بيير باولو بيتشيولي يغادر دار «فالنتينو» بعد 25 عاماً

بييرباولو بيتشيولي (رويترز)
بييرباولو بيتشيولي (رويترز)
TT

بيير باولو بيتشيولي يغادر دار «فالنتينو» بعد 25 عاماً

بييرباولو بيتشيولي (رويترز)
بييرباولو بيتشيولي (رويترز)

في الأسبوع الماضي استمرت سلسلة التغييرات في ساحة الموضة. كان آخرها الإعلان عن مغادرة بيير باولو بيتشولي، مصمم دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» بعد 25 عاماً. السؤال الذي يطرح نفسه ما إذا كان يعرف أنه سيتركها بعد فترة قصيرة من عرضه الأخير لربيع وصيف 2024 في باريس أم كان القرار مفاجئاً بالنسبة له هو الآخر؟ قد تكون العملية فنية بحتة، لكن إعلان خبر مغادرته، شجع على إعادة النظر في تشكيلته وما إذا كانت تخبر عن هذا الفراق. كانت كلها ملونة بالأسود، وهو الذي يعشق الألوان المتوهجة.

لون كل تشكيلته الأخيرة باللون الأسود على عكس ما عوَدنا (فالنتينو)

صرحت دار «فالنتينو» مؤخراً أنها اتفقت مع بيتشولي على إنهاء تعاونهما ودياً، وأنه سيتم الإعلان عن «تنظيم إبداعي» جديد قريباً. وتأتي موجة التغييرات الأخيرة في ساحة الموضة في الوقت الذي تتكيف فيه صناعة المنتجات الفاخرة مع انخفاض النمو في أعقاب فورة الإنفاق بعد الجائحة، وما تلاها من حروب وتضخم، جعلت الجيل الشاب يكبح جموحه للشراء.

بيير باولو بيتشيولي (فالنتينو)

بهذا القرار، ينضم بيتشيولي إلى مصممين حققوا نجاحات كبيرة مثل أليساندرو ميشال، مصمم «غوتشي» السابق وسارة بيرتون، المديرة الإبداعية لدار «ألكسندر ماكوين» كمصممين من دون بيت أزياء في الوقت الحالي، في وقت تبحث فيه كل من «جيفنشي» و«لانفان» و«دريز فان نوتن» عن مصممين.

اللافت في حالة بيير باولو بيتشولي أنه يخرج وهو واحد من أهم المصممين المبدعين في الساحة. بينما يمكن تفهم أن خروج أليساندرو ميشال من دار «غوتشي» يعود إلى كونه استنفد أسلوب الماكسيماليزم الذي تبناه وأصاب شريحة مهمة من زبائن الدار الإيطالية بالتخمة، فإن بيتشولي وحتى آخر عرض قدمه، أكد أنه لا يزال قادراً على تحريك العواطف واللعب بالألوان، وإن كانت لوناً واحداً وقاتماً مثل الأسود. عروضه تنجح دائماً في جعل الناظر يحلم بها. بل وتنتزع الدموع من أعين الحضور، كما حصل مع المغنية سيلين ديون عندما حضرت عرضه من خط الـ«هوت كوتور» في يناير (كانون الثاني) من عام 2019.

قدراته على اللعب بالأحجام بشاعرية مشهود له بها (فالنتينو)

هذا التأثير والقوة يجعلان القرار الأخير مفاجئاً، لا سيما وأن بيتشولي أصبح جزءاً من الدار. بدأ مشواره فيها منذ 1999 مع رفيقة دربه ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» الحالية. سبق وعمل معها في دار «فندي»، وبعد مغادرتها في عام 2016، تولى دور المدير الإبداعي الوحيد.

بيتشيولي فسر الأمر بفلسفية قائلاً: «ليست لكل القصص بداية أو نهاية، فبعضها يعيش حاضراً أبدياً يشع لدرجة أنه لا ينتج عنه أي ظلال». وأضاف أنه قضى في هذه الشركة 25 عاماً، عاش فيها مع «أشخاص نسج معهم قصة مثيرة». كان يقصد صديقه الرئيس التنفيذي جاكوبو فانتوريني وأيضاً الحرفيين الذين عمل معهم. وعقّب رشيد محمد رشيد، رئيس مجلس إدارة «فالنتينو»، إن «مساهمته على مدار السنوات الخمس والعشرين الماضية ستترك بصمة لا تمحى».

كانت عروضه وتصاميمه دائماً تثير الحلم (فالنتينو)

وكانت مجموعة كيرينج الفرنسية للمنتجات الفاخرة قد اشترت 30 في المائة من «فالنتينو» العام الماضي من صندوق الاستثمار القطري مايهولا مع إمكانية شراء الباقي بحلول 2028. وتقوم المجموعة الفرنسية الضخمة منذ مدة بعمليات تغيير وتجديد شاملة، بدأتها بالاستغناء عن أليساندرو ميشال وتعيين ساباتو دي سارنو في دار «غوتشي» محله. كما استغنت مؤخراً عن سارة بيرتون المديرة الفنية لدار «ألكسندر ماكوين».


