36 ساعة في مونتريال... ما الذي يمكنك فعله وزيارته هناك؟

مارك توين قال عنها: «لا يمكنك رمي حجر فيها دون كسر نافذة كنيسة»

منظر مطل على المدينة (نيويورك تايمز)
منظر مطل على المدينة (نيويورك تايمز)
TT

36 ساعة في مونتريال... ما الذي يمكنك فعله وزيارته هناك؟

منظر مطل على المدينة (نيويورك تايمز)
منظر مطل على المدينة (نيويورك تايمز)

«بونجور... هاي» عبارة ترحيب عادةً ما يستخدمها العمال وأصحاب المتاجر في كل مكان في مونتريال، كندا، لمعرفة ما إذا كنت تفضل التحدث باللغة الفرنسية أو الإنجليزية، وهي جملة تلخص الكثير عن مونتريال، التي تحتفظ، مثل مقاطعتها الأم «كيبيك»، بهوية كندية - فرنسية قوية.

وفي هذه المدينة البالغ عمرها 381 عاماً التي يبلغ عدد سكانها 1.78 مليون نسمة، ووصفها الكاتب الأميركي الشهير مارك توين ذات مرة بأنها مكان «لا يمكنك رمي حجر فيه دون كسر نافذة كنيسة»، يزدهر أحد أكثر المشاهد حيوية في كندا والمتمثل في المجتمعات التي شكلها المهاجرون اليهود، والأفارقة، والآسيويون، والإيطاليون، والبرتغاليون، والهايتيون لتعرض جميعها فسيفساء فريدة تستمتع برؤيتها (وكذلك تذوقها).

وتبدو هذه المدينة في حالة ازدهار، إذ يمكنك رؤية المباني السكنية الحديثة، والمقاهي، ومسارات الدراجات في «غريفين تاون» وهي مدينة صناعية سابقة، في حين تعرض مناطق «بلاتوه» و«مايل إند» فناً وموسيقى تليق بفريق مثل «أركيد فاير» وبفنان مثل ليونارد كوهين، اللذين سطعا فيها.

وصحيح أن ما يمكن مشاهدته هناك يحتاج إلى أكثر من 36 ساعة بكثير، ولكن إذا أحضرت معك بعض أحذية المشي الجيدة، ستجد وجبات رائعة ومناظر خلابة على قمة جبل «مونت رويال»، وستلمس روحاً إبداعية مهما كانت اللغة التي تتحدثها.

مونتريال مدينة الكنائس التي لا تحصى ولا تعد (نيويوك تايمز)

الجمعة

تناوُل العشاء في كنيسة سابقة

تعجّ مونتريال بأبراج وقباب الكنائس، وذلك على الرغم من تضاؤل الحضور الجماهيري في «كيبيك»، وقد عاد كثير من الكنائس إلى الحياة من جديد ولكن هذه المرة كمساحات للأنشطة الاجتماعية والمطاعم، بما في ذلك كنيسة «سانت جوزيف» التي بُنيت عام 1861 في حي «بيتيت بورغون».

وإذا أعجبتك الواجهة، فانتظر حتى تتجول في منطقة «كانديد» التي يوجد بها بيت القسيس السابق، ويمكنك الجلوس في البار هناك وسيشرح لك موظفو المطبخ المجتهدون، الذين غالبيتهم من الشباب، قائمة الطعام والشراب التي تتغير هناك شهرياً، برحابة.

وتتألق مكونات كيبيك الطازجة في أطباق مثل سلطة الكرنب والفاصوليا والزبادي، وهي خليط بقوام ما بين الكريمي والهش، وعادةً ما تكون طريقة التقديم ممتعة بقدر ما هي لذيذة، وفي اختيارك الحلوى، هناك جبن «لو فرير شاسور» التي تُقطع بشكل رفيع على بكرة دوارة لتبدو مثل بتلات الزهور.

حدائق غناءة (نيويورك تايمز)

السبت

استمتع بخبز مونتريال

في منطقة تتميز بالواجهات الزجاجية والجدران الخرسانية وسلاسل المطاعم الشهيرة، تجد في مطعم «سوليت كافيه» واحة مزيَّنة بأشجار البرتقال وسط حديقة في الهواء الطلق، ويبدو هذا المكان ملاذاً مريحاً لمشاهدة المارة في أثناء احتساء القهوة، ويمكنك هناك تجربة تناول الخبز من صنع «سانت فياتور» المحشوّ بصلصة الغواكامولي وجبن الفيتا والبيض.

