«لورو بيانا»... تصاميم وخامات تُبرر أسعارها

«لورو بيانا»... تصاميم وخامات تُبرر أسعارها
TT

«لورو بيانا»... تصاميم وخامات تُبرر أسعارها

«لورو بيانا»... تصاميم وخامات تُبرر أسعارها

في تشكيلتها لخريف 2020 وشتاء 2021 وجهت «لورو بيانا» أنظارها إلى نيويورك لتستلهم منها خطوطها وألوانها الدافئة. والنتيجة كانت تصاميم مستوحاة من ناطحات السحاب، مثل معطف من الكشمير بلون أخضر هادئ، محدد عند الخصر بحزام بلون بني، ومعطف «ترانش» أيضاً من الكشمير بلون بني. فستان طويل بتصميم مستقيم تُميزه فتحات جانبية بأزرار يمكن التحكم فيها، أيضاً تميز بياقة عالية وصلبة لكي يبقى ضمن التيمة. أما في حال تم ارتداؤه مفتوحاً من الجانبين، كما اقترحته الدار، فيمكن تنسيقه مع بنطلون من الكشمير واسع بنفس اللون البيج.
ما يعرفه عشاق الترف أن «لورو بيانا» لا تعتمد على تصاميم تواكب توجهات الموضة بقدر ما تعتمد على الكشمير وعلى تقنيات جد متطورة لا يتقنها سواها وتنافس بها أقوى بيوت الأزياء الإيطالية، مثل «زيغنا» و«برونيلو كوتشينالي».
ولأن الكشمير الفاخر مكمن قوتها، ظهر في تشكيلتها هاته بتقنيتين جديدتين. الأولى كانت غزل صوف الفيكونا النادر مع خيوط الجيرسيه، وهو ما لا يمكن استسهاله بحكم أن وبر الفيكونا ناعم للغاية، والثاني باستعمال فرو صناعي يصعب التفريق بينه وبين الطبيعي، واستغرقت الأبحاث للحصول إليه أكثر من عام. أدخلته الدار في جاكيتات يمكن استعمالها على الوجهين.
الكشمير أيضاً ظهر في العديد من الإكسسوارات، من الأحذية عالية الساق إلى حقائب عملية بجيوب متعددة، كل واحد منها له وظيفة معينة.
هذه التقنيات المتطورة والفريدة سلاح تعتمد عليه الدار الإيطالية لترسيخ مكانتها في عالم الترف ومحاولات البعض «دمقرطته»، وأيضاً لتبرير أسعارها النارية. فهي تريد أن تبقى متفردة تخاطب شريحة من الزبائن يقدرون الترف والتفرد أياً كان الثمن. ولا شك أن ما تقدمه الدار لا ينافسها فيه أحد، من استعمالها لصوف الفيكونا من جبال الإنديز أو الكشمير المستخلص من صوف الماعز في منغوليا. فهذه ألياف تتحول في معاملها إلى معاطف تقدَّر بآلاف الدولارات.
مثل «هيرميس» تريد «لورو بيانا» أن تحافظ على تفردها وحرفيتها في سوق تسيطر عليه حالياً وسائل التواصل الاجتماعي والموضة الجاهزة، لا سيما أنها تُدرك تماماً أن الشريحة التي تتوجه إليها مقتدرة وتريد أن تحصل على منتجات مختلفة ومتميزة. وهذا يعني أنها لا تتردد في شراء كنزة من الكشمير بـ1800 دولار مثلاً أو معطف بـ8000 دولار. هذا الزبون أيضاً يتنقل كثيراً ويحتاج إلى قطع تناسب كل المواسم والمناسبات. وطبعاً ليس هناك أفضل من الكشمير المغزول بنعومة أو صوف الفيكونا يحملهم من أجواء لندن إلى منتجعات في غاشتاد أو سانت تروبيه. وهذه التشكيلة لا تختلف عن غيرها، فقد تكون فكرتها أو صورتها وُلدت في إيطاليا واستُوحيت من أجواء نيويورك لكنها عالمية بكلاسيكيتها.



