قصة 400 كيلومتر على طريق الحج يسردها 26 عملاً فنياً

معرض «المحطات» يروي ذكريات العابرين وتجاربهم

عمل يتناول القصص المنسية لمحطات الوقود القديمة (الشرق الأوسط)
عمل يتناول القصص المنسية لمحطات الوقود القديمة (الشرق الأوسط)
TT

قصة 400 كيلومتر على طريق الحج يسردها 26 عملاً فنياً

عمل يتناول القصص المنسية لمحطات الوقود القديمة (الشرق الأوسط)
عمل يتناول القصص المنسية لمحطات الوقود القديمة (الشرق الأوسط)

طريق الهجرة السريعة التي تربط مكة المكرمة بالمدينة المنورة ليست مجرد طريق يسلكها الآلاف يومياً، وفق الفنان شاكر سمرقندي، الذي يرى أنه على مدى سنوات، علق على هذه الطريق كثير من الذكريات في وجدان عابريها. هي معبر رئيسيّ بين الحرمين الشريفين، يقصدها الحجاج والمعتمرون، ما ألهمه سرد قصتها عبر 26 عملاً فنياً يقدّمها في معرضه «المحطات» الذي يُفتتح اليوم (الخميس) في المدينة المنورة.

التركيز على محطات الوقود في مضامين هذه الأعمال يأتي لكونها العلامة الفارقة على الطريق السريعة، وزاد المركبات وحيّز توقّف المسافرين، وهو ما ألهم الفنان توثيقها بشكل معاصر، ما بين صور فوتوغرافية وأعمال فيديو وصناديق ضوئية، في المعرض الذي ينظمه «مركز المدينة للفنون»، بإشراف «نماء المنورة» وبدعم «الصندوق الثقافي».

يضيء المعرض على عملية التطوير الشامل في السعودية، التي طالت أحد أهم الطرق التاريخية، ما يجعل «المحطات» أشبه بمحاولة لعرض التأثير الإنساني للجهود التطويرية عندما تمتزج مفاهيم غير ملموسة مثل الجمال والراحة، بمفاهيم أكثر عملية مثل تحديث القيم الاجتماعية والاقتصادية للأماكن بشكل مستدام.

طريق الحج والعمرة

يُخبر سمرقندي «الشرق الأوسط» قصة نحو 400 كيلومتر، فيقول إنه «لا يمكن اختزالها بطريق سفر جاهزة لمرور آلاف المركبات يومياً، إذ تكمن في تفاصيل دقيقة ربما عاشتها أجيال سابقة»، مضيفاً: «على جانبَي هذه الطريق محطات وقود واستراحات للحجاج والمعتمرين والمسافرين بين المدينتين المقدّستين، ومن هنا استلهمتُ فكرة المعرض لتروي شيئاً من هذه الذكريات أمام الزوار. ربما عاش كثيرون هذه التفاصيل التي كانت حينها في الذاكرة».

عمل يُوثق مضخات الوقود القديمة (الشرق الأوسط)

عن الزمن الذي استغرقه لالتقاط هذه الأعمال، يجيب: «مررتُ على أكثر من 20 محطة، واستغرقت مدة التصوير وجمع المواد من المحطات نحو 8 أشهر»، متناولاً ما استوقفه خلال رحلته: «هذه الطريق سلكها القادمون من الخارج لأداء فريضة الحج أو شعيرة العمرة، وكذلك زوار الداخل. في اعتقادي أنّ طريق الهجرة هي من أهم الطرق التي يعبرها معظم المسلمين عند زيارتهم الأراضي المقدّسة».

كنز حضاري

ويؤكد الفنان أنّ هذه الطريق ليست مجرد مسار للسيارات، بل «هي كنز حضاري يرسم ملامح من ذاكرة الماضي، حيث إن بعض المحطات تتميّز بالطابع المعماري الإسلامي الجميل والفريد في شكله وتصميمه. حاولتُ من خلال المعرض إظهار بعض القطع النادرة التي تعود بذاكرة الزائر إلى أعوام مضت».

