برنامج هارودز «ذا هايف» يعود إلى الرياض حاضناً المواهب الشابة

في نسخته الثانية يركز على فن سرد القصص الإنسانية وأهميتها

جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
TT

برنامج هارودز «ذا هايف» يعود إلى الرياض حاضناً المواهب الشابة

جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع الحالية، وإدخال أخرى تقرأ نبض الشارع وثقافة جيل صاعد يُعوِلون عليه ويريدون كسب ولائه بربط علاقة مستدامة معه.

وهذا تحديداً ما تقوم به بيوت أزياء عالمية حوَلت متاجرها إلى فضاءات ممتعة يمكن للزبون أن يقضي فيها يوماً كاملاً ما بين التسوق وتناول الطعام أو فقط الراحة وتجاذب أطراف الحديث مع الأصدقاء في جو مريح لا يشوبه أي تساؤل.

جانب من الحوارات في النسخة الأولى أظهرت تشبث الشباب السعودي بإرثه وموروثاته (هارودز)

محلات «هارودز» ذهبت إلى أبعد من ذلك. ففي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021، أطلقت ما أصبح يُعرف بـ«هارودز هايف». برنامج قائم على حوارات ونقاشات مُلهمة يستهدف احتضان المواهب المحلية الصاعدة ودعمها أينما كانت، وذلك بجمعها مع رواد الترف والمختصين في مجالات إبداعية بشباب صاعد متعطش للمعرفة واختراق العالمية.

كانت التجربة الأولى في شنغهاي، ومنها انتقلت إلى بكين ثم دبي وأخيراً وليس آخراً الرياض.

ففي يناير (كانون الثاني) 2024، وتحت عنوان «الغوص في مفهوم الفخامة»، كانت النسخة الأولى.

الأميرة الجوهرة بنت طلال بن عبد العزيز آل سعود في حوار جانبي مع الحضور (هارودز)

نجحت «هارودز» في إظهار مدى حماس شباب المنطقة لمعرفة المزيد عن مفهوم الفخامة الحصرية وطرق مزجها بثقافتهم وإرثهم. ما كان لافتاً في التجربة السعودية تحديداً تمسك الشباب بالتقاليد والتراث رغم انفتاحهم على العالم.

وهذا ما ترجمته الأميرة الجوهرة بنت طلال بن عبد العزيز آل سعود، سيّدة الأعمال والناشطة في الأعمال الخيرية التي شاركت في النسخة الأولى بقولها: «لم أُرِد يوماً أن أغيّر أي شيء في تقاليدنا، لأنّنا نملك الكثير من الفنون والإبداع. نحن نعتبر تقاليدنا من المسلّمات، لكن العالم توّاق لما هو جديد –وينبذ الرتابة– فقد ملّ من العلامات التجارية نفسها والتصاميم ذاتها».

سارة مايلر مدير تطوير الأعمال الدولية والاتصالات بـ«هارودز» (هارودز)

كان توجه «هارودز هايف» إلى الرياض مسألة بديهية، حسب قول سارة مايلر، مدير تطوير الأعمال الدولية والاتصالات بـ«هارودز» في لقاء خاص، «لقد جاء تماشياً مع رؤية المملكة 2030 والطفرة التي تشهدها حالياً... أردنا من خلال البرنامج التركيز على القدرات الثقافية والإبداعية التي تكتنزها هذه المنطقة لا سيما أن لدينا فيها زبائن مهمين تربطنا بهم علاقة سنين».

محلات «هارودز» مثل غيرها من العلامات الكبيرة، ليست مُغيَبة عن الواقع. هي الأخرى بدأت تلمس التغييرات التي يمر بها العالم وتؤثر على صناعة الترف بشكل مباشر.

من بين الاستراتيجيات التي اتخذها العديد من صناع الموضة والترف، كان التوجه إلى جيل «زي» الذي لم يعد يقبل بأي شيء ويناقش كل شيء. الترف بالنسبة له لم يعد يقتصر على استهلاك أزياء وإكسسوارات موسمية. بل أصبح يميل إلى أسلوب حياة قائم على معايير أخلاقية تراعي مفهوم الاستدامة من بين معايير أخرى. الموضة ترجمت هذه المطالب في منتجات مصنوعة بحرفية عالية، تبقى معه طويلاً، إضافة إلى تجارب ممتعة.

