«فان كليف آند آربلز» تستعرض إرثها بكتاب للتاريخ ومجوهرات لملكات مصر

مجلد يسجل حركات فنية عاشتها الدار وأثّرت على إبداعاتها

من القطع التي صممتها الدار في عام 1907 لأحد هواة اقتناء التحف (فان كليف آند آربلز)
من القطع التي صممتها الدار في عام 1907 لأحد هواة اقتناء التحف (فان كليف آند آربلز)
TT

«فان كليف آند آربلز» تستعرض إرثها بكتاب للتاريخ ومجوهرات لملكات مصر

من القطع التي صممتها الدار في عام 1907 لأحد هواة اقتناء التحف (فان كليف آند آربلز)
من القطع التي صممتها الدار في عام 1907 لأحد هواة اقتناء التحف (فان كليف آند آربلز)

في بداية الشهر الماضي، أعلنت مجموعة «ريشمون»، المالكة لعدة دور ساعات ومجوهرات، تعيين كاثرين رينييه، الرئيس التنفيذي السابق في دار «جيجير لوكولتر» رئيساً تنفيذياً في دار «فان كليف آند آربلز» خليفة لنيكولاس بوس. هذا الأخير ترقَّى لمنصب رئيس «ريشمون» التنفيذي بعد محاولات كثيرة لإقناعه.

نيكولا بوس الرئيس التنفيذي السابق للدار والرئيس التنفيذي الحالي لمجموعة «ريشمون» (فان كليف آند آربلز)

فمن يعرف نيكولاس، يعرف مدى عشقه لدار «فان كليف آند آربلز». في أي لقاء يُجرى معه، تشعر بأنه موسوعة معلومات لا يمل أو يكل عن الكلام عن تاريخها وإرثها وفنياتها الفريدة. في دقائق، يُحوِّل محاوره إلى مُستمع... مستمتع.

ما يُحسب له أنه لم يترك الدار إلا بعد أن خلَّف بصمات مهمة فيها، من إسهاماته في وضع أسس مدرسة «L’École وVan Cleef & Arpels» في عام 2012، وهذا العام في افتتاح فرع جديد لها في فندق «دي ميرسيه-أرجانتو» (Hôtel de Mercy-Argenteau).

بمعماره الـ«نيوكلاسيكي» ورحابته وتاريخه العريق، كان الفضاء المناسب لاحتواء مساحة عرض، ومساحة لتنظيم دورات دراسية وتدريبية، يتعلّم فيها المهتم كل ما يتعلق بعلم الأحجار وتاريخ المجوهرات، إلى جانب تقنيات الترصيع والتصميم والطلاء. والأهم من هذا مكتبة يمكن لمرتادها أن يتعمق في كتبها المتخصصة في هذا المجال. بالنسبة له فإن ثقافة المجوهرات والإلمام بأسرارها جزء من ثقافة الحياة.

عقد صمم لملكة مصر السابقة نازلي من الألماس والبلاتين (فان كليف آند آربلز)

كان لافتاً خلال أسبوع باريس للـ«هوت كوتور» الأخير، أن الدار لم تُقدم في هذا الفندق الذي كان في يوم ما أيضاً قصراً فخماً ومسرحاً، جديدها كما جرت العادة. ففي هذا الأسبوع تتنافس عادة دور الأزياء الكبيرة مع صناع المجوهرات الرفيعة على استعراض المهارات العالية وجذب زبونات مخمليات. تغنَّت في المقابل بإرثها. استعرضته من خلال قطع مجوهرات تراثية كانت رائدة في زمنها، ولا تزال تُلهم الحرفيين والصاغة إلى الآن، مثل عقد من الألماس والبلاتين صممته الدار لملكة مصر السابقة، نازلي، وآخر لا يقل إبداعاً وفخامة للملكة فريدة، وهلم جراً من الابتكارات.

