عشاق «المدينة الحمراء» يكشفون وجهها الفني الخفي

بـ«البوب آرت» والفن التجريدي... معرض وقاعة احتفالات بـ«الأسود على أبيض»

فنون بأساليب متنوعة غلفت المكان مؤكدة على الحرفية العالية للحرفيين المحليين الذين نفذوا رؤية كارمن وكل من تعاون معها (خاص)
فنون بأساليب متنوعة غلفت المكان مؤكدة على الحرفية العالية للحرفيين المحليين الذين نفذوا رؤية كارمن وكل من تعاون معها (خاص)
TT

عشاق «المدينة الحمراء» يكشفون وجهها الفني الخفي

فنون بأساليب متنوعة غلفت المكان مؤكدة على الحرفية العالية للحرفيين المحليين الذين نفذوا رؤية كارمن وكل من تعاون معها (خاص)
فنون بأساليب متنوعة غلفت المكان مؤكدة على الحرفية العالية للحرفيين المحليين الذين نفذوا رؤية كارمن وكل من تعاون معها (خاص)

لا تزال مدينة مراكش مادة فنية دسمة تُدغدغ خيال الفنانين والمصممين على حد سواء. روح إيف سان لوران تسكنها وتُشكل خيوطاً تربطهم بها بحُب أقرب إلى الولاء لذكراه. كثير من هؤلاء جعلوها بيتهم الدائم، مثل المصمم الإيطالي روميو جيلي، والعارضة السابقة ومصممة المجوهرات الحالية ماريا بيرنسون، وفانيسا برانسون صاحبة «مطعم الفن» الذي تلتقي فيه النخبة... وغيرهم من الأسماء. كارمن هايد أيضاً واحدة منهم. خبيرة علاقات عامة واستشارات ومؤسسة «أتولييه مايير» للفينتاج، تتنقل بينها وبين باريس ولندن، وشيّدت مؤخراً بيتاً خاصاً بها في ضواحيها في تمصلوحت، وكأنها تُرسي أسس مستقبلها في هذه المدينة التي زارتها لأول مرة منذ نحو 26 عاماً برفقة الراحل إيف سان لوران نفسه.

كارمن هايد في قفطان من تصميم كارن رويمي وقلادة من ماريسا برانسون (تصوير: بول رولاند)

منذ أول زيارة وقعت في حب المدينة، وفي كل زيارة بعدها، كان هذا الحب يقوى ويتوطد. الآن أصبحت وجهاً مألوفاً وفاعلاً في الأوساط الفنية في المدينة. تتقاسم مع غيرها من عشاق المدينة والقاطنين فيها، الخيوط نفسها المربوطة بإيف سان لوران. فأول تجربة عمل خاضتها وهي صبية في التسعينات من القرن الماضي، كانت معه بصفتها مسؤولة علاقات عامة، الأمر الذي أتاح لها التعرف عليه من قُرب. عشقت أسلوبه وألوانه وحبه للفن وكل شيء يتعلق به. من هذا المنظور، فإن حميميتها بمدينته المفضلة ليست مستغربة. بعد مرور عقود عدة وزيارات منتظمة ومستمرة، قررت أن ترسخ أقدامها في المنطقة ببناء بيت خاص بها، يُجسد بتفاصيله رؤيتها؛ بدءاً من مسكات الأبواب، إلى قطع الأثاث والديكورات المنزلية المصنوعة بأيدي حرفيين محليين، إضافة إلى أعمال لفنانين عالميين جمّعتها عبر السنين. كل تفصيل في البيت طبعه دفء الألوان ويكتسي بديناميكية لا يعرف خباياها وأسرارها إلا من يُحبها بصدق.

ولأن كارمن لا تحب الكليشيهات والصور النمطية والعيش في بُرج عاجي؛ غاصت في عُمق الثقافة المغربية... ربطت صداقات مع فنانين متمرسين وشباب في بداية مشوارهم، كما تعرّفت على حرفيين يعملون في ورشات بالأسواق القديمة، ونصّبت نفسها همزة وصل بينهم وبين الغرب، عبر خلق فرص لتعاونات فنية مهمة.

