عادة لا تكون استضافة الدودة الشريطية الطفيلية حالة مرغوبة؛ لكن حياة النملة المصابة بها المعروفة باسم Temnothorax nylanderi مختلفة. لنفترض أن نملة من هذا النوع تقضم بعض فضلات نقار الخشب كيرقة صغيرة من أجل الدودة الشريطية (Anomotaenia brevis). قد ينتهي بها الأمر إلى العيش ثلاث مرات أطول من أعمار أقرانها، إذ سيقوم النمل غير المصاب بهذه الدودة بالأعمال المنزلية ويحمل النمل الآخر ويطعمه ويعتني به لبقية أيامه. أما النمل المدلل فبالكاد يترك بيته. والآن توصل فريق من الباحثين بقيادة عالمة الحشرات سوزان فويتزيك بجامعة جوهانس جوتنبرغ بألمانيا إلى تفسير محتمل لنمط غريب تفتح خلاله الدودة الشريطية متجرًا بأمعاء النملة. إذ يبدو أنها تضخ مضادات الأكسدة والبروتينات الأخرى بمجرى دم هذا الكائن.
ولا يزال من غير الواضح ما هي الآثار الصحية لهذه البروتينات الخاصة. لكن هناك فرصة حقيقية لأن تكون جزءًا يساعد النمل المصاب على البقاء شابًا ويافعا، وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» العلمي عن «bioRxiv».
ففي دورة حياة الدودة الشريطية Anomotaenia، لا تكون النملة موطنها النهائي. حيث تحدث حالتها الإنجابية البالغة بجسم نقار الخشب، ما يعني أن للطفيلي مصلحة في الحفاظ على مضيفه المؤقت شابًا وممتلئًا وشهيًا. بهذه الطريقة، قد يصبح فطورًا للطيور بمجرد أن يكبر. لكن ما يحدث لمستعمرة النمل ليس مصدر قلق الطفيلي طالما أن النمل المصاب يعيش حتى يصل لنقار الخشب.
وفي عام 2021، اكتشفت فويتسيك وبعض زملائها الآخرين في ألمانيا أنه في حين أن نمل تيمنوثوراكس المصاب بالديدان الشريطية يعيش حياة هادئة، فإن غير المصابين في المستعمرة يدفعون ثمن كسل أقرانهم؛ هذا النمل العامل المثقل بأعباء رعاية أقرانه المصابين، مات قبل ذلك بكثير. وعلى الرغم من أنه لا النمل المصاب ولا القائمون على رعايته يظهرون أي مؤشرات فسيولوجية للإجهاد، فإن العمال أعطوا ملكاتهم رعاية أقل حبًا لأنهم يميلون للمصابين، ما قد يسبب مشكلة للمستعمرة.
وفي دراستهم الجديدة؛ التي لم تتم مراجعتها بعد من قبل الأقران، قارن الباحثون مرة أخرى النمل المصاب وغير المصاب؛ وهذه المرة بالنظر إلى مستويات البروتين في الدم لمف للنمل (ما يعادل مجرى دم اللافقاريات). فوجدوا أن بروتينات الدودة الشريطية تمثل «جزءًا كبيرًا» من تلك التي تتدفق عبر الدم لمف للفرد، بينها اثنان من أكثرها وفرة هما مضادات الأكسدة.
يمكن لبعض البروتينات الأخرى أن تفسر سبب معاملة النمل المصاب على الرغم من أن العديد منها لا يمكن التعرف عليه، وليس له مثيل معروف في الكائنات الحية الأخرى.
جدير بالذكر، يوجد بروتين واحد يسمى فيتيلوجينين؛ مثل A الموجود عند مستويات عالية لدى النمل المصاب لا ينتج عن طريق الطفيلي ولكن بواسطة النملة نفسها. فمن المعروف أنه ينظم تقسيم العمل والتكاثر في مجتمعات النمل. ونتيجة لذلك، يعتقد الباحثون أن هذا البروتين قد يؤثر بطريقة ما على سلوك النمل بحيث يخدع النمل الآخر؛ غير ان الأمر الذي لا يزال غير واضح هو ما إذا كانت الدودة الشريطية تتلاعب بنشاط في التعبير الجيني لبروتينات النمل مثل فيتيلوجينين كفيتامين (أ) أم أنها ناتجة عرضية للعدوى الطفيلية.
ويذهب الفريق الى انه «نظرًا لأن الاختلافات الطبقية في الحشرات الاجتماعية لا ترجع عادةً إلى الاختلافات الجينية ولكن يتم التحكم فيها عن طريق التعبير الجيني التفاضلي، فإن اختطاف المسارات التنظيمية الموجودة مسبقًا والتي تجعل النملة أكثر شبهاً بالملكة قد يكون استراتيجية أنيقة من وجهة نظر الطفيلي». وقد خلص الباحثون الى القول «ان إثبات أن طفيليًا يتلاعب بجسم نملة دون أخرى يتصرف ردًا على غاز سيكون أمرًا صعبًا للغاية، إن لم يكن مستحيلًا؛ لذا فإن هذا المسار المحتمل للتلاعب يجب أن يُفسر بحذر».
ويخطط الفريق الألماني لمواصلة دراسة بروتينات الطفيل من أجل فهم أفضل لكيفية تأثيره على سلوك النمل ومظهره وطول عمره.