وبعد الإفطار، يمكنك زيارة فندق «لو جيرمان» المجاور الذي خضع لعملية تجديد كبيرة في أوائل عام 2020، ويحتل المبنى المقر السابق لمنظمة مهنية للمهندسين جرى بناؤها عام 1967، وهو ما تزامن أيضاً مع إقامة معرض «وورلد فير» العالمي، المُسمى أيضاً «إكسبو 67»، الذي غيَّر الكثير في المشهد العام لمونتريال.

شاهدْ الحِرف اليدوية للسكان الأصليين

يقع متحف «ماكورد ستيوارت» (سعر تذكرة الدخول 20 دولاراً) في مبنى جامعة «ماكجيل» السابق المستوحى من الفنون والحرف اليدوية في شمال وسط المدينة مباشرة، والمتحف متخصص في تاريخ مونتريال.

ويسلّط معرض «أصوات السكان الأصليين اليوم» الدائم الضوء على نحو 100 قطعة، بما في ذلك أحذية الثلوج والسكاكين والحقائب المزينة بالخرز والسترات المصنوعة من أغشية معوية للحيوانات والمقاوِمة للماء، والتي تمثل 11 أمة بمقاطعة كيبيك.

إطلالة جميلة على مونتريال من فوق (نيويورك تايمز)

توجَّهْ إلى القمم

والآن شاهدْ بنفسك كيف تغيرت تلك المناظر من قمة «مونت رويال»، وتسلقْ الدرج الموجود في الجزء العلوي من شارع «رو بيل» إلى قمة ما يطلق عليه السكان المحليون «الجبل»، واستمتعْ بالمناطق المحيطة بالمتنزه الذي صمَّمه فريدريك لو أولمستيد.

وفي ساحة «كونديارونك بلفيدير» الحجرية في الأعلى ستجد مجموعة متنوعة من الأنشطة، وقد ترى أيضاً ألعاب الخفة وركوب الدراجات الهوائية أحادية العجلة (مونتريال هي المقر الرئيسي لسيرك دو سولي)، ويمكنك مقارنة جسر «صاموئيل دو شامبلان» الجديد المعلَّق بالكابلات والذي افتُتح عام 2019، مع جسر «فيكتوريا» القريب، وهو معبر سابق للسكك الحديدية (تسير عليه الآن السيارات أيضاً) وهو الذي أُشيد به بوصفه «الأعجوبة الثامنة في العالم» عندما افتُتح رسمياً للمرة الأولى عام 1860، وكان مصنوعاً من الحديد المطاوع.

مدينة جميلة تضم العديد من الجاليات (نيويورك تايمز)

زيارة أحد محال الأطعمة الجاهزة القديمة

فيما يصطف الكثير من الزوار أمام مطعم «شوارتز ديلي»، أحد أقدم المطاعم في كندا، فإنه يصعب الوصول إلى مطعم «سنودون ديلي» الذي افتُتح منذ 77 عاماً، ولكنه يستحق عناء الانتظار، ويمكنك أن تستقل المترو إلى محطة «سنودون»، أو ركوب دراجة «بيكسي» على طول ممر مخصص لركوب الدراجات في شارع «شيمين دي لا كوت - سانت أنطوان»، الذي يمر عبر طريق «ويستماونت»، إحدى أغنى المناطق في كندا، وابحثْ عن أحد الأكشاك هناك واستمتع بتناول ساندويتش اللحم المدخن مع بعض الخردل الأصفر.

مونتريال مدينة تجد الفن على جدرانها وزوايا شوارعها (نيويورك تايمز)

التسوق واحتساء القهوة

يضم شارع «سان لوران»، الذي يقسم المدينة إلى شرق وغرب، الكثير من أفضل المحلات التجارية والمقاهي، وفي أحد المنازل المغطاة بالجداريات، ستجد متجر «إيفا بي» الذي يبيع مجموعة قديمة من الملابس، وهناك ستجد تماثيل عرض وأرض خشبية قديمة ورفوفاً مليئة بالدمى والكتب البالية التي قد تبدو مخيفة للبعض، وبعد ذلك يمكنك الاستمتاع بتناول وجبة خفيفة في مقهى «ديسباتش كوفي»، وبعد ذلك اتَّجِهْ لمشاهدة معروضات متجر «أو ميرور»، المليء بالمرايا من جميع الأحجام والأشكال، وكذلك متجري «ستيل لابو أنتيكيتز» و«لا بومبادور»، الغنيين بالمعروضات من الأنتيكات الساحرة التي تعود لمنتصف القرن الماضي وكذلك الحديثة، وإذا كنت تبحث عن كرسي بذراعين من جلد الحمار الوحشي ستجده في متجر «لا بومبادور».

