«كان» ينطلق بفيلم فرنسي أسهمت السعودية في تمويله

«الشرق الأوسط» تتابع الدورة الـ 76 للمهرجان العريق

من «أسترويد سيتي» لويس أندرسن أحد أفلام المسابقة
من «أسترويد سيتي» لويس أندرسن أحد أفلام المسابقة
TT
20

«كان» ينطلق بفيلم فرنسي أسهمت السعودية في تمويله

من «أسترويد سيتي» لويس أندرسن أحد أفلام المسابقة
من «أسترويد سيتي» لويس أندرسن أحد أفلام المسابقة

في الساعة السابعة من مساء اليوم (الثلاثاء) ينطلق كل شيء.

ثمانية أشهر من التحضيرات والاتصالات والمتابعات تتقلص إلى هذا الوقت الذي سيبدأ فيه مهرجان «كان» العريق دورته الـ76.

الممثلة والمخرجة مايون
الممثلة والمخرجة مايون

التدابير الفنية والتقنية والإدارية والأمنية انتهت. الضيوف وصلوا أو في طريقهم للوصول. الأفلام جاهزة يتقدّمها الفيلم الذي اختير للافتتاح وهو «Jeanne du Barry» للممثلة المنقلبة إلى مخرجة (من دون أن تخسر مكانتها أمام الشاشة) مايون (تكتفي بكلمة واحدة لاسمها).

الفيلم فرنسي أسهمت السعودية في تمويله (عبر «مهرجان البحر الأحمر»)، واختياره في صدارة المهرجان العام الحالي لافتتاح الدورة به له أكثر من دلالة.

لقطة من «جين دو باري»
لقطة من «جين دو باري»

أولاها: أن السعودية تستطيع الآن، وبعد قفزات لم تتجاوز السنوات الأربع بعد، منذ صدور قرارات الحكومة بتعزيز الصناعة السينمائية عبر كل البوّابات المتاحة، أن تفخر بأن فيلماً شاركت في تمويله افتتح المهرجان، وانضم رسمياً إلى نادي الكبار في هذا التقليد.

ثانيتها: وعلى نحو موازٍ، يعد هذا إعلاناً للعالم بأن السينما السعودية موجودة وجاهزة، وهي أهل للاهتمام، خصوصاً بعد الإشادات الإعلامية التي واكبت هذا النشاط السينمائي السعودي في السنوات القليلة الماضية.

وعلى صعيد ثالث: يعد «جين دو باري» بأن يكون مجرد بداية لما تخطط له السعودية (عبر «هيئة الأفلام» الحكومية وجميع المؤسسات الأخرى). الخطط محفوظة لحينها، لكن العمل على الاستثمار في كافة شؤون السينما، وعلى مستوى الإنتاج المحلي والعالمي، وجذب المؤسسات الغربية للتصوير في المملكة جارٍ على قدم وساق، وباحترافية يمكن لدول أخرى التعلّم منها.

رحلة من القاع

«مشروع عمري» تقول المخرجة والممثلة مايون في مقابلة حديثة. سيرة حياة جين دو باري (1743 - 1793) التي كانت آخر عشيقات الملك لويس الخامس عشر. يحكي الفيلم عن سعيها الدؤوب لدخول الدور العلوي من المجتمع الفرنسي آنذاك رغم خلفيتها المتواضعة. وُلدت ابنة غير شرعية، وانتقلت مع أمها إلى باريس، حيث أخدت تتلقى دروساً في خدمة أحد أثرياء المدينة. وفي سن المراهقة تركت خدمتها تلك، وانتقلت إلى العمل بائعة جوّالة، ومن ثمّ مساعدة لمصمم شعر، وبعد ذلك أصبحت مرافقة لإحدى الكونتيسات (مدام ديغارد). تسبب ذلك في نزاع بين ولدي الكونتيسة ما دفع بها للاستغناء عنها.

ليس هناك الكثير مما هو معروف عن كيف انتقلت جين دوباري من وظائفها هذه إلى دخولها البلاط الفرنسي من أوسع أبوابه. لكن المؤكد أن جمالها الأخاذ سهّل لها الطريق، ولفت إليها أنظار الرجال بمن فيهم الملك لويس الخامس عشر، الذي حظيت بالتعرّف إليه، ومن ثَمّ مصاحبته خلال حفلة راقصة في قصر فرساي. جان - بابتيست دو باري (لا صلة قرابة)، رأى أنها من النفوذ بحيث تؤثر على الملك وقراراته.

بعد ذلك، في أواخر ثمانينات القرن الثامن عشر عندما انطلقت «الثورة الفرنسية»، سيقت جين إلى الإعدام بالمقصلة (شأنها شأن كثيرين من دوائر الحكم السابق) بتهمة أنها ساعدت البعض على الهرب.