غلاف الكتاب الأول الذي نُشر مؤخراً من منشورات «Atelier EXB» (فان كليف آند آربلز)

ولأن المعرض كان مؤقتاً، كان لا بد من مشروع طويل المدى يبقى شاهداً على مدى شغف نيكولاس بوس بتاريخ الدار من جهة، وقوة المجموعات التراثية الإبداعية فيها من جهة أخرى، لتولّد فكرة سلسلة مُجلدات كتب تعكس القيمة السردية والبصرية لهذا التاريخ والإرث، وتضعها في سياقها الزمني والثقافي. نُشر منها الكتاب الأول هذا العام. يتألف من 678 صفحة، ويتناول الفترة ما بين 1906 و1953 على أن يجري نشر كتب تتناول الحقب التالية تباعاً. تعاملت الدار، وفق قول نيكولاس، مع هذا الكتاب من الناحية البصرية «وكأنّه كتالوج لمعرض، تكمل فيها إبداعات المجوهرات ومواد الأرشيف بعضها بعضاً، كما أنتجنا أفلاماً لإثراء النسخة الرقمية منه».

أراد نيكولاس أن يأتي الكتاب من الناحية البصرية كأنّه كتالوج لمعرض حي (فان كليف آند آربلز)

لم يكن تنفيذ المشروع صعباً، حسب قوله، لأن قسم التراث وفّر كل المواد المطلوبة وهي كثيرة «تضمّ اليوم أكثر من 2700 قطعة، تمثّل ابتكارات ومصادر إلهام الدار وتطوراتها».

اختار نيكولاس وفريقه للكتاب عنواناً رئيسياً مباشراً هو «مجموعة فان كليف آند آربلز»، ونظراً لغزارة الصور والمعلومات، جرى تقسيمه إلى 3 فصول حسب التواريخ، وأهميتها بالنسبة للدار، والحركات الفنية والتاريخية التي عايشتها وأثرت عليها.

1- «الطفرة الإبداعية (1906-1925)»

سوار يعود إلى عام 1924 يجسد الحركة الزخرفية التي ظهرت في بداية القرن الماضي وتبنتها الدار (فان كليف آند آربلز)

يبدأ هذا الفصل بأول محل يفتتح في «بلاس فاندوم»، ويُختتم في 1925، العام الذي نُظِّم فيه ولأول مرة «المعرض الدولي للفنون الزخرفية والصناعية العصرية» في باريس. كان هذا الحدث بداية ظهور حركة «الآرت ديكو»، التي شكّلت نقطة تحوّل مهمة في مسيرة «فان كليف آند آربلز». تبنَّتها وسرعان ما ظهر تأثيرها في مجموعات وقطع أيقونية لم يؤثر الزمن على جمالها وقيمتها لحد اليوم، منها سوار «إنتوايند فلاورز، ريد آند وايت روز»، الذي كان بمثابة ثورة في مطلع العشرينات من القرن الماضي من الناحيتين التقنية والزخرفية. في الأولى جاء ملاصقاً للمعصم بشكل مريح ومرن، وفي الثانية زيَّنته أغصان ورد يؤطّرها خطّان من أحجار الألماس، إلى جانب الورود ذات بتلات مكونة من أحجار مرصوفة موحّدة وأخرى ترصّع تويجاتها بأحجار الياقوت المصقول، وقلوب من الألماس الأصفر. وتستكمل تركيبة الزهور بشبكة من الأغصان المصنوعة من الأونيكس تظهر منها أوراق وبراعم الزمرد والياقوت.

بروش على شكل باقة ورد مشكلة بالأحجار الكريمة يعود إلى عام 1938 (فان كليف آند آربلز)

كان اختيار الورود تحديداً شاهداً على اهتمام الدار بالفنون الزخرفية، التي ازدهرت في العقد الأول من القرن العشرين، وظهرت في شتى المجالات الفنية، بما في ذلك الموضة، من خلال منسوجات بول إيريب وتصاميم بول بواريه وغيره. فاز هذا السوار في عام 1925 خلال المعرض التاريخي بجائزة كبرى للمجوهرات.

