نظرية المؤامرة الصينية بأصول «كورونا» تشعل معركة الروايات

اتهامات متبادلة بنشر الفيروس بين الصين وأميركا

نظرية المؤامرة الصينية بأصول «كورونا» تشعل معركة الروايات
TT

نظرية المؤامرة الصينية بأصول «كورونا» تشعل معركة الروايات

نظرية المؤامرة الصينية بأصول «كورونا» تشعل معركة الروايات

منذ المراحل الأولى لتفشي فيروس كورونا، انتشرت نظريات المؤامرة حول أصل المرض وحجمه على منصات الإنترنت. ومن بين تلك الادعاءات الكاذبة مزاعم بأن الفيروس كان جزءاً من «برنامج أسلحة بيولوجية سري» صيني، وادعاء لا أساس له من أن فريق تجسس كندياً صينياً أرسل فيروس «كورونا» إلى ووهان. وأخذ العديد من مجموعات التآمر على فيسبوك بنشر الادعاء بأن الفيروس كان من صنع الإنسان.
مزاعم جديدة
وبعد أشهر من تفشي المرض، لم تتلاشَ هذه النظريات فحسب، بل تم الترويج لادعاءات جديدة لم يتم التحقق منها من قِبل مسؤولين حكوميين وكبار السياسيين ووسائل الإعلام في الصين والولايات المتحدة. وأخيراً بدأ المسؤولون والإعلاميون الصينيون في الترويج لما تسميه أقسام وسائل الإعلام الغربية «نظرية المؤامرة الغريبة» التي تربط أصل مرض فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) بمختبر عسكري في ولاية ماريلاند الأميركية. ويأتي استهداف الصين للولايات المتحدة بشأن أصول المرض الذي أودى بحياة أكثر من أربعة ملايين شخص على مستوى العالم في وقت تواجه فيه بكين أسئلة صعبة بشأن تسرب محتمل للفيروس من مختبر في مدينة ووهان الصينية، حيث انطلقت العدوى الفيروسية، التي تم الإبلاغ عنها لأول مرة في ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وعلى مدار الأسابيع الماضية، عمد المسؤولون ووسائل الإعلام الصينية إلى النظرية القائلة إن الجيش الأميركي يمكن أن يكون مرتبطاً بتفشي المرض فيما يبدو أنه محاولة للتغيير أو على الأقل تخفيف السرد الذي يطالب بالشفافية من جانب بكين وإجراء تحقيق مفصل في مختبر ووهان.
ويقول تقرير حديث صادر في الولايات المتحدة ونشر على موقع Firstpost: Health في 6 أغسطس (آب) 2021، إن هناك أدلة على أن الفيروس قد تسرب من منشأة أبحاث ووهان، حيث كان العلماء يعملون على تعديل فيروس كورونا لإصابة البشر. ونفت الصين ارتكاب أي مخالفات أو محاولات للتستر، لكنها عارضت ما وصفه كثيرون بالمرحلة الثانية من التحقيق في مختبر ووهان، حيث لم تجد المرحلة الأولى أي دليل يدعم نظرية تسرب المختبر بعد أن زار فريق من منظمة الصحة العالمية منشأة ووهان في وقت سابق من هذا العام. وفي هذه الخلفية بدأت النظرية الصينية التي تلقي بالشكوك على الولايات المتحدة بالظهور بشكل متكرر في وسائل الإعلام التي تديرها الدولة.
في الأيام الأولى للوباء، تم تجاهل هذه الشكوك من قِبل قسم كبير من العلماء كنظرية مؤامرة. وفي الوقت نفسه كان يشتبه في أن الفيروس انتشر من سوق للمأكولات البحرية في ووهان كان يبيع حيوانات غريبة، لكن لم يكن هناك دليل يؤكد ذلك.
