سارة بيرتون تودّع دار «ألكسندر ماكوين» بتشكيلة صبَّت فيها «جام إبداعها»

بتصاميم تستحضر صراع الراحل لي ماكوين بين السوداوية والرومانسية

مصممة كايت ميدلتون المفضلة توُدّع دار «ألكسندر ماكوين» وتشير التوقعات إلى استمرار التعاون بينهما (أ.ب)
مصممة كايت ميدلتون المفضلة توُدّع دار «ألكسندر ماكوين» وتشير التوقعات إلى استمرار التعاون بينهما (أ.ب)
TT

سارة بيرتون تودّع دار «ألكسندر ماكوين» بتشكيلة صبَّت فيها «جام إبداعها»

مصممة كايت ميدلتون المفضلة توُدّع دار «ألكسندر ماكوين» وتشير التوقعات إلى استمرار التعاون بينهما (أ.ب)
مصممة كايت ميدلتون المفضلة توُدّع دار «ألكسندر ماكوين» وتشير التوقعات إلى استمرار التعاون بينهما (أ.ب)

في آخر يوم من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي وخلال أسبوع باريس لربيع وصيف 2024، ودّعت أوساط الموضة المديرة الإبداعية لدار «ألكسندر ماكوين» بعد أكثر من عقدين من الزمن دخلت فيهما الدار مساعدةً لماكوين قبل أن تتولى قيادتها الإبداعية بعد انتحاره في عام 2010. بعد انتهاء عرضها خرجت وسط تصفيق حار لتودّع محبيها وأصدقاءها ممن وقفوا احتراماً لها لدقائق عدة. كما دخلت الدار بهدوء خرجت سارة بيرتون منها أيضاً بهدوء. بعد أن ألقت بالتحية على الحضور، لم تعُد إلى الكواليس لتقابل الصحفيين وتجيب عن أسئلتهم كما جرت العادة بعد كل عرض. غادرت المكان مع أطفالها في سيارة كانت تنتظرها بالخارج من دون أن تلتفت للوراء.

المصممة سارة بيرتون بعد عرضها (ألكسندر ماكوين)

لم تُدل لأحد عن أسباب خروجها من دار أصبحت جزءاً منها، كما لم تعطِ أي تبريرات. فقط قدمت تشكيلة للتاريخ وضعت فيها نقطة النهاية على فصل مهم في مسيرة الدار ومسيرتها الشخصية على حد سواء. فهي ستبقى في ذاكرة الموضة المصممة التي لم تضمن بقاء إرث مؤسسها واسمه فحسب، بل ضمنت استمراره ووهجه أيضاً. وهذا ما اعترفت به مجموعة «كرينغ» المالكة للدار عندما أعطتها الفرصة لتقديم تشكيلة تضع فيها ختم النهاية على علاقة مثمرة، في وقت أصبح فيه الاستغناء عن المصممين أمراً سهلاً وعادياً لا يستدعي أي احتفال. سارة بيرتون لم تكن عادية كما أثبتت السنون.

كانت الأشكال والأحجام الدرامية تخفي مهارة عالية على التفصيل (ألكسندر ماكوين)

عندما اختارتها المجموعة خليفة للي ألكسندر ماكوين بعد انتحاره، لم يكن أحد يتوقع أن تستطيع أن تحمل على كتفيها إرثاً مُثقلاً بالدراما وميالاً لإحداث الصدمات. عدد لا يستهان به ممن صفَّقوا لها بحرارة وتأثر في الـ30 من شهر سبتمبر الماضي، كانوا من بين المشككين في اختيار «كيرينغ». صرّحوا في مناسبات كثيرة بأن لا أحد يمكن أن يأخذ محل لي ألكسندر ماكوين أو يضاهي عبقريته ومهارته في قص بدلة وتفصيلها بتقنيات تجمع الدقة بالخيال.

