«قهوة بيروت» كنز الذكريات على المائدة

تأخذك في مشوار إلى العاصمة أيام العز

مساحة واسعة تجعلك تشعر وكأنك في حديقة شاسعة
مساحة واسعة تجعلك تشعر وكأنك في حديقة شاسعة
TT

«قهوة بيروت» كنز الذكريات على المائدة

مساحة واسعة تجعلك تشعر وكأنك في حديقة شاسعة
مساحة واسعة تجعلك تشعر وكأنك في حديقة شاسعة

في منطقة «بيال» وسط بيروت وعلى قارعة أحد أرصفتها العريضة تقع «قهوة بيروت» المقهى الذي يأخذك في جلسته إلى بيروت أيام العز. فلقد رغب القيمون عليه بأن يشكل متنفسا للبيروتيين فيتناولون فيه طعاما لذيذا، كما يمضون بين أحضانه جلسة تلونها ذكريات يستعيدون خلالها أيام بيروت الذهبية عندما كان يعرف لبنان بـ«سويسرا الشرق». فعمارتها المهندسة على شكل ركوة قهوة تغطي أبوابها الخشبية زخرفات عربية، وأركانها الداخلية التي تقبع تحت غابة من الأشجار الطبيعية ويغمرها سقف زجاجي شاهق العلو يشكلان العنوان العريض لجلسة بيروتية.
وبين ساحة باب إدريس وشارع الحمرا في حلتهما العتيقة في السبعينات ومنطقة الزيتونة وصخرة الروشة من معالم «ست الدنيا» الماضية والحالية، تبدأ رحلتك في هذا المقهى الذي اتخذ من أسماء تلك الأماكن عناوين لجلساته الموزعة هنا وهناك على مساحة شاسعة. وعلى كراسي الخيزران التي تجلس عليها حول طاولات خشبية مربعة الشكل يجول نظرك في هذه البقعة مستكشفا أقسامها المؤلفة من صالات كبيرة وأخرى صغيرة تم تسميتها بـ«إكسبرسو» و«نفس بيروت» و«شاي بالنعناع» و«ركوة وقشوة» و«عصير طازج» و«كل يوم قطفة» و«مونة بيتوتية» و«من الهند إلى بيروت» للدلالة على طبيعة الجلسات التي تلون هذا المقهى. فتدخن فيه النرجيلة وترتشف فنجان القهوة أو كوب الشاي وتستمتع بمنظر المونة على الرفوف الخشبية وأنت تتناول كوبا من العصير الطازج. وفي الساحة وسط المقهى والمكللة بأشجار النخيل والسنديان وحدائق معلقة هنا وهناك ستمضي جلستك الشبيهة إلى حد كبير بـ«قهوة القزاز» التي اشتهرت فيها منطقة الجميزة لعقود متتالية. جلسات دافئة وأخرى في الهواء الطلق وغيرها بمنأى عن الآخرين تؤلف الأجواء العامة في «قهوة بيروت» التي يجول فيها النادل وحامل النارة للنرجيلة والمشرف العام على المقهى وبمعيته العشرات من الموظفين بهدف تأمين أفضل خدمة للزبون.
أما لائحة الطعام التي تتنوع بأطباق وأكلات لبنانية أصيلة وأخرى موسمية وثالثة مخصصة لـ«ترويقة» شهية وعشاء خفيف أو دسم، فستترك بطعمها اللذيذ انطباعا لديك بأنك ستقصدها دون شك مرة جديدة.