مقالات ذات صلة

«زينيا» و«إيلي صعب» ومفهوم التوريث

لمسات الموضة جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)

«زينيا» و«إيلي صعب» ومفهوم التوريث

تخرج من اللقاء بنتيجة واضحة، وهي أن إرث «زينيا» و«إيلي صعب» قائم على علاقة تنسجها الأجيال، وأنها في أمان.

«الشرق الأوسط» (دبي)
لمسات الموضة أسلوب الطبقات والأقمشة المبتكرة كان لها حضور قوي في هذه التشكيلة (زينيا)

عرض «زينيا» لصيف 2026... صُنع في إيطاليا وعُرض في دبي

في هذه اللعبة التي خاضها أليساندرو سارتوري بجرأة لصياغة مفهوم جديد للأناقة الرفيعة والمريحة، كانت ورقته الرابحة هي الأقمشة والتقنيات الحديثة والمتطورة.

جميلة حلفيشي (دبي)
يوميات الشرق من إليزابيث إلى كيت مروراً بنجمات السينما والغناء... لا مانع من ارتداء الملابس ذاتها أكثر من مرة (وكالات)

يُعدن تدوير الملابس... ملكات ونجمات لا يمانعن ارتداء الفستان ذاته مرتَين وأكثر

درسٌ في البساطة، في الوعي البيئي، أم مجرّد خطة اقتصادية! شخصيات شهيرة لا تمانع في تكرار ارتداء القطعة ذاتها مرتين وأكثر.

كريستين حبيب (بيروت)
لمسات الموضة زادت أناقة النجوم ومعها جرأتهم (أ.ف.ب)

النجوم يستعينون بالمجوهرات الثمينة لمزيد من البريق

إلى عهد قريب كانت إطلالات النجوم على السجادة الحمراء متكررة وتفتقد إلى أي خيال إبداعي مقارنة بإطلالات النجمات. كانت دائماً عبارة عن بدلة سوداء مع قميص أبيض،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة من عرض الدار لخريف وشتاء 2025 حيث تكمن قوتها في التصميم والأقمشة (غيتي)

غداً الموعد مع «زينيا» في دبي

موعد لافت يجمع غداً عُشاق الموضة وعلامة «زينيا» ZEGNA في دبي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«زينيا» و«إيلي صعب»... لقاء الأجيال

جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)
جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)
TT

«زينيا» و«إيلي صعب»... لقاء الأجيال

جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)
جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)

لم تقتصر فعاليات دار «زينيا» في دبي الأسبوع الماضي على عرضها الرجالي الموجه لربيع وصيف 2026. تخللته فعاليات كثيرة ومثيرة نُظمت تحت مظلة «فيلا زينيا»، منها لقاء جمع جيلدو زينيا، رئيس مجلس إدارة المجموعة وابنه أنجيلو، وإيلي صعب الأب وإيلي صعب جونيور. كانت فكرته الحديث عن مفهوم التوريث العائلي، وقيم الاستمرارية، وماذا يتعلّم الأبناء من الآباء والمؤسسين، أو بالأحرى كيف يتحوّل الإرث العائلي إلى مؤسسات عالمية؟

جانب من اللقاء بين عائلتي «زينيا» و«إيلي صعب» في دار الأوبرا بدبي (زينيا)

يتحدث أنجيلو زينيا، الابن، وهو الرئيس التنفيذي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ومدير استراتيجية العملاء العالميين في الدار، ويلتقط الخيط منه إيلي صعب جونيور، الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة دار «إيلي صعب».

يستعيد كل منهما ذكريات الطفولة، وتجاربه الخاصة، فيُذيبان أي شكوك يمكن أن تخامر البعض حول ثقل إرثهما. بالعكس تماماً ينفيان هذا الاعتقاد، مؤكدين أنهما من اختار مسارهما.

يتذكر أنجيلو أيام الطفولة وهو يقول إن إجازته الصيفية لم تكن مثل إجازات أقرانه. كان يُسافر مع والده إلى أماكن بعيدة لاستكشاف أسواق جديدة. وكانت هذه الرحلات بمثابة مدرسة تعلَّم فيها من والده كيف يتعامل مع الآخر، ويفهم ثقافاته. ومع الوقت فهم أن العميل «ضيف وليس مجرد متسوق»، وهي سياسة لا يزال ينتهجها الآن.

جيلدو زينيا الأب وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا الابن وإيلي صعب جونيور (زينيا)

يضحك إيلي صعب جونيور، وهو يؤكد كم أن تجربة أنجيلو تلامس تجربته الخاصة «إذ لا يوجد خط فاصل واضح بين حياتنا المهنية والشخصية، نحن نعيش العمل كأنه جزء منّا، ولحسن الحظ نستمتع بكل دقيقة منه».

