هادي سليمان يقدم تشكيلة «سيلين صيف 2024» خارج السرب

اختار تقديمها عند نضجها بعيداً عن إملاءات الموضة

كان مبنى المكتبة أكثر من مجرد خلفية لعرض تشكيلته... كان مؤثراً على أسلوبه (سيلين)
كان مبنى المكتبة أكثر من مجرد خلفية لعرض تشكيلته... كان مؤثراً على أسلوبه (سيلين)
TT

هادي سليمان يقدم تشكيلة «سيلين صيف 2024» خارج السرب

كان مبنى المكتبة أكثر من مجرد خلفية لعرض تشكيلته... كان مؤثراً على أسلوبه (سيلين)
كان مبنى المكتبة أكثر من مجرد خلفية لعرض تشكيلته... كان مؤثراً على أسلوبه (سيلين)

خلال جائحة كورونا، تعهّد الكثير من صناع الموضة بالاستغناء عن أشياء كثيرة. تكلموا عن استراتيجيات جديدة من شأنها التقليل من ثقافة الاستهلاك أو الحد من استنزاف الأفكار والمهارات. من بين هذه التعهدات، كانت ضرورة إعادة النظر في برامج عروض الأزياء المكثّفة، التي لم تكن تسمح للمصممين بالتقاط أنفاسهم واختبار أفكارهم قبل تنفيذها. بالنسبة للبعض لم تعد تقتصر على أربع في السنة، بل إلى ست مرات.

انتهت الجائحة وعادت الأمور إلى سابق عهدها وكأن لا شيء تغير أو أحداً تعهّد. هادي سليمان، مصمم دار «سيلين» في المقابل، بقي وفياً للوعد. هو الآن من بين قلة تُحسب على اليد الواحدة تُغرّد خارج السِرب ولا تزال ترفض الانضمام إلى البرنامج الرسمي الذي تشهده الموضة أربع مرات في السنة كما كان عليه الأمر قبل الجائحة.

بالنظر إلى التشكيلة يمكن تنسيق القطع بشكل يناسب كل الأذواق (سيلين)

قرّر أن يُقدّم ما جادت به قريحته كلما نضجت واختمرت وحان أوان عرضها. ليس هذا فقط، بل في المكان الذي يختاره وبالطريقة التي يراها مناسبة لرؤيته الفنية. في العام الماضي، مثلاً، قدمها في لوس أنجليس في شهر ديسمبر (كانون الأول)، وهذا العام، قدمها لنا منذ أسابيع فقط من خلال فيلم تم تصويره في المكتبة الفرنسية الوطنية، التي لا تبعد سوى أمتار عن مقر الدار الرئيسي في الجادة الثانية بباريس. وهذا يعني أن سليمان يمر عليها بشكل يومي، أو على الأقل كلما كان في طريقه إلى الاستوديو الخاص به.

اختياره هذه الخلفية لم يكن لأنه قارئ نهم أو للإشارة إلى أنه يكتب فصلاً جديداً في كتاب دار «سيلين» فحسب؛ بل لأن معمار المكتبة من الخارج، والطريقة التي تتراص بها الكتب وتنوع محتواها في الداخل، كلها عناصر تعكس الاقتراحات التي وجهها للصيف.

استعمل صوف «الشيرلينغ» ليعوّض عن الفرو (سيلين)

لسان حاله يقول بأنه كما الكتب، تُغذي الروح والعقل، فإن هذه التشكيلة تغذي كل الأذواق من ناحية تنوع تأثيراتها وتصاميمها. فالواجهة الرئيسية لساحة المكتبة وحدها THE “COUR D’HONNEUR شُيّدت في عصور مختلفة. بصمات يد المهندس المعماري روبرت دي كوت لا تزال واضحة منذ القرن الثامن عشر، بينما يعكس الأسلوب النيو كلاسيكي للواجهتين، الجنوبية والغربية نظرة المعماري الفرنسي هنري لابروست، وهلمّ جراً.

ما يطرح السؤال لدى البعض، هو اختيار هادي سليمان عارضات نحيفات لعرض اقتراحاته. فهي تعطي انطباعاً بأنها ليست لكل المقاسات في الوهلة الأولى. لكن من يعرف المصمم، يعرف أنه عنيد، يؤمن بأسلوبه ويدافع عنه بشراسة؛ لهذا فإن عشاق الموضة تعوّدوا على أسلوبه هذا، وتأقلموا معه. فمن ينسى أنه من روّض الراحل كارل لاغرفيلد وجعله يُنقص وزنه بشكل كبير، وبطيب خاطر حتى يتمكن من ارتداء بدلاته الضيقة؟ عشاقه باتوا يعرفون أنه ليس أمامهم سوى تصور قطعة واحدة أو إطلالة متكاملة على جسم عادي بمقاييس عادية، ليصلوا إلى نتيجة تُثلج صدورهم، وهي أنها تناسب الكل مع قليل من التنسيق الذكي.

تعكس كل إطلالة أسلوباً عصرياً وشبابياً يجسّد نظرة هادي سليمان الفنية (سيلين)

ما يزيد من أهمية هذه التشكيلة وتوقيت طرحها، أنها تتوجه لصيف 2024 كما يقول، إلا أنها فعلياً لكل المواسم وللجنسين. أطلق على الفيديو الذي أشرف على تصويره، عنوان «تامبوي» ومعنى الكلمة، فتاة تميل إلى دخول عالم الرجال. كان هذا العنوان كافياً لإعطاء فكرة عما ينتظرنا حتى قبل أن يوزع الفيديو على وسائل الإعلام. الاستثناء كان في فساتين سهرة منسدلة وأخرى قصيرة جداً للكوكتيل استغرق تطريز بعضها بأحجار صغيرة وملونة أياماً طويلة.

