«أتولييه في إم» تحتفل بسنواتها الـ25 بعنوان مستقل

مجوهرات إيجابية وُلِدت من الحب وألم الفقْد

أساور من مجموعة «إيسانسييلي بولاري» مزيَّن بتعويذات (أتولييه في إم)
أساور من مجموعة «إيسانسييلي بولاري» مزيَّن بتعويذات (أتولييه في إم)
TT

«أتولييه في إم» تحتفل بسنواتها الـ25 بعنوان مستقل

أساور من مجموعة «إيسانسييلي بولاري» مزيَّن بتعويذات (أتولييه في إم)
أساور من مجموعة «إيسانسييلي بولاري» مزيَّن بتعويذات (أتولييه في إم)

هناك مجوهرات تتوارثها البنات عن الجدات. تكون لها قصة مثيرة تجعلك تشعر وكأنها تناديك وتُعبّر عنك وعن جوانب من حياتك أياً كان جيلك. «أتولييه في إم» Atelier VM واحدة من علامات المجوهرات التي تأسست من أجل تلبية جوانب شخصية ونفسية وفنية في الوقت ذاته. انطلقت في إيطاليا على يد صديقتين، هما، فيولا ناج أوليري ومارتا كافاريللي، وبدأت تتوسع إلى العالم في السنوات الأخيرة. عمر العلامة من عمر صداقتهما التي بدأت في صفوف المدرسة والجامعة ولا تزال وطيدة لحد الآن.

تتطور أشكال الأساور الأبدية وتزدان بأحجار متنوعة... لكن تبقى بالمعنى نفسه (أتولييه في إم)

توسع عضوي

جاء توسع العلامة عضوياً. فهي لم تخرج من إيطاليا إلى بريطانيا، أول محطة لها، حتى عام 2018، وتحديداً في محال «ليبرتي» اللندنية. تقول فيولا في لقاء خاص إنهما لم تتسرعا من أجل التوسع أو الربح. كان الدافع الأساسي لإطلاق «أتولييه في إم» المكون من الحرفيين الأوليين لكل من فيولا ومارتا، أما التعبير عن فنيتهما أو التنفيس عن حالات نفسية أو تجارب شخصية فتمران بها.

ما تطرحانه من تصاميم يُركّز على معاني الحب والإخلاص والوفاء والارتباط العائلي الذي يعكس الثقافة الإيطالية وفي الوقت نفسه تجاربهما الخاصة، وليس أدل على هذا من السوار الملحوم على المعصم من دون براغي بواسطة الليزر.

أساور مرصَّعة باللؤلؤ من دون براغي لتعكس الالتحام الأبدي (أتولييه في إم)

عندما تسأل أياً منهما عن الهدف من وراء إطلاق علامتها في التسعينات، يأتيك الرد سريعاً: «للتعبير عن حياتنا الشخصية والعلاقات التي تربطنا ببعض كبشر... أحياناً تكون سعيدة وأحياناً أخرى حزينة». لكن من رحم الحزن والمآسي الشخصية يمكن أن تولد إبداعات تعالج الجروح وإن بقيت ندوبها مثل الوشم تُذكّر بما مضى. عندما فكرت فيولا في تصميم السوار الملحوم مثلاً، ضمن مجموعة «إيسانسيالي» «L›essenziale» كانت تريد أن تقول إن البدايات والنهايات وجهان لعملة واحدة. فهما متلاحمان من ناحية «أن لكل بداية نهاية، ولكل نهاية بداية».

تتابع فيولا أن المجموعة وعلى الرغم مما تمنحه من سعادة مستمدة من أنها تعبّر عن الارتباط الأبدي، فإنها وُلدت من رحم الألم إثر فقدها شخصاً عزيزاً على قلبها. لم تجد ما يخفف من ألمها سوى ابتكار قطع لا تفارقها لتُذكرها في كل الأوقات بهذا الفقد، وبأن الحياة تستمر وإن بقيت الذكرى.