أعمال شاكر سمرقندي لا تقتصر على محطات الوقود فحسب، بل تتنقل بين الاستراحات والمقاهي المنتشرة على الطريق السريعة ومتاجر البقالة الصغيرة، فيقول: «ثمة مضامين عدّة لا بدّ أن تُروى بكونها تشكل حيّزاً من الذكريات، بما فيها مضخات الوقود القديمة بعدّادها البسيط قبل التطوّر الإلكتروني، وغيرها كثير جدير بأن يُحكى للجيل الحالي».

قصص العابرين

ينطلق المعرض بحضور نخبة من الفنانين والمهتمين بالفنون البصرية، بدعم «مركز الفنون المعاصرة» تحت رعاية أمير منطقة المدينة المنورة فيصل بن سلمان. وهو متاح للزوار لخوض رحلة مع الذكريات والاطلاع على 26 قطعة مرتبطة بمحطات الطريق السريعة، من الخامسة حتى التاسعة مساء، على أن يستمر حتى منتصف أغسطس (آب) المقبل.

يحاول «المحطات» أن ينقل للزوار تجربة العابرين بين المدينتين المقدّستين من الحجاج والمعتمرين، والمشاهد البصرية الفريدة للطرق والمحطات حتى تلك المهجورة، حيث لا تزال تتيح للمارين فرصة للراحة على الطريق الطويلة، بعد توقف أشغالها المتعلقة بإمدادات الوقود.

الفنان يظهر التطوير الشامل لطريق الهجرة السريعة (الشرق الأوسط)

يُذكر أنّ شاكر سمرقندي (مواليد عام 1982)، أحد أبناء المدينة المنورة، هو فنان معاصر ومصوّر فوتوغرافي، كما أنه صانع أفلام قصيرة في «هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة»، ورئيس نادي التصوير الضوئي والوسائط بـ«مركز المدينة للفنون».

عن تجربته، يقول: «قادني الشغف والهوية إلى التصوير لإظهار كل ما هو جميل. الصورة ليست التقاط عدسة كاميرا لجزء من الزمن، بل هي توصيف للحظة عاشها أحدهم، وتأريخها؛ وهي ربط زمني بين الماضي والحاضر. كانت بدايتي في التصوير صعبة، قبل أن أستوعب الواقع وأدرك أنّ عالم الفنون واسع وعميق».


مقالات ذات صلة

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

الخليج الأمير سعود بن مشعل أكد ضرورة تكثيف التنسيق بين كافة القطاعات لتهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

نحو تهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات وتسهيل طرق الحصول عليها وتحسين المرافق التي تحتضن هذه الشعيرة العظيمة، أعلنت السعودية عن بدء التخطيط الزمني لحج 1446هـ.

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)

مصر تلغي تراخيص شركات سياحية «متورطة» في تسفير حجاج «غير نظاميين»

ألغت وزارة السياحة والآثار المصرية تراخيص 36 شركة سياحة، على خلفية تورطها في تسفير حجاج «غير نظاميين» إلى السعودية.

أحمد عدلي (القاهرة)
الخليج 7700 رحلة جوية عبر 6 مطارات نقلت حجاج الخارج إلى السعودية لأداء فريضة الحج (واس)

السعودية تودّع آخر طلائع الحجاج عبر مطار المدينة المنورة

غادر أراضي السعودية، الأحد، آخر فوج من حجاج العام الهجري المنصرم 1445هـ، على «الخطوط السعودية» من مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة للطرفين عقب توقيع الاتفاقية (مجموعة السعودية)

