مجموعة «ترينيتي» تحتفل بمائة عام من التألق والنجومية

مديرتها الإبداعية ماري لور سيدير لـ«الشرق الأوسط»: تجديد أيقونة كاملة الأوصاف تحدٍّ كبير لأي مُبدع

غرايس كيلي تلبس خاتم «ترينيتي» (كارتييه)
غرايس كيلي تلبس خاتم «ترينيتي» (كارتييه)
TT

مجموعة «ترينيتي» تحتفل بمائة عام من التألق والنجومية

غرايس كيلي تلبس خاتم «ترينيتي» (كارتييه)
غرايس كيلي تلبس خاتم «ترينيتي» (كارتييه)

خاتم ألهب الخيال وأقبل عليه الرجال قبل النساء. تزيَّن به مثقفون من أمثال جون كوكتو ونجوم من هوليوود مثل غريغوري بيك وغرايس كيلي، وحتى أفراد من الطبقات المالكة والأرستقراطية مثل دوق ويندسور. الخاتم المعني هنا، هو من مجموعة «ترينيتي» التي تحتفل دار «كارتييه» هذا العام بمئويتها. قرن مرَّ على هذا الإبداع، ولا يزال متربعاً على عرش النجومية بوصفه أكثر التصاميم تعبيراً عن الحب. لم ينجح أي من التصاميم التي صُممت بعده وترفع شعار الحب، وهي كثيرة، في سحب البريق منه. تشرح ماري لور سيريد في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط»، أن «السبب يعود بكل بساطة إلى «تمتعه بمفردات الحب الصادق الذي يخاطب كل العلاقات الإنسانية».

خضع هذا التصميم للكثير من التجديدات لكنها لم تلمس أساسياته قط (كارتييه)

كان اللقاء مع ماري لور سيريد، المديرة الإبداعية في قسم صناعة الساعات وتصميم المجوهرات في «كارتييه» في مقر الدار الرئيسي بالجادة السابعة بباريس. أما المناسبة فكانت بالطبع طرح النسخة الاحتفالية من «ترينيتي» التي طُلب منها وضع لمساتها عليها. لا تُخفي المصممة أن مجرد فكرة إعادة صياغة المجموعة كانت مثيرة للخيال والقلق على حد سواء. فبقدر ما كان كل شيء متوفراً لها، كانت الصعوبة أو «بالأحرى الحساسية» حسب قولها «تكمن في أن المجموعة ظلت دائماً حاضرة وبقوة... لم يخفت وهجها منذ ولادتها في عام 1924، وهو ما يمكن أن يضع أي مبدع على المحك وأمام تحديات كبيرة». وتتابع: «سهل على الواحد منا ابتكار شيء من لا شيء، لكن أن تتولى تجديد منتج كامل الأوصاف فهذا هو التحدي بعينه».

ماري لور سيدير (تصوير: جون فرانسوا روبير)

كانت ماري لور تقول هذا وهي تجلس أمام طاولة كبيرة وُضعت عليها التصاميم الجديدة التي جادت بها قريحتها وتُجسد رؤيتها. بدأت باستعراضها أمامي وهي تشرح وتراقب ردة فعلي باهتمام. ثم غلبها الفضول وهي تسألني عن رأيي الخاص بها. كان هدوؤها وتواضعها يُخفيان وراءهما قوة ناعمة تواقة للابتكار، فضلاً عن بركان من الأفكار. تشعر بأنها فخورة بما توصلت إليه من أشكال هندسية تواكب روح العصر من دون أن تنافس التصميم الأصلي لكنها كأي مُبدع مسكونة بالرغبة في الكمال.

تحتفل مجموعة ترينيتي بمناسبة مرور 100 عام على ابتكارها بتصميمين جديدين جريئين وإعادة إصدار السوار والخاتم الأيقوني بالحجم الكبير (كارتييه)

تعترف في لحظة من اللحظات بأنها ليست عفوية بطبيعتها. فكل خطواتها مدروسة، ولا تقوم بأي منها إلا بعد أن تسأل وتتخيَّل وتدرس كل الخيارات. «التصميم بالنسبة لي لا يقتصر على إضافة أحجار كريمة وزخرفات، بل يجب أن يتضمن معنى يرقى به إلى مستوى فني أو فكري». وهذا تحديداً ما جسدته في مجموعة تختزن في كل تفاصيلها الجمالية والتقنية معاني الحب الأبدي والصادق». وبتواضع تضيف: «كل ما قمت به أنني شكَّلتها بهندسية تواكب متطلبات العصر، حيث أخذ الشكل الدائري الأيقوني شكلاً مربعاً».

