36 ساعة في مونتريال... ما الذي يمكنك فعله وزيارته هناك؟

مارك توين قال عنها: «لا يمكنك رمي حجر فيها دون كسر نافذة كنيسة»

منظر مطل على المدينة (نيويورك تايمز)
منظر مطل على المدينة (نيويورك تايمز)
TT

36 ساعة في مونتريال... ما الذي يمكنك فعله وزيارته هناك؟

منظر مطل على المدينة (نيويورك تايمز)
منظر مطل على المدينة (نيويورك تايمز)

«بونجور... هاي» عبارة ترحيب عادةً ما يستخدمها العمال وأصحاب المتاجر في كل مكان في مونتريال، كندا، لمعرفة ما إذا كنت تفضل التحدث باللغة الفرنسية أو الإنجليزية، وهي جملة تلخص الكثير عن مونتريال، التي تحتفظ، مثل مقاطعتها الأم «كيبيك»، بهوية كندية - فرنسية قوية.

وفي هذه المدينة البالغ عمرها 381 عاماً التي يبلغ عدد سكانها 1.78 مليون نسمة، ووصفها الكاتب الأميركي الشهير مارك توين ذات مرة بأنها مكان «لا يمكنك رمي حجر فيه دون كسر نافذة كنيسة»، يزدهر أحد أكثر المشاهد حيوية في كندا والمتمثل في المجتمعات التي شكلها المهاجرون اليهود، والأفارقة، والآسيويون، والإيطاليون، والبرتغاليون، والهايتيون لتعرض جميعها فسيفساء فريدة تستمتع برؤيتها (وكذلك تذوقها).

وتبدو هذه المدينة في حالة ازدهار، إذ يمكنك رؤية المباني السكنية الحديثة، والمقاهي، ومسارات الدراجات في «غريفين تاون» وهي مدينة صناعية سابقة، في حين تعرض مناطق «بلاتوه» و«مايل إند» فناً وموسيقى تليق بفريق مثل «أركيد فاير» وبفنان مثل ليونارد كوهين، اللذين سطعا فيها.

وصحيح أن ما يمكن مشاهدته هناك يحتاج إلى أكثر من 36 ساعة بكثير، ولكن إذا أحضرت معك بعض أحذية المشي الجيدة، ستجد وجبات رائعة ومناظر خلابة على قمة جبل «مونت رويال»، وستلمس روحاً إبداعية مهما كانت اللغة التي تتحدثها.

مونتريال مدينة الكنائس التي لا تحصى ولا تعد (نيويوك تايمز)

الجمعة

تناوُل العشاء في كنيسة سابقة

تعجّ مونتريال بأبراج وقباب الكنائس، وذلك على الرغم من تضاؤل الحضور الجماهيري في «كيبيك»، وقد عاد كثير من الكنائس إلى الحياة من جديد ولكن هذه المرة كمساحات للأنشطة الاجتماعية والمطاعم، بما في ذلك كنيسة «سانت جوزيف» التي بُنيت عام 1861 في حي «بيتيت بورغون».

وإذا أعجبتك الواجهة، فانتظر حتى تتجول في منطقة «كانديد» التي يوجد بها بيت القسيس السابق، ويمكنك الجلوس في البار هناك وسيشرح لك موظفو المطبخ المجتهدون، الذين غالبيتهم من الشباب، قائمة الطعام والشراب التي تتغير هناك شهرياً، برحابة.

وتتألق مكونات كيبيك الطازجة في أطباق مثل سلطة الكرنب والفاصوليا والزبادي، وهي خليط بقوام ما بين الكريمي والهش، وعادةً ما تكون طريقة التقديم ممتعة بقدر ما هي لذيذة، وفي اختيارك الحلوى، هناك جبن «لو فرير شاسور» التي تُقطع بشكل رفيع على بكرة دوارة لتبدو مثل بتلات الزهور.