كان العرض تحية لذكرى لي ماكوين ونظرته للمرأة (ألكسندر ماكوين)

من أول عرض قدّمته أسكتت كل المنتقدين والمشككين. كانت خير خلف لخير سلف. لم تحاول أن تأخذ محله، بل عملت على الحفاظ على اسمه وأسلوبه. ضاهته في مهارته ولم تحاول أن تسرق الأضواء منه بتغيير الاتجاه الذي أرساه. فعملها إلى جانبه لـ12 عاماً علّمها الكثير وأثّر في أسلوبها إلى حد كبير. تبنَّت الدراما وإيحاءات سوداوية ورثتها من ماكوين، لكن لم تصل إلى المستوى الذي أودى به في الأخير. روَّضت غرابته وميله لإحداث الصدمة، بل وأدخلته القصور والبلاطات الملكية. اتخذت التفصيل سلاحاً مع لمسة أنوثة، ربما لم تكن مقصودة بقدر ما كانت عفوية، جعلت نجمات مثل كايت بلانشيت وكايت ميدلتون، أميرة ويلز حالياً، يُقبلن على تصاميمها ويُعززن مكانتها بين مصممي جيلها.

وربما تكون النقلة المهمة في مسيرتها عندما اختارتها كايت ميدلتون لتصميم فستان زفافها على وريث العرش البريطاني، الأمير ويليام، رغم أنها لم يكن قد مرَّ على تعيينها أكثر من عام. كانت هي أيضاً من صمم فستان أختها بيبا، الذي كاد أن يخطف الأضواء من فستان العروس.

الوردة تكررت في الكثير من الإطلالات بأشكال مختلفة (ألكسندر ماكوين)

عرضها الأخير ضمن أسبوع باريس لربيع وصيف 2024 كان «ماكوينيا» روحاً وتفصيلاً. فقد كان كما قالت «يحترم المرأة ويسعى لتمكينها» من خلال أزياء تُبرز تفرّدها وقوتها. وهذا ما ركّزت عليه هي الأخرى في هذه التشكيلة. شرّحت جسد المرأة وأبرزت قوته الكامنة في تضاريسه الأنثوية، التي زوّدتها بدروع على شكل كورسيهات من الجلد تحميها من أي عوامل خارجية تهدد كينونتها.

قدمت المصممة كورسيهات وأحزمة تبدو وكأنها دروع (ألكسندر ماكوين)

هل كانت بيرتون تعرف مسبقاً أن من سيخلفها رجل وليس امرأة؟ جرأة التصاميم وسوداوية الألوان تقول إنها كانت تعرف ولا ترضى. فحتى الأزهار التي تعدّ أحد رموز الدار جاءت في بعض القطع تسيل دماً. بعد يومين فقط على العرض، أعلنت مجموعة «كرينيغ» تعيينها الآيرلندي شون ماكغير خلفاً لها. في بيان أصدرته الدار، قال الرئيس التنفيذي للمجموعة، فرنسوا هنري بينو: «نحن متحمسون لفتح هذا الفصل الجديد في تاريخ هذه العلامة التجارية الفريدة»، بينما صرّح رئيسها التنفيذي بأنه يتوقع أن يساهم ماكغير «بفضل خبرته وشخصيته وطاقته الإبداعية» في «إضافة لغة إبداعية قوية» إلى الدار «استناداً إلى عراقتها».

وبينما لا يستطيع أحد انتقاد المصمم الشاب أو الانتقاص من قدراته، فإن فقدان ساحة الموضة مصممتين في أسبوع واحد، هما سارة بيرتون وغابرييلا هيرتس التي قدمت آخر تشكيلة لها لدار «كلوي» بعد ثلاث سنوات فقط، فتح نقاشات جديدة عن دور المرأة ومكانتها في عالم الموضة. ليس غريباً أن تتعاون بيرتون مع الفنانة البولندية ماغدالينا أبكانوفيتش باستعمال مجموعة من أعمالها التي تُخضع فيها جسد المرأة للتشريح بطريقة عنيفة كديكور.