«مجموعة السعودية» توقّع صفقة لشراء 100 طائرة كهربائية

وقّعت «مجموعة السعودية» مع شركة «ليليوم» الألمانية، المتخصصة في صناعة «التاكسي الطائر»، صفقة لشراء 100 مركبة طائرة كهربائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الثوب الأغلى في العالم بحلته الجديدة يكسو الكعبة المشرفة في المسجد الحرام بمكة المكرمة (هيئة العناية بشؤون الحرمين)

«الكعبة المشرفة» تتزين بالثوب الأنفس في العالم بحلته الجديدة

ارتدت الكعبة المشرفة ثوبها الجديد، الأحد، جرياً على العادة السنوية من كل عام هجري على يد 159 صانعاً وحرفياً سعودياً مدربين ومؤهلين علمياً وعملياً.

إبراهيم القرشي (جدة)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
TT

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

تُثابر أليس مغبغب منظمة مهرجان «بيروت للأفلام الفنية» (باف) على تجاوز أي مصاعب تواجهها لتنظيم هذا الحدث السنوي، فترفض الاستسلام أمام أوضاع مضطربة ونشوب حرب في لبنان. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «علينا الانتصاب دائماً ومواجهة كل من يرغب في تشويه لبنان الثقافة. نعلو فوق جراحنا ونسير بثباتٍ للحفاظ على نبض وطن عُرف بمنارة الشرق. كان علينا أن نتحرّك وننفض عنّا غبار الحرب. ندرك أن مهمتنا صعبة، ولكننا لن نستسلم ما دمنا نتنفس».

الصورة وأهميتها في معرض العراقي لطيف الآني (المهرجان)

انطلقت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي فعاليات مهرجان «بيروت للأفلام الفنية»، ويحمل في نسخته العاشرة عنوان «أوقفوا الحرب»، وتستمر لغاية 6 ديسمبر (كانون الأول). يعرض المهرجان 25 فيلماً، ويقيم معرض صور فوتوغرافية. ويأتي هذا الحدث بالتوازي مع الذكرى الـ50 للحرب الأهلية اللبنانية، وتجري عروضه في المكتبة الشرقية في بيروت.

وتتابع مغبغب: «رغبنا في لعب دورنا على أكمل وجه. صحيح أن كل شيء حولنا يتكسّر ويُدمّر بفعل حرب قاسية، بيد أننا قررنا المواجهة والمقاومة على طريقتنا».

تقع أهمية النسخة الـ10 بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية. ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها. فأُطلق في 25 نوفمبر معرض هادي زكاك عن صالات السينما في مدينة طرابلس، يحمل عنوان «سينما طرابلس والذاكرة الجماعية»، وذلك في المكتبة الشرقية في العاصمة بيروت. ويسلّط المعرض الضوء على هذه المدينة الثقافية بأسلوبه. كما عرض المهرجان في اليوم نفسه الوثائقي «أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي. وقد نال عنه مؤخراً جائزة لجنة التحكيم الكبرى في الدورة الـ24 لمهرجان السينما الأثرية (FICAB) في مدينة بيداسوا الإسبانية.

يُختتم المهرجان بالفيلم اللبناني «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»

وفي السابعة مساءً، اختُتم أول أيام الافتتاح بعرض المهرجان لفيلم هادي زكاك «سيلّما»، ويوثّق فيه سيرة صالات السينما في طرابلس، يومَ كانت السينما نجمة شعبيّة في المدينة الشماليّة.

وكما بداية المهرجان كذلك ختامه يحمل النفحة اللبنانية، فيعرض في 6 ديسمبر (كانون الأول) فيلم فيروز سرحال «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»، وذلك في الذكرى الـ30 لرحيله. في الفيلم زيارة أماكن عدّة شهدت على حياة بغدادي وأعماله، والتقاء بالمقربين منه لتمضية يوم كامل معهم في بيروت، حيث يسترجعون مسيرة بغدادي المهنية في ذكريات وصور.