معانقة الاستدامة

متجر «هارودز» مثل غيره من العلامات الكبيرة، أعاد تشكيل تجربة التسوق بأن جعلها أكثر متعة وتنوعاً، كما تعزز الاستدامة والتواصل الثقافي. وهذا تحديداً ما تستهدفه مبادرة «ذا هايف» وفق قول سارة «فهذا النهج ليس منصة للحوارات فحسب، بل يتيح لنا التواصل مع الجمهور بشكل أفضل لكي نتمكن من فهمه ومن ثم تلبية احتياجاته وتوقعاته. كما يسمح لنا ببناء علاقة مستدامة مبنية على الاحترام وفهم احتياجات السوق المحلي. وليس هناك أفضل من الإبداع بكل فنونه قدرة على فتح حوار إنساني وثقافي».

إطلاق النسخة الثانية

قريباً وفي الـ11 من هذا الشهر، ستنطلق في الدرعية بالرياض الدورة الثانية تحت عنوان «إلهام الإبداع من خلال التجربات». عنوان واضح في نيته التركيز على القصص الشخصية والجماعية الملهمة. كل من تابع النقاشات التي شاركت فيها باقة من المؤثرين والمؤثرات في العام الماضي سيُدرك بأن فكرته وُلدت حينها. فالتمسك السعودي بالهوية والإرث لم يضاهه سوى ميل فطري للسرد القصصي.

سمة بوظو أكدت في نسخة 2024 أن فنّ رواية القصص جزء من التركيبة السعودية (هارودز)

أمر أوضحته بسمة بوظو، أحد مؤسّسي الأسبوع السعودي للتصميم والتي شاركت في نسخة 2024 بقولها: «بالنسبة لنا كمبدعين، فإن ولعنا بالفنون والحرف التقليدية ينبع من ولعنا بفنّ رواية القصص، لدرجة أنه يُشكّل محور كل أعمالنا». وتتابع مؤكدة: «حتى توفّر التكنولوجيا الحديثة واكتساحها مجالات كثيرة، يُلهمنا للارتقاء بفنّ رواية القصص».

من هذا المنظور، تعد سارة مايلر أن برنامج هذا العام لن يقل حماسًا وإلهاماً عن سابقه، خصوصاً أن الحلقات النقاشية ستستمد نكهة إنسانية من هذه القصص والتجارب الشخصية، بعناوين متنوعة مثل «إلهام الإبداع» و«الرابط»، و«تنمية المجتمع الإبداعي» و«القصص المهمة» وغيرها.


مقالات ذات صلة

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

على الرغم من تعقيد الآلات المستعملة لصنعه، فإن نسيجه يستحق العناء، ويتحول إلى قماش ناعم جداً بمجرّد تحويله إلى سروال جينز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

2024...عام الإقالات والتعيينات

ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)
ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)
TT

2024...عام الإقالات والتعيينات

ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)
ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

تعيين ماثيو بلايزي مصمماً لدار «شانيل»

ماثيو بلايزي يدخل دار «شانيل» (غيتي)

ربما يكون هذا التعيين هو الأهم لما تتمتع به الدار الفرنسية من أهمية. بلايزي الذي كان إلى عهد قريب مصمم دار «بوتيغا فينيتا» لن يخلف في الواقع فيرجيني فيارد، التي كانت اليد اليمنى للراحل كارل لاغرفيلد لعقود، فهي لم تكن سوى محطة توقفت عندها الدار الفرنسية لجس النبض والحفاظ على الاستمرارية. بلايزي كما يعرف الجميع سيخلف الراحل كارل لاغرفيلد نفسه، بكل ما يحمله هذا الاسم من قوة. لكن خبراء الموضة متفائلون، كون بلايزي أثبت نفسه في دار «بوتيغا فينيتا»، وخلال 3 سنوات فقط، حقّق لها نقلة مهمة. تعويذته كانت الحرفية في التنفيذ والتفاصيل، والابتكار في التصميم والألوان، الأمر الذي نتجت عنه منتجات حققت المعادلة بين الفني والتجاري التي راوغت العديد من أبناء جيله حتى الآن.