حدائق غناءة (نيويورك تايمز)

السبت

استمتع بخبز مونتريال

في منطقة تتميز بالواجهات الزجاجية والجدران الخرسانية وسلاسل المطاعم الشهيرة، تجد في مطعم «سوليت كافيه» واحة مزيَّنة بأشجار البرتقال وسط حديقة في الهواء الطلق، ويبدو هذا المكان ملاذاً مريحاً لمشاهدة المارة في أثناء احتساء القهوة، ويمكنك هناك تجربة تناول الخبز من صنع «سانت فياتور» المحشوّ بصلصة الغواكامولي وجبن الفيتا والبيض.

وبعد الإفطار، يمكنك زيارة فندق «لو جيرمان» المجاور الذي خضع لعملية تجديد كبيرة في أوائل عام 2020، ويحتل المبنى المقر السابق لمنظمة مهنية للمهندسين جرى بناؤها عام 1967، وهو ما تزامن أيضاً مع إقامة معرض «وورلد فير» العالمي، المُسمى أيضاً «إكسبو 67»، الذي غيَّر الكثير في المشهد العام لمونتريال.

شاهدْ الحِرف اليدوية للسكان الأصليين

يقع متحف «ماكورد ستيوارت» (سعر تذكرة الدخول 20 دولاراً) في مبنى جامعة «ماكجيل» السابق المستوحى من الفنون والحرف اليدوية في شمال وسط المدينة مباشرة، والمتحف متخصص في تاريخ مونتريال.

ويسلّط معرض «أصوات السكان الأصليين اليوم» الدائم الضوء على نحو 100 قطعة، بما في ذلك أحذية الثلوج والسكاكين والحقائب المزينة بالخرز والسترات المصنوعة من أغشية معوية للحيوانات والمقاوِمة للماء، والتي تمثل 11 أمة بمقاطعة كيبيك.

إطلالة جميلة على مونتريال من فوق (نيويورك تايمز)

توجَّهْ إلى القمم

والآن شاهدْ بنفسك كيف تغيرت تلك المناظر من قمة «مونت رويال»، وتسلقْ الدرج الموجود في الجزء العلوي من شارع «رو بيل» إلى قمة ما يطلق عليه السكان المحليون «الجبل»، واستمتعْ بالمناطق المحيطة بالمتنزه الذي صمَّمه فريدريك لو أولمستيد.

وفي ساحة «كونديارونك بلفيدير» الحجرية في الأعلى ستجد مجموعة متنوعة من الأنشطة، وقد ترى أيضاً ألعاب الخفة وركوب الدراجات الهوائية أحادية العجلة (مونتريال هي المقر الرئيسي لسيرك دو سولي)، ويمكنك مقارنة جسر «صاموئيل دو شامبلان» الجديد المعلَّق بالكابلات والذي افتُتح عام 2019، مع جسر «فيكتوريا» القريب، وهو معبر سابق للسكك الحديدية (تسير عليه الآن السيارات أيضاً) وهو الذي أُشيد به بوصفه «الأعجوبة الثامنة في العالم» عندما افتُتح رسمياً للمرة الأولى عام 1860، وكان مصنوعاً من الحديد المطاوع.

مدينة جميلة تضم العديد من الجاليات (نيويورك تايمز)

زيارة أحد محال الأطعمة الجاهزة القديمة

فيما يصطف الكثير من الزوار أمام مطعم «شوارتز ديلي»، أحد أقدم المطاعم في كندا، فإنه يصعب الوصول إلى مطعم «سنودون ديلي» الذي افتُتح منذ 77 عاماً، ولكنه يستحق عناء الانتظار، ويمكنك أن تستقل المترو إلى محطة «سنودون»، أو ركوب دراجة «بيكسي» على طول ممر مخصص لركوب الدراجات في شارع «شيمين دي لا كوت - سانت أنطوان»، الذي يمر عبر طريق «ويستماونت»، إحدى أغنى المناطق في كندا، وابحثْ عن أحد الأكشاك هناك واستمتع بتناول ساندويتش اللحم المدخن مع بعض الخردل الأصفر.

