العطور والبيئة... صلح طال انتظاره

من الخلاصات العضوية إلى مواد التعليب والتغليف المستدامة

عطر «غوتشي» الذي تفخر شركة كوتي المصنعة له بأنه من مكونات عضوية وصديقة للبيئة بالكامل (غوتشي)
عطر «غوتشي» الذي تفخر شركة كوتي المصنعة له بأنه من مكونات عضوية وصديقة للبيئة بالكامل (غوتشي)
TT

العطور والبيئة... صلح طال انتظاره

عطر «غوتشي» الذي تفخر شركة كوتي المصنعة له بأنه من مكونات عضوية وصديقة للبيئة بالكامل (غوتشي)
عطر «غوتشي» الذي تفخر شركة كوتي المصنعة له بأنه من مكونات عضوية وصديقة للبيئة بالكامل (غوتشي)

خلال السنوات القليلة الماضية، تحوّلت الاستدامة إلى واحد من أكثر المصطلحات شيوعاً عبر مجموعة واسعة من القطاعات الاستهلاكية. فجيل الشباب بات مدركاً لتأثير صناعة الموضة والترف عموماً على البيئة ومتحمساً للدفاع عنها. في هذا الإطار، تشهد «العطور المستدامة» تطوراً مستمراً، بحسب خبراء يقولون إن صناعتها باتت تخضع لمعايير خاصة تتعلق بعمليات الإنتاج والتعليب والتغليف. بعد محاولات كثيرة تبيَّن أن الحصول على عطر مستدام مائة في المائة صعب للغاية، لهذا تقتصر البداية بالنسبة للبعض على التغليف، وهو ما لا يمكن الاستهانة بأهميته. فصناعة العطور تُنتج عالمياً نحو 120 مليار وحدة تغليف سنوياً.

عطر «غوتشي» الذي تفخر شركة كوتي المصنعة له بأنه من مكونات عضوية وصديقة للبيئة بالكامل (غوتشي)

استجابة لمفهوم الاستدامة، أعلنت مجموعة من الأسماء الكبرى بصناعة العطور التزامها بنهج مسؤول في تصنيعها، من شركة «غيرلان»، التي بدأت تعمل على منظومات بيئية بالمواقع التي تعمل بها لتقليص أي تأثيرات ضارة إلى «مونكلير» التي تسعى منذ فترة لتعبئة عطورها في قارورات يسهل إعادة تدويرها، و «غوتشي» التي أعلنت في عام 2015 عبر موقعها الرسمي التزامها بـ«الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية» ووفت بوعدها هذا العام بإنتاجها «أول عطر مُصنع من الكحول المستخلص من انبعاثات الكربون المعاد تدويرها بنسبة 100 في المائة»، حسبما أعلن مسؤولو الدار. العطر باسم Where My Heart Beats وأشرفت على صنعه شركة «كوتي» العالمية، ويعد حالياً مصدر فخر للدار الإيطالية.

عطر «لا بانثير دو كارتييه» في قارورة بتصميم صديق للبيئة

من بين من أوفوا بوعودهم في هذا المجال أيضا دار «كارتييه». أعادت إنتاج عطر «لا بانثير»، الذي أطلقته في عام 2014 في قارورة بتصميم صديق للبيئة بدرجة أكبر.

وأكدت الدار، في بيانها الصحافي، أنها حرصت في النسخة الجديدة من «لا بانثير» على «تقليص وزن الزجاج بنسبة 50 في المائة، وتقليص البلاستيك في الغطاء بنسبة 70 في المائة، واستخدام الألومنيوم مادة قابلة للتدوير بنسبة 94 في المائة». ومن المقرر أن تنتهج نفس الأسلوب للحد من التأثير البيئي في كل عطورها الشهيرة بحلول 2025.

عطر «بارادي نوي» من بين العطور المستدامة التي طرحتها شركة «باستيل» مؤخراً (خاص)

هذا الوعي البيئي لم يقتصر على الأسماء العريقة، وإنما أبدت دور ناشئة أو حديثة اهتمامها بالانخراط في الممارسات المستدامة منذ خطواتها الأولى. من الأمثلة على ذلك، دار «باستيل» الفرنسية التي انطلقت عام 2020، وتنتهج معايير صارمة بخصوص تعاملها مع مصادر المواد الخام والمكونات التي تستعملها. بل عقدت شراكة مع مؤسسة «آي إف إف ـ إل إم آر» لضمان «تعزيز التجارة العادلة والزراعة المستدامة». مؤخراً طرحت الدار 7 عطور، 95 في المائة منها مصنوعة من مكونات طبيعية.