هادي سليمان يغادر «سيلين»

صورة أرشيفية لهادي سليمان تعود إلى عام 2019 (أ.ف.ب)

قبل تعيين ماثيو بلايزي مصمماً لدار «شانيل»، راجت شائعات بأن المنصب سيكون من نصيب هادي سليمان، لا محالة. لكن حتى الآن لم يُعلن المصمم عن محطته التالية، فيما عيّنت «سيلين» مايكل رايدر خليفة له في اليوم نفسه، وهو ما يجزم بأن المفاوضات كانت طويلة وشائكة بين الطرفين كما أشيع حينها. فالتخلي عن سليمان بعد 6 سنوات، لم يكن سهلاً، لا سيما وأنه ضاعف إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها هذا العام.

حيدر أكرمان في دار «توم فورد»

حيدر أكرمان مصمم «توم فورد» الجديد (غيتي)

تعيين حيدر أكرمان مديراً فنياً لدار «توم فورد» أثلج صدور الكثيرين من العاملين في قطاع الموضة، لما يتمتع به من احترام لأسلوبه الخاص في التفصيل والابتكار. كان من بين الأسماء التي طُرحت لتسلم مقاليد دار «شانيل» من فيرجيني فيارد، خصوصاً أن الراحل كارل لاغرفيلد وصفه في أحد تصريحاته بأنه «خليفته المثالي في (شانيل)». لكن يبدو أن كفة ماثيو بلايزي غلبت.

جوليان كلاوسنر مديراً فنياً لدار «دريس فان نوتن»

جوليان كلاوسنر المدير الفني الجديد لدار «دريس فان نوتن» (دريس فان نوتن)

أُعلن مؤخراً تولي البلجيكي جوليان كلاوسنر منصب المدير الإبداعي للدار بعد أشهر من التكهنات إثر استقالة مؤسسها دريس فان نوتن من منصبه في شهر مارس (آذار) الماضي. المؤسس برّر قرار التقاعد في سن الـ65، بأنه نابع أولاً من رغبة في أن يُفسح المجال لدماء جديدة وشابة، وثانياً في أن يتفرّغ إلى نشاطات وهوايات أجّلها طويلاً.

«فالنتينو» تودّع بكيولي وتستقبل ميكيلي

أليساندرو ميكيلي المدير الإبداعي الجديد لدار «فالنتينو» (فالنتينو)

ربما يمكن استغناء دار «فالنتينو» عن بييرباولو بكيولي واستبداله بأليساندرو ميكيلي مصمم «غوتشي» السابق مفاجأة العام. فبييرباولو بكيولي محبوب من قبل خبراء الموضة ومتابعيها. عروضه كانت دائماً تثير العواطف والمشاعر، وليس أدل على هذا من دموع النجمة سيلين ديون وهي تتابع أحد عروضه في باريس. لكن المشاعر شيء والربح شيء آخر على ما يبدو بالنسبة للمجموعات الضخمة.

في أقل من أسبوع من خروجه، دخل أليساندرو ميكيلي، المعروف بأسلوب «الماكسيماليزم» الذي يدمج فيه الـ«فينتاج» بطريقة جريئة رآها البعض أنها لا تتناسب مع روح «فالنتينو» الرومانسية. لكن في عرضه الأول، قدّم تشكيلة أجمع الكل على أنها كانت إيجابية، على عكس التوقعات بأنه سيفرض أسلوبه الخاص ويمحي كل ما قبله، مثلما فعل في دار «غوتشي» سابقاً.

أوساط الموضة تُودّع ديفيد رين

المصمم الراحل ديفيد رين (موسكينو)

لم يمر سوى شهر فقط على تعيينه مديراً فنياً لدار «موسكينو»، حتى وافت المنية مصمم الأزياء الإيطالي ديفيد رين بعد تعرضه لمشكلة في القلب.

تعيينه خلفاً لجيريمي سكوت الذي غادرها في شهر مارس الماضي، كان خطوة مهمة في مسيرة الدار الإيطالية التي صرّحت بأن آمالاً كبيرة كانت معقودة عليه؛ نظراً لخبرته التي تمتد على مدى عقدين من الزمن عمل فيها في دار «غوتشي». كان لا بد من اتخاذ قرار سريع انتهى بتعيين أدريان أبيولازا مديراً إبداعياً جديداً لها.