جوزف عون... قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب

مشروع «شهابية ثانية» ينتظر تبلور إجماع الفرقاء اللبنانيين

العماد جوزف عون خلال قيادته معركة «فجر الجرود» في 2017 (أ.ف.ب)
العماد جوزف عون خلال قيادته معركة «فجر الجرود» في 2017 (أ.ف.ب)
TT

جوزف عون... قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب

العماد جوزف عون خلال قيادته معركة «فجر الجرود» في 2017 (أ.ف.ب)
العماد جوزف عون خلال قيادته معركة «فجر الجرود» في 2017 (أ.ف.ب)

ارتبط اسم قائد الجيش اللبناني جوزف عون، في أذهان اللبنانيين بمعركتين صعبتين: الأولى «معركة الجرود» التي قادها بنجاح أمام مئات المسلحين من تنظيمَي «داعش» و«جبهة النصرة» في 2017، والأخرى حربه الطويلة ضد الفساد في المؤسسة العسكرية التي تمكن من الحفاظ عليها كواحدة من المؤسسات القليلة الصامدة في بلد يعاني انهياراً شاملاً.

لكن ربما يكون الجنرال الأول في لبنان مقبلاً على المعركة الأصعب في تاريخه على الإطلاق، مع عودة اسمه مرشحاً قوياً لرئاسة الجمهورية، تعوِّل عليه أطراف عدة لملء الفراغ الرئاسي الذي أتم عامه الثاني، والخروج بالبلاد من تبعات حرب طاحنة.

يرصد جنرال سابق في الجيش اللبناني زاملَ عون، تشابهاً بين الأخير وبين الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي كان أول قائد للجيش يصبح رئيساً للجمهورية وشهد عهده إصلاحات واسعة. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «قائد الجيش يشبه المجهول الذي كأنه فؤاد شهاب الملقب بالصامت الأكبر... لا يمكنه أن يقول كلمة لا يستطيع تنفيذها. ولذلك يتعامل الجميع معه برهبة».

ويوضح أن «مشكلة العماد عون أنه لا يدخل في بازارات سياسية. كثيرون في الداخل وفي الخارج دعوه إلى الدخول في بازار سياسي. دعوه إلى إطلاق مواقف تُرضي هذا الطرف أو ذاك. لكنه غير معنيّ بأي بازار سياسي».

لكن مَن هذا الرجل الذي «يشبه المجهول» ويترفع عن «البازارات السياسية»؟ وما حظوظه في الوصول إلى قصر بعبدا؟

يشغل العماد عون منصب قائد الجيش منذ 8 مارس (آذار) 2017، وهو من مواليد عام 1964 في منطقة سن الفيل بقضاء المتن قرب بيروت، لكنه يتحدر من بلدة العيشية في جنوب لبنان. يتقن اللغتين الفرنسية والإنجليزية ويحمل إجازة في العلوم السياسية (اختصاص شؤون دولية) وإجازة جامعية في العلوم العسكرية. متزوج ولديه ولدان. تطوّع عون في الجيش بصفة تلميذ ضابط وأُلحق بالكلية الحربية عام 1983.

«فجر الجرود» وعمادة الدم

بدأ دور عون في البروز عام 2015 عندما عُيّن قائداً للواء التاسع المنتشر على الحدود مع إسرائيل. لكن سرعان ما تم نقله بعد عام إلى شرق لبنان حيث كان يتحصن في مناطق جرداء على الحدود مع سوريا مئات المسلحين المنتمين إلى تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش».

العماد عون خلال معركة «فجر الجرود» في 2017 (أ.ف.ب)

خطف التنظيمان آنذاك مجموعة من العسكريين الذين ذُبح بعضهم أو أُعدم بالرصاص. تصدى عون لهذا التحدي الإرهابي ولكن من قيادة الجيش، إذ تمت ترقيته إلى رتبة عماد وتعيينه قائداً للمؤسسة العسكرية في 8 مارس (آذار) 2017، في ظل تولي العماد ميشال عون (لا صلة قرابة بينهما) رئاسة الجمهورية.

