «Our Planet» أو «كوكبنا». لا تكتفي الحلقات الأربع بتصوير الحيوانات وعناصر الكوكب بكامل بهائها، بل تتوقف مطوّلاً عند المخاطر التي تهدّد تلك الطبيعة بفعل اليد البشريّة. الوثائقي الذي يحمل كثيراً من التوعية البيئية وبعض الحكايات التي تبعث الأمل، ينجح في تظهير الشرخ الحاصل بين عالم الحيوان الساحر والسلوكيات البشرية المعادية للطبيعة.
من بين المسلسلات التي راهنت «نتفليكس» على بثّها صيفاً، الموسم الثالث من «The Witcher». تزخر هذه المغامرة الطالعة من القرون الوسطى بالمعارك بين الوحوش، وباستعراض السحر والقوى الخارقة. لكن الموسم الجديد لم يفلح في إقناع المشاهدين والنقّاد، وأحد أهم أسباب مقاطعة المسلسل هو إعلان البطل الممثل هنري كافيل أنه لن يعود إلى الموسم المقبل. كما اشتكى المتابعون من تحريف الجهة المنتجة للرواية الأصلية، المقتبسة من مجموعة قصصية خيالية بولنديّة.
ومن بين الأعمال التلفزيونية المرتقبة على «نتفليكس» هذا الصيف، سلسلة قصيرة وجريئة بعنوان «Painkiller». تغوص الحلقات الـ6 في أزمة إدمان الأميركيين على المسكّنات التي تحتوي مادة الأفيون. تضيء السلسلة على بداية تلك الأزمة وعلى دور الشركات المتورّطة فيها، من دون إهمال الشق الإنساني المتمثل في حكايات ضحايا تلك الظاهرة.
ماذا على باقي المنصات؟
متسلّحةً بقامة سامويل ل. جاكسون التمثيلية وبميزانيةٍ ضخمة، تعاملت «ديزني بلاس» مع مسلسل «Secret Invasion» على أنه رهانها الأكبر لهذا الصيف. ومع أن العمل مقتبس من رسوم متحركة من مجموعة «مارفيل» المحبوبة، فإن أعداد المشاهَدات لم تتوافق ورؤية المنصة. في المقابل، أجمعت الآراء على أن جاكسون، وإلى جانبه الممثلة البريطانية أوليفيا كولمان، يقدّمان أداءً مميّزاً.
لجأت منصة «باراماونت» كذلك إلى الخيال العلمي، فأطلقت الموسم الثاني من مسلسل «Star Trek: Strange New Worlds». وقد لاقى العمل استحسان النقّاد والمشاهدين الذين رأوا أنه أيقظ فيهم الحنين إلى سلسلة Star Trek الأصلية، كما أنه استند إلى إنتاج صلب، وإلى نص مقنِع.
أما منصة «Apple TV+» فأفردت شاشتها هذا الصيف لدراما الإثارة النفسية «The Crowded Room». السيناريو مقتبس من رواية واقعية صادرة عام 1981، تتداخل فيها الجريمة والأجواء البوليسية مع تعقيدات النفس البشرية. وبعد بثّ 3 حلقات من السلسلة القصيرة، تستكمل المنصة عرض الحلقات السبع المتبقية نهاية هذا الشهر.
أكثر المسلسلات تماشياً ومزاج الصيف، يُعرض على منصة HBO، وهو الموسم الثاني من «And Just Like That». أما القصة فهي استكمال لسلسلة «Sex & the City» مع النجمة سارة جسيكا باركر وصديقاتها. وتحاول «كاري برادشو» في هذا الجزء أن تشفى من وفاة زوجها من خلال البحث عن الحب إلى جانب معجب قديم.