ليس معروفاً ما الذي سيحكيه الفيلم من رحلة جين دو باري في الحياة، وإلى أي حد سيتطابق ما سيعرضه مع الواقع، وهذا لكون الفيلم لم يعرض على الصحافة في وقت مسبق). لكن الممثلة مايون (أو مايون لوبسكو، كما اسمها بالكامل) تعرف على الأرجح اغتنام الفرص والمناسبات لتقديم عمل ضخم كهذا بعد سلسلة من الأفلام التي نجحت في إثبات وجودها على الساحة الفرنسية.

وُلدت في عام 1976 من عائلة ذات فروع متعددة. جدها جزائري، والدها فيتنامي وأمها فرنسية. وهي تقول في الحوار نفسه إن طفولتها لم تكن سعيدة على الإطلاق: «عشت صغيرة مع أبي بعد طلاق والديَّ. كان يضربني لأقل سبب». وحين انتقلت للعيش مع والدتها استخدمت هي أيضاً العنف معها، وعبّرت عن ذلك في حوار لاحق مع الناقد غاي لودج قبل ثلاثة أعوام، حيث قالت: «والدتي هي سمّ في حياتي».

قبل ذلك الحوار كانت قد أخرجت فيلماً روت فيه جزءاً من طفولتها وحياتها. الفيلم «سامحني» الاسم الأصلي «Pardonmnez‪-‬moi». كان ذلك الفيلم أول أفلامها مخرجة وذلك سنة 2006. آنذاك كانت قد تطلّقت مرتين، وكان أحد زوجيها هو المخرج والمنتج لوك بيسون، حيث استمر زواجهما خمس سنوات.

 

أفلام أخرى

«جين دو باري» هو سابع أفلامها، وأربعة من هذه الأفلام عُرضت في دورات «كان» السابقة وهي «بوليس» (2011)، و«ملكي» (Mon Roi) (2015)، و(ADN) 2020، و«ترالالا» (2021).

يُعرض «جين دو باري» خارج المسابقة، أما أفلام المسابقة فتبدأ يوم الأربعاء بفيلمين هما Monster لكوري - إيدا هيروكازو (اليابان)، و«العودة» (Le Retour) لكاثرين كورسيني (فرنسا)، وMay December لتود هاينز (الولايات المتحدة)، كما Chun لوانغ بينغ (الصين).

ومن الأفلام الأخرى التي يتوقع لها أن تثير الحضور والإعلام وهواة السينما على حد سواء «أسترويد سيتي» للأميركي ويس أندرسن، و«كلوب زيرو» جسيكا هارزنر (النمسا، بريطانيا، ألمانيا)، و«فايربراند» لكريم عينوز (بريطانيا). إذن كل شيء هادئ بانتظار الافتتاح والوصول إلى المهرجان قبل يومين من بدايته، وعلى إثر حضور مهرجان حافل آخر، ولو على اختلاف كبير في الهويّة الثقافية وهو «مهرجان أفلام السعودية»، يعزز ذلك الترقّب، ويمنح الآتي إلى المدينة لحضور المهرجان للمرة الـ38 بعض الراحة قبل العاصفة.


مقالات ذات صلة

«الخلافات الفلسطينية» تخيّم على افتتاح «مالمو للسينما العربية»

يوميات الشرق جانب من حضور حفل افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)

«الخلافات الفلسطينية» تخيّم على افتتاح «مالمو للسينما العربية»

طال الانقسام الفلسطيني حفل افتتاح الدورة الـ15 من مهرجان «مالمو للسينما العربية».

أحمد عدلي (مالمو (السويد))
يوميات الشرق سمحت الرحلة لهما بالتعرّف إلى بعضهما البعض عن قرب (أنجي عبيد)

أنجي عبيد تُصالح المسافات.... من «يلّا بابا» إلى الذات

صوّرت أنجي الفيلم عام 2022، واستغرق نحو 3 أشهر، قطعت خلالها نحو 4 آلاف كيلومتر بالسيارة. ويتحدث العمل عن تغيّرات تسببت بها الحروب منذ 40 عاماً.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الفنانة المصرية ريهام حجاج (صفحتها على «فيسبوك»)

ريهام حجاج: انشغالي بالدراما أبعدني عن السينما

أعلنت الفنانة المصرية ريهام حجاج أنها ستخوض تجربة سينمائية جديدة قريباً؛ تعكف على قراءة السيناريو والتحضير لها، مؤكدة أن الدراما شغلتها وأبعدتها عن السينما.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق عرض أكثر من 18 فيلماً سعودياً خلال عام واحد (هيئة الأفلام)

شباك التذاكر السعودي: أكثر من 845 مليون ريال في عام واحد

نمو استثنائي كشفت عنه الأرقام الرسمية لأداء شباك التذاكر في السعودية لعام 2024.