عطر «سيلكي وودز» من شركة «غولدفيلد أند بانكس» الأسترالية... مكونات مستدامة تفوح من العود والبخور (خاص)

وطبعاً لا تقتصر هذه الحملة المستدامة على فرنسا أو قارة بعينها. فمن أستراليا أبدعت شركة «غولدفيلد أند بانكس» عطر «سيلكي وودز» Silky Woods، بوصفه واحداً من سلسلة عطور تدخل فيها كل أنواع الأخشاب الثمينة التي يتم حصادها بشكل مستدام، ولأول مرة في تاريخ العطور في غابة دينتري المطيرة في كوينزلاند الاستوائية. وبالنتيجة جاء عطر «سيلكي وودز» وهو عضوي تمتزج فيه تجربة أسترالية حسية غير مسبوقة مع لمسة عصرية تنبعث من جلد الغزال والفانيليا الغريبة وأوراق التبغ المدخنة إلى جانب الزعفران والبخور والإيلنغ وخشب الصندل الأصلي.


مقالات ذات صلة

«دولتشي آند غابانا» تطلق عطراً للكلاب

لمسات الموضة عطر خاص بالكلاب يحمل اسم «فافيه» (دولتشي آند غابانا)

«دولتشي آند غابانا» تطلق عطراً للكلاب

أطلقت «دولتشي آند غابانا» عطراً خاصاً بالكلاب يحمل اسم «فافيه».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يشارك المصور العالمي فلاديمير أنطاكي زوار المعرض جولته في أزقة الرياض (هيئة المتاحف)

«درب البخور» شريان اقتصادي وطريق عبور تاريخية في رحلة صناعة العطور

منذ العصور القديمة لعبت الجزيرة العربية أرض اللبان والعنبر والمر دوراً رئيسياً في تركيب العطور وقدم العالم العربي على اتساعه أنواعاً من الزهور لإثراء الوصفات.

عمر البدوي (الرياض)
لمسات الموضة تم الكشف عن هذه المجموعة بمناسبة افتتاح الدار لأول محل مجوهرات وساعات مستقل بنيويورك (شانيل)

عطر «شانيل نمبر 5» يصل إلى عالم المجوهرات الرفيعة

عطر عمره أكثر من قرن. تتوارثه الحفيدات عن الأمهات والجدات، وفي كل مرة ينجح في دغدغة الحواس بإحيائه ذكريات لأشخاص مروا بحياتنا أو أثروها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كل العطور التي ابتكرها هادي سليمان حتى الآن مستلهمة من تجاربه الخاصة (سيلين)

خلي بالك من «زوزو»... العطر الجديد لـ«سيلين»

«زوزو» هو آخر عطر في سلسلة العطور المتخصصة التي طرحها المصمم هادي سليمان لدار «سيلين». ولولا أننا نجهل مدى ثقافته بالسينما العربية، لدفعنا الحماس للقول أن…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كاورلينا أدريانا هيريرا في إحدى رحلاتها إلى منطقة الشرق الأوسط (كارولينا هيريرا)

كارولينا هيريرا تبعث رسالة حب بخلاصات شرقية

قبل أن تُؤجِج المجموعات الرمضانية الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط في شهر رمضان الفضيل وتجعل صناع الموضة يتنافسون على طرح أزياء وإكسسوارات خاصة وحصرية، كانت العطور.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أشهرهم جوبز وزوكربيرغ... لماذا يفضل مشاهير ارتداء الزي نفسه يومياً؟

على اليمين ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» أثناء استقباله تصفيقاً حاراً خلال حدث للشركة في سان فرنسيسكو الأربعاء 9 سبتمبر 2009... ومارك زوكربيرغ خلال مؤتمر صحافي في المدينة نفسها يوم 15 نوفمبر 2010 (أرشيفية- أ.ب- رويترز)
على اليمين ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» أثناء استقباله تصفيقاً حاراً خلال حدث للشركة في سان فرنسيسكو الأربعاء 9 سبتمبر 2009... ومارك زوكربيرغ خلال مؤتمر صحافي في المدينة نفسها يوم 15 نوفمبر 2010 (أرشيفية- أ.ب- رويترز)
TT

أشهرهم جوبز وزوكربيرغ... لماذا يفضل مشاهير ارتداء الزي نفسه يومياً؟

على اليمين ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» أثناء استقباله تصفيقاً حاراً خلال حدث للشركة في سان فرنسيسكو الأربعاء 9 سبتمبر 2009... ومارك زوكربيرغ خلال مؤتمر صحافي في المدينة نفسها يوم 15 نوفمبر 2010 (أرشيفية- أ.ب- رويترز)
على اليمين ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» أثناء استقباله تصفيقاً حاراً خلال حدث للشركة في سان فرنسيسكو الأربعاء 9 سبتمبر 2009... ومارك زوكربيرغ خلال مؤتمر صحافي في المدينة نفسها يوم 15 نوفمبر 2010 (أرشيفية- أ.ب- رويترز)

يختار بعض المشاهير وعدد من رواد الأعمال والسياسيين الظهور بالملابس نفسها تقريباً يومياً، في اتجاه بدأ ينتشر مؤخراً، ويثير التساؤل عن سببه.