وتتألف «ترويقة» (الفطور الصباحي) في «قهوة بيروت» من الألبان والأجبان (حلوم وبلدية ولبنة بالجوز والثوم ولبنة مكعزلة)، إضافة إلى أطباق الفول المدمس والبليلة و«فتة عرايس» (كفتا ولبن) و«فتة» باذنجان وكباب وحمص وغيرها. وللبيض مكانته في وقت الطعام هذا إذ يقدمه المقهى بأصناف مختلفة (بالقاورما وبالسماق ومع جبن القشقوان). وتحت عنوان «نقرشات» تطالعك لائحة من المقبلات الخفيفة كـ«الزيتون المتبل» والفواكه المجففة مع الجبن وقلوبات نيئة وخضراوات مشكلة لتساهم في فتح الشهية.
وتأتي أطباق المازة اللبنانية من باردة وساخنة لتزين مائدة غنية وقت الغداء. فتصطف الصحون الفخارية والبورسلين البيضاء الصغيرة متلاصقة لتؤلف لوحة فنية تشكيلية من نوع آخر تحتوي على «الهندباء بالزيت» و«الفلافل» و«الحمص بالطحينة» والمتبل باذنجان (بابا غنوج) وجبن الحلوم المشوي و«مسخن دجاج» و«ورق عنب» و«محمرة» و«سودا دجاج» وإلى ما هنالك من أنواع مازة لبنانية باردة وساخنة معروفة. وتتميز «قهوة بيروت» عن غيرها من المقاهي بجمعها تحت سقف واحد لائحة طويلة من المعجنات من مناقيش بالصعتر والجبن والكشك واللحم واللبنة وغيرها محضرة في فرن على الحطب أو على الصاج وأيضا في كعكة تعرف بـ«كعكة البرج» (نسبة إلى رواج بيعها في السبعينات في أسواق بيروت القديمة). فيأتيك الحلو والمالح منها من كعك محشو بالجبن ورقائق الحبش وبأجبان الحلوم والعكاوي وغيرها المسخنة على النار ولتنهي بذلك وقت «العصرونية» (ما يتم أكله من طعام في ساعات العصر) في تناول الكعك مع تلك المحشوة بالشوكولاته والموز، راسمة بمذاقها الطيب حلو الختام.
وبعد تناولك أطباق المشاوي من لحوم على أنواعها تلونها أطباق «كبة بلبن» و«مغربية» وملوخية» حسب الطلب، في استطاعتك أن تتذوق الخضراوات والفواكه الموسمية في المقهى بحيث تقدم طازجة ولذيذة حسب الموسم الذي تزرع فيه كـ«الفول الأخضر» و«البازيلا الخضراء» و«اللوز الأخضر» و«الترمس» و«فستق حلبي» وغيرها.
وقبيل أن تمسح شفاهك بالفوطة الورقية الخاصة بالمطعم عند انتهائك من تناول كل طبق، ستلفتك عبارة «بس ما تمسح الضحكة عن الشفة» المطبوعة في إشارة من أصحاب المقهى إلى المزاج الجميل الذي يغمرك وأنت تجلس عنده.
ومع حلويات المقهى المؤلفة من أصناف بيروتية معروفة كـ«المغلي» و«المهلبية» و«أم علي» و«معمول بالجبن» و«غزل البنات مع البوظة» وغيرها، يشارف مشوارك إلى «قهوة بيروت» على نهايته، فتغادره بمزاج رائق نتيجة الذكريات الحلوة التي يحركها فيك عن بيروت أيام العز من ناحية ولأطباقه المتنوعة التي ترضي جميع الأذواق بجدارة من ناحية ثانية.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)
غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)
TT

