كارولينا هيريرا تبعث رسالة حب بخلاصات شرقية

عطرها الجديد «ترو عود» وُلد من ذكرياتها في أسواق السعودية وطقوس البخور الحميمة

كاورلينا أدريانا هيريرا في إحدى رحلاتها إلى منطقة الشرق الأوسط (كارولينا هيريرا)
كاورلينا أدريانا هيريرا في إحدى رحلاتها إلى منطقة الشرق الأوسط (كارولينا هيريرا)
TT

كارولينا هيريرا تبعث رسالة حب بخلاصات شرقية

كاورلينا أدريانا هيريرا في إحدى رحلاتها إلى منطقة الشرق الأوسط (كارولينا هيريرا)
كاورلينا أدريانا هيريرا في إحدى رحلاتها إلى منطقة الشرق الأوسط (كارولينا هيريرا)

قبل أن تُؤجِج المجموعات الرمضانية الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط في شهر رمضان الفضيل وتجعل صناع الموضة يتنافسون على طرح أزياء وإكسسوارات خاصة وحصرية، كانت العطور أول ما جذبهم إلى المنطقة. العود تحديداً أثار فضولهم وقريحتهم على حد سواء.

عندما وصلت رائحته إليهم منذ أكثر من عقد من الزمن، لم يستسيغوها. كانت نفاذة وقوية مقارنة بما تعودوا عليه من عطور بخلاصات الورد والفواكه. لكنه فرض نفسه عليهم بقوته. فأهمية سوق الشرق الأوسط وما تُحققه لهم من أرباح في مجال العطور تحديداً لا تُقدر بثمن.

لم تنجح محاولاتهم الأولى في التعامل معه، إلا أن «التكرار يُعلم الشطار» كما يقال. مع الوقت تطورت العلاقة بينهم. كانت وصفتهم الناجحة مزجه بخلاصات أخرى جعلته مقبولاً على المستويين العربي والعالمي. لكن كما تقول كارولينا أدريانا هيريرا، ابنة مؤسسة دار الأزياء الشهيرة، والمديرة الإبداعية لقسم الجمال والعطور في الدار، العملية لم تقتصر على إتقان فنون مزجه بمكونات وخلاصات مترفة، بل كان عليهم أن يفهموا ثقافته ويفكوا الرموز التي تجعله جزءاً من تاريخ وثقافة تدخل في صميم الروتين اليومي للعائلات الشرقية. وهذا ما قامت به.

أدركت بحسها أنها لكي تنال رضا سوق الشرق الأوسط فعليها أن تنغمس في كل تقاليده (كارولينا هيريرا)

كانت ذكية. أدركت بحسها أنها لكي تنال رضا سوق الشرق الأوسط، فعليها أن تنغمس في تقاليده وتتعمّق في طقوسه. قامت برحلات كثيرة إلى الخليج العربي برفقة والدتها، وخلال هذه الرحلات اكتشفت كما تقول «الدور الجوهري الذي تلعبه العطور في الثقافة العربية». تتذكر كيف زارت الأسواق التقليدية واندمجت في العالم الفريد للعطور والزيوت قبل أن تطلق في 2017 مجموعة «الكنوز الشرقية» وهي عبارة عن أربعة عطور مستوحاة من أجواء الشرق: عطر غولد إينسينس، وبلاتينيوم ليذر، وبرونز تونكا، وغولد مير أبسولوت. أضافت إليها هذا العام عطر ترو عود. عطر ليس ككل العطور. يعانق الشرق بدفء ويلتحم به. تقول إنها استوحته «من أحدث تجاربي في الشرق الأوسط، ومما صادفته من روائح مميزة وما تعلمته عن طقوس الاحتفالات المحلية والمناسبات العائلية، التي لا تكتمل من دون بخور أو رشات من عطر العود».