افتتحت العرض كايا غيربر البالغة من العمر 22 عاماً بفستان أسود قصير مبالَغ في صرامة أكتافه وضمور خصره واستدارة تنورته القصيرة، واختتمته العارضة ناعومي كامبل البالغة من العمر 53 عاماً بفستان فضي بشراشيب تتراقص مع كل خطوة تقوم بها.

اختيارها جيلين له دلالاته، وهو أن هذه التصاميم للمرأة أياً كان شكلها أو لونها أو عمرها. لا يختلف اثنان على أن التصاميم كانت درساً في التفصيل والحرفية. حتى القطع المحاكة بالصوف طرّزتها أيادٍ ماهرة لتأتي بأشكال مبتكرة تتباين بين ورود تزين صدرها وسحاب على شكل عمود فقري يزين ظهرها، في حين بدت خيوط كثيرة تتدلى من على الأكتاف والأذرع وكأنها قطرات من الدم. لكن وراء الدراما والأكتاف الضخمة، كانت هناك قطع مفصلة تفصيلاً لا يُعلى عليه، سواء كانت بنطلونات تم تنسيقها مع جاكيت توكسيدو، أو كورسيه منحوت يغطي الصدر ومنطقة الخصر كحزام. كانت هناك أيضاً تنورات منسدلة ومطرّزة وفساتين ناعمة طُبعت على بعضها وردة حمراء يسيل الدم من بتلاتها في بعض الإطلالات، ومعطف من الصوف الدمشقي بطيات كثيرة تبدو وكأنها مقصوصة باليد.

الأشكال المتنوعة تخللتها تفاصيل غريبة (ألكسندر ماكوين)

لا يختلف اثنان على أن هذه التشكيلة كانت الأكثر جُرأة على مدى الـ13 سنة تولت فيها سارة بيرتون قيادة الدار الإبداعية بعد مصرع ماكوين. من قبل، احترمت أسلوبه، وإن روّضت جنوحه نحو الغريب والسريالي واستبدلته بغرابة بريطانية أكسبها ولاء الطبقات المالكة، أما هنا، فتعمّدت أن تكون النهاية مثل البداية: قوية وجريئة تحيي ذكرى الراحل لي ماكوين بكل عُنفه وعنفوانه.

علاقة سارة بيرتون وكايت ميدلتون أميرة ويلز

بعد عام واحد على تسلمها منصب المديرة الإبداعية لـ«ألكسندر ماكوين»، ابتسم لها الحظ وفُتحت لها أبواب العالمية على مصراعيها، عندما طلبت منها كايت ميدلتون في عام 2011 تصميم فستان زفافها على الأمير ويليام.

ترسّخت مكانتها العالمية بعد أن صمّمت فستان زفاف كايت ميدلتون على الأمير ويليام في عام 2010 (أ.ب)

فستان انتظره أكثر من 26.3 مليون مشاهد في بريطانيا و72 مليون مشاهد على «يوتيوب». تم الأمر في سرية تامة، ورسّخ مكانة بيرتون بتصميمه الكلاسيكي والرومانسي. جاء يعكس شخصية صاحبته المتحفظة بعض الشيء وأسلوبها الذي فهمته المصممة جيداً.

كانت وراء تلميع صورة كايت ميدلتون وإضفاء العصرية على إطلالاتها (أ.ف.ب)

منذ ذلك الحين وهي المصممة المفضلة لها بالنظر إلى عدد المرات التي ارتدت أميرة ويلز تصاميمها. ويقال أيضاً أن صداقة شخصية مبنية إلى الثقة باتت تربط بينهما، وهو ما أكده الأمير هاري في كتابه «spare» حين تطرق إلى الحادثة الشهيرة حول فستان الأميرة الصغيرة شارلوت والتي تحولت مشكلة كبيرة بين كايت وزوجته ميغان ماركل، حيث لا تزال الصحف والمجلات تعود إليها بين الفينة والأخرى. قال الأمير هاري في كتابه: إن كايت لجأت إلى سارة بيرتون تأخذ رأيها في الأمر. كانت سارة بيرتون أيضاً من تولت تنظيم جلسة التصوير الخاصة بكايت بمناسبة ميلادها الـ40، التي قام بها مصورها المفضل باولو روفيرسي.

