الشيف العالمي فيليب خوري لـ«الشرق الأوسط»: لبنان ملهمي وبيتي الأول والأخير

«هارودز» تبنت موهبته في صناعة الحلويات النباتية

الشيف اللبناني العالمي فيليب خوري (إنستغرام)
الشيف اللبناني العالمي فيليب خوري (إنستغرام)
TT

الشيف العالمي فيليب خوري لـ«الشرق الأوسط»: لبنان ملهمي وبيتي الأول والأخير

الشيف اللبناني العالمي فيليب خوري (إنستغرام)
الشيف اللبناني العالمي فيليب خوري (إنستغرام)

يفتخر الشيف الأسترالي اللبناني الأصل بلبنانيته. يعلق أرزة ذهبية في عنقه، ويتباهى بأن الـ«دي إن إيه» في دمه لبناني مائة في المائة. شهرته الواسعة اكتسبها عالمياً من خلال رؤية تخرج عن المألوف في صناعة الحلويات. فقد استحدث الحلويات النباتية من دون استخدام مكونات تشتق من الحليب والبيض والزبدة. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «اعتقد البعض أنني أهذي، لأن الفكرة غريبة، ولم يعتمدها أحد من قبلي. ثابرت واجتهدت وطبّقت فكرتي على الأرض. واليوم، صارت هذه القاعدة مشهورة في عالم الحلويات».

الشيف فيليب خوري يحتل الصدارة عالمياً في صناعة حلويات بأسلوب مختلف (إنستغرام)

يشكل فيليب خوري موجة جديدة في عالم صناعة الحلويات. ومن محلات «هارودز» البريطانية، يطبق رؤيته بأبعاد مختلفة. في صالون «هوريكا لبنان»، التقته «الشرق الأوسط» وأجرت معه حديثاً مطولاً عن بداياته وصولاً إلى اليوم. ويعدّ أن نكهات المكونات اللبنانية أيقونية، وتلاقي الانتشار الواسع في أيامنا. وعما إذا كانت «هارودز» هي آخر معقل لأحلامه، يرد: «دائماً ما أتساءل عن الغد، وأين سأكون في الأيام المقبلة. إنني أعمل هناك منذ 6 سنوات. وفي الحقيقة، أجهل ما ينتظرني من خطوات مستقبلية».

قلب المقاييس في صناعة الحلويات من خلال كتابه «طريقة جديدة للخبز» (a new way to bake). فكسر تقاليد معروفة في هذا المجال، ومقولة «الحلويات النباتية لا طعم لها».

ترتكز حلوياته على مكونات نباتية (إنستغرام)

عمل منذ بداياته في عالم الحلوى، وتنقل بين مطاعم في أستراليا حيث كان يعيش. ومن ثم انتقل إلى لندن. وبتشجيع من والده، قرّر الاستمرار في البحث عن المكان الذي يتبنى أفكاره الجديدة. فتم تعيينه مساعد رئيس صناعة الحلويات في «هارودز». وبعدها بسنتين تمت ترقيته ليصبح المسؤول الأول والأخير في مطبخهم لصناعة الحلويات.

المعمول من الحلويات التي يحضرها في «هارودز» (إنستغرام)

يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يكن يدرك موهبته في عالم الباتيسري: «لطالما أحببت تذوق الحلويات، ولم أفكر يوماً أني سأدخلها كمهنة لي». قراره هذا اتخذه إثر تخرجه بالتصميم الفني من جامعة «وسترن سيدني» في أستراليا: «ربما تأثري بلمة العائلة حول مائدة الطعام، ولمس الحب والفرح الذي كان يسودها في بيتي، يقف وراء توجهي هذا. فوالداي لبنانيان، أمي من تنورين، ووالدي من سير الضنية. الاثنان يحتفيان بضيوفهما بأسلوب جميل يدل على الكرم وحب الناس. فالطعام بحد ذاته يحدث الشعور بالفرح. كل ذلك دفعني إلى اتخاذ قراري تأثراً بأجواء عائلتي».

يقول إنه لطالما امتلك أفكاراً ذات أبعاد مستقبلية لتطوير عملية صناعة الحلويات: «كان ذلك بمثابة تحدٍ لي خضته عن سابق تصميم. وبرؤية جديدة استحدثتها، ترتكز على قاعدة مكونات نباتية لصناعة الحلويات».

في «هارودز» يقدم حلويات بنكهات لبنانية (إنستغرام)

تجاربه في هذا العالم قد تكون وراء انفتاح أفكاره، كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»: «لقد عملت مع صناع حلويات مشهورين كأدريانو زومبو في مطعم (كاي) في أستراليا. بعدها قمت بتجارب كثيرة كي أحقق رؤيتي. وشاءت الظروف أن يتنبه (هارودز) لموهبتي هذه ويختارني لإدارة مطبخ الحلويات لديه».