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)
غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في الأمسيات الباردة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات، أو مع الشاي أيضاً من خلال وصفات جديدة مبتكرة.

وسواء كنت تحبها مالحة أم حلوة، فيمكنك طهيها في الفرن، أو على الموقد أو باستخدام جهاز الطهي البطيء، فضلاً عن المقلاة الهوائية.

الشيف المصري سيد إمام، يضع بين يديك طرقاً مبتكرة كي تستمتع بطبق مميز. من بين ذلك ما هو مكون من اللحم المفروم بالكاري والبطاطا الحلوة، ويُقدَّم مع الخبز الدافئ. وتضيف البطاطا لمسةً كلاسيكيةً للفطائر مع الجبن الريكوتا وشراب القيقب.

الشيف المصري علي عبد الحميد (الشرق الأوسط)

ويلفت إمام الانتباه إلى حساء البطاطا الحلوة، وهو «خيار ممتع لفصل الشتاء. ويتكون من شوربة كريمية مصنوعة من البطاطا الحلوة، والجزر، والزنجبيل، وحليب جوز الهند، والتوابل العطرية».

ويقول إمام لـ«الشرق الأوسط»: «تأخذك البطاطا في جولة إلى مطابخ العالم؛ فتستطيع على سبيل المثال تقديمها مع العدس المسلوق على الطريقة الهندية، ومع التوابل الآسيوية في وجبة عائلية مثالية، تدخل عليك الدفء في الطقس البارد».

كما أن «تشات البطاطا الحلوة» هو طعام شعبي في الشوارع الهندية، يجمع ما بين حلاوة البطاطا المشوية ونكهة تشات ماسالا الحامضة، و«النودلز المقرمشة». ويقول: «من خلالها سوف تستكشف طعماً غنياً مليئاً بالمذاقات والقوام المختلف؛ فهي مقبلات نباتية مثالية، أو وجبة خفيفة في المساء».

ويقترح إمام كذلك من المطبخ الآسيوي «كاري البطاطا الحلوة بالحمص». ويوضح: «هو طبق نباتي شهي ولذيذ يجمع بين كريمة البطاطا الحلوة، والحمص والتوابل العطرية، وهو مثالي لعشاء سريع وسهل ونباتي وخالٍ من الغلوتين. يُقدَّم هذا الطبق مع الأرز أو الخبز أو الكينوا؛ للحصول على وجبة كاملة».

البطاطا الحلوة بروليه من شيف آلاء الغنيمي (الشرق الأوسط)

أما البطاطا الحلوة المشوية مع زبدة الفلفل الحار، فهي تضفي لمسةً من مطبخ أميركا الجنوبية على المشويات في أي وليمة أو حفل خاص، كما أن هناك «روستي البطاطا الحلوة»، وهو طبق سويسري عبارة عن فطيرة محلاة بالقرفة.

هناك كثير من النصائح، ولكن تبرز بعض الأشياء الرئيسية التي يجب وضعها في الاعتبار، من بينها «تجنب شراء البطاطا التي تتدلى منها خيوط طويلة؛ فهذه علامة على أنها ليست طازجة، واختر البطاطا الصلبة التي يتراوح حجمها بين الصغير والمتوسط»، بحسب إمام.

خضار مشوي رادتويه من الشيف علي عبد الحميد

والقرفة، بحسب الشيف المصري، تضفي على البطاطا الحلوة نكهةً ورائحةً جميلتين. أما عن العشب المثالي للاستخدام مع البطاطا الحلوة، فهو الزعتر؛ فهو يتمتع بنكهة خفيفة تشبه الليمون.

كما ينصح إمام، في حالة طهي البطاطا، بتقطيعها إلى قطع متساوية؛ فنظراً لأنها تحتوي على سكر أكثر من البطاطا العادية، فإنها تميل إلى الاحتراق بسهولة، أما إذا كنت ترغب في تناولها مقرمشة للغاية فعليك تقطيعها إلى قطع أصغر.

في الشتاء يهتم الطهاة المصريون بتقديم وصفات متنوعة للبطاطا، ومنهم آلاء الغنيمي، التي تُقدِّم بروليه البطاطا الحلوة باللبن والبيض والنشا والفانيليا، بينما تُقدِّم الشيف مروة سامي البطاطا بالبشاميل، والشيف مي أمين تقدِّمها بصوص الشوكولاته أو الكراميل، بينما تقترح الشيف أميرة حسن وصفة الجلاش بحشوة البطاطا الحلوة.

ويُقدِّم الشيف علي عبد الحميد، وصفة الخضراوات رادتويه بالبطاطا الحلوة، ويتم تحضيرها بالفاصوليا الخضراء والكوسا، والإسبراغوس، والروزماري. كما يُقدَّم خبز البطاطا الحلوة بالدقيق والسكر، والسكر والزبدة، إضافة إلى البطاطا الحلوة المحشوة بالعنب وجبن الماعز.

وبالنسبة لعشاق البسكويت، فإنَّ إضافة البطاطا الحلوة إلى العجين ينتج عنها بسكويت لذيذ مع قليل من الحلاوة وكثير من العمق، بحسب عبد الحميد. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أما عشاق الخبز، فأرشح لهم خبز الذرة والبطاطا الحلوة؛ فهو يجمع ما بين قرمشة الذرة المطحونة، وحلاوة البطاطا، مع وجود طبقة رقيقة في المنتصف، لا يمكن مقاومة مذاقها».