هل يمكن أن يفكّ الحزام «سحر» «البيركين»؟

هل يمكن أن يفكّ الحزام «سحر» «البيركين»؟
TT

هل يمكن أن يفكّ الحزام «سحر» «البيركين»؟

هل يمكن أن يفكّ الحزام «سحر» «البيركين»؟

من كان يتصور أن تتحول حقيبة «البيركين» إلى منجم ذهب بالنسبة لـ«هيرميس»، وإلى ملهمة لباقي المصممين؟ في العادة لا يسمح الكبرياء «الفني» لأي مصمم أن يستوحي من حقيبة، أياً كان مستواها. لكن كان من الواضح أن العديد منهم تخلصوا من هذا الكبرياء، وتجاوزوا العقدة النفسية التي تسببت لهم فيها. نجاحها الأسطوري رفع الحرج عنهم، وسلّموا بأن أي محاولة للتفوق عليها من المستحيلات في الوقت الحالي على الأقل.

حقيبة «تاي مي» من موسكينو (موسكينو)

فقد تعدّت كونها مجرد موضة، لتصبح ظاهرة اجتماعية وثقافية، بل حالة نفسية إذا أخذنا بعين الاعتبار أن صعوبة الحصول عليها، والشروط الانتقائية التي يخضع لها الزبون تجعلها بمثابة ميدالية تحملها المرأة، وكأنها فازت بسبق.

غني عن القول أن ما تُحققه من أرباح كان ولا يزال يثير فضول باقي بيوت الأزياء. كلهم تفننوا في طرح حقائب على أمل أن «تضرب» وتزيحها من الصدارة. حقّقوا نجاحات مؤقتة. سرعان ما تخفت بمجرد ظهور حقيبة جديدة.

نسخة متطورة من حقيبة «فويو» (جيفنشي)

من منافس إلى ملهم

اللافت أنه لا أحد كان يتوقع هذا النجاح، حتى السيد جان لويس ديما، رئيس «هيرميس» التنفيذي الذي كان وراء ولادتها. فعندما ركب الطيارة متوجهاً إلى الولايات المتحدة وتجاذب أطراف الحديث مع الممثلة البريطانية الراحلة جين بيركين، كان حديثهما عفوياً وعادياً. قالت له إنها تحلم بحقيبة عملية وأنيقة يمكن أن تستوعب كل احتياجاتها كأم يتطلب عملها أن تسافر كثيراً. تعاطف معها ووعدها بالتفكير في الأمر. لم يخلف الوعد. في عام 1984 ولدت الحقيبة، وحملت الاسم الثاني لمن أوحت له بها: «بيركين».

«بالنسياغا» أيضاً وظّفت أحزمة في حقيبة «Carry All Bel Air» (نيت أبورتيه)

نجحت وأصبحت من الكلاسيكيات. ففي الثمانينات ومع دخول المرأة معترك الحياة العملية بشكل جدي وقوي، أصبحت رفيقاً لها في الحياة اليومية. كان من الممكن أن يستمر نجاحها لموسم أو 3 مواسم على أكثر تقدير، إلا أنها فاجأت الجميع بصمودها. ظلّت متألقة وزاد الطلب عليها. التسويق الذي ابتكرته الدار الفرنسية كان أيضاً عنصراً ذكياً للحفاظ على سحرها ومكانتها. بدأت الدار بوضع أسماء الراغبين فيها على لائحة قد تطول إلى أكثر من 6 أشهر، على أساس أنها مصنوعة باليد ويستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً. في بعض البلدان مثل أميركا، أصبحت المحلات تفرض على من ترغب فيها، شراء منتجات أخرى بتوقيع الدار حتى يتأهلن ويتم ضمّهن للائحة.