هي المفضلة للأميرة في المناسبات الرسمية (رويترز)

بينما ساهمت كايت ميدلتون في شهرة بيرتون على المستوى العالمي وترسيخ مكانتها في مجموعة «كيرينغ»، ساهمت هذه الأخيرة بدورها في تشكيل أسلوب الأميرة وصورتها الأنيقة. فكايت لم تكن معروفة بأسلوب يعكس فهمها للموضة، بل وتعرّضت لانتقادات كثيرة في البداية على أساس أنها تعتمد أسلوباً مضموناً وعادياً. اختيارها مصممة من دار تشتهر بأسلوب درامي وحداثي جريء لم يكن صُدفة. فقد أرادت أن تختصر الطريق وتدخل عالم الموضة من أوسع الأبواب. سارة بيرتون فهمت الإشارة، لكنها راعت أيضاً شخصية كايت. فالموضة لا تبرُز وتعطي تأثيرها الجميل إذا لم تمنح المرأة الراحة والثقة؛ لهذا لم يكن وارداً أن تقدم لكايت ميدلتون آنذاك تصاميم حداثية صادمة. بهدوء، شكّلت أسلوبها العصري كما نعرفه الآن: أنيقاً وكلاسيكياً عصرياً. هذه العلاقة التي تحوّلت صداقة، تجعل أوساط الموضة يتساءلون عما إذا كانت المصممة البالغة من العمر 49 عاماً ستبقى المفضلة لدى أميرة ويلز بحيث تتعامل معها بشكل شخصي مثلما تعاملت أنجيلا كيلي مع الملكة الراحلة إليزابيث الثانية.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
TT

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها. بيوت الأزياء الكبيرة هي الأخرى تتسابق على حجز مكان رئيسي لها على هذه الواجهات لتسليط الضوء عليها وعلى إبداعاتها. فما لا يختلف عليه اثنان أن هذه الواجهات والزينة، بما في ذلك الأنوار التي تُزين الشوارع والساحات، تعد نقطة جذب سياحي تعتمد عليه لندن كل سنة. عادةً ما تبدأ الحجوزات قبل فترة طويلة.

وبما أن محلات «هارودز» معلمة ووجهة سياحية، فإن فرصة العرض فيها لا تقدر بثمن، وبالتالي فهي لا تمنح الفرصة لأيٍّ كان لاحتلال واجهاتها. لكنَّ «لورو بيانا» ليست أياً كان؛ فهي من أهم بيوت الأزياء العالمية حالياً. تصاميمها المترفة تجذب النظر وتحفز حركة البيع في الوقت ذاته، بدليل أنها من بين بيوت أزياء تعد على أصابع اليد الواحدة لا تزال تحقق الأرباح رغم الأزمة التي ألمَت بكثير من الأسماء الشهيرة.

احتلت «لورو بيانا» كل واجهات محلات «هارودز» بمناسبة الأعياد والاحتفالات (لورو بيانا)

هذا العام، أُتيحت لها الفرصة لتجعل 36 نافذة عرض في «هارودز» ملكها الخاص. لم يكن الأمر سهلاً. بدأت العمل عليه منذ أكثر من عام تقريباً ليأتي بصورة تسلط الضوء على تاريخها وإرثها وأيضاً مهارات حرفييها بشكل جيد، وهو ما مثَّلته «ورشة العجائب» Workshop of Wonders. فكرتُها استعراضُ خبراتهم في غزْل الصوف وأساليبهن الخاصة في المزج بين الحرفية والفن. هنا سيستمتع الناظر بقصة تُسرد من زاوية مدهشة تتبع رحلتهم، من المراعي و طرق عيش الخرفان والغزلان الخرفان وكيفية الحصول على المواد الخام وصولاً إلى المنتج النهائي.