ثم تستطرد بحماس أن كثيرة هي دور المجوهرات التي لها تاريخ وجذور عريقة. فبعضها يعود إلى قرون. قليل منها فقط لم يترك للزمن سبيلاً لكي يؤثر على وهجه. دار «كارتييه» واحدة من هذه الفئة. فهي تزيد تألقا وتعتُقاً رغم سنواتها الـ174، وفضل كبير في هذا يعود إلى ثروتها الأرشيفية التي لا تقدر بثمن، بحيث لا يحتاج مصمموها وحرفيوها سوى إلى الغوص في هذا «الإرث لشحذ أفكارهم وصياغة تصاميم تمنح أمجاد الماضي بُعداً مستقبلي، لا سيما وأن كل ما فيه من إبداعات تتمتع بمفردات غنية وحكايات مثيرة لا تزال تلمس القلوب وتدغدغ الخيال». تجدر الإشارة إلى أن علاقة ماري لور بـ«كارتييه» بدأت في عام 2002، قبل أن تنتقل للعمل في دار «هاري وينستون» لمدة 12 عاماً، عادت بعدها إلى «كارتييه» بيتها الأول في عام 2016. ومنذ ذلك الحين وهي تُشرف وتتولى تأجيج جذوة الابتكار، أحياناً بالعودة إلى أيقونات قديمة تجددها وتضخها بديناميكية معاصرة.

بينما جاء بعضه بتدرجات الذهب جاء البعض مرصعاً بالألماس (كارتييه)

«فهناك تصاميم كثيرة وُلدت في لحظة زمنية ماضية، ومع ذلك لم تبقَ رهينة لحظة ولادتها... بل تتطلع دائماً إلى المستقبل أو تستبقه».

مجموعة «ترينيتي» عندما طُرحت أول مرة في عام 1924، وفق ما قالته، اعتُبرت هدية من «كارتييه» يُعبِّر بها الأحبة عن مشاعر الحب الأبدي والوفاء ببلاغة لا تحتاج إلى كلام. كان التصميم من بنات أفكار لويس كارتييه. صاغه بثلاث حلقات متشابكة ومتحركة معتمداً على البلاتين والذهب الأصفر والذهب الوردي. كان لويس يريدها أن تُعبِّر عن الحب بكل أشكاله وأنواعه، من حب الأبناء وحب الأسرة وحب الأصدقاء إلى حب الأزواج والحب اللانهائي واللامحدود، وهذا ما لمس وتراً حساساً لدى كل من أقبلوا عليه وأسهموا في انتشاره.

ارتبط خاتم «ترينيتي» بجون كوكتو إلى حد أن البعض يقول إنه هو الذي ألهم لويس كارتييه بتصميمه (كارتييه)

العديد منهم كانوا من الفنانين والنجوم، مثل جون كوكتو ونجوم من أمثال رومي شنايدر وغرايس كيلي وغريغوري بيك وهلم جرا. كانت المجموعة أنيقة وجريئة في مزجها الألوان والحلقات ببعض. كانت بإجماع الكل ثورية من ناحية أن كل حلقة لا تغطي على باقي الحلقات، وبطريقة يصعب معها معرفة أي حلقة في الأعلى وأيها في الأسفل. تشير ماري لور إلى أنها ولحد الآن تصاب بالدهشة وهي تُمعن في التقنية المستعملة فيها.