تغييره مفاهيم عملية تحضير الحلويات خالية من مشتقات حيوانية لفت الصحافة الغربية. وصار أشهر من أن يعرّف، بعدما تناولته مقالات تشيد بموهبته في صحف الـ«سان» والـ«تايمز» و«باستري آرت ماغازين».

وعما إذا تأثر بمكونات حلويات من بلاده الأم، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لعل أجمل أيام حياتي عشتها على مدى سنتين في لبنان. ومن هناك استوحيت استخدام مكونات لبنانية. فأحياناً أركن على (ماء الزهر) وزيت الزيتون في حلوياتي. لا أجعل طعمها يطغى على باقي المكونات، وأحاول أن أترك مذاقها غامضاً، يتساءل كثيرون عن سره».

الشيف اللبناني العالمي فيليب خوري (إنستغرام)

اليوم، يقصد هواة الحلويات النباتية «هارودز» من دون تردد. هناك يعيشون تجربة حلوة لا تشبه غيرها. ويعلق: «لا أعرف لماذا ارتبطت صناعة الحلويات بالبيض والزبدة والحليب. فهناك مكونات كثيرة يمكننا استخدامها بدلاً عنها».

قوالب حلوى مصنوعة من حليب جوز الهند أو الصويا مع الطحين وزيت الزيتون وقطع الشوكولاتة السوداء المرة، هي بعض مكونات نباتية يستخدمها. ويلجأ إلى القرفة وجوزة الطيب لتطييبها. ويركن إلى السكر الأسمر عادة وبيكربونات الصوديوم والخميرة الكيميائية في خليطها.

يقول إن علاقة عميقة تربطه بلبنان وطنه الأم: «إنه بيتي الأول والأخير، وأحب دائماً تذوق حلويات لبنانية عندما أزوره كالكنافة بالجبن و(زنود الست). وأحياناً، عندما أكون في لندن أتناول حلوى (الأرز بالحليب) من مطعم (أم شريف) الواقع في (هارودز). إنه لذيذ جداً، ويذكرني طعمه بحلويات جدتي التي استوحيت كثيراً من مكونات الحلويات من مطبخها».

استوحى عدة أطباق حلويات من مطبخ جدته اللبنانية (إنستغرام)

وهل تفكر بافتتاح محل حلويات خاص بك في لبنان؟ يختم لـ«الشرق الأوسط»: «ربما يوماً ما سأقوم بهذه الخطوة، فعلاقتي ببلدي أحب توثيقها بشكل جيد، وأنا جاهز لذلك».


مقالات ذات صلة

10 نصائح لقضاء وقت سعيد خلال السفر

يوميات الشرق أسرة خلال رحلة (رويترز)

10 نصائح لقضاء وقت سعيد خلال السفر

تُعد الإجازة وسيلة رائعة للهروب من مسؤولياتنا اليومية، ولكن من المهم أن نلتزم بالضوابط عند زيارة وجهات جديدة واستكشاف ثقافات مختلفة

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
سفر وسياحة اختلاف الاهتمامات والأنشطة والحركة يعكر صفو الرحلة بين الأصدقاء (رويترز)

3 علامات تحذرك من السفر مع صديقك

هناك علامات تشير إلى أنه لا ينبغي لك ولصديقك السفر معاً حتى لا تعكر صفو علاقتكما.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
سفر وسياحة الغابة السوداء مليئة بالنشاطات الرياضية في الهواء الطلق (شاترستوك)

كيف تمضي عطلة صديقة للمناخ والبيئة في ألمانيا؟

السياحة المستدامة أو السياحة التي تعنى بالمحافظة على البيئة أصبحت من بين أولويات ما يتطلع إليه العديد من السياح من جميع الجنسيات، مما دفع بالفنادق

جوسلين إيليا (لندن )
علوم «قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

«قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

بمرور السنوات، تحولت الممرات المائية في المناطق الحضرية، مثل الأنهار والقنوات من ممرات أساسية للسفر والتجارة، إلى مجرد عناصر ثانوية داخل هذه المناطق.

نيت بيرغ (واشنطن)
يوميات الشرق سانتوريني تُعد واحدة من الوجهات الشهيرة للعطلات التي تواجه اكتظاظاً هذا الصيف (رويترز)

«مثلما فعلت البندقية»... اليونان تكشف عن خطط لمكافحة «السياحة المفرطة»

كشف عمدة إحدى الجزر الأكثر زيارة في اليونان عن خطط للقضاء على السياحة المفرطة؛ حيث يتجاوز عدد السياح أعداد السكان يومياً خلال موسم الذروة.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
TT

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات، يعمل الشيف حسين فياض. وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام» لا بد أن يلفتك بذلك. فكأن الطبق الذي يحضّره يولد من رحم مقاييس يحسبها بأنامله وعقله.

