«حقبات» تايلور سويفت... من جولة موسيقية إلى ظاهرة اقتصادية واجتماعية

الفنانة الأميركية تايلور سويفت خلال جولتها الأميركية تحت عنوان «The Eras Tour» (أ ف ب)
الفنانة الأميركية تايلور سويفت خلال جولتها الأميركية تحت عنوان «The Eras Tour» (أ ف ب)
TT

«حقبات» تايلور سويفت... من جولة موسيقية إلى ظاهرة اقتصادية واجتماعية

الفنانة الأميركية تايلور سويفت خلال جولتها الأميركية تحت عنوان «The Eras Tour» (أ ف ب)
الفنانة الأميركية تايلور سويفت خلال جولتها الأميركية تحت عنوان «The Eras Tour» (أ ف ب)

أكثر ما يحب عشّاق تايلور سويفت فيها، أنها مهما سرقت الأضواء، فإن الأضواء لا تسرقها منهم. تسمّيهم الفنانة الأميركية «سويفتيز» (Swifties)، وتردّد ممازحة أنها درّبتهم على حبّها والولاء لها. تَعلُّقُهم بها ليس افتراضياً ولا يقتصر فحسب على الـ450 مليون حساباً الذين يتابعونها على «إنستغرام» و«تويتر» و«فيسبوك» و«تيك توك». وما الإقبال غير المسبوق على جولتها الموسيقية الأميركية سوى تأكيدٍ على ذلك.

أطلقت المغنّية الثلاثينية على هذه الجولة عنوان «الحقبات» (The Eras Tour)، وأرادتها تحيةً لكل حقباتها الموسيقية منذ عام 2006، ولألبوماتها الـ10 بما فيها الألبوم الأحدث «Midnights». سرعان ما تحوّلت الجولة إلى اسمٍ على مسمّى وإلى حدثٍ فنّي تاريخي وإلى ظاهرة اجتماعية واقتصادية، تجني بفعلِها سويفت عن كل عرضٍ من العروض 10 ملايين دولار، وفق تقرير لـ«بلومبرغ».

إيرادات سويفت في الليلة الواحدة تفوق الـ10 ملايين دولار (إنستغرام)

جولة سويفت بالأرقام

انطلقت جولة سويفت في مارس (آذار) من ولاية أريزونا، ومن المتوقّع أن تكون محطتها الأخيرة كاليفورنيا في أغسطس (آب) المقبل. تتنقّل الفنانة بين 20 ولاية أميركية، حيث تُحيي 52 حفلاً في أضخم جولة موسيقية لها خلال مسيرتها.

على مَرّ الحفلات المتواصلة منذ 3 أشهر، تلتزم سويفت بمدّة عرض هي 3 ساعات وربع الساعة، وبتقديم 44 أغنية موزّعة على 10 فقرات أمام جمهور مؤلف من 70 ألف شخص كل ليلة. ولكلٍ من تلك الإطلالات الـ10 التي ترمز إلى «حقبات» سويفت، ديكوراتها ومؤثراتها وأزياؤها الخاصة.

منذ أعلنت سويفت عن مشروعها الضخم هذا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أنبأَ تهافُت الجمهور على شراء التذاكر بأن الحدث سيكون استثنائياً. تعطّل الموقع الإلكتروني الخاص بالحجوزات بسبب الإقبال الهائل، مما أثار حفيظة الـ14 مليون شخص الذين حاولوا الحصول على بطاقات في اليوم الأول على عرضها للبيع. كما تسبّب الأمر بجلبة كبيرة في الولايات المتحدة، وصلت أصداؤها إلى قاعات المحاكم وحتى إلى «الكونغرس».

أما بعد معالجة العطل وتعبير سويفت عن غضبها العارم ممّا حصل، فجرى بيع مليونَي و400 ألف تذكرة خلال يوم واحد؛ وهو رقم قياسي جعل منها الفنانة الأولى عالمياً في مبيع البطاقات خلال اليوم الأول لفتح شبّاك التذاكر.

في المقابل، اشتكى الجمهور من الأسعار الخيالية للبطاقات وقد وصل بعضها إلى 1500 دولار، فيما تراوح سعرها الوسطي ما بين 300 و700 دولار أميركي. ربما يبرّر منظّمو العرض تلك الأرقام المرتفعة، بالقول إنّ مَن يقصد حفل تايلور سويفت سيشاهد أحد العروض الموسيقية الأعلى كلفةً في التاريخ. فوفق الأرقام المتداولة، فاقت ميزانية جولة سويفت الـ100 مليون دولار.