مونتريال مدينة تجد الفن على جدرانها وزوايا شوارعها (نيويورك تايمز)

التسوق واحتساء القهوة

يضم شارع «سان لوران»، الذي يقسم المدينة إلى شرق وغرب، الكثير من أفضل المحلات التجارية والمقاهي، وفي أحد المنازل المغطاة بالجداريات، ستجد متجر «إيفا بي» الذي يبيع مجموعة قديمة من الملابس، وهناك ستجد تماثيل عرض وأرض خشبية قديمة ورفوفاً مليئة بالدمى والكتب البالية التي قد تبدو مخيفة للبعض، وبعد ذلك يمكنك الاستمتاع بتناول وجبة خفيفة في مقهى «ديسباتش كوفي»، وبعد ذلك اتَّجِهْ لمشاهدة معروضات متجر «أو ميرور»، المليء بالمرايا من جميع الأحجام والأشكال، وكذلك متجري «ستيل لابو أنتيكيتز» و«لا بومبادور»، الغنيين بالمعروضات من الأنتيكات الساحرة التي تعود لمنتصف القرن الماضي وكذلك الحديثة، وإذا كنت تبحث عن كرسي بذراعين من جلد الحمار الوحشي ستجده في متجر «لا بومبادور».

الأحد

لا يوجد مكان يشبه جمال القبة

يتجلى الانطباع الدائم لمعرض «إكسبو 67» بشكل واضح في جزر «بارك جان درابو»، التي تستضيف الكثير من المعارض، وقد تحول جناح الولايات المتحدة السابق، الذي يحتوي على قبة ضخمة من تصميم المعماري الأميركي الشهير ريتشارد بكمنستر فولر، الآن إلى مكان حيوي يتمثل في متحف داخل مبنى زجاجي مثبّت على ركائز طويلة وسط القبة (الألواح الأكريليك للقبة احترقت في حريق عام 1976 تاركةً الهيكل الفولاذي فقط).

وإلى جانب كونه جميلاً بشكل مذهل، فإن هذا المتحف يقدم معارض تفاعلية، معظمها مناسب بشكل أكبر للأطفال، حول القضايا البيئية وتغير المناخ. وفي أثناء وجودك في الجزيرة، تجب زيارة تمثال «تروا ديسك» المصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ ويبلغ ارتفاعه 70 قدماً أنشأه ألكسندر كالدر عام 1967 للمعرض العالمي «وورلدز فير» سالف الذكر.

استمتعْ بجلسة تدليك

استمع إلى صوت المياه المتدفقة فوق أقفال القناة، الذي سيكون بمثابة الموسيقى التصويرية الخاصة بك للاسترخاء في منتجع «بوتا بوتا» الصحي الفاخر، الذي بدأ في السابق على متن عبَّارة قديمة رَسَت بالقرب من الميناء القديم وتوسع ليشمل حديقة برية قريبة تضم مجمعاً من حمامات السباحة. ويوفر القارب أحواض استحمام ساخنة ومغطساً بارداً وغرف بخار وساونا جافة وجلسات تدليك في جو صامت (تذكّرك اللافتات بعدم التحدث).

وعبر جسر للمشاة، في الحديقة، ستجد حمامات سباحة بعضها ساخن وبعضها بارد، وأحدها به شلال لتدليك كتفيك.

أين يمكنك أن تأكل؟

مقهى «سوليت» يقدم وجبات إفطار وغداء لذيذة.

«سنودون ديلي» هو المطعم المفضل لتناول اللحوم المدخنة، وهو أحد ألذ الأطباق في مونتريال.

مقهى «ديسباتش كوفي» يقدم المشروبات اللذيذة في ساحة خرسانية تطل على شارع «بوليفارد سانت لوران».

مطعم «لو باتربلوم» هو أحد مطاعم «مايل إند» المريحة وعادةً ما يركز على المكونات الطازجة.

«لو ترو» وهو مقهى صغير في منطقة «غريفين تاون» يقدم الخبز الطازج على طريقة مونتريال.

أين تقيم؟

فندق «فيرمونت الملكة إليزابيث»، وهو فندق ضخم يقع في وسط المدينة ويحتوي على 950 غرفة مفروشة بأسلوب عصري، ويضم جناحاً باسم «باربي دريم سويت» بلون دمى باربي الوردية الشهيرة.

