عبر الإسبان في الآونة الأخيرة عن استيائهم من قدوم السياح بأعداد هائلة إلى مدنهم وجزرهم، لدرجة أنهم كتبوا لافتات تندد بالسياح وتدعوهم للعودة إلى ديارهم مثل: «رسالة إلى السياح... ارجعوا إلى دياركم» و«برشلونة ليست برسم البيع».
هذه الحملات المضادة للسياحة كانت موجهة في بادئ الأمر للسياح الإنجليز في أماكن، مثل جزر الكناري، عانت على مرّ السنين من العادات السيئة للزوار القادمين من بريطانيا، التي يصفها الإسبان بأنها تشوه بيئتهم وتتعارض مع تقاليدهم وعاداتهم.
واستمرت هذه الحملات لتطول جميع السياح وليس فقط من هم من بريطانيا، فاحتشد آلاف المتظاهرين في شوارع برشلونة في خطوة اعتراضية على السياحة المفرطة وانعكاساتها (برأيهم) على حياة ومعيشة الإسبان.
ويشتكي المتظاهرون الذين تجمعوا من نحو 150 منظمة في برشلونة من أن السياحة المفرطة تتسبب بزيادة تكلفة المعيشة، وارتفاع أسعار الإيجارات بشكل كبير، وتحول المدينة لتصبح «غير صالحة للعيش».
وحمل المتظاهرون يافطات تندد بالسياحة المفرطة، وعمد آخرون منهم إلى استخدام مرشات مياه على شكل مسدسات ضد بعض السياح.
كما أغلق المتظاهرون بعض المطاعم والفنادق في برشلونة التي تعد وجهة سياحية رئيسية تجذب ملايين المسافرين سنوياً.
وجاءت هذه المظاهرات في وقت تسعى فيه الدوائر الرسمية في برشلونة إلى وضع حد لتأجير الشقق السياحية بحلول عام 2029، لتسهيل الوصول إلى السكن للمقيمين، بحسب ما أعلن رئيس بلدية برشلونة الأسبوع الماضي.
وأكد رئيس البلدية، خلال مؤتمر صحافي، أن «برلمان كاتالونيا سمح بعدم تجديد تراخيص الشقق السياحية، وهو ما سيتيح إعادة 10 آلاف مسكن إلى سوق الإيجار أو البيع».
ورداً على هذه الاحتجاجات والتصرفات التي قام بها بعض المتظاهرين ضد السياح، عبّر رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي عن غضبه جراء أعمال الترهيب التي تطول السياح في بلاده. وقال: «لا يجوز أن يعامل السائح الذي يأتي إلى إسبانيا ويدر عائدات مادية كبيرة بهذه الطريقة».
يشار إلى أن عدة مدن سياحية إسبانية تعرضت لأعمال شغب من قِبل ناشطين يرفضون توافد السياح إلى مدنهم، مثل بالما وبرشلونة، ويرون أن السياح يتسببون في زحمة كبيرة في الأماكن العامة وارتفاع أسعار الإيجارات الموسمية التي تعد غير قانونية.
وحسب صحيفة «الباييس» الإسبانية، فإن نحو 7 فنادق في برشلونة تعرضت لأعمال نهب نسبت إلى هذه الحركة.
وفي بالما السياحية، هاجم عدد من هؤلاء الناشطين مطعماً وأشعلوا الدخان المضيء ما أثار الرعب لدى السياح الموجودين فيه.
وينتمي هؤلاء النشطاء لحركة «آران» التي تأسست عام 2012 وتوسعت في جميع أنحاء إسبانيا وهي حركة مقربة من اليسار الداعي لاستقلال كاتالونيا وإنهاء النظام الرأسمالي والظلم العالمي والمساواة بين الجنسين.
تجدر الإشارة إلى أن إسبانيا هي ثالث وجهة سياحية في العالم بعد الولايات المتحدة وفرنسا وفق منظمة السياحة العالمية؛ حيث تشهد ارتفاعاً في عدد السياح الوافدين عليها، الذي يقارب 75 مليون سائح عام 2016، كما تحتل المرتبة الثالثة عالمياً من حيث العائدات التي يدرها قطاع السياحة مع نحو 60 مليار دولار بارتفاع نسبة 6.7 في المائة خلال سنة.