طفيلي يضاعف أعمار النمل ثلاثة أمثال!

طفيلي يضاعف أعمار النمل ثلاثة أمثال!
TT
20

طفيلي يضاعف أعمار النمل ثلاثة أمثال!

طفيلي يضاعف أعمار النمل ثلاثة أمثال!

عادة لا تكون استضافة الدودة الشريطية الطفيلية حالة مرغوبة؛ لكن حياة النملة المصابة بها المعروفة باسم Temnothorax nylanderi مختلفة. لنفترض أن نملة من هذا النوع تقضم بعض فضلات نقار الخشب كيرقة صغيرة من أجل الدودة الشريطية (Anomotaenia brevis). قد ينتهي بها الأمر إلى العيش ثلاث مرات أطول من أعمار أقرانها، إذ سيقوم النمل غير المصاب بهذه الدودة بالأعمال المنزلية ويحمل النمل الآخر ويطعمه ويعتني به لبقية أيامه. أما النمل المدلل فبالكاد يترك بيته. والآن توصل فريق من الباحثين بقيادة عالمة الحشرات سوزان فويتزيك بجامعة جوهانس جوتنبرغ بألمانيا إلى تفسير محتمل لنمط غريب تفتح خلاله الدودة الشريطية متجرًا بأمعاء النملة. إذ يبدو أنها تضخ مضادات الأكسدة والبروتينات الأخرى بمجرى دم هذا الكائن.

ولا يزال من غير الواضح ما هي الآثار الصحية لهذه البروتينات الخاصة. لكن هناك فرصة حقيقية لأن تكون جزءًا يساعد النمل المصاب على البقاء شابًا ويافعا، وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» العلمي عن «bioRxiv».

ففي دورة حياة الدودة الشريطية Anomotaenia، لا تكون النملة موطنها النهائي. حيث تحدث حالتها الإنجابية البالغة بجسم نقار الخشب، ما يعني أن للطفيلي مصلحة في الحفاظ على مضيفه المؤقت شابًا وممتلئًا وشهيًا. بهذه الطريقة، قد يصبح فطورًا للطيور بمجرد أن يكبر. لكن ما يحدث لمستعمرة النمل ليس مصدر قلق الطفيلي طالما أن النمل المصاب يعيش حتى يصل لنقار الخشب.

وفي عام 2021، اكتشفت فويتسيك وبعض زملائها الآخرين في ألمانيا أنه في حين أن نمل تيمنوثوراكس المصاب بالديدان الشريطية يعيش حياة هادئة، فإن غير المصابين في المستعمرة يدفعون ثمن كسل أقرانهم؛ هذا النمل العامل المثقل بأعباء رعاية أقرانه المصابين، مات قبل ذلك بكثير. وعلى الرغم من أنه لا النمل المصاب ولا القائمون على رعايته يظهرون أي مؤشرات فسيولوجية للإجهاد، فإن العمال أعطوا ملكاتهم رعاية أقل حبًا لأنهم يميلون للمصابين، ما قد يسبب مشكلة للمستعمرة.

وفي دراستهم الجديدة؛ التي لم تتم مراجعتها بعد من قبل الأقران، قارن الباحثون مرة أخرى النمل المصاب وغير المصاب؛ وهذه المرة بالنظر إلى مستويات البروتين في الدم لمف للنمل (ما يعادل مجرى دم اللافقاريات). فوجدوا أن بروتينات الدودة الشريطية تمثل «جزءًا كبيرًا» من تلك التي تتدفق عبر الدم لمف للفرد، بينها اثنان من أكثرها وفرة هما مضادات الأكسدة.

يمكن لبعض البروتينات الأخرى أن تفسر سبب معاملة النمل المصاب على الرغم من أن العديد منها لا يمكن التعرف عليه، وليس له مثيل معروف في الكائنات الحية الأخرى.

جدير بالذكر، يوجد بروتين واحد يسمى فيتيلوجينين؛ مثل A الموجود عند مستويات عالية لدى النمل المصاب لا ينتج عن طريق الطفيلي ولكن بواسطة النملة نفسها. فمن المعروف أنه ينظم تقسيم العمل والتكاثر في مجتمعات النمل. ونتيجة لذلك، يعتقد الباحثون أن هذا البروتين قد يؤثر بطريقة ما على سلوك النمل بحيث يخدع النمل الآخر؛ غير ان الأمر الذي لا يزال غير واضح هو ما إذا كانت الدودة الشريطية تتلاعب بنشاط في التعبير الجيني لبروتينات النمل مثل فيتيلوجينين كفيتامين (أ) أم أنها ناتجة عرضية للعدوى الطفيلية.

ويذهب الفريق الى انه «نظرًا لأن الاختلافات الطبقية في الحشرات الاجتماعية لا ترجع عادةً إلى الاختلافات الجينية ولكن يتم التحكم فيها عن طريق التعبير الجيني التفاضلي، فإن اختطاف المسارات التنظيمية الموجودة مسبقًا والتي تجعل النملة أكثر شبهاً بالملكة قد يكون استراتيجية أنيقة من وجهة نظر الطفيلي». وقد خلص الباحثون الى القول «ان إثبات أن طفيليًا يتلاعب بجسم نملة دون أخرى يتصرف ردًا على غاز سيكون أمرًا صعبًا للغاية، إن لم يكن مستحيلًا؛ لذا فإن هذا المسار المحتمل للتلاعب يجب أن يُفسر بحذر».