يوميات الشرق فيلم «استنساخ» تناول تجربة حب بالذكاء الاصطناعي (الشركة المنتجة)

«استنساخ»… فيلم مصري يتناول قصة حب بالذكاء الاصطناعي

انطلاقاً من رؤية مستقبلية للذكاء الاصطناعي وتحكمه بأمور حياتية كثيرة، تدور أحداث الفيلم المصري «استنساخ» الذي يُعيد بطله سامح حسين إلى صالات العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )

معرض لبيكاسو من ابنته

بالوما بيكاسو مع إحدى لوحات والدها (نيويورك تايمز)
بالوما بيكاسو مع إحدى لوحات والدها (نيويورك تايمز)
TT
20

معرض لبيكاسو من ابنته

بالوما بيكاسو مع إحدى لوحات والدها (نيويورك تايمز)
بالوما بيكاسو مع إحدى لوحات والدها (نيويورك تايمز)

تتذكر بالوما بيكاسو، أصغر أبناء بابلو بيكاسو الأربعة، بوضوح جلوسها على أرضية مرسم والدها وهي ترسم على الورق بينما كان يعمل على حامل لوحاته. وقالت في مقابلة أجريت معها مؤخراً: «لأنني كنت فتاة صغيرة هادئة جداً، كنت قادرة على البقاء معه. كان يسمح لي بالبقاء بجانبه في أثناء قيامه بالرسم لأنني كنت أقضي ساعات دون أن أنبس ببنت شفة». وأضافت تقول: «كنت أعلم أنه لم يكن من المفترض بنا أن نلمس أي شيء. وكان يقول دائماً: يمكنك أن تلمسي بعينيك، ولكن ليس بيديك».

ساعدت بالوما بيكاسو الآن في تنظيم معرض لأعمال والدها في غاليري غاغوسيان بنيويورك. بعض القطع في المعرض كانت في حوزتها ولم يسبق أن شاهدها الجمهور من قبل. وقالت: «كانت الفكرة هي إقامة معرض لا يعتمد على التسلسل الزمني. وإنما ستكون الأعمال المختلفة وكأنها تتحدث إلى بعضها البعض».

يضم المعرض 6 رسومات و24 منحوتة و38 لوحة فنية (نيويورك تايمز)
يضم المعرض 6 رسومات و24 منحوتة و38 لوحة فنية (نيويورك تايمز)

يعدّ هذا المعرض «بيكاسو: وجهاً لوجه» دوراً غير معتاد لابنة بيكاسو، نظراً لأنها ركزت على مدى السنوات الـ45 الماضية على مجموعة مجوهراتها لدى شركة «تيفاني آند كو». وقد تولت منذ نحو عامين الإشراف على إدارة ممتلكات والدها بعد وفاة شقيقها كلود رويز بيكاسو.

في ظهيرة أحد الأيام الأخيرة في 980 جادة ماديسون بنيويورك تجولت بالوما بيكاسو في المعرض بينما كان يتم تركيب أعمال والدها. ومن بين أبرز الأعمال التي أشارت إليها لوحة بعنوان «امرأة تحمل مزهرية من نبات الهولي» (ماري تيريز)، وهي لوحة زيتية وفحم على قماش من عام 1937، والتي كانت تحتفظ بها في نيويورك ثم في سويسرا، حيث تعيش الآن. توقفت أيضاً أمام لوحة «المتجردة الجالسة على الكرسي»، وهي لوحة زيتية تعود لعام 1923 لزوجة بيكاسو الأولى، راقصة الباليه الروسية «أولغا خوخلوفا»، وهي جالسة على كرسي بذراعين، تبدو للوهلة الأولى وكأنها رسم خطي بسيط، ولكن بالوما بيكاسو قالت إنها في الواقع ذات طبقات متعددة. وأضافت: «إنها لوحة مؤثرة وأخاذة للغاية. يمكنك أن ترى أنها شخصية حقيقية جالسة هناك».

يضم المعرض ستة رسومات، و24 منحوتة، و38 لوحة فنية. ترجع هذه الأعمال في تاريخها إلى جميع مراحل مسيرة الفنان الممتدة من عام 1896 إلى عام 1972، وتُبرز النطاق الواسع لأعمال بيكاسو الفنية (تشير إلى والدها باسم «بابلو»).

يقول لاري غاغوسيان: «بعض هذه اللوحات مميزة حقاً، وهي أمثلة جميلة من فترات مختلفة - من لوحة ذاتية رائعة إلى لوحة ماري تيريز في وقت لاحق»، في إشارة إلى ملهمة بيكاسو وعشيقته ماري تيريز والتر، عارضة الأزياء الفرنسية. وأضاف: «إنه لأمر مثير للغاية أن نعرض أعمالاً لأشهر فنان عاش على الإطلاق، لم يتم عرضها من قبل».