الأحد

لا يوجد مكان يشبه جمال القبة

يتجلى الانطباع الدائم لمعرض «إكسبو 67» بشكل واضح في جزر «بارك جان درابو»، التي تستضيف الكثير من المعارض، وقد تحول جناح الولايات المتحدة السابق، الذي يحتوي على قبة ضخمة من تصميم المعماري الأميركي الشهير ريتشارد بكمنستر فولر، الآن إلى مكان حيوي يتمثل في متحف داخل مبنى زجاجي مثبّت على ركائز طويلة وسط القبة (الألواح الأكريليك للقبة احترقت في حريق عام 1976 تاركةً الهيكل الفولاذي فقط).

وإلى جانب كونه جميلاً بشكل مذهل، فإن هذا المتحف يقدم معارض تفاعلية، معظمها مناسب بشكل أكبر للأطفال، حول القضايا البيئية وتغير المناخ. وفي أثناء وجودك في الجزيرة، تجب زيارة تمثال «تروا ديسك» المصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ ويبلغ ارتفاعه 70 قدماً أنشأه ألكسندر كالدر عام 1967 للمعرض العالمي «وورلدز فير» سالف الذكر.

استمتعْ بجلسة تدليك

استمع إلى صوت المياه المتدفقة فوق أقفال القناة، الذي سيكون بمثابة الموسيقى التصويرية الخاصة بك للاسترخاء في منتجع «بوتا بوتا» الصحي الفاخر، الذي بدأ في السابق على متن عبَّارة قديمة رَسَت بالقرب من الميناء القديم وتوسع ليشمل حديقة برية قريبة تضم مجمعاً من حمامات السباحة. ويوفر القارب أحواض استحمام ساخنة ومغطساً بارداً وغرف بخار وساونا جافة وجلسات تدليك في جو صامت (تذكّرك اللافتات بعدم التحدث).

وعبر جسر للمشاة، في الحديقة، ستجد حمامات سباحة بعضها ساخن وبعضها بارد، وأحدها به شلال لتدليك كتفيك.

أين يمكنك أن تأكل؟

مقهى «سوليت» يقدم وجبات إفطار وغداء لذيذة.

«سنودون ديلي» هو المطعم المفضل لتناول اللحوم المدخنة، وهو أحد ألذ الأطباق في مونتريال.

مقهى «ديسباتش كوفي» يقدم المشروبات اللذيذة في ساحة خرسانية تطل على شارع «بوليفارد سانت لوران».

مطعم «لو باتربلوم» هو أحد مطاعم «مايل إند» المريحة وعادةً ما يركز على المكونات الطازجة.

«لو ترو» وهو مقهى صغير في منطقة «غريفين تاون» يقدم الخبز الطازج على طريقة مونتريال.

أين تقيم؟

فندق «فيرمونت الملكة إليزابيث»، وهو فندق ضخم يقع في وسط المدينة ويحتوي على 950 غرفة مفروشة بأسلوب عصري، ويضم جناحاً باسم «باربي دريم سويت» بلون دمى باربي الوردية الشهيرة.

وفندق «لو جيرمان» الذي خضع للتجديد بعدما بُني للمرة الأولى في برج إداري في ستينات القرن العشرين، ويحتوي على غرف كبيرة وهادئة بها طاولات من الخشب ومساحة خرسانية مكشوفة، وأحواض استحمام مميزة وكراسي أكريليك شفافة معلقة من السقف.

وأخيراً فندق «لو كارتييه بيد آند بريكفاست» وهو عبارة عن جوهرة صغيرة يحوي غرفاً شبيهة بغرف المنازل وحديقة خلفية رائعة.

خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

سفر وسياحة متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

هذا الصيف، يتجه الجميع للاستمتاع بالاستجمام على شاطئ البحر، أو مطاردة سحر عواصم العالم المختلفة، أو مجرد الاسترخاء في وجهات مريحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال «ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

«ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

يمتلك مشروع «ساوث ميد» - أحدث مشروعات «مجموعة طلعت مصطفى» بالساحل الشمالي الغربي لمصر - كل المقومات اللازمة ليصبح وجهة عالمية جديدة بجنوب البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق السفر مع أفراد العائلة يمكن أن يكون أمراً صعباً بشكل خاص (رويترز)

لإجازة عائلية من دون مشكلات... ضع 7 حدود قبل السفر وخلاله

حتى أجمل التجارب في الأماكن الخلابة يمكن أن تنهار أمام الخلافات العائلية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
سفر وسياحة المدينة القديمة في ميكونوس الأكثر زحمة في الجزيرة (شاترستوك)

ميكونوس... جزيرة ترقص مع الريح

بعد أيام من الراحة والاستجمام في سانتوريني، جزيرة الرومانسية والهدوء والتأمل، أكملنا مشوارنا في التنقل ما بين أجمل جزر اليونان، واخترنا ميكونوس.

جوسلين إيليا (ميكونوس-اليونان)
العالم جواز سفر سنغافوري (أ.ف.ب)

سنغافورة تُتوج بلقب صاحبة أقوى جواز سفر في العالم

تفوقت سنغافورة على فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا لتصبح صاحبة أقوى جواز سفر في العالم حيث يمكن لحاملي جواز سفر سنغافوري دخول 195 دولة دون تأشيرة دخول.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

ستيفاني قبلان تروّج للبنان عبر لهجات مناطقه

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
TT

ستيفاني قبلان تروّج للبنان عبر لهجات مناطقه

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)

يحتار «البلوغرز» والمدوّنون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أي موضوعات عليهم مقاربتها لاستقطاب متابعين لهم. وغالباً ما تأتي الأفكار متشابهة. ولكن المخرجة اللبنانية ستيفاني قبلان عرفت كيف تنطلق في هذا الإطار، واختارت الإضاءة على لهجات المناطق اللبنانية بوصفها محتوى لمنشوراتها الإلكترونية. ومنذ إطلالتها الأولى عبر حساباتها على «تيك توك» و«إنستغرام» و«فيسبوك» حصدت النجاح. نجاح لم يقتصر على متابعيها من لبنانيين، وإنما شمل بلداناً عربية وغربية، أعجب المقيمين فيها بسبب المحتوى المرتبط بالجذور. فاللهجات كما اللغات تحيي تراث الأوطان وتقاليدها. ومن هذا الباب بالذات، تفاعل متابعو ستيفاني معها؛ إذ راح كل منهم يطالبها بزيارة بلدتهم أو بلادهم.

كل ينتمي إلى مكان ما يحمل خصوصية في عاداته وتقاليده. وتشكل اللهجة التي يتحدثون بها علامة فارقة لهم، فتشير إلى انتمائهم بوضوح مطبقين من خلالها مقولة «من لهجتهم تعرفونهم».

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)

استهلت قبلان مشوارها هذا من عقر دارها مدينة البترون. هذه البلدة التي تشكل مسقط رأسها تتمتع بلهجة شمالية مشهورة بها. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أهل البترون يحشرون حرف الشين في كل كلمة ينطقون بها. (أيش) و(ليش) و(معليش) و(أبعرفش) و(أبديش) وغيرها. ولكل منطقة مصطلحات خاصة تُعرف بها. فإذا أخذنا كلمة طاولة نجدها بعدة نسخ: (سكملة) و(وقافة) و(ترابيزة)، حتى الساندويتش له أسماء مختلفة كـ(لفافة) و(عروس) و(لقمة). جذبتني هذه اللهجات وقررت أن أغوص فيها من باب الإضاءة عليها».

تعد ستيفاني ما تقوم به جسر تواصل بين مختلف بلدات لبنان ومدنه. وكذلك وسيلة لتعريف جيل الشباب إلى أصولهم وتقاليدهم. فجولاتها لم تقتصر فقط على مدينة البترون وإنما طالت قراها وجرودها. وزارت مناطق أخرى تقع في جنوب لبنان مثل مدينة جزين. تروي لـ«الشرق الأوسط» كيف اختارت هذا المحتوى. فهي إضافة إلى شغفها بالإخراج كانت تتمنى لو درست الترجمة. تجيد التكلم بخمس لغات، وفي الوقت نفسه تحب اكتشاف لهجات موطنها. «هذا المجال واسع جداً ويتعلق بالتاريخ والجغرافيا لكل منطقة. هناك احتلالات وانتدابات شهدها لبنان، أثرت في لهجات مناطقه وعلى عادات أهله. وعندما نتعمّق في هذا الموضوع يصبح الأمر بمثابة متعة. فلا أشبع من البحث عن قاموس كل بلدة ومصطلحاتها الخاصة بكلمات تستخدمها في أحاديثها».