أطلق الجيش بقيادة جوزف عون، في 19 أغسطس (آب) 2017، عملية «فجر الجرود» لطرد المتشددين من معاقلهم الحدودية مع سوريا، وهو ما تمكن من تحقيقه بسرعة. توجّه عون وقتها إلى جنوده قائلاً: «بعد أن أنهيتم عملية (فجر الجرود) التي حققتم فيها انتصاراً حاسماً على الإرهاب بطرده من جرود بلدتي رأس بعلبك والقاع، تعود هذه المنطقة العزيزة إلى كنف السيادة الوطنية، معمّدةً بدماء رفاقكم الشهداء والجرحى وبعرق جباهكم الشامخ».

وفي 30 أغسطس، قال قائد الجيش عن تلك المعركة: «كنت أمام خيارين. إما أن أكمل المعركة من دون معرفة مصير العسكريين، وإما أن أوقفها وأعرف مصيرهم ولا أخسر مزيداً من الشهداء»، مضيفاً أن الأهم بالنسبة له كان الانتصار في المعركة من دون خسائر في صفوف الجيش.

حماية انتفاضة 2019

فرحة الانتصار في معركة «الجرود» لم تدم طويلاً. إذ سرعان ما دخلت البلاد في سلسلة أزمات سياسية واقتصادية وأمنية تُوّجت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 بانفجار انتفاضة شعبية ضد الطبقة الحاكمة. اضطر العماد عون إلى نشر الجيش بطريقة تحمي المحتجين وحقهم في التظاهر السلمي، من دون السماح بالمس بمؤسسات الدولة.

أثار هذا الدور للمؤسسة العسكرية آنذاك حنق الرئيس ميشال عون الذي رأى أن المظاهرات تستهدفه شخصياً. كان ذلك واضحاً فعلاً من الشعارات التي رددها محتجون حاولوا الوصول إلى القصر الجمهوري في بعبدا، ورفع بعضهم صور قائد الجيش.

متظاهرون يرفعون صور قائد الجيش في وسط بيروت خلال انتفاضة 2019 (أ.ف.ب)

أدت الاحتجاجات الشعبية إلى تعميق الانقسام بين الطبقة السياسية وشريحة واسعة من المواطنين المطالبين بالتغيير. وفي ظل هذا الانقسام، تعمّقت أزمات البلاد التي شهدت انهياراً اقتصادياً مخيفاً تجلى خصوصاً في تراجع قيمة العملة الوطنية من 1500 ليرة للدولار الواحد إلى 90 ألف ليرة للدولار. وزاد الطين بلة أن المصارف اللبنانية قلّصت قدرة المواطنين على سحب مدخراتهم التي تبخرت قيمتها الفعلية، فيما دخلت البلاد مرحلة إفلاس بعدما عجز المصرف المركزي على سداد مستحقات الديون المترتبة على لبنان.

وإذا كان كل ذلك لا يكفي، فقد جاء انفجار مرفأ بيروت، في أغسطس 2020، وهو أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ الحديث، ليسلط الضوء على عمق الانهيار في لبنان.

لكن الانتخابات النيابية التي جرت عام 2022 لم تؤدِّ في الواقع إلى تغيير يُذكر، إذ أعاد اللبنانيون انتخاب برلمان منقسم على نفسه، كما كان حاله قبل الانتفاضة. وانتهى عهد رئيس الجمهورية في أكتوبر 2022 من دون أن يتمكن البرلمان من انتخاب خلف له. ودخلت البلاد منذ ذلك الوقت في فراغ عمّ مؤسسات الدولة التي بات كثير منها يُدار بالوكالة أو من خلال تصريف الأعمال.

«عشرات ملايين الدولارات لم تغيّره»

في ظل هذه الصورة السوداوية للوضع العام في لبنان، برزت المؤسسة العسكرية بوصفها واحدة من المؤسسات القليلة التي صمدت في وجه الانهيار. يقول سياسي لبناني يعرف قائد الجيش عن قرب لـ«الشرق الأوسط»، إن «مؤسسة الجيش بقيادة العماد عون برزت صمام أمان يعطي الأمل بأن لبنان قادر على الخروج من أزماته».