من هذا المنظور كانت تدرك تماماً أن العملية تحتاج إلى رؤية شجاعة تُجنِّبها الوقوع في مطب الفينتاج. «فالارتباط بالإرث والتاريخ لا يعني استنساخ القديم وإضافة زخرفات عليه، بل لا بد أن يتضمن الكثير من الابتكار». أما كيف توصلت ماري لور إلى وصفتها، أو بالأحرى التعويذة الناجحة، فباقتصارها بداية على التفاصيل القابلة للتغيير، مثل الحجم ونوعية المعادن، وفي مرحلة ما، دفعها جموح الفنان بداخلها إلى أن تُغيِّر الشكل الدائري إلى هندسي مربع لنتيجة أكثر حداثة وعصرية. لم يؤثر الشكل الجديد على شخصية المجموعة الأيقونية لكنه ارتقى بها ومنحها لغة سلسة تخاطب جيلاً شاباً لا يرغب أن يركب موجات الموضة السريعة، بل يريد قطعاً لها قصة ومعاني وفي الوقت ذاته يستعملها في مناسبات عديدة.

النجمة الفرنسية الراحلة رومي شنايدر تلبس خاتم «ترينيتي» (كارتييه)

وهذا ما راعته ماري لور أيضاً، إذ يمكن ارتداء الخاتم بتصميمه المتشابك بثلاث حلقات من الذهب للحصول على إطلالة نهارية بسيطة وأنيقة، ولإطلالة مسائية متألقة، يمكن تحريك الحلقات لإبراز حبات الألماس التي تُرصعه». وتتابع أن الخاتم في حُلته الجديدة «يقوم على التشكيل ثم التفكيك. مثل لعبة البازل. السوار أيضاً خضع لتغييرات في حجمه. فشتان بين شكله الهندسي الحالي وأول تصميم ظهرت به الممثلة كيندال لي في مجلة فوغ في عام 1925».

الخاتم في حُلته الجديدة يتخذ شكلاً متعدد الأجزاء وهو نهج غير مألوف في التصميم يقوم على التشكيل ثم التفكيك (كارتييه)

في 2024 ومع بلوغ المجموعة عامها المائة، كان من البديهي أن تُفكر «كارتييه» ومديرتها الإبداعية ماري لور سيدير بالاحتفال بهذه المناسبة بشكل يليق بها، علماً بأنها لم تكن هذه المرة الأولى التي تعود فيها الدار إلى هذا التصميم لتحييه وتجدده. ففي الفترة ما بين سبعينات وثمانينات القرن الماضي، دخل هذا التصميم حياتنا اليومية من خلال الولاعات والأقلام وقطع الديكور، وفي 1990 تم إطلاق خاتم بثلاث حلقات مصنوع من ثلاثة أنواع من الذهب بأبعاد مميزة تواكب صيحات الموضة السائدة في تلك الفترة. وفي عام 2004، تم إصدار مجموعة بسوار بحجم كبير وآخر مرصع بالألماس الوردي والأصفر والأبيض. وفي عام 2001، أُدخل السيراميك الأسود لأول مرة على المجموعة.

لكن عام 2024 ليس ككل الأعوام. إنه يسجل مائة عام على أيقونة لم يؤثر على بريقها وقصتها الزمن. وهذا ما يجعل مهمة ماري لور صعبة، ليس لافتقادها القدرة والمهارة، بل لأن حجم التوقعات كبير ومساحة تغيير وجه أيقونة لها تاريخ عريق وقصص ملهمة مُقيّد بعض الشيء. فبالإضافة إلى أنه كان مبتكراً وسابقاً لأوانه في عام 1924 بإعطاء التصميم الأولوية والصدارة على حساب الأحجار الكريمة، كانت المجموعة الخطوة الأولى نحو الاتجاه المعاصر كما نعرفه الآن. بالإضافة إلى هذا، فإن الخاتم في عام 1924 أثبت أنه لا يُفرِّق بين الجنسين. أمر أكده إقبال نجوم ونجمات على حد سواء، الشاعر والفنان الفرنسي جون كوكتو، مثلاً اشتهر بارتدائه خاتمين عوض واحد، بينما استعملته بعض النجمات أيضاً داخل قلادة.

الممثل غريغوري بيك أيضاً انجذب إلى تصميمه (كارتييه)


مقالات ذات صلة

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

لمسات الموضة ريكاردو ستيفانيللي يستعرض النتائج الأولى المتعلقة بمفهوم «الاستدامة البشرية» (برونيللو كوتشينللي)

الملك تشارلز الثالث يُدخل الموضة قصر «سانت جيمس»

اهتمام الملك تشارلز الثالث بالموضة، وبكل ما يتعلق بالبيئة، أمر يعرفه الجميع منذ أن كان ولياً للعهد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.