تسير ستيفاني في شوارع مدينتها التي تعج بسيّاح عرب وأجانب. وكذلك بزوّار من المنطقة وجوارها، خصوصاً من بيروت. وأول سؤال تطرحه على الزائر «إنت من وين؟»، ومن هناك تنطلق بتحضير محتواها الإلكتروني. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أحب هذا التفاعل المباشر مع الناس. واكتشاف لهجتهم أمر يعنيني كثيراً؛ لأنني أتوق إلى التعرف على لبنان بأكمله».

عندما تلتقي زائراً غير لبناني يأخذ الحديث معه منحى آخر. «أحيانا أستوقف شخصاً من الأردن أو مصر أو العراق. وبالصدفة أدرك أنه غير لبناني ونبدأ معاً في التكلم عن لهجته. وتفاجأت بوجود كلمات متشابهة نستخدمها جميعاً في بلداننا العربية. فكلمة (ليش) رائجة جداً في المنطقة العربية. وكل منا يلفظها على طريقته».

توقع ستيفاني كل منشور لها بكلمة «وهيك». فصارت بمثابة «توقيع» خاص بفيديوهات مصورة تختتمها بها. كما عمدت إلى طبع سلسلة قمصان قطنية تحمل هذه الكلمة وغيرها من عبارات بترونية مثل «أيش في». «انطلقت في هذه الخطوة من باب تحقيق انتشار أوسع للهجاتنا اللبنانية، وأطلقت عليها اسم (كلمات)». من تصميمها وتوقيعها باتت هذه القمصان تطلب من مدن لبنانية وعربية. وتتابع: «في إحدى المرات ارتديت قميصاً كتب عليه عبارة (وهيك). فوصلتني مئات الرسائل تطالبني بواحدة منها. من هناك بدأت هذه الفكرة تشق طريقها ولاقت تجاوباً كبيراً من متابعيَّ».

عبارة «أيش ما أيش؟» مشهورة في البترون (الشرق الأوسط)

وتخطط ستيفاني حالياً لتوسيع فكرة محتواها؛ ليشمل التقاليد العريقة.

«لقد جسست النبض حول هذا الموضوع في مناسبة عيد الفطر وأعياد رأس السنة وغيرها، وتفاعل معي المتابعون من خلال تعريفي على عبارات يستخدمونها للتهنئة بهذه المناسبات. وأفكر في توسيع نشاطاتي لأقف على عادات وتراث بلدي وغيره».

في المخابز والمقاهي، كما على الطرق وفي الأزقة والأحياء الشعبية، تتنقل ستيفاني قبلان. تحمل جهازها الخلوي وتسجل أحاديث لأهل بلدة معينة. تبدأ بسؤال «شو أشهر الكلمات عندكم؟»، وتوضح: «الجميل في الموضوع أن الناس تحب التحدث معي في هذا الإطار. وهو ما أكد لي نظريتي أن الشعب اللبناني محب وقريب إلى القلب. ومهما اختلف موقع البلدة، بعيدة كانت أو قريبة، فالجميع يكون مرحباً ومضيافاً، ويتفاعل بسرعة بعرض لهجته».

تفكر ستيفاني بتوسيع محتوى صفحاتها الإلكترونية ليشمل بلداناً عربية (الشرق الأوسط)

تشير ستيفاني إلى أن هذا المحتوى يزوّدها بثقافة لبنانية لم تكن تتوقعها. «تخيلي أن لبنان مع كل صغر مساحته يملك هذا الكمّ من اللهجات المختلفة. وبعض بلداته تتمسّك باستعمال كلمات قديمة ورثها أباً عن جد، كي يكمل مشوار اللهجات هذا. إنه أمر رائع أن أكتشف كل هذا الحب للبنان من أبنائه. فأسعد بالتحدث معهم، وعلينا أن نكون فخورين بلهجاتنا ونعمل على الحفاظ عليها دائماً».