كارمن هايد في فستان فينتاج من تصميم إيف سان لوران (تصوير: هند لحريشي)

جمال بيتها في ضواحي مراكش، فتح الأنظار عليها بوصفها مصممة ديكور، كما فتح شهيتها للخوض في تجارب فنية جديدة تُبدع فيها بموازاة «أتولييه ماير» للفينتاج، الذي ورثت فكرته وكثيراً من ممتلكاته من جدتها النمساوية كلوديا ماير. في البداية اقتصر على أزياء وإكسسوارات «فينتاج»، لكنه الآن يشمل ديكورات المنزل ومستحضرات التجميل وغيرها من المجالات التي ترى أنها جزء من حياتنا اليومية ومن الضروري إدخال مفهوم الاستدامة عليها.

مؤخراً قدم لها فندق «ماندرين أوريانتال» بمراكش فرصة ثمينة لم تتردد في اقتناصها. الفندق كان يريد التميُز عن بقية الفنادق الفخمة التي تعج بها المدينة، ويرتقي بنفسه عن المنافسة التي تشُنها «الرياضات» لجذب السياح، بديكورات أندلسية تعبق بروائح التوابل والألوان الدافئة.

كيف تحولت مساحة غير مستعملة إلى قاعة فنية شكلاً ومحتوى (خاص)

أخذت إدارة الفندق خطوة غير مسبوقة بإعطاء الأولية للفن لتحقيق الهدف؛ لأنه وسيلة مهمة لتعزيز لقاء الثقافات. تبلورت الفكرة لتتجسد في خلق فضاء غامر يلجأ له الضيوف، ليس فقط للراحة والاستمتاع بمكان فني يُعبِر عن تجدُد المدينة وروحها الشبابية، بل أيضاً لشراء تذكارات تتنوع بين التحف الصغيرة والديكورات المنزلية.

تحفة من البرونز على شكل طائر من إبداع ماريا قباج وقصاصات «بوب آرت» للفنان ماركو وولكر (خاص)

لم تجد أفضل من كارمن هايد والفنان المعماري المغربي إدريس كارناشي لتجسيد هذه الرؤية على أرض الواقع. قدم لهما الفندق مستودعاً مساحته 9300 متر مربع.

كان المقابل أن يُحوِلاه إلى معرض فني دائم ومساحة للمناسبات الاحتفالية، ولم يُخيبا الآمال. تبنيا مفهوم الاستدامة مبدأً أساسياً، بحكم أن كارمن هايد من أشد الداعمين لهذه الموجة، وأيضاً تعاونا مع فنانين عالميين من أمثال المصمم الإيطالي روميو جيلي المقيم في مراكش، والفنان البصري ماركو ووكر، والفنانة المغربية ماريا القباج التي تخرجت في «معهد سانترال سانت مارتن»... وغيرهم. كارمن وإدريس يتفقان على أن قوة المشروع تكمن في روح الجماعة، على شرط انتمائهم إلى نادي عشاق المدينة الحمراء.

ركن خاص للاستراحة والاستجمام من تصميم كارمن (خاص)

تقول كارمن هايد إنها استمدت فكرة المعرض «من الحركة الفنية النمساوية (Wiener Werkstatt) التي اشتهرت في عام 1903 وقامت على جمع الفنانين ومصممي الأزياء والمهندسين المعماريين والحرفيين العاملين في مجال السيراميك والفضة والأثاث والفنون التخطيطية لإنتاج منتجات فنية ووظيفية».

عنوان المعرض «أسود على أبيض» وكان نقطة الانطلاق وأيضاً نقطة اللقاء، له أيضاً دلالاته وفق تأكيد كارمن: «إنه يعني الوضوح والدقة بشكل لا يترك أدنى شك». ابتعد كل المشاركين عن الكليشيهات والأفكار المستهلكة، بحيث غابت أشجار النخيل وألوان الطين والرمال الذهبية أو الترابية وحلّ محلها اللونان الأبيض والأسود مع رشات قليلة جداً من الأخضر والأحمر.

مجموعة مصنوعة من السيراميك من تصميم روميو جيلي (خاص)

فبقدر ما كانت كارمن متحمسة للاستدامة والحرفية والفن المعاصر، كان الفنان المعماري إدريس كارناشي، متحمساً لخلق مكان تتعايش فيه الطبيعة والهندسة المعمارية وتتناغم فيه التناقضات مثل الأبيض والأسود، والضوء والظلام، والفوضى والتوازن، والأصالة والمعاصرة، والحرفية والـ«بوب آرت»، بلغة عصرية.