غير معروض للبيع سوى عدد قليل من القطع الفنية، ولن يتم الكشف عن أسعارها علناً.

بعض القطع في المعرض كانت في حوزة بالوما بيكاسو ولم يسبق أن شاهدها الجمهور من قبل (نيويورك تايمز)
بعض القطع في المعرض كانت في حوزة بالوما بيكاسو ولم يسبق أن شاهدها الجمهور من قبل (نيويورك تايمز)

وقالت بالوما بيكاسو إنها تهدف إلى إبراز سمات والدها المتعددة من خلال الأعمال الفنية. وأضافت تقول: «يمكن أن تكون رقيقة وقوية في آن واحد. إنها كل الأمور التي تجعل من بيكاسو ما هو عليه. أعتقد أننا نوفّيه حقه هنا»

تتألق بالوما بيكاسو، في السادسة والسبعين من عمرها، بأناقة وملكية، وتُشِعّ بمودة واحترام عميقين لوالدها، على الرغم من أنها قالت إنها تدرك تماماً العيوب التي أدت إلى تعقيد علاقته بوالدتها، فرنسواز جيلوت، الرسامة الفرنسية التي تصغره بـ40 عاماً، والتي توفيت في عام 2023. وقالت: «لقد كان صعب المراس في بعض الأحيان، وكنت أرى ذلك بأم عيني. أغلب الناس لا يتصرفون بصورة جيدة طوال الوقت. لماذا يجب أن نتوقع منه أن يكون مثالياً؟».

كانت بالوما وشقيقها كلود ابنَيْ الزوجين، وتركت السيدة جيلوت الفنان في عام 1953، وأغضبته بمذكراتها التي ألفتها عام 1964 بعنوان «الحياة مع بيكاسو»، والتي وصفت فيها إساءته لها، بما في ذلك مناسبة قام فيها بوضع سيجارة مشتعلة على خدها. قطع بيكاسو اتصاله بكلود وبالوما بعد نشر المذكرات، ولم يتواصل معهما مرة أخرى، الأمر الذي وصفته بالوما بيكاسو بأنه مؤلم للغاية. كانت في الرابعة والعشرين من عمرها عندما توفي والدها في عام 1973، وشعرت بأنها مسؤولة جزئياً عن الحفاظ على إرثه وحمايته والترويج له. وقالت: «عندما تكونين ابنة شخصية شهيرة إلى هذا الحد - ولأسباب وجيهة - يكون لديك هذا الشعور بأنك يجب أن تشاركي أعماله مع بقية العالم». ودخلت هي وكلود في معركة قانونية أثبتت في عام 1974 أنهما الوريثان الشرعيان.

في عام 1989، وبعد سنوات من الخلافات بين جميع ورثة بيكاسو - بمن فيهم أرملته جاكلين روكي - حول توزيع آلاف الأعمال الفنية التي تركها والحقوق التجارية لاسمه، نصّبت محكمة فرنسية كلود مديراً للتركة. وقالت بالوما إن شقيقها كلود، الذي وصفت نفسها بأنها كانت مقربة منه، قام «بعمل رائع في إدارة إرث بيكاسو». وبصفتها رئيسة الإدارة بنفسها الآن، قالت السيدة بيكاسو إنها تحاول دمج أفراد عائلتها. وأضافت: «لقد كبر أبناء وبنات إخوتي وأخواتي. وأرادوا أن يكون الأمر أكثر جماعية». ثم تابعت تقول: «أنا على رأس العمل، لكنني أرجع إليهم أكثر بكثير مما كان عليه كلود، وعندما أتخذ قراراً، آخذ وجهة نظرهم في الاعتبار بصورة أكبر».

بعد أن أسست مسيرة مهنية ناجحة بصفة مستقلة بوصفها مصممة، قالت السيدة بيكاسو إنها تشعر بأنها مستعدة لتولي دور أكبر في الممتلكات. وقالت: «لقد بذلت قصارى جهدي لكيلا يكون عملي مرتبطاً بوالدي، ولهذا السبب يمكنني القيام بذلك الآن. لقد أثبتُ لنفسي أنني أستطيع أن أعيش باستقلالية. أعتقد أنه كان عليّ أن أثبت لنفسي أنني أستطيع أن أكون ذات قيمة بمفردي».

- معرض «بيكاسو: وجهاً لوجه» حتى 3 يوليو (تموز)، غاغوسيان، 980 جادة ماديسون، مانهاتن.

* خدمة نيويورك تايمز