يلتزم بأسلوب مشبعاً بـ«الديسيبلين» أو الانضباط. فكل ما يقوم به يجب أن يأخذ نفس الحجم إذا ما تألف من الكبة أو لفائف السباغيتي ورقائق اللحم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ صغري أحب القيام بأعمالي بهذا الأسلوب. وعندما كنت أدخل مطبخ والدتي كانت تشعر بالارتباك للدقة التي أنفذ بها الأطباق. وجاءت دراستي في معهد (كوردون بلو) الفرنسي ليزيدني تمسكاً بذلك. فما يميّز طبّاخاً عن غيره هو تأنيه بما يقوم فيه. وكما الشكل، كذلك المذاق والنكهة، يجب أن يشكلوا مجتمعين عناصر أساسية لطبق شهي».

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

يملك حسين فياض مطعماً له في جنوب لبنان، ويعمل في هذا المجال منذ نحو 12 عاماً. أما قاعدته الأساسية في عمله فترتكز على الخبرة، «لا شك أن البدايات يجب أن تتألف من شغف وحب للمهنة. فهما يؤلّفان ميزان الطبخ عند الطاهي. كما أن الدقة في تحضير الأكلات الحلوة والمالحة يجب أن تنضج بفعل التجارب. صحيح أني أركن إلى معايير دقيقة ألتزم بها أثناء عملي، ولكن بعد تراكم الخبرات تصبح للعين مكانتها في الموضوع».

عمل في مطاعم فرنسية خلال دراسته خارج لبنان. فاستفاد من تجربته هذه بحيث راح يبتكر أطباقاً تجمع بين المطبخين اللبناني والفرنسي، «صرت أمرر بعض الخلطات الخفيفة للزبائن. وبعد أن لاقيت استحساناً كبيراً من قبلهم رسمت الخطة في رأسي».

وتقضي خطّته بابتكار أطباق بين المطبخين، فهناك كثير من المكونات المشتركة بينهما، «لا أركن أبداً إلى البهارات والمنكهات التي تغطي على الطعم الأساسي للطبق. أكتفي بإضافة منكهات مستخرجة من الأعشاب الخضراء. أحياناً أستخدم الصعتر والحبق. أما المكون الرئيسي في أطباقي الحلوة والمالحة فهو زيت الزيتون. فأستعمله حتى في تحضيري للمثلجات وفي الحلويات. وفي بلاد الغرب يقدّرون كثيراً هذا المكون الشائع في بلادهم. وهو اليوم ينافس بشدّة الزبدة. أنا شخصياً أفضله عليها إذ يتمتع بمذاق ألذ ولا يؤثر على صحتنا سلبياً».

في مطبخ مطعمه الجنوبي المقفل اليوم بسبب الحرب الدائرة هناك يبتكر أطباقاً لذيذة.

فمتبل «بابا غنوج» يحضّره بطريقة فريدة من نوعها. بعد شيّ الباذنجان في الفرن مع لمسة من زيت الزيتون، يهرسه في وعاء بعد تفريغه من قشرته. يضيف إليه مكعبات البندورة والبصل والثوم بقطعه الصغيرة. ومع قطع مماثلة من الفلفل الأخضر والأحمر والبقدونس يؤلّف الخلطة. ويختمها بمزجها مع عصير الحامض والطحينة. وبعد خلطها بشكل جيد يضعها من جديد في جوف قشرة الباذنجان المفرغة. ويزينها بطبقة من حبوب الرمان ليضفي إليها نكهة مميزة.

الشيف حسين فياض (الشرق الأوسط)

ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الطبق لاقى انتشاراً واسعاً حتى إن البعض في لبنان راح يقلّده. فالتجديد في أي طبق لبناني أصيل كـ(بابا غنوج) يستحوذ على أفكاري التجددية. وهناك بعض الأطباق التي تذكرني بطفولتي وبمائدة والدتي، أنوي تحديثها أيضاً».

كثافة المواقع الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي تلفته. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها لا تزعجني ولكني نادراً ما أتوقف عند واحدة منها. فجميعها متشابهة، وهناك نوع من فوضى لا أحبها يتبعها الطباخون في تحضيرهم الطعام. وفي المقابل، أعتقد أن هناك مواهب لافتة في مجال الطبخ في لبنان. وأتوقّع لها مستقبلاً زاهراً».

أطباق جميلة ومبتكرة (الشرق الأوسط)

وعن سبب ارتكازه بمشروعه المستقبلي على الجمع بين المطبخين الفرنسي واللبناني، يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «المطبخ الفرنسي منتشر بشكل كبير في لبنان. ونحن نعرفه منذ نعومة أظافرنا. كما أن تحول جيل كبير من شباب اليوم إلى معاهد وجامعات فرنسية لتعلم الطبخ وثّق هذه العلاقة بشكل أكبر. وإذا ما دخلنا معظم المطاعم في لبنان فسنلاحظ حضور أطباق فرنسية فيه. فأي مطعم ندخله لا بد أن يقدّم أيضاً الحلوى الفرنسية كالفوندان والبافلوفا والكريم بروليه».