وفندق «لو جيرمان» الذي خضع للتجديد بعدما بُني للمرة الأولى في برج إداري في ستينات القرن العشرين، ويحتوي على غرف كبيرة وهادئة بها طاولات من الخشب ومساحة خرسانية مكشوفة، وأحواض استحمام مميزة وكراسي أكريليك شفافة معلقة من السقف.

وأخيراً فندق «لو كارتييه بيد آند بريكفاست» وهو عبارة عن جوهرة صغيرة يحوي غرفاً شبيهة بغرف المنازل وحديقة خلفية رائعة.

خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

سفر وسياحة متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

هذا الصيف، يتجه الجميع للاستمتاع بالاستجمام على شاطئ البحر، أو مطاردة سحر عواصم العالم المختلفة، أو مجرد الاسترخاء في وجهات مريحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال «ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

«ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

يمتلك مشروع «ساوث ميد» - أحدث مشروعات «مجموعة طلعت مصطفى» بالساحل الشمالي الغربي لمصر - كل المقومات اللازمة ليصبح وجهة عالمية جديدة بجنوب البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق السفر مع أفراد العائلة يمكن أن يكون أمراً صعباً بشكل خاص (رويترز)

لإجازة عائلية من دون مشكلات... ضع 7 حدود قبل السفر وخلاله

حتى أجمل التجارب في الأماكن الخلابة يمكن أن تنهار أمام الخلافات العائلية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
سفر وسياحة المدينة القديمة في ميكونوس الأكثر زحمة في الجزيرة (شاترستوك)

ميكونوس... جزيرة ترقص مع الريح

بعد أيام من الراحة والاستجمام في سانتوريني، جزيرة الرومانسية والهدوء والتأمل، أكملنا مشوارنا في التنقل ما بين أجمل جزر اليونان، واخترنا ميكونوس.

جوسلين إيليا (ميكونوس-اليونان)
العالم جواز سفر سنغافوري (أ.ف.ب)

سنغافورة تُتوج بلقب صاحبة أقوى جواز سفر في العالم

تفوقت سنغافورة على فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا لتصبح صاحبة أقوى جواز سفر في العالم حيث يمكن لحاملي جواز سفر سنغافوري دخول 195 دولة دون تأشيرة دخول.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

الشفا والهدا... أنشودة الطبيعة وحديث الذكريات في الطائف

تشتهر الطائف بإنتاج الورود بكميات تصل إلى 550 مليون وردة سنوياً (واس)
تشتهر الطائف بإنتاج الورود بكميات تصل إلى 550 مليون وردة سنوياً (واس)
TT

الشفا والهدا... أنشودة الطبيعة وحديث الذكريات في الطائف

تشتهر الطائف بإنتاج الورود بكميات تصل إلى 550 مليون وردة سنوياً (واس)
تشتهر الطائف بإنتاج الورود بكميات تصل إلى 550 مليون وردة سنوياً (واس)

عندما تتنوّع الخيارات السياحية والتاريخية في محيط وجهتك، فاعلم أنك في الطائف ومركزَيها «الشفا، والهدا»، واعلم أن ارتفاعك عن سطح البحر وأنت تعانق الطبيعة في الشفا يتجاوز 2500 متر، واعلم أيضاً أن عمر تلك الأماكن يتجاوز 2000 عام، تخلّلتها حكايات وقصص وبقايا نقوش منثورة في كل الزوايا.

الطبيعة تستقطب الزوّار من الداخل والخارج (واس)

تقع الطائف في غرب السعودية، وهي جارة «الهدا والشفا»، وهذا ما يجعل السياح يتطلّعون للبحث عن الحكايات، والاستمتاع بما تقدّمه الطبيعة في تلك الأماكن الرائعة والقريبة من بعضها بعضاً، وزاد من أهمية الهدا والشفا إطلاق العديد من البرامج لاستقطاب أكبر عدد من السياح، الذي يُتوقّع، وفقاً لأمانة محافظة الطائف، أن يصل مع نهاية الموسم إلى قرابة 1.2 مليون مصطاف.