بعد أشهر عدة، أزيح الستار عن لوحة مرسومة بالأسود والأبيض يكمن اختلافها في أنها تغلي بالحماس لتجديد صورة مدينة قد تكون قديمة قدم التاريخ لكنها لا تشيخ أبداً بفضل شبابها وعشاقها على حد سواء. مثلاً تعاون المصمم الإيطالي روميو جيلي مع علامة «بينيمان» للسيراميك لإبداع 5 مزهريات، فيما قدمت شركة «LRNCE» المغربية طاولة وكراسي بخطوط مستقيمة، والفنانة سناء بن زعيتر مجموعة من السجادات تزينها نقشات تجريدية نسجتها أنامل نساء من المنطقة.

من أعمال إدريس كارناشي وماركو وولكر (خاص)

هناك أيضاً أعمال لإدريس كارناشي، هي مونتاج لفن الـ«بوب» تستحضر أسلوب آندي وورهول وجان بابتيست موندينو. ربما يكون أشهرها لوحة تظهر فيها مجموعة من أحمر شفاه تخرج من أنبوب على شكل طربوش، وسيارة أجرة مرسيدس قديمة مغطاة بالكامل بسجادة سميكة نسجها حرفيون محليون.


مقالات ذات صلة

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

لمسات الموضة أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

ذهب مصمّم الأزياء اللبناني المتخصّص في الموضة الرجاليّة إلى أقصى الجرأة، عندما قرّر أن يُلبِس عريس الموسم بدلة ملوّنة.

كريستين حبيب (بيروت)
لمسات الموضة يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)

بيضة «فابيرجيه» الجديدة بمليون دولار… فمن يشتري؟

بيضة بمليون دولار.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أشرف على المشروع فريق  من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)

كيف زاوج برونيللو كوتشينيللي بين الأعمال اليدوية والتكنولوجيا

من المفترَض ألا يفاجئنا المصمم برونيللو كوتشينيللي، وهو يقدم لنا درساً عن الزواج المثالي بين الإبداع البشري وقدرات الذكاء الاصطناعي، وهو الذي يبيع لنا بدلات…

جميلة حلفيشي (لندن)

أولمبياد باريس: الصراع على الذهبية بين المجموعات الضخمة والمصممين المستقلين

الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)
الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)
TT

أولمبياد باريس: الصراع على الذهبية بين المجموعات الضخمة والمصممين المستقلين

الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)
الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)

كل الأنظار ستتوجه اليوم نحو باريس. فالكل موعود بمشهد لا مثيل له. يقال إنه سيتضمن موكباً لأكثر من 160 قارباً، يحمل 10500 رياضي على طول نهر السين يتألقون بأزياء تُمثل بلدانهم. لكن المناسبة ليست عرض أزياء كما تعوَّدنا عندما يُذكر اسم باريس، بل مناسبة رياضية ربما تكون أهم نظراً لقاعدتها الجماهيرية الكبيرة: ألا وهي الألعاب الأوليمبية لعام 2024.

على مدى 16 يوماً، سيعيش عشاق كل أنواع الرياضات مباريات، سترفع من نسبة الأدرينالين في الجسم، وتُمتع العيون بمنافسات عالمية على الميداليات.

المنافسات على الميداليات تحتدم... والمصممون المستقلون هم الفائزون حتى الآن (د.ب.أ)

ومع ذلك لا يمكن أن نكون في باريس لأي حدث كان، ولا تحضر الموضة. فبموازاة هذه المنافسات الرياضية، سنتابع صراعاً على مستوى آخر يدور بين مصممين مستقلين نجحوا في استقطاب رياضيين شباب إلى صفهم، أو حصلوا على دعم من بلدانهم مثل لورا ويبر من آيرلندا وستيفان أشبول من فرنسا ولولوليمون من كندا، وعلي الإدريسي من المغرب، والمجموعات ذات الإمكانات الضخمة التي تُخوّل لها اقتحام أي فعالية أو حدث بسهولة، مثل مجموعة «أرماني» التي صممت ملابس الفريق الإيطالي، ومجموعة LVMH الفرنسية.