ويخطط الفريق الألماني لمواصلة دراسة بروتينات الطفيل من أجل فهم أفضل لكيفية تأثيره على سلوك النمل ومظهره وطول عمره.


مقالات ذات صلة

الفيلة الأفريقية «بوبي» حرّة بعد 30 عاماً في الأَسر

يوميات الشرق «بوبي» تُمنَح فرصة العيش اللائق (رويترز)

الفيلة الأفريقية «بوبي» حرّة بعد 30 عاماً في الأَسر

داخل صندوقٍ حديدي خاص مثبت على شاحنة ومُحاط بسيارات مليئة بالمرافقين والأطباء البيطريين، كانت «بوبي»، أنثى فيل أفريقية، في طريقها إلى حياة أفضل.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس)
يوميات الشرق الغرابة المُتاجَر بها (الحرس المدني في وزارة الداخلية)

اعتقال زوجين يُربّيان قططاً نادرة للبيع في إسبانيا

قبضت السلطات الإسبانية على زوجين يُشتبه في بيعهما قططاً غريبة عبر الإنترنت، بما فيها أنواع محميّة مثل النمور البيضاء، والفهود، والنمور المرقَّطة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة من مقطع فيديو يُظهر الفيلة وهي تتجمع في حديقة حيوان «سفاري سان دييغو» وتشكّل «حلقة إنذار» لحماية صغارها مع وقوع زلزال بقوة 5.2 درجة في إسكونديدو (رويترز)

شاهد... أفيال تشكّل دائرة لحماية صغارها خلال زلزال كاليفورنيا

انطلق قطيع من الفيلة في حديقة حيوانات «سفاري سان دييغو» لحماية صغاره مع اهتزاز الأرض جراء زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر، ضرب جنوب ولاية كاليفورنيا.

«الشرق الأوسط» (سان دييغو)
يوميات الشرق الغوريلا فاتو تجلس إلى جانب سلة من الفاكهة والخضراوات (إ.ب.أ)

بسلَّة هدايا... أكبر غوريلا في العالم تحتفل بعيدها الـ68 (صور)

تستعد فاتو، أكبر غوريلا تعيش في حديقة حيوان بالعالم، للاحتفال بعيد ميلادها الثامن والستين بكل بهجة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
صحتك توانا لوني المرأة الخمسينية المتحدرة من ألاباما التي خضعت لعملية زرع كلية خنزير معدلة وراثياً (أ.ب)

بعد 4 أشهر من عملية الزرع... استئصال كلية خنزير لدى مريضة أميركية

استأصلت امرأة أميركية كلية خنزير كانت زرعت لها قبل أكثر من أربعة أشهر، وهي مدة قياسية، لأنّ جسمها بدأ يرفض العضو، على ما أعلن المستشفى الذي أجرى العملية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«لوكس ماكسينغ»... نصائح جمالية للرجال تنتشر بكثافة عبر الإنترنت رغم خطورتها

مقطع فيديو لمؤثر «تيك توك» ذكر يضرب عظام وجنتيه بمطرقة في لوس أنجليس (أ.ف.ب)
مقطع فيديو لمؤثر «تيك توك» ذكر يضرب عظام وجنتيه بمطرقة في لوس أنجليس (أ.ف.ب)
TT
20

«لوكس ماكسينغ»... نصائح جمالية للرجال تنتشر بكثافة عبر الإنترنت رغم خطورتها

مقطع فيديو لمؤثر «تيك توك» ذكر يضرب عظام وجنتيه بمطرقة في لوس أنجليس (أ.ف.ب)
مقطع فيديو لمؤثر «تيك توك» ذكر يضرب عظام وجنتيه بمطرقة في لوس أنجليس (أ.ف.ب)

يضرب شاب بمطرقة عظم وجنتيه محاولاً إعادة تشكيل وجهه... يروّج بعض المؤثرين عبر منصة «تيك توك» لممارسات غير مثبتة علمياً، وخطرة، على أنها أساليب للتشجيع على شكل مفترض للجمال الذكوري.

يشكل ما يُعرف بـ«لوكس ماكسينغ looksmaxxing» (أي تحسين المظهر لأقصى حد) جزءاً من «العالم الذكوري» على الإنترنت، وهو خطاب ذكوري يتسم بالعدائية، وأحياناً بالعنف تجاه النساء، يتطور عبر وسائل التواصل الاجتماعي منذ سنوات، ويستهدف الشباب الذين يرون في الصور الذكورية النمطية مثالاً يُحتذى به.