وتشهد الشفا والهدا نقلة نوعية في تطوير وتنمية البنى التحتية، وتهيئة المواقع السياحية كافة، إضافة إلى إنشاء الحدائق والمتنزّهات؛ لتكون عاملاً مساعداً في انخفاض درجات الحرارة في المركزين إلى مستويات تصل إلى 25 درجة، في حين شرعت أمانة الطائف في دعم عدد من المواقع في الهدا؛ لتعزيز الإقبال السياحي، وتأهيل أجزاء حيوية من هذا الطريق.

عملت السعودية على تسهيل الوصول للمناطق السياحية (واس)

الشفا

يُعدّ مركز الشفا، الذي يبعد قرابة 25 كيلومتراً عن الطائف؛ أحد أهم الوجهات السياحية؛ لما يتفرد به من طبيعة خلابة، ومواقع أثرية وسياحية، ويزداد الإقبال على المركز خلال هذه الفترة، التي تتوافق مع إجازة العام الدراسي وانتهاء موسم الحج؛ حيث يُقبل العديد من الخليجيين والعرب لقضاء عدة أيام في الشفا، وكذلك الهدا؛ لقربهما من مكة المكرمة.

ويبرز جبل دكا في الشفا كأحد الوجهات الرئيسية للسياح الباحثين عن الارتفاعات الشاهقة؛ إذ يتجاوز ارتفاعه 2500 متر عن سطح البحر، كما تنخفض فيه درجات الحرارة في موسم الشتاء، إضافة إلى بُعده التاريخي، وموقعه الاستراتيجي على امتداد جبال السراة، وكان يَفِد إليه سكان المناطق المجاورة قبل الإسلام للاستمتاع بأجوائه الجميلة في الصيف.

ويمارس أهالي الشفا النشاط الزراعي بالدرجة الأولى، مستفيدين من خصوبة التربة والمناخ المعتدل؛ حيث ينتج المركز العديد من الفواكه الصيفية المحلية ذات المذاق الرائع، التي يزداد الطلب عليها داخل المركز وخارجه، خصوصاً ما يُعرف بـ«البرشومي» (التين الشوكي)، والعنب، والبخارة، وغيرها من الأصناف.

درب الجمّالة الذي اختصر المسافات قديماً (واس)

الهدا

يتميّز مركز الهدا، الذي يرتفع عن سطح البحر قرابة 2000 متر، بالطريق المؤدي إليه، والذي يُعدّ أحد أهم الطرق الملتوية في العالم، كما يقصده المصوّرون لإبراز قدراتهم الفنية، من خلال التقاط مئات الصور لطريق «الكرا».

وعند وصولك إلى نهاية الطريق، وبلوغ القمة، تختلف عليك الأجواء؛ من ارتفاع لدرجات الحرارة في أسفل الجبل، إلى أجواء معتدلة مع زخّات من المطر، وتدريجاً تجد الحالة النفسية وأنت تتجوّل بين الطبيعة وتشتمّ روائح الأزهار قد تحسّنت.

تشتهر الطائف بإنتاج الورود بكميات تصل إلى 550 مليون وردة سنوياً (واس)

وعلى امتداد 4 كيلومترات ينقلك تلفريك الهدا من قمة الجبل إلى أسفل وادي نعمان، في تجربة فريدة، يرصد من خلالها الزائر مشاهد لأجمل الإطلالات الطبيعية والتاريخية للطرق الجبلية القديمة، كدرب كرا الأثري، أو ما يسمى بدرب الجمّالة، انتهاءً بالقرية السياحية في أسفل الجبل، والاستمتاع بالألعاب المائية المتنوعة، كما يستمتع الزوّار بمشاهدة مبانٍ تُحاكي موروث الطائف التاريخي والمعماري والهندسي في البناء، بملامح العمارة الحجازية.

المنطقة المائية أسفل الوادي ويبدو تلفريك الهدا وهو ينقل السياح (واس)

التطوير

تقوم أمانة الطائف بدور هام ومحوري في تطوير مركزي «الشفا، والهدا»، ومن ذلك مشروع تعبيد ورصف وتشجير وإنارة الأجزاء الرئيسية بالطريق الدائري بالشفا، الذي يحتضن سلسلة من المواقع البيئية المميزة، وذلك بهدف تسهيل وصول الزوّار للمواقع السياحية، والتماشي مع التطور العمراني المستمر.