ويوضح السياسي الذي فضل عدم نشر اسمه، أن عون باشر منذ تسلمه قيادة الجيش في 2017 حملة واسعة لمكافحة الفساد والمحسوبيات داخل المؤسسة العسكرية، طالت عدداً كبيراً من العسكريين.

لكن دور عون «محارب الفساد» لم يكن سوى عامل واحد من العوامل التي دفعت إلى بروز اسمه بصفته شخصية يُعوَّل عليها للعب دور يُنقذ البلد من الانهيار. يقول السياسي في هذا الإطار: «هناك ما تُعرف بالأموال الخاصة في الجيش، وهي تأتي من خارج الموازنة التي تحددها الحكومة من خلال وزارة المالية. هي عبارة عن هبات أو أموال يحصل عليها الجيش من نشاطات وأعمال يقوم بها. بعد عام 2020، بات الجيش شبه مفلس. موازنته التي كانت تعتمد الدولار على أساس 1500 ليرة صارت تواجه دولاراً سعره 90 ألف ليرة».

ويوضح أن «دولاً صديقة للبنان حوّلت مساعداتها للجيش، خصوصاً بعد انفجار المرفأ. قالت إنها لا تثق إلا بالجيش لتوزيع المساعدات. وهكذا صارت كل المساعدات تُحوّل إلى الجيش وتذهب إلى ما تُعرف بالأموال الخاصة الموضوعة بتصرف قائده. نحن نتحدث هنا عن عشرات ملايين الدولارات. وعلى مدى 4 سنوات من تولي العماد عون إدارة هذه الأموال لم يتمكن أحد من خصومه أو خصوم المؤسسة العسكرية من تقديم دليل واحد على أن إنفاق هذه الأموال يتم في غير محله. عشرات ملايين الدولارات من الأموال الخاصة موضوعة بتصرف قائد الجيش، لكنها لم تغيّره. ما زال العماد عون مثلما كان عندما تولى قيادة الجيش في 8 مارس 2017. لم يتغير».

الجيش أمام اختبار «الفتنة»

منعطف آخر في مسيرة قائد الجيش يعزز حظوظه لاعباً أساسياً محتملاً في مستقبل بلد منقسم على نفسه. لعب عون على رأس المؤسسة العسكرية دوراً لا يقل شأناً في حماية السلم الأهلي، حين طوّق حادثتين كادتا تعودا بلبنان إلى مربع الحرب الأهلية.

وقعت الحادثة الأولى في منطقة الطيونة ببيروت، في 14 أكتوبر 2021. نظّم وقتها مؤيدون لـ«حزب الله» و«حركة أمل» مسيرة اعتراضاً على رد دعوى قضائية لاستبعاد قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، طارق بيطار، عن القضية. فقد اتهمه مؤيدو «الثنائي الشيعي» بأنه «منحاز ومُسيّس» وطالبوا باستبعاده عن التحقيق، وسط أنباء عن إمكان توجيهه التهمة إلى «حزب الله» بالمسؤولية عن الانفجار.

مرّت المسيرة بين شطرين في بيروت تقطن إحداهما غالبية مسيحية فيما تقطن في الجانب الآخر غالبية شيعية. وقع إطلاق نار تطوَّر إلى انتشار لمسلحي الحزب والحركة وصدام بينهم وبين سكان المنطقة المسيحية. دفع الجيش بقواته لإنهاء الصدام وسيطر على الوضع الأمني. أدت المواجهات وقتها إلى سقوط 6 قتلى وأكثر من 32 جريحاً.

عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في بلدة الكحالة العام الماضي بعد الاشتباكات (رويترز)

تمثّل الحادث الثاني في اشتباكات 9 أغسطس 2023 بين عناصر من «حزب الله» وعدد من سكان بلدة الكحالة المسيحية، شمال بيروت. وقع الحادث على خلفية انقلاب شاحنة تابعة للحزب تردد أنها كانت تنقل أسلحة، فتجمّع سكان من الكحالة حولها.