من المرتقب أن تحيي سويفت 52 حفلاً ضمن جولته الأميركية (إنستغرام)

إبهار غير مسبوق

ما إن رُفعت الستارة عن أول عرض، الذي حضرَه 146 ألف شخص في ليلتَيه، حتى نسي الناس فضيحة بيع التذاكر وأسعارها الباهظة. يحيط بجولة سويفت إجماعٌ من قِبل النقّاد والجمهور على تَميّز كلٍ من العَرض والفنانة. لا يأتي انبهار الصحافة والمتفرّجين من مجرّد أن سويفت تطلّ بعد غياب وبملء طاقتها وجاذبيّتها لتؤدّي أجمل أغانيها، بل من ضخامة الإنتاج المستوحى من عروض برودواي، الذي استغرق الإعداد له عاماً ونصف.

يمضي العمّال ما بين أسبوعين و3 أسابيع في تركيب المسرح المؤلّف من 3 مسارح منفصلة. هو مجهّز بأجزاء متحرّكة وبشاشات عملاقة لبثّ المحتوى الرقمي والمؤثرات الخاصة، وتكمّله الألعاب النارية وعروض الليزر وعشرات الراقصين.

لا شيء اعتيادياً ولا متوقعاً خلال العرض الموسيقي الذي وصفه النقّاد بالخياليّ؛ في لحظة من اللحظات مثلاً، ترمي سويفت بنفسها داخل فتحة على أرض المسرح، لتظهر بعد ذلك داخل حوض سباحة زجاجي، ولتطلّ من جديد وبسرعة البرق بملابس جافّة مؤدّيةً أغنية «Lavender Haze». أما في فقرة «Folklore»، فيحتلّ المسرح كوخٌ خشبي يكسوه العشب، وتظهر سويفت على سطحه لتغنّي «Invisible String».

تأتي أزياء تايلور سويفت لتكمّل الإبهار، وهي تبدّل ملابسها أكثر من 12 مرة خلال العرض الواحد. ومن أبرز المصمّمين الذين اختارت إطلالاتها من بين مجموعاتهم، فيرساتشي، أوسار دي لا رينتا، إيلي صعب، زهير مراد، روبيرتو كافاللي، وغيرهم.

غناء تحت المطر

كثيرةٌ هي الإطلالات التي تقطع الأنفاس ضمن عرض تايلور سويفت، غير أن اللحظات الإنسانية العفويّة التي ترافق الجولة تُوازيها استثنائيةً. لن تنسى النجمة تلك الليلة في مدينة ناشفيل في ولاية تينيسي، حيث أمضت أكثر من 3 ساعات وهي تغنّي تحت المطر. ورغم التأخير الذي تسببت به العاصفة وخطر الانزلاق على الخشبة، فهي لم تختصر مدّة العرض الذي استمرّ إلى ما بعد الواحدة والنصف فجراً.

في ناشفيل، غنّت سويفت 3 ساعات تحت المطر (إنستغرام)

في ناشفيل كذلك، خفقت القلوب لمشهد أحد رجال الأمن وهو يغنّي متحمّساً برفقة سويفت، رغم أنه كان يدير ظهره للمسرح. وقد اتّضح لاحقاً أن الشاب دايفيس بيريغو تعمّد الحصول على وظيفة حارس في عروض سويفت، حتى تتسنّى له فرصة مشاهدتها عن قُرب.

يواكب "السويفتيز" حفلاتِ محبوبتهم بارتدائهم ملابس مستوحاة من إطلالاتها، وبتجهيز المدرّجات بصور عملاقة لها. حتى إن بعضهم شوهدَ وهو يصرخ في منتصف الحفل عارضاً عليها الزواج!

لا يبقى هتاف عشّاق سويفت من دون صدى، فهي تبادلهم الاهتمام وتستشرسُ في الدفاع عنهم مثلما حصل في فيلادلفيا، حيث توقفت عن الغناء لتوبّخ حارساً وتنهيه عن مضايقة إحدى الحاضرات المتحمّسات. ولاحقاً قدّمت لتلك المتفرّجة بطاقات لحضور حفل الليلة التالية.

على بعد شهرين من انتهاء جولة تايلور سويفت، بدأ يشكو عدد كبير ممّن حضروا حفلاتها، من نسيان ما حصل خلال العرض. وقد شرح علماء النفس أن فائض العواطف وعامل الوقت قد يقفان خلف عوارض "فقدان الذاكرة ما بعد الحفل". أما تايلور فستذكر حتماً كل تفصيل من الجولة التي أكدت من جديد، أنها سيدة الأرقام ورقم صعب في عالم الموسيقى والاستعراض.


مقالات ذات صلة

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

يوميات الشرق مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

«مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل».