حقيبة «فويو» كما ظهرت في حملة «جيفنشي» لربيع وصيف 2024 (جيفنشي)

عصر الأحزمة

الإصدارات التي يطرحها المصممون منذ موسمين تقريباً تشير إلى أنهم سلموا أنها خارج المنافسة، وإن لم يستسلموا تماماً. لا يزالون يبحثون عن رقية تفكّ سحرها، وهو ما ظهر في استلهامهم من الحزام الذي تميزت به منذ ولادتها، وبات يظهر منذ عام 2023 في عدد من الحقائب، بشكل خفيف، ثم كثّفوا جرعته هذا العام كما يظهر في إصدارات كل من «برادا» و«ميوميو» و«ديميلير» و«فيراغامو» و«بوتيغا فينيتا» و«توم فورد» و«موسكينو» و«جيفنشي» وغيرهم.

زيّن كثيراً من التصاميم، ونجح في إضافة لمسة عملية وعصرية على حقائب كانت ستبقى في خانة الكلاسيكية، سواء أكان حزاماً رفيعاً في الجزء العلوي من الحقيبة أم مزيناً بإبزيمات ذهبية على الجوانب. وبينما طرحه معظم بيوت الأزياء في أحجام عملية للنهار، هناك من أدخله على حقائب المساء والسهرة أيضاً مثل «توم فورد».

حقيبة آل «بيركين» الأيقونية أصبحت خارج المنافسة (من الأرشيف)

حقيبة «فويو» (Voyou) مثلاً طرحتها دار «جيفنشي» أول مرة عام 2023، أي في عهد مصممها الأميركي السابق ماثيو ويليامز. بأسلوبها المتراوح بين الأناقة الباريسية والروح الكاليفورنية لقيت قبولاً شجّع على طرحها فيما بعد بتعديلات إضافية. حافظت على الأجزاء المعدنية وحزام الكتف القابل للتعديل، كما بقي مركز الجذب فيها الأحزمة الجانبية المزينة بإبزيم دبوسي، وحزام إضافي في الأعلى. ميزة هذا التصميم أنه للاستخدام اليومي وأماكن العمل، إضافة إلى أن كونه من جلد العجل والأقمشة، مثل الدينم والساتان، ما يجعل الحقيبة خفيفة الوزن.

حقيبة «تاي مي» Tie Meمن موسكينو، وترجمتها الحرفية «اربطني»، هي الأخرى استعملت الأحزمة كتعويذة نجاح. أعيد طرحها ضمن تشكيلة الدار لموسم ربيع وصيف 2025 وأثارت كثيراً من الإعجاب لعمليتها وتميزها. جدَّدتها الدار بإضافة تفاصيل مبتكرة ومواد مترفة، مثل الجلد الناعم والمخمل والخوص الطبيعي وجلد الغزال. إلا أنها ظلت من ناحية التصميم وفية لاسمها «اربطني» كما تشير أحزمتها غير متناظرة في وسطها

العديد من المصممين استوحوا منها حزامها وتفنّنوا في استعمالاته

دار «سالفاتوري فيراغامو» أسهبت في طرح إكسسوارات متنوعة من الجلد الطبيعي هذا الموسم. من بينها تبرز حقيبة «هاغ» (HUG) ومعناها بالأحضان. تقول الدار إنها أرادتها أن تكون هدية حبّ للمرأة، وهو ما يُجسِده حزامان يحيطان باللوحة الأمامية، وكأنهما في حالة عناق دائم. دخلت حقيبة «هاغ» عالم الدار خلال عرضها لخريف / شتاء 2023، ولا تزال تتطور وتتألق كواحدة من أجمل ما تم طرحه حديثاً. ومن بين قليل من الحقائب، تمكنت من فرض نفسها هذا الموسم بشكلها وجودة الخامات المستعملة فيها. لكن هل اقتربت من المستوى الأسطوري لحقيبة هيرميس بيركين، أو سيكون لها السحر ذاته، فهذا ما ستكشف عنه السنوات المقبلة، وإن كان الجواب معروفا.