لكن الأفراد الذين كانوا في الشاحنة ضربوا طوقاً أمنياً حولها، واشتبكوا مع السكان، مما أدى إلى سقوط قتيل من الكحالة وأحد عناصر «حزب الله». وهنا أيضاً تدخل الجيش، بقيادة عون، لمنع انزلاق البلاد من جديد في أتون نزاع أهلي.

«شهابية ثانية»؟

يرى السياسي اللبناني الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» أن دور الجيش في هاتين الأزمتين «يجب أن يُطمئن جميع الأطراف»، بما في ذلك «حزب الله»، إلى نوع الرئاسة التي يجب توقعها في حال انتخاب جوزف عون رئيساً. ويضيف: «يعرف (حزب الله) أن الجيش لن يصطدم به. فالجيش بقيادة جوزف عون عرف كيف يكون صمام أمان للسلم الأهلي... من الطيونة إلى الكحالة. في الطيونة كان هناك محسوبون على بيئة (حزب الله)، وتدخل الجيش وحمى السلم الأهلي. وفي الكحالة تدخل الجيش أيضاً على خلفية ما حصل لشاحنة الأسلحة المزعومة لـ(حزب الله). الحزب يعرف هذين النموذجين. وهما يحصلان كل يوم».

ويقدّر أن «(حزب الله) لا يعترض في المبدأ على ترشيح عون، لولا أنه أعلن منذ البدء دعمه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إذا أراد الترشح للرئاسة». وينقل عن فرنجية قوله لمسؤولين إنه كان في جلسة مع الأمين العام الراحل لـ«حزب الله» حسن نصر الله حين قال له الأخير: «لو لم تكن مرشحاً فليس عندنا مشكلة في ترشيح قائد الجيش».

في المقابل، يرى الجنرال السابق الذي زامل عون أن قضية ترشيح الأخير للرئاسة لا تتعلق بمن معه ومن ضده. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الفرز ليس حول من معه ومن ضده. السؤال المطروح هو: هل هناك مشروع لإنقاذ لبنان أم لا. الإجابة عن هذا السؤال تحدد مسار وصول العماد عون للرئاسة».

ويوضح: «نحن الآن في وضع انهيار الثقة بلبنان داخلياً وخارجياً. المواطن اللبناني انهارت ثقته بدولته. المجتمع الدولي انهارت ثقته بكل ما هو لبناني. وفي المقابل، يجد جوزف عون نفسه على رأس مؤسسة هي آخر المؤسسات الصامدة بين حطام هذا البلد. ولذلك فإن أصدقاء لبنان يفكرون في هذا المثال الذي تقدمه المؤسسة العسكرية وقائدها».

ويلفت إلى أن «هذا المثال يمكن أن يقنع من لم يرحل من لبنان بأن هناك ثقة في أن البلد لن يتحول إلى جثة هامدة. نحن نتحدث هنا عن الشهابية الثانية، ولكن هل هناك إجماع عليها في الداخل أو الخارج؟».

قائد الجيش مع رئيس مجلس النواب نبيه بري (الوكالة الوطنية)

دور ما بعد الحرب

الرهان على دور مستقبلي يلعبه العماد عون، في حال ترشحه للرئاسة، يبدو بلا شك مرتبطاً بما يمكن أن يقوم به بعد انتهاء الحرب الحالية بين «حزب الله» وإسرائيل. وأحد السيناريوهات المطروحة هو نشر الجيش على الحدود الجنوبية، تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، في خطوة تؤدي إلى التطبيق الفعلي لمنع الانتشار المسلح لـ«حزب الله» قرب الحدود.