فريق المغرب على متن قارب في العرض العائم على نهر السين خلال حفل الافتتاح بأزيائه أزياء المستوحاة من رمال الصحراء والعلم المغربي (رويترز)

هذه الأخيرة، تنضوي تحتها 75 شركة منها «ديور» و«بيرلوتي» و«لوي فويتون» و«كنزو» وغيرها إلى جانب عدد من دور مجوهرات مثل «شوميه» التي ستصمم الميداليات الذهبية تحديداً. لهذا ليس غريباً أن يتوقَّع أن يكون لها نصيب الأسد.

ثم إن المجموعة لا تملك الإمكانات المادية واللوجيستية التي تخوِّل لها التعاقد مع أي فريق أو رياضي فحسب، بل تمتلك أيضاً الدعم الحكومي لما ضخّته من ملايين لتمويل هذا الحدث. في صورة تاريخية تداولتها وسائل الإعلام، في شهر يوليو (تموز) من العام الماضي، ظهر برنار آرنو، أغنى رجل في فرنسا وصاحب مجموعة «إل في إم آش» ليعلن في مؤتمر صحافي، مشاركة كلٍّ من «ديور» و«بيرلوتي» و«لوي فويتون» و«شوميه» وغيرهم في الأوليمبياد. كلٌّ حسب اختصاصه. «ديور» و«بيرلوتي» بتوفير الأزياء والإكسسوارات، و«لوي فويتون» بالعلب التي ستقدَّم فيها الميداليات الذهبية، و«شوميه» بتصميم الميداليات الذهبية تحديداً.

الأزياء التي صمَّمتها دار «بيرلوتي» للفريق الفرنسي (بيرلوتي)

مصممون مستقلون يدخلون المباريات

هذا الخطاب وكون الفعالية تجري في عقر عاصمة الموضة العالمية، التي تحتكرها المجموعة تقريباً، خلّف الانطباع بأنها ستأكل الأخضر واليابس، لكن ما حدث كان غير ذلك. اكتسبت الأزياء نكهات متنوعة مستمدة تارةً من التراث مثل ملابس فريق منغوليا التي سرقت الأضواء، أو من خبرات مصممين محليين، كما هو الحال بالنسبة لفرق كل من كندا وآيرلندا وإسبانيا.

فريق منغوليا على متن قارب في العرض العائم على نهر السين خلال حفل الافتتاح

حتى الفريق الفرنسي لم يكتفِ بما ستقدمه «ديور» أو «كنزو» أو «بيرلوتي» من منتجات، بعد أن تولت اللجنة الأوليمبية، ولأول مرة في تاريخ الأولمبياد، اختيار مصمم مستقل يقوم بهذه المهمة لأكثر من 60 رياضة.

يحمل رياضيو فريق إسبانيا الأعلام الإسبانية خلال حفل الافتتاح ويرتدون أزياء استوحتها شركة «جوما» الرياضية من العَلم الإسباني (أ.ف.ب)

كانت هذه اللفتة من نصيب الفرنسي ستيفان أشبول، مؤسس «بيغال»، ماركة طليعية متخصصة في الأزياء الرياضية. طُلب منه توفير ملابس عالية التقنية لمشاركين في أكثر من 60 رياضة عبر الألعاب الأولمبية والبارالمبية، من ركوب الدراجات إلى الرماية مروراً بكرة السلة على الكراسي المتحركة، علماً بأن هذه مهمة كانت تحتكرها شركات كبيرة مثل «نايكي» و«أديداس» من قبل. وفيما استغرق تصميم هذه المجموعات نحو ثلاث سنوات من أشبول، حسب قوله، فإن تصنيعها نفذته شركة فرنسية أخرى لها إمكانات لوجيستية لإنتاجها هي «لوكوك سبورتيف Le Coq Sportif».

شركة «جوما» الرياضية استوحت من العَلم الإسباني ألوانه للفريق ووردة القرنفل لرمزيتها الثقافية (موقع الشركة)

الفريق الإسباني أيضاً ظهر بأزياء من علامة إسبانية متخصصة في الأزياء الرياضية هي «جوما Joma»، التي تأسست عام 1965 في طليطلة.

مجموعة «تجمع بين التقاليد الكلاسيكية والحداثة، وهو أسلوب ظهر في الأقمشة عالية الأداء التي تم اختيارها». من الناحية الجمالية، زينتها زهرة القرنفل، كونها رمزاً متجذراً في الثقافة الإسبانية، واللونين الأحمر والأصفر، ألوان العَلم الإسباني.