ورشة العجائب

تتميز بديكورات متحرّكة ميكانيكية تُجسّد فكرة مسرح الدمى من خلال الآليات التي تحركها وراء الكواليس. أغلبها من الخشب لتعزيز الطابع اليدوي التقليدي. فهذه الورشة تعكس فكرة مفادها أنّ الطبيعة نفسها ورشة من الجمال والتفرد والكمال.

الجنود المجهولون أو الحرفيون أخذوا نصيبهم من الاحتفال باستعراض مهاراتهم أمام الضيوف (لورو بيانا)

تأتي التصاميم هنا مستوحاة من روح عشرينات القرن الماضي، وهي الحقبة التي أبصرت فيها الدار النور، ممّا يعزز الشعور بالعراقة من خلال استخدام القوام الخشبي والألوان الدافئة الممزوجة بلمسات من الذهب المطفي. تملأ المشهد، دمى مرسومة ومحاطة بسحب من الصوف المنسوج يدوياً. هنا أيضاً يُكشف الستار عن مجتمعات الحرفيين الماهرين Masters of Fibers والأماكن الساحرة حول العالم، حيث يعيش الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال. هنا كل شيء يتأرجح بين الواقع والخيال،

وخلال هذه الفترة، ستفتتح الدار متجرَين جديدَين في «هارودز»؛ الأوّل مخصّص لأزياء الصغار، والآخر للديكور المنزلي، إلى جانب منتجات وتصاميم حصرية تحتفي بتاريخ الدار وبموسم الأعياد.

الواجهة والنوافذ

الجميل في تصميم الواجهات أن التركيز لم يقتصر على عرض تصاميمها بشكل يُغري المتسوقين، بقدر ما جرى التركيز على أخذهم في رحلة ممتعة إلى أماكن بعيدة، لتُعرفهم من أين تُستورد الألياف النادرة قبل أن تتحول إلى رزمٍ قطنية ثم إلى أقمشة فاخرة، يُزيِن بعضها شجرة عيد ميلاد بارتفاع 17 متراً .

... وطبعاً لا تكتمل الإطلالات من دون حقائب تعكس اهتمام الدار بالتفاصيل (لورو بيانا)

صُممت كل نافذة بدقة لتحاكي تحفة فنية تروي مرحلة من تاريخ «لورو بيانا» وقصةً نجمُها الرئيسي أليافٌ وأنسجة خفيفة على شكل رزم تتحرك على حزام ناقل، لتتحوّل إلى قماش من خلال آلية مذهلة، وفي النهاية تتّخذ شكل شجرة عيد ميلاد بطول 17 متراً مزينة بالأقمشة وحلة العيد الفريدة.

نوافذ أخرى، تسرد فصولاً تتناول مواقع ومجتمعات «الحرفيين الماهرين» Masters of Fibers من منغوليا وأستراليا وجبال الأنديز وما بعدها، وصولاً إلى إيطاليا حيث يتم تحويل الألياف والمواد الخام إلى قطع لا تقدر بثمن.

منها ما يحكي قصص صوف الفيكونيا، ونسيج بيبي كشمير، وصوف الملوك وقماش «بيكورا نيراPecora Nera® وغيرها. النوافذ المخصّصة لـصوف الملوك مثلا تركز على عملية البحث عن أفضل المراعي الخضراء لخراف المارينو، وهي عملية تعود بنا إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين وصل القبطان جيمز كوك إلى نيوزيلندا وأستراليا، حاملاً معه خراف المارينو لأول مرة. لدهشة الجميع، وجدت هذه الخراف مكانها المثالي، حيث حظيت بعناية مكثفة على يد المربّين المحليين ومنحتهم هذه الخراف بدورها أجود أنواع الصوف في العالم. أمّا نافذة Pecora Nera® فتروي رؤية وإبداع المزارعة النيوزيلندية فيونا غاردنر التي ركّزت على الخراف ذات اللون الداكن تحديداً. صوفها الثمين يتحوّل إلى ألياف طبيعية لا تحتاج إلى صبغات.