وعدَّت محررة صحيفة «إندبندنت» البريطانية هيلين كوفي، أن ارتداء الزي نفسه تقريباً يومياً قد يخلق الملل، ضاربة المثل بتريني وودال، وهي ناقدة أزياء بريطانية ومستشارة لتحسين المظهر ومصممة ومذيعة تلفزيونية، وهي ترتدي ملابس متواضعة واحدة وتلتزم بها.

وتقول وودال إننا ربما نحتاج جميعاً إلى خلق تجربة ارتداء ملابس خالية من التوتر، من خلال تقليص خياراتنا إلى مجموعة محدودة، ولكن قابلة للإدارة.

تريني وودال ناقدة أزياء بريطانية ومستشارة لتحسين المظهر (إنستغرام)

وأحد أبرز الرواد في هذا الاتجاه هو ستيف جوبز، مؤسس شركة «أبل»؛ إذ كان يفضل ارتداء سترة سوداء وبنطال من الجينز الأزرق، وحذاء رياضي، حتى وفاته في عام 2011.

ودونالد ترمب أيضاً يفضل ارتداء بذلة ورابطة عنق حمراء، سواء أثناء الحملة الانتخابية أو خارجها.

وتشير الصحيفة إلى أن الملكة إليزابيث الثانية الراحلة هي أشهر من التزموا بجماليات الزي الرسمي. وخصوصاً في العقدين الأخيرين من حياتها. اختارت الملكة بشكل شبه حصري المعاطف والفساتين بألوان جريئة وموحدة، مع قبعات متطابقة وحقائب يد سوداء.

وسخرت الملكة ذات مرة، وقالت: «إذا ارتديتُ اللون البيج، فلن يعرف أحد من أنا»، مشيرة إلى أن جزءاً من الدافع وراء اختياراتها الأسلوبية كان الرؤية والتعرف.

وتؤكد كوفي في مقالها أنه لا شك في أن النهج الموحد يمكن أن يساعد في بناء «العلامة التجارية»، وربما كان الدافع وراء الاستقرار على أسلوب ثابت بالنسبة لعدد أكبر من المشاهير، يتلخص في تجنب «إرهاق اتخاذ القرار».

وعن «إرهاق اتخاذ القرار»، يُنسب إلى جوبز قوله في سيرته الذاتية التي تحمل اسمه، والتي كتبها والتر إيزاكسون: «لا أريد أن أتخذ قرارات بشأن ما أرتديه. لدي كثير من الجينز نفسه والسترات السوداء ذات الياقات العالية».

ويُنظر إلى هذا الاتجاه بنوع من «التقدير»، واعتباره «اختراقاً»؛ بل وارتبط الزي الموحد تقريباً بزيادة الإنتاجية، وتبع جوبز في ذلك كثير من خبراء التكنولوجيا الآخرين الذين كانوا معجبين بما يقدمه مؤسس «أبل».

فعلى سبيل المثال، كان مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» ومؤسس «فيسبوك» معروفاً بخزانة ملابسه المحدودة للغاية من الملابس الكاجوال. وقال زوكربيرغ لمضيف برنامج «توداي» على قناة «إن بي سي» مات لور، في عام 2012: «أرتدي الشيء نفسه كل يوم».

وتم الكشف عن أن خزانة زوكربيرغ كانت مليئة بـ«ربما نحو 20» قميصاً رمادياً متطابقاً، عندما شارك مؤسس «فيسبوك» صورة لصف من السترات الرمادية المتطابقة من الخزانة.

في عام 2014، أعرب باراك أوباما، عندما كان رئيساً للولايات المتحدة، عن مشاعر مماثلة: «سترون أنني أرتدي بدلات رمادية أو زرقاء فقط»، كما قال لمجلة «فانيتي فير»، وتابع: «أحاول تقليص القرارات. لا أريد اتخاذ قرارات بشأن ما أتناوله أو أرتديه؛ لأن لدي كثيراً من القرارات الأخرى التي يتعين عليَّ اتخاذها».

ويعد «إرهاق اتخاذ القرار» حالة من «الإرهاق العقلي والعاطفي تحدث بعد اتخاذ كثير من القرارات، ويعني تراجع القدرة على اتخاذ مزيد من القرارات على مدار اليوم». فبعد كثير من الخيارات -ونحن غالباً ما نكون غير قادرين على اختيار أي شيء على الإطلاق- نجد أن إلغاء القرارات اليومية غير الضرورية في الحياة، يمكن أن يوفر مساحة في الدماغ للقرارات الأكثر أهمية.

ووفقاً لتجربة علم نفس المستهلك التي يتم الاستشهاد بها كثيراً، وهي «دراسة المربى»، اشترى 30 في المائة من المتسوقين المربى عندما عُرضت عليهم 6 نكهات مختلفة. واشترى 3 في المائة فقط المربى عندما أتيحت لهم مجموعة مختارة من 24 نكهة. أُطلق على هذه الظاهرة «مفارقة الاختيار»، أو «الإفراط في الاختيار»؛ فإن المزيد لا يعني الأفضل دائماً.