من «تيك توك» إلى «إنستغرام»، مروراً بـ«يوتيوب»، يقدم هؤلاء المؤثرون نصائح للحصول على شفاه أكثر امتلاء، أو ذقن، أو حتى أرجل أطول، وغالباً ما يجعلون نصائحهم مدرّة للأموال من خلال الإعلانات. وفي بعض الأحيان يشجعون أيضاً على استخدام مركّبات الستيرويد، وإجراء عمليات تجميل، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

في أحد مقاطع الفيديو، يضرب رجل عظمة وجنتيه بالجانب المسطح من مطرقة، مؤكداً أنّ هذه الممارسة هي جزء من «روتينه للعناية بالبشرة»، وهو مصطلح منتشر بكثافة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويستهدف عموماً النساء الشابات.

تشير عشرات من التعليقات أسفل مقطع الفيديو إلى أن هذه التقنية خطرة، لكنّ آخرين يؤكدون أنها تساعد في الحصول على فك يميل شكله إلى المربّع.

اختبار أسنان صفراء اللون من فيديو «تيك توك» يُعرض على هاتف ذكي في حمام بجوار زجاجة بيروكسيد الهيدروجين في لوس أنجليس (أ.ف.ب)
اختبار أسنان صفراء اللون من فيديو «تيك توك» يُعرض على هاتف ذكي في حمام بجوار زجاجة بيروكسيد الهيدروجين في لوس أنجليس (أ.ف.ب)

وفي محتوى يندرج أيضاً ضمن «لوكس ماكسينغ»، يقول التيك توكر ديلون لاثام لمتابعيه البالغ عددهم 1.7 مليون شخص إن بإمكانهم تبييض أسنانهم عن طريق وضع بيروكسيد الهيدروجين باستخدام عود قطن.

ويؤكد أطباء أسنان أن الاستخدام المنتظم لهذا المنتج التجاري يمكن أن يؤدي إلى إتلاف مينا الأسنان، واللثة.

من بين النماذج الشهيرة في هذا المجتمع عارضا الأزياء: الأسترالي جوردان باريت، والأميركي شون أوبري.

- «مزيج سام»

يشير سيدهارث فينكاتاراماكريشنان من معهد الحوار الاستراتيجي «إنتيستيتوت فور ستراتيجك ديالوغ» إلى أن هذا الاتجاه مدعوم من «مؤثرين يروّجون لأجسام ووجوه مثالية»، في كثير من الأحيان من أجل الربح. ويقول: «إنّ ذلك يختلط مع كراهية النساء في العالم الذكوري، مما ينشئ مزيجاً ساماً».

ويضيف الخبير: «بشكل عام، يظهر ذلك أنّ معايير الجمال غير الصحية تؤثر أيضاً على الرجال».

وترجع جذور هذا الاتجاه أيضاً إلى «العزوبية اللاإرادية» (incel) للرجال الذين لا يحققون نجاحاً كبيراً مع النساء، ويبدأون في تغذية الكراهية تجاههنّ، أو تجاه النسوية التي يعتبرونها مسؤولة عن إخفاقاتهم.

وتقول أندا سوليا من كلية علم الإجرام والعدالة الجنائية في بورتسماوث في بريطانيا: «إنّ لوكس ماكسينغ هو في الواقع نسخة محدثة من العزوبية اللاإرادية على (تيك توك)».

يقدم هؤلاء المؤثرون نصائح للحصول على شفاه أكثر امتلاء أو ذقن أو حتى أرجل أطول وغالباً ما يجعلون نصائحهم مدرّة للأموال من خلال الإعلانات (أ.ف.ب)
يقدم هؤلاء المؤثرون نصائح للحصول على شفاه أكثر امتلاء أو ذقن أو حتى أرجل أطول وغالباً ما يجعلون نصائحهم مدرّة للأموال من خلال الإعلانات (أ.ف.ب)

وفي أبحاثها، توصلت إلى أنّ حسابات في «تيك توك» مرتبطة بهذا المنحى قادرة على التحايل على الحظر المفروض على خطاب الكراهية من خلال تبني مصطلحات أكثر قبولاً مثل «لوكس ماكسينغ»، والمتعلقة بتحسين الذات.

وتقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحاول حماية النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي، لكن يتعين علينا أيضاً أن نكون حذرين حيال الشباب الذكور».

وفي الوقت نفسه، يتطور أيضاً مصطلحا «جيم ماكسينغ» gymmaxxing الذي يشجع على بناء العضلات، و«ماني ماكسينغ» moneymaxxing الذي يركز على تحسين الوضع المالي للفرد، بهدف زيادة الرغبة الجنسية.

ويقول الخبراء إن الخوارزميات التي تسمح لهؤلاء المؤثرين بالوصول إلى ملايين الأشخاص قد تؤدي إلى مشكلات فعلية في العالم الحقيقي.

ويتمحور مسلسل بريطاني قصير بعنوان «أدوليسانس» («مراهق العائلة» بالتسمية العربية) حقق نجاحاً كبيراً عبر منصة «نتفليكس» حول هذا الموضوع، ويتناول قصة مراهق متهم بطعن تلميذة حتى الموت بعد أن شاهد محتوى مسيء للنساء عبر الإنترنت.

واكتشف باحثون من جامعة دبلن سيتي أنشأوا حسابات وهمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمراهقين في العام الماضي أنهم كانوا مستهدَفين بمحتوى ذكوري على «تيك توك» و«يوتيوب».