وتشير مغبغب، في سياق حديثها، إلى أن المهرجان ولّد حالة سينمائية استقطبت على مدى نسخاته العشر صنّاع أفلام عرب وأجانب. وتضيف: «تكثر حالياً الإنتاجات الوثائقية السينمائية. في الماضي كانت تقتصر على إنتاجات تلفزيونية، توسّعت اليوم وصار مهرجان (باف) خير عنوان لعرضها».

فيلم فؤاد خوري يُوثّق الحرب اللبنانية (المهرجان)

ومن النشاطات التي تصبّ في تعزيز الصورة الفوتوغرافية أيضاً، معرضٌ للعراقي لطيف الآني، يحكي قصة العراق منذ 50 سنة ماضية، ينقل معالمه ويومياته كما لم نعرفها من قبل. وتعلّق مغبغب: «أهمية الصورة الفوتوغرافية تأتي من حفاظها على الذاكرة. ولذلك سنشاهد أيضاً فيلم فؤاد خوري عن ذاكرة الحرب اللبنانية».

ويغوص فيلم خوري في مسار هذا الفنان الذي أخذ دور موثّق الحرب، والشاهد على النّزاعات في الشرق الأوسط.

مغبغب التي تأمل بأن تجول بالمهرجان في مناطق لبنانية بينها بعلبك وصور، تقول: «الناس متعطشة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الموضوعات الفنية. إنها تشكّل لهم متنفساً ليتخلصوا من همومهم ولو لبرهة. وهذه الأفلام الواقعية والموثقة بكاميرات مخرجين كُثر، تجذبهم بموضوعاتها الاجتماعية والجمالية».

تقول أليس مغبغب إن عملها في المهرجان كشف لها عدد أصدقاء لبنان من دول أجنبية وعربية. ولذلك نتابع عروضاً لأفلام أجنبية من بينها مشاركة من إنجلترا بعد غياب عن المهرجان لـ4 سنوات. وسيُعرض بالمناسبة «الرجل المقاوم» و«شكسبيرز ماكبث» ثاني أيام المهرجان في 26 نوفمبر.

ويُخصّص «بيروت للأفلام الفنية» أيام عرضٍ خاصة ببلدان أجنبية، من بينها الإيطالي والبلجيكي والسويسري والبرازيلي والإسباني والألماني.

«أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي (المهرجان)

ويبرز فيلما «لاماتوري» و«أخضر على رمادي» للإيطاليين ماريا موتي وإميليا أمباسز في المهرجان. وفي ذكرى مئوية الفن السوريالي تشارك إسبانيا من خلال المخرجَين بالوما زاباتا وكانتين ديبيو، فيُعرض «لا سينغالا» و«دالي»، ويُعدّ هذا الأخير من أهم الأفلام الوثائقية عن الفنان الإسباني الراحل والشهير.

وفي 5 ديسمبر (كانون الأول) سيُعرض فيلم خاص بالمكتبة الشرقية مستضيفة المهرجان. وتوضح مغبغب: «عنوانه (المكتبة الشرقية إن حكت) من إخراج بهيج حجيج، ويتناول عرَاقة هذه المكتبة وما تحويه من كنوز ثقافية».

ومن الأفلام الأجنبية الأخرى المعروضة «إيما بوفاري» وهو من إنتاج ألماني، ويتضمن عرض باليه للألماني كريستيان سبوك مصمم الرقص الشهير، وهو يقود فرقة «ستانس باليه» المعروفة في برلين.

وفي فيلم «جاكوميتي» للسويسرية سوزانا فانزون تتساءل هل يمكن لمكانٍ ما أن يكون مصدر موهبة عائلة بأسرها. وتحت عنوان «من الخيط إلى الحبكة» يتناول مخرجه البلجيكي جوليان ديفو، فنّ النّسيج وما تبقّى منه حتى اليوم، فينقلنا إلى مصانع بروكسل وغوبلان مروراً بغوادا لاخارا في المكسيك.