في الجانب الآخر، وقّع أمين الطائف المهندس عبد الله الزايدي، اتفاقية مع إحدى الشركات الاستثمارية، لتطوير جزء من طريق الهدا بطول 5 كيلومترات، لدعم الإقبال السياحي على هذا المركز، وتأهيل أجزاء حيوية منه، ضمن مشاريع أنسنة المدينة، التي تعزّز رفع مستوى جودة الحياة في المحافظة.

تنوّع الخيارات والطبيعة من أهم الصفات في مركزَي الشفا والهدا (واس)

ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من إدارة الإعلام في أمانة الطائف، فإن المشروع سينطلق في الأيام القادمة بتصميم يتناسق مع أهمية الموقع، ويحقّق إيجاد وتأكيد البعد الإنساني في التطور والتنمية العمرانية، مع تحسين الهوية البصرية، ودعم وتشجيع البرامج الثقافية والترويجية والسياحية، كما يعمل المشروع على تسهيل حركة المشاة، دون الحاجة إلى وسائل المواصلات الحديثة، مع الاكتفاء بالمشي والتنقل بالوسائل الصديقة للبيئة، ومن خلال المسارات المرتبطة بتلك المواقع ضمن مشاريع أنسنة المدن، والاستمتاع بالخدمات المساندة للمشروع.

550 مليون وردة

يشتهر مركزا «الشفا، والهدا» ووادي محرم والوهط والوهيط في محافظة الطائف، بكثافة إنتاج الورد، الذي يصل لنحو 550 مليون وردة سنوياً، تُزرع في أكثر من 910 مزارع، بإجمالي عدد شجيرات بلغ نحو 1.144.000، وبمساحة مزروعة تقدّر بنحو 270 هكتاراً من الأراضي الزراعية.

هذا الكم من إنتاج الورد الطائفي، وتحديداً في منطقتَي الشفا والهدا، أوجد صناعة فريدة، وطلباً متزايداً على العطور الطائفية؛ إذ يقدّر عدد مصانع ومعامل إنتاج وتقطير الورد أكثر من 70 مصنعاً ومعملاً مهتماً بصناعات الورد الطائفي، التي تعمل على استخراج نحو 80 منتجاً من الورد، في حين تربّعت نحو 84.450 وردة على قائمة موسوعة غينيس كأكبر سلة ورد في العالم، الأمر الذي أسهم في الإقبال على ورد الطائف من قِبل المستهلك المحلي، كما أسهم ذلك بانتشار الورد الطائفي في الأسواق الخارجية، وأصبح ماركة مسجّلة.

الآثار والتاريخ

تحتضن الطائف الكثير من الحكايات المُوغلة في التاريخ في العديد من مراكزها، ويأتي في مقدمة ذلك «سوق عكاظ»، الذي يرجع تاريخه إلى عام 501 الميلادي، وهو أشهر ملتقى للتجارة والفكر والأدب والثقافة المتنوعة للقبائل العربية، يحضره الشعراء، والخطباء، والأدباء، ويمارس فيه رُوّاد السوق الألعاب الرياضية، ومنها الفروسية والعَدْو والرمي.

ومن الشواهد التاريخية قصر مشرفة الأثري، الذي يعود لفترة العصر الإسلامي المبكر، كما توجد «آثار العرفاء»، التي تُعدّ من أكبر مواقع النقوش الصخرية التي تضم بعض الرسوم الحيوانية، مثل الماعز والغزلان، ورصد المختصّون رسومات لمعارك بالقوس والسهم، وأخرى لصيد الوعول.

في الجانب الآخر يبرز «درب كرا الأثري»، المعروف بـ«درب الجمّالة»، الذي يحكي فصلاً من تاريخ المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بالتنقل البشري، وحمل البضائع من أسفل الوادي إلى أعلى قمة في الطائف، وكيف كان هذا الطريق الرابط الأساسي بين جهتين قبل العصر الإسلامي، حتى إنشاء طريق الكرا المزدوج في مطلع الستينات الماضية.