في هذا الإطار، يرى العميد المتقاعد إلياس حنا، أنه «ليس هناك أفضل من العماد جوزف عون لقيادة المرحلة المقبلة». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن رؤساء لبنان «يأتون عادةً في ظل ظروف تفرض وصول رئيس جمهورية بنوع معين وضمن توافق أو إجماع. مثلاً، يأتي ظرف مهم فيُطرح اسم رئيس بقبول دولي وعدم ممانعة كبيرة محلياً. هذا ما حصل مع فؤاد شهاب بعد عام 1958 (الثورة ضد حكم الرئيس كميل شمعون). في السبعينات، اختير إلياس سركيس رئيساً من السوريين، رغم أنه عاد وانقلب عليهم. كان رئيساً لتمرير مرحلة. في فترة الهيمنة السورية، كان كل الرؤساء مفروضين سورياً ويعملون ضمن الإطار السوري».

أما في الظرف الحالي، فيشدد حنا على أنه «من المهم أن يأتي رئيس توافقي. لا تستطيع أن تأتي بشخص يُعد رئيس تحدٍّ. هذا ما حُكي فيه باللقاء الثلاثي الأخير بين نبيه بري (رئيس البرلمان) ونجيب ميقاتي (رئيس الحكومة) ووليد جنبلاط (زعيم الحزب الاشتراكي). ولذلك فإن السؤال المطروح هو: ما الوظيفة أو المرحلة الانتقالية التي نريد الإتيان بها في هذا الظرف؟».

وينوه إلى أن «العماد عون ليس مقرباً من (حزب الله)... لكن الحزب سيرى نفسه خارجاً من حرب مضنية، ويمكن أن يرى أنه أمام قرار دولي جديد أو القرار 1701 معدلاً أو بمنظومة مختلفة وقواعد اشتباك جديدة لقوات الطوارئ. الجيش لن يشتبك مع الحزب... لكن الوظيفة المستقبلية للجيش ستتطلب نشره مع قوات (يونيفيل) وتعزيز استعادة الدولة سيادتها على كل أراضيها. الطرف الأكثر جهوزية لتنفيذ ذلك هو الجيش. ولذلك هناك حاجة لشخص يعرف الجيش من داخله بالتفصيل وأمضى فيه فترة طويلة. ليس هناك أفضل من أن يكون هذا الشخص جوزف عون».

عون بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد قوات «يونيفيل» الجنرال أرولدو لاثارو (الأمم المتحدة)

ويشير حنا إلى أنه «عندما يأتي عون رئيساً للجمهورية ويتم تعيين قائد للجيش يتجانس معه، يكون التناغم بينهما تناغماً صحيحاً. سيكون رئيس جمهورية لكل اللبنانيين ويعيد ترتيب المرحلة».

ويضيف أن «العماد عون هو الأكثر قدرة على إيجاد حل لقضية (حزب الله)، سواء من خلال ضم الحزب ضمن الدولة أو نزع سلاحه وإيجاد حل لمقاتليه. لا أحد في المؤسسة العسكرية أهم من جوزف عون وأكثر قدرة منه على تحقيق هذا الهدف. المؤسسة العسكرية، رغم الاختلاف المذهبي والطائفي داخلياً في البلد، هي المؤسسة الوحيدة التي تجمع النسيج الوطني كله. هي المؤسسة الوحيدة التي بقيت صامدة، وعون استطاع إخراجها من مرحلة اقتصادية صعبة وتحديات شعرنا بها جميعاً».

خيار بين لبنانين

ويتفق السياسي اللبناني الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» مع رأي العميد حنا في أن العماد عون يمكن أن يمثل مخرجاً للأزمة الحالية، لكنه يحذّر من عمق الانقسام من البلد. ويقول: «البلد في الحقيقة منقسم بشكل حاد وعنيف. هناك كمية تحريض وأحقاد تُبَث من كل الأطراف. في ظل هذا الوضع صار هناك انطباع بأن هناك لبنانين. لبنان (حزب الله) والولاء لولاية الفقيه. ولبنان آخر مناقض تماماً للبنان (حزب الله)، ويقول إن لبنان (حزب الله) لا يشبهه ولا نستطيع العيش معه. هناك لبنانان لا يطيق أحدهما الآخر».