تم اختيار «بيرلنغتون أركايد» عنواناً ليعكس سنواتها الـ25 واستقلاليتها (أتولييه في إم)

منذ أشهر، تركت العلامة محال «ليبرتي» الواقعة على ناصية «ريجنت ستريت». كان لا بد من نقلة تعكس بلوغها الـ25 عاماً، واستقلاليتها. اختارت «بيرلنغتون أركايد» الواقع في منطقة «مايفير». فالمكان يتمتع بحميمية وخصوصية تفتقدهما شوارع الموضة الكبيرة، فضلاً عن أنها أصبحت جارة للكثير من المبدعين المستقلين وعلى رأسهم الفنانة عزة فهمي. تدخل المحل فتشعر، على الرغم من صغر مساحته، أنه غني وواسع «الخيال» سواء تعلق الأمر بالديكور أو المجوهرات. أول شيء سيشدك في الواجهة هو ثريات من زجاج مورانو بألوان قوس قزح تكاد تنافس الخواتم والأساور والقلادات وأقراط الأذن توهجاً وبريقاً.

رغم صغر مساحته يتمتع المحل بخيال واسع في الديكورات والمعروضات (أتولييه في إم)

تستمر عناصر الإبهار والمفاجأة عند دخوله؛ إذ تشعر كما لو أنك في مغارة علي بابا؛ لما تكتنزه أدراجها من أقراط من الذهب وحجر العقيق باللون الأخضر الزمردي وأساور وقلادات وسلاسل وخواتم. كلها تتمتع بخفة الوزن والابتكار. تقول فيولا إن هذه الخفة واحدة من أهم السمات التي تتميز بها العلامة. تشير إلى خاتم «كابوشون» مرصّع بالفيروز وأحجار بألوان متنوعة وهي تؤكد أنها تحرص على الحرفية المتوارثة أباً عن جد؛ الأمر الذي يفسر رائحة الفينتاج التي تفوح من بعضها من خلال طريقة رص وترصيع أحجارها.

أقراط أذن من الذهب والعقيق الأخضر (أتولييه في إم)

بيد أنها تُدرك أن عليها مخاطبة زمن مختلف تحتاج فيه المرأة إلى مجوهرات تجمع الجمال بالعملية حتى تستمتع بها نهاراً ومساءً. لهذا السبب وبمناسبة عيدها الـ25، طرحت مجموعة «بلومز» التي كما يدل عنوانها، تحاكي أشكال الورد المتفتحة والنباتات، مركّزة فيها على مواد حصرية وحرفية عالية. فهذه المجموعة لا تتمتع بخفة الوزن فحسب بل أيضاً بمعادن صيغت بأشكال رفيعة وكأنها خيوط من دون أن تتأثر صلابتها أو مرونتها؛ ما جعلها تحوز براءة اختراع.

معرض مصغَّر يستعرض مسيرة فيولا ومارتا عبر السنوات (أتولييه في إم)

سلالم ضيقة لن تنتبه لوجودها إلا في حالة قررت أن تُلحم سواراً أو خاتماً أو عقداً، ستأخذك إلى الطابق الأسفل لتقوم بالعملية بواسطة آلة ليزر متطورة لا تستغرق سوى بضع دقائق. في الجهة المقابلة، ستستمتع بدرس عن تاريخ العلامة من خلال صور لأهم القطع التي تم تصميمها من قِبل كل من فيولا ومارتا، منذ منتصف التسعينات إلى اليوم، إلى جانب قطع فنية أخرى تم تصميمها في مناسبات خاصة، مثل العمل الذي قدمته فيولا في حفل تخرجها.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

على الرغم من تعقيد الآلات المستعملة لصنعه، فإن نسيجه يستحق العناء، ويتحول إلى قماش ناعم جداً بمجرّد تحويله إلى سروال جينز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».