المصممة الآيرلندية لورا ويبر، التي صممت أزياء فريق آيرلندا وباقي إكسسواراته، حرصت هي الأخرى على أن تجمع الأناقة بالراحة، مضيفةً لمسة شخصية على كل زي، من خلال تطريزات على طرف الأكمام تشير إلى المقاطعة التي ينتمي لها كل رياضي.

علي الإدريسي اختار للفريق المغربي أزياء مستوحاة من رمال الصحراء والعلم المغربي

المصمم المغربي علي الإدريسي الذي صمم ملابس الفريق الأولمبي المغربي هو أيضاً فكّر في تفاصيل تجعل هذه الأزياء خاصة. طرَّز على الجزء الداخلي من السترات أسماء لأبطال أولمبيين سابقين لتكريمهم من جهة وفتح حوار بين الأجيال من جهة ثانية. اختار للسترات لون البيج وطرّز أحد جوانبه بنجمة خضراء، فيما اختار للبنطلونات اللون الأحمر، في إشارة إلى العَلم المغربي. حتى الأحذية، التي جاءت ثمرة تعاونه مع فنان «بوب آرت» محمد أمين البلاوي، المعروف بـ«ريبل سبيريت»، غلبت عليها هذه الألوان من خلال أربطة حمراء وخضراء.

فريق كندا اختار ماركة «لولوليمون» لتصميم ملابس وإكسسوارات لاعبيه (أ.ب)

العلامة الكندية، «ليفت أون فرايداي Left On Friday»، التي أسسها مديرون تنفيذيون سابقون لشركة «Lululemon» في عام 2018، كان لها دور في تصميم أزياء وإكسسوارات فريق كرة الطائرة، فيما تولت «لولوليمون» تصميم باقي الملابس والإكسسوارات.

يلوح رياضيو فريق كندا بأعلامهم (رويترز)

هولندا أيضاً اختارت علامة محلية هي «ذي نيو أوريجينلز The New Originals» لتصميم ملابس فريق رقص «البريك دانس» الهولندي، فيما اختارت اللجنة الأولميبية النيجيرية علامة «أكتيفلي بلاك Actively Black»، للملابس الرياضية ومقرها لوس أنجليس.

ستيلا جين أبدعت مجموعة أنيقة استعملت فيها رسمة للفنان فيليب دودار (من موقعها على «إنستغرام»)

لا يختلف اثنان على أن تفويض الاتحادات الرياضية مسؤوليات التصميم للعلامات التجارية المتخصصة في المجال الرياضي، وغير المعروفة على المستوى العالمي، خطوة شجاعة من شأنها أن تسلط الأضواء عليها، وتنعش تجارتها بالنظر إلى الجمهور العالمي الذي يتابع هذه الفعاليات.

حفل الافتتاح وحده يتوقع أن يستقطب نحو مليار شخص من المشاهدين، في حين سيحضره 326000 شخص، بعد أن تم تقليص العدد من 600000 لأسباب أمنية، وهذا ما صرحت به المصممة الهايتية ستيلا جين، التي صممت أزياء فريق هايتي وكرمت من خلالها الفنان فيليب دودار، أيضاً ابن تاهيتي، باستعمال إحدى رسماته، ليأخذ هو الآخر نصيبه من الشهرة.

بداية علاقة الموضة بالأولمبياد

في عام 1992، دخلت الموضة أول مرة الألعاب الأولمبية. كان ذلك عندما طُلب من الياباني إيسي مياكي تصميم أزياء فريق ليتوانيا لحضور أولمبياد برشلونة. كانت هذه أول مرة تشارك فيها ليتوانيا كبلد مستقل بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. حينها تبرع المصمم بخدماته من دون أي مقابل. حازت التصاميم الكثير من الإعجاب لا سيما أنه دمج فيها أسلوبه الحداثي المتطور بعناصر ثقافية جسد فيها كيف يمكن أن تُعبِّر الرياضة عن حالة فنية.

كانت هذه هي نقطة التحول. بعدها بدأت مشاركات بيوت الأزياء والمصممين لتصبح منافساتهم تقليداً إلى اليوم.