ورأى أن «جوزف عون هو الخيار الوحيد الذي يؤمّن الضمان لـ(حزب الله)، والذي يستطيع تطمين وجدان المسيحيين وإقناعهم بالبقاء في دولة واحدة عوض التقسيم. لكنَّ هذا المشروع لم ينضج بعد، لأن عون حتى الآن يترفع عن الدخول في المساومات السياسية (التي قد يتطلبها تمرير ترشيحه)، وهذه نقطة ضعف، لكنها في الوقت نفسه نقطة قوته لأنها تحتفظ له بالمسافة المطلوبة من الأفرقاء السياسيين».

حقائق

المؤسسة العسكرية... مسار لرؤساء الجمهورية في لبنان

في حال وصول قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون، إلى رئاسة الجمهورية، لن يكون بالطبع الرئيس الوحيد القادم من رأس المؤسسة العسكرية.

  • كان الأول فؤاد شهاب الذي تولى الرئاسة خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) 1958 حتى 22 سبتمبر 1964. شغل شهاب منصب قائد الجيش ثم منصب وزير الدفاع. انتُخب رئيساً خلفاً للرئيس كميل شمعون عقب ثورة عام 1958. خلال فترة حكمه تعزز دور الأجهزة الأمنية (المكتب الثاني)، لكنه قام بإصلاحات واسعة في الإدارة.
  • خلال فترة الهيمنة السورية في لبنان، انتُخب إميل لحود، الآتي من قيادة الجيش، رئيساً للجمهورية في نوفمبر (تشرين الثاني) 1998. استمر لحود في سدة الرئاسة حتى نوفمبر 2007، بعدما فرض السوريون التمديد له لولاية ثانية (في عام 2004). غادر قصر بعبدا من دون أن يسلم السلطة لرئيس جديد بسبب فشل البرلمان في انتخاب خلف له.
  • بقي منصب رئاسة الجمهورية فارغاً حتى مايو (أيار) 2008 عندما انتخب البرلمان قائد الجيش ميشال سليمان رئيساً وفق ما عُرف باتفاق الدوحة بين الأفرقاء اللبنانيين. استمر سليمان في منصبه حتى مايو 2014، وغادر القصر من دون انتخاب خليفة له.
  • ظل منصب الرئاسة شاغراً حتى عام 2016 عندما انتُخب قائد سابق للجيش مرة جديدة لمنصب رئيس الجمهورية. استمرت فترة ولاية العماد ميشال عون حتى عام 2022، وهي فترة شهدت انهياراً واسعاً للبلاد وسط تحذير أطلقه عون نفسه من أنها «ذاهبة إلى جهنم» إذا لم تحصل معجزة تمنع ذلك.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يستهدف دبابة إسرائيلية ويقصف حيفا بالصواريخ

المشرق العربي دبابة إسرائيلية خلال العمليات الليلية في غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

«حزب الله» يستهدف دبابة إسرائيلية ويقصف حيفا بالصواريخ

قال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض 3 صواريخ كانت موجهة نحو منطقة خليج حيفا، في الوقت الذي دوت فيه صافرات الإنذار بمدينة عكا.

المشرق العربي متظاهرون مؤيدون لجماعة «الحوثي» في اليمن يرفعون أسلحة وصور زعيم «حماس» يحيى السنوار في صنعاء (رويترز)

إسرائيل و«حزب الله» و«حماس» تتوعد بمواصلة القتال بعد مقتل السنوار

توعدت إسرائيل وحركة «حماس» وجماعة «حزب الله» اللبنانية بمواصلة القتال في غزة ولبنان وهو ما بدد الآمال في أن يساعد موت يحيى السنوار على إنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي رئيس حكومة لبنان ونظيرته الإيطالية خلال المؤتمر الصحافي المشترك في بيروت (أ.ف.ب)