2 - هوية فريدة (1926 و1937)

كان لتعيين رونيه بويسان في عام 1926 الفضل في ابتكارات متنوعة منها أول حقيبة مينوديير في (1933) (فان كليف آند آربلز)

يركز هذا الفصل على الفوران الإبداعي غير المسبوق الذي شهدته ورشات واستوديوهات الدار بعد نجاحها في العام 1925. في عام 1926، تم تعيين رونيه بويسان، وهي ابنة ألفريد فان كليف وإستير آربلز، مديرة فنية لـ«فان كليف آند آربلز». كان لها الفضل في التحفيز على ابتكار المزيد من القطع بما يتماشى مع تطورات الفنون الزخرفية والتقنيات. وكانت النتيجة مشبك سيركل (1930)، وأول حقيبة «مينوديير» يشهدها عالم الموضة (1933)، وسوار لودو (1934)، وساعة كادُنا (1935).

كانت هذه الابتكارات فاصلة في تاريخ الدار، وهذا ما يفسر اختيار الدار بروش «فلاور» من العام 1936 والمشغول بتقنية «ميستري ست» بوصفه غلافاً للكتاب.

بروش «فلور» كان اختياره لغلاف الكتاب طبيعياً لما يضمنه من إرث ثقافي وجمالي وفني يجسد حركة «الآرت ديكو» في أجمل حالاتها (فان كليف آند آربلز)

يشرح نيكولاس إنه يمثل نقلة محورية من الناحيتين الجمالية والتقنية على حد سواء «يستعرض بعض خصائص فن الآرت ديكو، مثل الخطوط الهندسية للزخرفة السفلية، وفي الوقت نفسه يشير إلى التطورات التي ستؤثر على فنون الصياغة فيما بعد، بمنحنياته المبسطة للورقة العلوية». ويتابع أن «الشكل الطبيعي لهذه الزخرفة يتمتع بتقنية (ميستري ست)، وهي مهارة تجعل الهيكل المعدني الأساسي غير مرئي للعين المجردة». تجدر الإشارة إلى أن هذه التقنية، التي أصبحت رمزاً للدار، حصلت على براءة اختراع لأول مرة في العام 1933، وجرى تكييفها مع أشكال ثلاثية الأبعاد في العام 1935، ليحصل هذا التطوير على براءة اختراع ثانية في العام 1936. «لهذه الأسباب رأينا أنها قطعة تعبر تمامًا عن جوهر هذا الكتاب. وكان من الطبيعي اختيارها للغلاف» وفق قوله.

3- من باريس إلى نيويورك (1938-1953)

تمثّل هذه الساعة من مجموعة «باس بارتو» تركيبة شاعرية للمبادئ الحداثية والساعات السرية (فان كليف آند آربلز)

يتناول الفصل الثالث والأخير من الكتاب، الفترة التي انتقلت فيها الدار إلى نيويورك. فبعد النجاح الذي حققته في المعرض العالمي بباريس عام 1937، كان معرض نيويورك العالمي في العام 1939 فرصةً للوجود والتوسع في أميركا. قدَّمت الدار في المعرض واحداً من أهم ابتكاراتها «باس بارتو». مجموعة تتميز بتقنيات عالية، تضفي على كل قطعة مرونة تجعلها قابلة للتحوُّل واتخاذ أشكال ووظائف مختلفة. كانت تجسيداً جريئاً يجمع بين الفنون الزخرفية من خلال أشكال الأزهار التقليدية والأسلوب الوظيفي الحداثي. طبعاً حصلت هذه الابتكارات هي الأخرى على براءة اختراع في عام 1938.