فساتين السهرة كانت استثناءً عن القطع المفصلة أو الرياضية... جاءت مفعمة بالأنوثة (سيلين)

حتى لوحة الألوان التي اختارها المصمم عكست أسلوبه المألوف، النابع من رغبته في أن تروق لنسبة عالية من الناس. غلب عليها الأسود والدرجات الترابية مع قطع قليلة بألوان الوردي مطرزة بالأحجار وأخرى منقوشة بطبعات النمر. في المقابل، كانت الخامات والأقمشة متنوعة وكثيرة، من الصوف والموسلين إلى التافتا وصوف الشيرلينغ. الفرو هو الذي كان غائباً؛ لأن هادي سليمان تعهَّد بعدم استعماله.

لم يضاهِ تنوع الأقمشة سوى تنوع التصميمات. جمعت باقة من التأثيرات التي مرّ بها المصمم أو ساهم في ترسيخها. أخذنا بعضها إلى موضة التسعينات وموضة «الغرانج» وذكّرنا بعضها الآخر، لا سيما الجواكت المفصلة، بإبداعاته في الفترة التي قضاها في كل من «سان لوران» و«ديور أوم».


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)
أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)
TT

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)
أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق الموضة ليدلوا بدلوهم، إما إعجاباً أو انتقاداً. تبدأ الاستعدادات له منذ شهور. يجتهد خبراء الأزياء الذين تتعامل معهم النجمات وتكون لهم علاقات جيدة مع بيوت أزياء عالمية على طرح عدة اقتراحات يتم الاختيار منها، لتعكس الأناقة وفي الوقت تُدخل زبوناتهم قائمة الأكثر جذباً.

هذا العام تألقت العديد من النجمات في فساتين بيوت أزياء عالمية مثل «شانيل» و«بالنسياغا» و«محمد آشي» و«كارولينا هيريرا» و«ديور» وهلم جرا. بعض هذه الإطلالات كان مفعماً بالأناقة وبعضها الآخر عادياً وتقليدياً لم يعكس أي جرأة أو رؤية فنية. تكررت التصاميم نفسها، لتأتي إما بذيل طويل أو تلمع بالخرز والترتر وأحجار الكريستال. بل إن بعض المصممين لم يُنكروا هذا الأمر وأشاروا إلى أنهم في بعض الحالات أعادوا صياغة تصاميم من أرشيفهم.

في خضم هذا الكم من الإطلالات والبريق، برز لنا مرة أخرى وبما لا يقبل الجدل أن القالب غالب، من جهة، وبأن الكاريزما تلعب دوراً مهماً في الارتقاء بالإطلالة مهما كانت عادية ومكررة، من جهة ثانية.

زيندايا في فستان من «لوي فويتون» ومجوهرات من «بولغاري» (إ.ب.أ)

أكبر دليل على هذا الأمر الممثلة زيندايا، البالغة من العمر (28 عاماً). اختارت فستاناً باللون البرتقالي المطفي من «لوي فويتون» نسقته مع مجوهرات من دار «بولغاري» وتسريحة شعر تستحضر ريتا هيوارث. التصميم فخم لكنه «كلاسيكي» وربما لا يعكس سن زيندايا، إلا أنها إضافة إلى جسدها الممشوق الذي يجعلها شماعة مثالية، تتمتع بتلك الكاريزما التي تجعل كل ما تظهر به يتألق في ثانية. حتى لون الفستان لم يكن سهلاً ومع ذلك تناغم مع بشرتها.

أنجلينا جولي في فستان من «ماكوين» يقطر بريقاً وأهداباً (إ.ب.أ)

أنجلينا جولي، البالغة من العمر 49 عاماً نجمة أخرى تتمتع بهذه الكاريزما. فهي تميل إلى الأسلوب البسيط والهادئ، ومع ذلك تحصد الكثير من التغطيات في المجلات وبرامج الموضة. هذا العام، اختارت فستاناً من دار «ماكوين» بسيط في تصميمه، لكنه يقطر بالتطريزات البراقة بينما تتدلى منه أهداب معدنية كان المراد منها منحه حركة وحيوية. من الناحية الفنية لا جديد فيه إلا أن جولي، التي توصلت أخيراً إلى تسوية مع طليقها النجم براد بيت، ارتقت به وإن لم يكن أحسن ما ظهرت به لحد الآن.

ديمي مور في فستان من «أرماني بريفيه» باللون الذهبي وكأنها كانت تتوقع فوزها بالذهبية (رويترز)

ديمي مور الفائزة بجائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم «ذي سبستن»، عكست كل المعتقدات عن المرأة الستينية. ظهرت وكأنها منحوتة في فستان من خط «أرماني بريفيه» باللون الذهبي، ضيق عند الصدر مع ذيل صغير عند الأسفل. كان واضحاً أن سنواتها الـ62 لم تؤثر على رشاقتها أو جمالها. بالعكس، فإنها كان تشع بالنضارة والسعادة وهي تتلقى جائزتها وتصرح بأنها كانت تخشى أن تصبح ممثلة مسنّة: «أنا في حالة صدمة. أمارس هذه المهنة منذ فترة طويلة، منذ أكثر من 45 عاماً، وهذه المرة الأولى التي أفوز بها كممثلة».