تأكيد لبناني - إيطالي أن الحل الدبلوماسي يجب أن يتقدّم على الحرب والعنف

أكد كل من رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، أن الحل الدبلوماسي يجب أن تكون له الأولوية على العنف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي خلال مراسم دفن القتلى الذين سقطوا قبل يومين في مدينة النبطية إثر القصف الإسرائيلي الذي استهدف مبنى البلدية وأدى إلى مقتل رئيسها وعدد من أعضائها ومن الموظفين (إ.ب.أ)

إسرائيل تستقدم لواء إضافياً إلى حدود لبنان و«حزب الله» يطلق مرحلة جديدة

أعلن الجيش الإسرائيلي استقدامه لواءً إضافياً من قوات الاحتياط من أجل مهام عملياتية في الشمال، وذلك بعد ساعات على إعلان «حزب الله» إطلاق «مرحلة جديدة وتصاعدية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (يمين) خلال لقائه رئيس مجلس النواب الإيراني محمد باقر قاليباف (يسار) خلال زيارته بيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

ميقاتي يواجه إيران: نرفض تدخلها الفاضح في الشأن اللبناني

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي رفضه موقف رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف لجهة قوله إن طهران مستعدة للتفاوض لتطبيق القرار 1701.

كارولين عاكوم (بيروت)

جان نويل بارو: اقتصادي من عائلة سياسية مرموقة... على رأس الدبلوماسية الفرنسية

بارو
بارو
TT

جان نويل بارو: اقتصادي من عائلة سياسية مرموقة... على رأس الدبلوماسية الفرنسية

بارو
بارو

فور تولي بارو مهام منصبه، باشر وزير الخارجية الفرنسي تنظيم زيارة للشرق الأوسط تهدف إلى بحث النزاع مع مختلف الأطراف، ومحاولة حلحلة الوضع المتأزم، معلناً: «لقد حان وقت الدبلوماسية».

وُلد جان نويل بارو يوم 13 مايو (أيار) 1983 في العاصمة الفرنسية باريس، وهو يتحدّر من عائلة سياسية معروفة، إذ كان والده جاك بارو، الذي تُوفي عام 2014 سياسياً بارزاً من كتلة الوسط المسيحي، وكان قد شغل عدة حقائب وزارية، إضافة لمنصب نائب رئيس اللجنة الأوروبية وعضو «المجلس الدستوري»، وهو منصب مرموق لا يشغله سوى الساسة المحنَّكين في فرنسا.

ثم إن جدّه نويل بارو كان مناضلاً في الجيش السّري، ومقاوماً لـ«نظام فيشي» المتعاون مع النازية إبّان الحرب العالمية الثانية، وكان مكلفاً بتهريب الأدوية إلى أفراد المقاومة الشعبية بحكم عمله صيدلياً. وبعد انتهاء الحرب شغل منصب نائب في البرلمان، وعمدة لمدينة إيسنجو الصغيرة (بجنوب شرقي فرنسا).

جذور عائلية سياسية

الجذور السياسية لعائلة بارو ضاربة إذن بقوة في منطقة الأوت لوار، بجنوب شرقي فرنسا. والواقع أن التمثيل النيابي للمنطقة - القريبة من مدينة ليون - ظل داخل هذه العائلة من عام 1945 حتى عام 2004 دون انقطاع، منتقلاً من الجَد إلى الأب، قبل أن يلحق بهما الحفيد جان نويل (41 سنة). وهذا الحفيد، الذي بات، اليوم، وزيرخارجية فرنسا، فاز بأول مقعد نيابي له عام 2017. ثم إن جان نويل لم يرِث من والده وجَدّه المنصب فحسب، بل ورث منهما أيضاً القناعات السياسية والالتزام بتيار يمين الوسط. فعائلته محسوبة على خط يمين الوسط المعتدل أباً عن جَدّ، فالجدّ نويل كان رئيساً لحزب الوسط الديمقراطي لسنوات، والوالد جاك كان السكرتير العام لكتلة الوسط (أو دي إف)، أما ابنه جان نويل بارو فعضو في «الحركة الديمقراطية (مودام)»، التي تمثل، اليوم، تيار الوسط في فرنسا، وكان ناطقاً وطنياً باسمها (في 2018)، ثم أميناً عاماً (بين 2018 و2022)، قبل أن يغدو نائباً لرئيس هذه الكتلة السياسي البارز فرنسوا بايرو، وأحد أقرب المقرّبين منه (منذ يوليو/ تموز 2022).