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الوتر السادس أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})

أحمد سعد لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي الجديد يحقق كل طموحاتي

قال الفنان المصري أحمد سعد إن خطته الغنائية للعام المقبل، تشمل عدداً كبيراً من المفاجآت الكبرى لجمهوره بعد أن عاد مجدداً لزوجته علياء بسيوني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الوتر السادس الفنانة بشرى مع زوجها (حسابها على {فيسبوك})

بشرى لـ«الشرق الأوسط»: الغناء التجاري لا يناسبني

وصفت الفنانة المصرية بشرى الأغاني الرائجة حالياً بأنها «تجارية»، وقالت إن هذا النوع لا يناسبها

أحمد عدلي (القاهرة)

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
TT

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

نحو إثراء المشهد العالمي لفنون الوسائط الجديدة عبر تقديم وجوه إبداعية من المنطقة، تجمع بين الفن، والتكنولوجيا، والابتكار، افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل أبوابه رسمياً، اليوم (الثلاثاء)، بوصفه أول مركز مخصص لفنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، متخذاً من منطقة الدرعية التاريخية المسجّلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي موقعاً له.

ويأتي المركز في مبادرة تجمع بين وزارة الثقافة، وهيئة المتاحف، وشركة الدرعية في السعودية، في الوقت الذي انطلق ببرنامج متنوع يشمل أنشطة ومعارض فريدة ومبادرات تفاعلية مع الجمهور، مع التركيز على تمكين الفنانين والباحثين ومتخصصي التكنولوجيا من داخل المنطقة وخارجها، في بيئة إبداعية مجهزة بأحدث المختبرات والاستوديوهات الرقمية ومساحات العرض المبتكرة.

وقالت منى خزندار المستشارة في وزارة الثقافة السعودية إن «مركز الدرعية لفنون المستقبل يجسّد التزامنا بتطوير الإنتاج الفني المبتكر واحتضان أشكال جديدة من التعبير الإبداعي، فمن خلاله نسعى إلى تمكين الفنانين والباحثين ودعمهم لإنتاج أعمال بارزة والخروج بأصواتهم الإبداعية إلى الساحة العالمية».

وأشارت إلى أن المركز سيُوظّف مساحاته للتعاون والإبداع لترسيخ مكانة المملكة في ريادة المشهد الثقافي والتأكيد على رؤيتها في احتضان أشكال التعبير الفني محلياً وعالمياً.

من جانبه، بين الدكتور هيثم نوار مدير مركز الدرعية لفنون المستقبل أن افتتاح المركز يمثّل منعطفاً في السردية القائمة حول فنون الوسائط الجديدة، لكونه يخرج بالمرئيات والتصوّرات الإقليمية إلى منابر الحوار العالمية.

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

وقال: «إن المركز سيتجاوز حدود الإبداع المتعارف عليها نحو آفاق جديدة، وسيقدّم للعالم مساحة للابتكار والنقد الفني البنّاء عند تقاطع الفن والعلوم والتكنولوجيا».

وتتزامن انطلاقة مركز الدرعية لفنون المستقبل مع افتتاح معرضه الأول بعنوان «ينبغي للفنّ أن يكون اصطناعياً... آفاق الذكاء الاصطناعي في الفنون البصرية» خلال الفترة من 26 نوفمبر (تشرين ثاني) إلى 15 فبراير (شباط) المقبل، حيث يستكشف المعرض، الذي أشرف عليه القيّم الفني جيروم نوتر، تاريخ فن الحاسوب منذ نشأته في ستينات القرن الماضي وحتى يومنا الحاضر، من خلال أعمال فنية متنوعة تحمل توقيع أكثر من 30 فناناً إقليمياً وعالمياً.

وسيحظى الزوار بفرصة استكشاف أعمال من صنع قامات في الفن أمثال فريدر نايك (ألمانيا) وفيرا مولنار (هنغاريا/فرنسا) وغيرهما من المُبدعين في ميادين الابتكار المعاصر مثل رفيق أناضول (تركيا) وريوجي إيكيدا (اليابان).

وسيكون للفنانين السعوديين لولوة الحمود ومهند شونو وناصر بصمتهم الفريدة في المعرض، حيث يعرّفون الزوّار على إسهامات المملكة المتنامية في فنون الوسائط الجديدة والرقمية.

وبالتزامن مع الافتتاح، يُطلق المركز «برنامج الفنانين الناشئين في مجال فنون الوسائط الجديدة»، بالتعاون مع الاستوديو الوطني للفن المعاصر - لوفرينوا في فرنسا. ويهدف البرنامج، الذي يمتد لعام كامل، إلى دعم الفنانين الناشئين بالمعدات المتطورة والتوجيه والتمويل اللازمين لإبداع أعمال متعددة التخصصات.

وأعلن المركز عن برنامج «مزرعة» للإقامة الفنية، المخصص لفناني الوسائط الرقمية، في الفترة من فبراير (شباط) حتى أبريل (نيسان) 2025، ويهدف إلى استكشاف العلاقة بين الطبيعة والتكنولوجيا والمجتمع من خلال موارد المركز.

ويجسد مركز الدرعية لفنون المستقبل «رؤية السعودية 2030»، التي تسعى إلى تعزيز الابتكار، والتعاون العالمي، وترسيخ مكانة المملكة بوصفها وجهة رائدة في الاقتصاد الإبداعي العالمي.