العملية لم تقتصر على إتقان فنون مزجه بل أيضاً على ضرورة فهمه بوصفه جزءاً من ثقافة تدخل في صميم الروتين اليومي للعائلات الشرقية (كارولينا هيريرا)

وتتابع: «قبل زياراتي، سمعت كثيراً عن العادات العربية، ولما حضرت لمستها بنفسي، مثل تعطير أثاث المنزل قبل استقبال الضيوف تعبيراً عن مكانته في نفوس أهل البيت، وضرورة أن تبقى المبخرة مشتعلة في منتصف الطاولة بين الحضور. مشاهدة هذه الطقوس شخصياً جعلتني أدرك أن الدور الذي تلعبه العطور يتعدى حسن الضيافة، وأن الموضوع يرتبط بالهوية والتقاليد المتوارثة». فمع بدء التبخير، تنطلق عادة جلسات ما بعد الظهيرة مصحوبة بالتمر وأكواب الشاي والقهوة ودخان العود وهو يتبخر ببطء ليصبح جزءاً لا يتجزأ من الأجواء والحكايات المرويّة.

مع بدء التبخير تنطلق الجلسات مصحوبةً بالتمر وأكواب الشاي والقهوة ودخان العود وهو يتبخر ببطء (كارولينا هيريرا)

تقول إن من بين ما شدّها في هذه الجلسات كيف «أن الكل وبدلاً من التقاط صور لتسجيل اللحظة كما نفعل في الغرب، يفضّل تذكّرها بشكل إنساني معطر برائحة العود».

لم يكن الحصول على العود عملية سهلة كما تقول، فمن بين مائة شجرة عود، لا ينتج إلا عددٌ قليل منها الراتنج العطري الذي يحتاج إلى ما يصل إلى خمسين عاماً ليتكوّن طبيعياً. ولهذا السبب يُشبَّه زيته العطري بالذهب السائل. تتذكر كارولينا هيريرا أنها انبهرت كيف يفرق حتى الإنسان العادي بين العود الجيد وغير العادي. منهم تعلمت فحص جودة العود باستخدام كأس ماء «لم تطفُ قطع العود في المياه، ما يدل على جودتها العالية».

اختزلت في العطر الجديد طقوس الاحتفالات المحلية والمناسبات العائلية التي لا تكتمل من دون بخور أوعود (كارولينا هيريرا)

من هذا الوعي والتجارب الشخصية وُلد «ترو عود» العطر الخامس في مجموعة الكنوز الشرقية. أوكلت مهمة إبداعه للعطار جوردي فيرنانديز الذي قضى أكثر من 20 عاماً في دراسة تقاليد الشرق الأوسط، ويملك قاعدة واسعة من المعلومات عن المنطقة وتقاليد سكانها. كانت تعليماتها له واضحة: أن يأتي مناسباً للرجال والنساء، وأن يرتكز على العود الطبيعي، ويبتعد عن الكليشيهات التجارية حتى يبقى مخلصاً لهويته. وهكذا تجنّب فيرنانديز المكونات المستمدة من التوابل أو بعض الحيوانات، وركّز على باقة من الأزهار، مثل الباتشولي والياسمين المصري، بينما جعل قاعدتها نفحات خشبية مترفة. كان مهماً بالنسبة له أيضاً أن يستورد العود من تايلاند، لما يتميز به من كثافة وعمق، إضافة إلى أنه حاصل على ترخيص من معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض.

من بين مائة شجرة عود لا ينتج إلا عددٌ قليل منها الراتنج العطري الذي يحتاج إلى ما يصل إلى خمسين عاماً ليتكوّن طبيعياً (كارولينا هيريرا)

يشرح جوردي فيرنانديز عملية ابتكاره والخطوات التي أخذها بعين الاعتبار قائلاً: «هذا العطر خاصة صُمم لكي يرتبط على نحو وثيق بالذكريات والأوقات الممتعة مع العائلة والأصدقاء في المنطقة العربية، لهذا كان مهماً أن يأتي برائحة أقوى من الزيت العطري. كما حرصنا فيه على استخدام عود يمكن إنتاجه بطريقة مستدامة، كي نضمن ألا يفقد العطر كثافته ونقاوته مع الزمن».