مشبك على شكل راقصة باليه يعود إلى عام 1953 يسجل مرحلة انتقال الدار إلى نيويورك (فان كليف آند آربلز)

نظراً لهذا النجاح، كان من الطبيعي أن تفكر العائلة في التوسع في الولايات المتحدة، لا سيما بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، وما ترتب عليها من إغلاق مشاغل وورشات العمل وانخراط الحرفيين في أعمال الحرب. انتقل بعض من أفراد العائلة إلى نيويورك، وافتتحوا ورشات عمل لم تتوقف عن الابتكار والاندماج في حركات فنية جرى تجسيدها في قطع مبتكرة تظهر حيناً في شكل راقصة باليه وتارة في ساعات سرية وغيرها.

يختتم المجلّد الأول في العام 1953، وهذا العام يعدّ محورياً بالنسبة إلى «فان كليف آند آربلز»، لأنه يضع نقطة النهاية على مرحلة مهمة، ليفسح المجال لمراحل أخرى لا تقل أهمية وتأثيراً. ففي العام 1954، أطلق مفهوم «البوتيك» لأول مرة، وهو ما سيفتتح به المجلّد 3 من هذا الكتالوج لمجموعة «فان كليف آند آربلز».

==


مقالات ذات صلة

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

على الرغم من عدم فوز أي مغربي أو مغربية بأي جائزة هذا العام، فإن مراكش كانت على رأس الفائزين.

جميلة حلفيشي (مراكش)
لمسات الموضة ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

احتفلت «بولغري» مؤخراً بطرح نسخ جديدة من مجموعة «توبوغاس» عادت فيها إلى البدايات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة كانت هذه أول مجموعة جديدة تطرحها الدار منذ 25 عاماً وبالتالي كان من الطبيعي أن يتوق الكل لمعرفة أي تفاصيل تُخبر عنها (باتيك فيليب)

«باتيك فيليب» تكشف عن إصدارها الجديد منذ 25 عاماً

ردود الفعل «المتسرعة» التي أثارتها المجموعة بعد الكشف عنها مباشرة، لا تترك أدنى شك في أن سببها يعود إلى عنصر المفاجأة بشكلها المربع لا أقل ولا أكثر.

جميلة حلفيشي (ميونيخ)

إيلي صعب لـ «الشرق الأوسط»: «موسم الرياض» جسّد حلماً عربياً

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

إيلي صعب لـ «الشرق الأوسط»: «موسم الرياض» جسّد حلماً عربياً

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

مطلع العام الحالي، بدأت القصة تنسج خيوطها في لندن، وفي الرياض اكتملت في ليلة استثنائية بعنوان «1001 موسم من إيلي صعب»، تحتفل بمسيرة مصمم أصبح فخر العرب، كما بالثقافة والموسيقى والترفيه.

في حفل ضخم حضره نجوم السينما والموسيقى من كل أنحاء العالم، وأحياه نجوم مثل سيلين ديون وجينفر لوبيز وكاميلا كابيلو ونانسي عجرم وعمرو دياب، عاش أكثر من 1000 ضيف ساعات ستبقى محفورة في الأذهان؛ لما فيها من إبداع وإبهار تعمّده مصمم الأزياء اللبناني، وكأنه يتحدى به العالم.

ففي بريقها تكمن قوته، وفي أنوثتها الرومانسية أساس مدرسة أرساها منذ 45 عاماً في بيروت، ونشرها في كل أنحاء العالم.

وقال صعب لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما قُدم في (موسم الرياض) جسّد حلمنا جميعاً، ونستحقه بوصفنا عرباً». وأضاف أن سعادته بهذا الحدث تنبع من نجاحه في إثبات أن منطقة الشرق الأوسط معطاءة وقادرة على الإبداع.

أما عرضه الذي ضم نحو 300 قطعة جديدة وأرشيفية، فكان يحمل رسالة حب للمرأة في كل زمان ومكان، وهو ما أكده الفستان الأيقوني الذي تسلمت به هالي بيري جائزة الأوسكار في عام 2002.