قطع حصرية لـ«هارودز»

احتفالاً بالذكرى المئوية للدار وأسلوبها المتميز بالفخامة الهادئة، تم طرح مجموعة جاهزة للرجال والنساء، حصرياً في «هارودز». كان من الطبيعي أن تستمد إيحاءاتها من الأناقة البريطانية الكلاسيكية مطعَّمة بلمسات مستوحاة من الفروسية وأنماط المربعات، إضافةً إلى اللون الأخضر الأيقوني الخاص بـ«هارودز» و ألوان أخرى مستوحاة من أجواء العيد، مثل الأحمر والأبيض.

لم تستسهل «لورو بيانا» عملية تزيين 36 نافذة وكانت النتيجة مرآة لتاريخها وإرثها (لورو بيانا)

الإطلالات المسائية للمرأة في المقابل تتميز بفساتين طويلة من الحرير المطرّز يدوياً وفساتين محبوكة بقصات عمودية، إلى جانب قمصان ناعمة مصنوعة هي الأخرى من الحرير تم تنسيقها مع سراويل واسعة بسيطة بعيدة عن التكلّف. تضيف أحذية الباليه المسطحة المصنوعة من المخمل الأسود، والصنادل ذات الكعب العالي المطرزة بزهور الشوك الذهبية، لمسة نهائية راقية.

من جهته يتألق رجل «لورو بيانا» في كل المناسبات الرسمية والاحتفالات الموسمية، بفضل التشكيلة الواسعة من البدلات الرسمية.

متجران مؤقتان

سيجد زائر «هارودز» كل ما يطمح إليه من أزياء أو إكسسوارات مصنوعة من أجود أنواع الألياف (لورو بيانا)

بهذه المناسبة خصصت الدار متجرَين مؤقّتَين من وحي الأعياد. الأول في الباب 6، ويشمل عناصر مستوحاة من ورش العمل والأقمشة المطرّزة. تتوسطه طاولة عمل من الجلد مضاءة بمصباح علوي، بالإضافة إلى عجلة صناعية كبيرة تعرض المنتجات الجلدية والإكسسوارات. يمكن للزوّار هنا العثور على تشكيلة حصرية من ربطات العنق والقبّعات المصنوعة من الكشمير الفاخر للأطفال، والصوف، وقماش التويل الحريري بألوان هادئة أو مزيّنة بزخارف تحمل رموز الدب وزهرة الشوك وغيرها. أما للمنزل، فتتوفر تماثيل خشبية للماعز والألباكا، بالإضافة إلى نسخ محشوة منها على قواعد خشبية. وقد جرى تخصيص زاوية خاصة لإدخال اللمسات الشخصية على وشاح Grande Unita الأيقوني، حيث يمكن للعملاء تطريز الأحرف الأولى من أسمائهم.

استلهمت الدار الإيطالية كثيراً من التصاميم من الأجواء البريطانية العريقة... من الأشكال والقطع إلى الألوان (لورو بيانا)

أما المتجر الثاني بباب 9، فخُصّص لفنّ تقديم الهدايا وتجربة حصرية يمكن حجزها لمزيد من المتعة. تبدأ بتعريف الضيوف بعالم الحرف اليدوية، من خلال أشجار الأعياد المغلّفة بالصوف والكشمير، وحيوانات محشوة على شكل الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال، بالإضافة إلى رؤوس أقلام على شكل حيوانات. وتتجلّى بهجة موسم الأعياد في كرة الثلج المصنوعة من الخشب والزجاج التي تضم ماعز الكشمير محاطاً بحبّات الثلج المتطايرة. يستضيف هذا المتجر أيضاً ورشة عمل تُتيح للضيوف اختبار مهاراتهم في الحرف اليدوية أو تعلّم كيفية صنع زينة العيد وتغليف نماذج خشبية بالصوف.

تستمر فعاليّات Workshop of Wonders حتّى الثاني من يناير (كانون الثاني) 2025، وتُشكّل جزءاً مهماً وأساسياً من احتفالات الدار بعيدها المئة حول العالم، وبذكرى تأسيسها عام 1924 على يد بييترو لورو بيانا.