ينظر إلى والده، المصمم اللبناني إيلي صعب، بفخر وهو يسرد كيف أنه بدأ من الصفر وفي ظروف الحرب اللبنانية القاسية وأيضاً في وقت لم تكن الأرضية مفروشة بالورود أمام المصممين العرب. «لكنه صمد لأنه كان يؤمن بما يقوم به، وأذكر أنني كنت أراه يسافر بحراً إلى قبرص ثم جوّاً إلى مختلف أنحاء العالم ليُقدّم مجموعاته. كانت تجربته ملهمة».

لكن الأهم في حديثهما تأكيدهما أن تسلم المشعل من والديهما كان خياراً شخصياً. صحيح أنهما ورثاه لكنهما لم «يستثقلاه».

يقول إيلي جونيور: «لقد ترك لي والدي حرية الاختيار، لكن الوقت كان متأخراً لاتخاذ أي قرار آخر، لأنني كنت قد شُددت إلى حلمه وشغفه. منذ سن الثالثة أو الرابعة، وأنا أتنقل بين مشغل الخياطة وقسم التصميم. كبرت وأنا أعيش تفاصيل هذه الدار، واليوم أعد حمل مسؤولية إرثها والحفاظ عليه لأجيال قادمة شرفاً».

التوريث شرف وليس فرضاً

يوافقه أنجيلو الرأي، وهو يعترف ضاحكاً بأنه كان يحلم بأن يصبح بطل تزلج، لكن شغفه بإدارة الأعمال تغلّب في الآخر: «حين تحب ما تفعله، تستمر فيه حتى آخر لحظة».

ويتابع مبتسماً: «كل ما في الأمر أننا نحن الشباب وهم الحكماء، وعلينا أن نحترم ما يُعرف بـ(دستور العائلة) وتراتبية الأدوار. يتفقان في أن الاستمرارية مهمة، وبأنه على كل جيل أن يضيف طابقاً جديداً إلى البناء، ويحترم ما شُيّد قبله، وفي الوقت ذاته يجب ألا يخشى تطويره».

يقول أنجيلو: «ما تابعناه في العرض الذي قدمناه في دبي لربيع وصيف 2026 يعكس رؤية (زينيا)، وتوجهنا بصفتنا عائلة نحو المستقبل. يؤكد أيضاً رغبتنا في الابتكار والإبداع، لكن تبقى الأساسات التي ننطلق منها متجذرة في (فيلا زينيا) بيت المؤسس».

يتدخل إيلي صعب الأب الذي كان يراقب الحديث باهتمام، قائلاً إن «الانتماء العائلي لا يعني الحق التلقائي. الذي يريد دخول الدائرة عليه أن يُثبت جدارته، فلا وجود لمبدأ الاستحقاق الوراثي»، ويستطرد: «المنتج هو جوهر البقاء لأنه في صُلبه روح العلامة».

جيلدو زينيا وإيلي صعب يتوسطان أنجيلو زينيا وإيلي صعب جونيور (زينيا)

ويوافقه جيلدو زينيا الأب الرأي، قائلاً إن دور الجيل الحالي يتركز على حمل كل من «زينيا» و«إيلي صعب» نحو المستقبل لضمان استمراريتهما بصفتهما إرثاً عائلياً، وهو ما يتطلب التعامل مع هذا الإرث بوصفه قيمة أساسية.

سلاح «زينيا» بالنسبة له هو الفخامة والاستدامة، مستشهداً بتشكيلات الدار على مدار عقود. لم تركض في أي مرحلة من مراحلها وراء الصراعات، أو تُفرّط في هويتها الجينية، بل حافظت على تصميمات تكرّم الرجل وتمنحه تميزاً. والفضل يعود إلى أنها لم تقف ساكنة. صناعة الأقمشة المترفة التي كانت ولا تزال ورقتها الرابحة، يتم تطويرها وترويضها بشكل مستمر لتحافظ على هذا التميز.

الإرث وحده لا يكفي

يلتقط إيلي صعب جونيور الخيط ليُشدِّد على أن الإرث وحده لا يكفي: «لا يُمكنك أن تركن إلى الماضي، فالإرث يجب أن يُغذّى، ويُعاد تشكيله، ليواكب العصر، وإلا فقد بريقه».

وهذا يعني الإبداع والحرفية وفق جيلدو زينيا، مسلّطاً الضوء على صُنّاع الحلم، يغزلونه ويحولونه إلى واقع. يقول: «غالباً ما يتحدث الناس عن المتاجر وما تُحققه من نجاحات، أما أنا فأحب الحديث عن المصانع، لأنها الأساس. من دونها، ما كان لأليساندرو سارتوري أن يقدّم ما قدّمه في عرضه».

كان هناك اتفاق تام بين العائلتين على مسؤوليتهما في الحفاظ على الحرف، وكل ما «صُنع بحب ومسؤولية»، في ظل المنافسة الشرسة التي تتعرض لها العلامات العائلية من قبل المجموعات الضخمة. تخرج من اللقاء بنتيجة واضحة، وهي أن إرث «زينيا» و«إيلي صعب» قائم على علاقة تنسجها الأجيال، وأنها في أمان.