ويعتقد قسم من العلماء أن تفشي الفيروس قد يكون مرتبطاً بالخفافيش وربما يكون قد مر عبر حيوان ثديي آخر قبل القفز إلى البشر، لكن الحلقة المفقودة لم يتم تحديدها بعد ولم يتوصل تقرير مشترك صادر عن علماء صينيين وفريق منظمة الصحة العالمية إلى ووهان، إلى أي استنتاج قاطع بشأن أصول فيروس «سارس - كوف – 2» رغم أن الخبراء قالوا إن فرص تسرب الفيروس من المختبر كانت «غير مرجحة للغاية». لكن في وقت لاحق قال رئيس منظمة الصحة العالمية إن جميع النظريات لا تزال مطروحة على الطاولة، وقد رفضت الصين خطط منظمة الصحة العالمية للمرحلة الثانية من التحقيق.
أبحاث سرية
أحد الأسئلة الكبيرة البارزة هو نوع العمل الذي كان يجري بالفعل في معهد ووهان لعلم الفيروسات، حيث قالت شي جينجلي عالمة الفيروسات الصينية وكبيرة باحثي فيروس كورونا الخفافيش في المختبر، في مقال نشر لها في مارس (آذار) 2020 في مجلةScientific American، إن الشفرة الجينية للفيروس الذي يسبب «كوفيد – 19» لا تتطابق مع أي من عينات في مختبرها. كما أخبرت فريق منظمة الصحة العالمية أن اختبارات جميع الموظفين أظهرت نتائج سلبية بالنسبة للأجسام المضادة للفيروس. ولكن مع ذلك لم يتمكن الباحثون من الوصول إلى جميع «عزلات» فيروس كورونا وبيانات التسلسل الجيني المحفوظة في مختبرات ووهان، كما جاء في المقال.
عادت شي جينجلي مرة أخرى في مقالة نشرت في صحيفة The New York Times في 14 يونيو (حزيران) 2021 الماضي إلى قلب الروايات المتضاربة حول بحثها عن فيروسات كورونا في مختبر حكومي في ووهان المدينة التي ظهر فيها الوباء لأول مرة. ولطالما رفض العلماء فكرة أن الفيروس ربما هرب من المختبر على نطاق واسع ووصفها بأنها غير قابلة للتصديق ونبذها آخرون، لكن التدقيق الجديد ودعوات العلماء البارزين إلى مزيد من الصراحة أعادت النظرية إلى الواجهة.
يتفق العلماء بشكل عام على أنه لا يوجد حتى الآن دليل مباشر يدعم نظرية تسرب المختبر. لكن الكثير منهم الآن يقولون إن الفرضية تم رفضها على عجل للغاية دون تحقيق شامل ويشيرون إلى مجموعة من الأسئلة المقلقة، إذ يقول بعض العلماء إن عالمة الفيروسات الصينية أجرت تجارب محفوفة بالمخاطر مع فيروسات الخفافيش في المختبرات التي لم تكن آمنة بما فيه الكفاية، في حين يريد آخرون توضيحاً للتقارير ما يشير إلى وجود إصابات مبكرة بـ«كوفيد – 19» بين العديد من موظفي معهد ووهان لعلم الفيروسات.
وكانت رسالة نُشرت في مجلة Science في 14 مايو (أيار) 2021 وقعها 18 عالماً، دعت إلى تحقيق شفاف في جميع السيناريوهات القابلة للتطبيق. وقال ديفيد ريلمان عالم الأحياء الدقيقة بجامعة ستانفورد في الولايات المتحدة المشارك في الرسالة: «هذا ليس له علاقة بالخطأ أو الذنب» بما في ذلك تسرب المختبر. وحثت الرسالة المختبرات والوكالات الصحية على فتح سجلاتها للجمهور. وأضاف ريلمان: «المسألة أكبر من أي عالم أو معهد أو أي بلد بمفرده»، وقال إن أي شخص في أي مكان لديه بيانات من هذا النوع يحتاج إلى نشرها هناك.


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».