تتكون قاعدة العطر من زيت خشب الصندل وخلاصات الباتشولي مع لمسات من خشب الأكيجالا والمسك والعنبر. بينما يغلب على القاعدة الوسطى نفحات من العود يخفف من قوته زهر الياسمين المصري. أما النفحات العليا، فيعود الفضل في انتعاشها إلى زهر الأوسمانثوس الصيني الذي تشبه رائحته رائحة المشمش ونفحات من الزيتون بنغمات الزعفران والفريزيا.


مقالات ذات صلة

«دولتشي آند غابانا» تطلق عطراً للكلاب

لمسات الموضة عطر خاص بالكلاب يحمل اسم «فافيه» (دولتشي آند غابانا)

«دولتشي آند غابانا» تطلق عطراً للكلاب

أطلقت «دولتشي آند غابانا» عطراً خاصاً بالكلاب يحمل اسم «فافيه».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يشارك المصور العالمي فلاديمير أنطاكي زوار المعرض جولته في أزقة الرياض (هيئة المتاحف)

«درب البخور» شريان اقتصادي وطريق عبور تاريخية في رحلة صناعة العطور

منذ العصور القديمة لعبت الجزيرة العربية أرض اللبان والعنبر والمر دوراً رئيسياً في تركيب العطور وقدم العالم العربي على اتساعه أنواعاً من الزهور لإثراء الوصفات.

عمر البدوي (الرياض)
لمسات الموضة تم الكشف عن هذه المجموعة بمناسبة افتتاح الدار لأول محل مجوهرات وساعات مستقل بنيويورك (شانيل)

عطر «شانيل نمبر 5» يصل إلى عالم المجوهرات الرفيعة

عطر عمره أكثر من قرن. تتوارثه الحفيدات عن الأمهات والجدات، وفي كل مرة ينجح في دغدغة الحواس بإحيائه ذكريات لأشخاص مروا بحياتنا أو أثروها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كل العطور التي ابتكرها هادي سليمان حتى الآن مستلهمة من تجاربه الخاصة (سيلين)

خلي بالك من «زوزو»... العطر الجديد لـ«سيلين»

«زوزو» هو آخر عطر في سلسلة العطور المتخصصة التي طرحها المصمم هادي سليمان لدار «سيلين». ولولا أننا نجهل مدى ثقافته بالسينما العربية، لدفعنا الحماس للقول أن…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة بدأت الفانيلا تسترجع مكانتها في صناعة العطور الدافئة والمريحة (أوجار)

2024... سيكون «عام الفانيلا» في عالم العطور

استعمال الفانيلا (الفانيليا) في العطور ليس جديدا؛ إذ يعود لبداية القرن الماضي، لكنه بدأ يسترجع مكانته وقوته بسبب الحنين للماضي وما يوحيه من دفء وذكريات الطفولة.

مروى صبري (القاهرة)

كيف تؤثر البدلات غير الملائمة على صورة ترمب السياسية؟

عقد الربطات الضيقة (رويترز)
عقد الربطات الضيقة (رويترز)
TT

كيف تؤثر البدلات غير الملائمة على صورة ترمب السياسية؟

عقد الربطات الضيقة (رويترز)
عقد الربطات الضيقة (رويترز)

الأزياء هي الواجهة التي تساعد على خلق تأثير أو انطباع لدى الآخر. هذا أمر مهم بالنسبة للكل، لكنه يزيد بالنسبة للسياسيين خصوصاً عندما يخوضون حملة انتخابية هدفها إقناع الناخبين بأنهم الأفضل، والحصول على أكثر الأصوات.

دونالد ترمب لا يثير الجدل بتصريحاته وسياساته فحسب بل حتى بمظهره. من تسريحة شعره التي تحولت على وسائل التواصل الاجتماعي إلى «ميم» كاريكاتوري يتفكه عليه البعض إلى بدلاته وإكسسواراته. فهي دائماً بالتصميم نفسه: أكتاف مبالغ فيها وربطة عنق معقودة بشكل تبدو فيه وكأنها ستخنقه. كل هذه التفاصيل تظهر عنصراً رئيسياً في تشكيل صورته العامة، التي غالباً ما تكون مصدراً للانتقاد بدلاً من الإعجاب. ما يشفع له أنه لم يُنصِب نفسه يوماً أيقونة موضة أو ادعى أنه يهتم بها. يبدو واضحاً أنه يترك تلميع المظهر وإبراز الأناقة لزوجته ميلانيا.

وسادات الكتف العملاقة وعقد الربطات الضيقة والسترات الضخمة والسراويل الفضفاضة (د.ب.أ)

منذ سنوات، وأسلوب ترمب جزء لا يتجزأ من شخصيته العامة. لا يُغيِره مهما ترددت الانتقادات، الأمر الذي يدعو البعض للتساؤل ما إذا كان مظهره غير المتناسق والرتيب، يُؤثر على صورته السياسية، حسبما أفادت صحيفة «التليغراف»، التي تفيد بأن الرئيس السابق يميل إلى ارتداء بدلات واسعة ذات أكتاف ضخمة، وسراويل ذات أرجل واسعة. وهو أسلوب يبدو أنه يلتزم به دون أي مراعاة لتفاصيل التناسق.

في أحدث ظهور له، أثير الجدل مرة أخرى حول بدلاته التي لا تتغير، وعدم تفصيلها بشكل يتماشى مع مقاس جسمه. ففي مقابلة مع الملياردير إيلون ماسك، التُقطت صورة له وهو منحنٍ فوق مكتب، يظهر فيها بأزرار أكمام لامعة وكتافات ضخمة تمتد حتى أذنه. هذا المظهر لم يمر مرور الكرام على المنتقدين. سرعان ما غرد ديريك جاي، المعلق في مجال الموضة، على منصة «X»، مُشرِحاً مظهره وإطلالته.

اعتبر جاي أن البدلات غير المتناسقة وحجم الكتافات المبالغ فيه لا تساهم في تحسين مظهره، بل العكس تماماً، مضيفاً أن على الرغم من أنها من توقيع علامات عالمية معروفة بالتفصيل والأناقة مثل «بريوني» فإنها دائماً تخذله ولا تبدو مُفصلة على مقاسه.

هذا الأسلوب، انتقدته أيضاً مجلة «إسكواير» في عام 2017، مشيرة إلى أنه أسلوب لا يخدم صورة ترمب بأي شكل من الأشكال، بدءاً من اتساع ملابسه وعدم تناسقها مع جسمه إلى تفضيله أقمشة لامعة تزيد من إبراز عيوبه.

أحد العناصر الأخرى التي تساهم في عدم تحسين مظهره هو ربطة العنق الطويلة التي يعتمدها، وتُبرز ترهلات الجلد حول الرقبة، فتزيد من شيخوخته.

السترات الضخمة والسراويل الفضفاضة (أ.ب)

حتى السياسي الجمهوري كريس كريستي، الذي نافسه في الانتخابات السابقة، كان له الرأي نفسه وصرح في إحدى المرات أن هذه الربطة تعطي انطباعاً سلبياً وغير متوازن.

في خضم كل هذه الانتقادات، لا يبدو أن ترمب مهتم بتغيير أسلوبه لإرضاء الناخبين معتمداً على تصريحات نارية وولاءات سياسية. لكنه رغم أن الأزياء والإكسسوارات قد تبدو مجرد تفاصيل صغيرة مقارنة بالأجندة السياسية لأي سياسي، ومنهم ترمب، فإنها تلعب دوراً مهماً في تشكيل الصورة العامة ولها تأثير كبير.

في عالم السياسة بالذات، فإن كل تفصيل له تأثير، وحتى الآن فإن البدلات التي يعتمدها ترمب تُعزز من صورته المثيرة للجدل، وتُفرِق عوض أن تجمع.