خبير في الاقتصاد وإدارة الأعمال

تلقّى جان نويل بارو تعليمه العالي في مجال الاقتصاد وإدارة الأعمال، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه من المعهد العالي للتجارة «آش أو سيه»، وعلى شهادة الماجستير من معهد باريس للعلوم السياسية «سيانس بو» المرموق. ولقد عمل زميلاً بحثياً في مدرسة سلون للإدارة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا «إم آي تي»، إحدى أرقى جامعات العالم والولايات المتحدة، بين 2013 و2017.

وفي 2018 عُيّن وزير الخارجية الجديد، في فرنسا، أستاذاً محاضراً بالمعهد العالي للتجارة «آش أو سيه». وتناولت أبحاثه مجال الشؤون المالية، وشبكات الإنتاج، وتقييم السياسات العامّة لدعم المنشآت وتمويل الشركات، وسياسات دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. ونُشرت أعماله في مجلات دولية رائدة مثل المجلة الفصلية للاقتصاد، ومجلة الاقتصاد المالي، وعلوم الإدارة.

إنجازاته في الحكومة

أما سياسياً، فقد شغل بارو منصب الوزير المنتدب للشؤون الأوروبية بحكومة غبريال أتال بين فبراير (شباط) وسبتمبر (أيلول) 2024. وقبلها كان الوزير المنتدب للشؤون الرقمية في حكومة إليزابيث بورن من 2022 إلى 2024، وكانت له عدة إنجازات في هذا المجال أشادت بها وسائل الإعلام، إذ كتبت صحيفة «شالنج» الفرنسية، في موضوع تحت عنوان «الصعود الخارق لجان نويل بارو»، ما يلي: «في مجال الرقمنة، كانت حماية الطفولة في الشبكة العنكبوتية من أهم اهتمامات السيد بارو، حيث اقترح حجب المواقع الإباحية ومكافحة ظاهرة التنمّر الإلكتروني. كذلك بذل مجهوداً كبيراً للتنبيه إلى خطر التدخل الأجنبي بغرض التأثير، وبالأخص التدخل الروسي في مواقع التواصل إبّان الانتخابات الأوروبية الأخيرة».

وشرحت الصحيفة الفرنسية كيف أن الوزير كان في غاية الجرأة والشجاعة، واستطاع الوقوف في وجه عمالقة التواصل الاجتماعي حين هدّد بحظر منصّة «إكس (تويتر سابقاً)»، ما لم تحترم قواعد الاعتدال المعتمَدة في دول المجموعة الأوروبية. وعقب الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها فرنسا عام 2023 ضد غلاء المعيشة، أقدم بارو على إجراء استثنائي تمثَّل بحظر كل المحتويات التي تُحرّض على العنف في منصّتي «تيك توك» و«إكس».

المشاركة السياسية

على صعيد آخر، بدأت المشاركة الفعلية لجان نويل بارو في المجال السياسي عام 2015، حين انتُخب مستشاراً جهوياً (عضو المجلس المحلي) عن محافظة إيسنجو، وهو المنصب الذي شغله جدّه، ثم والده لسنوات قبل وفاته بسكتة قلبية عام 2014. وعلى الأثر، قرّر الانخراط في «الحركة الديمقراطية» إلى جانب إيمانويل ماكرون، وبالفعل انتُخب نائباً برلمانياً عن الدائرة الثانية في محافظة الإيفلين الباريسية (عاصمتها فرساي) من 2017 إلى 2022، حيث شغل فيها منصب نائب رئيس اللجنة المالية، وكان مسؤولاً عن تقديم تقارير الهجرة والميزانية واللجوء. وفي 4 يناير (كانون الثاني) 2021، كلّفه رئيس الوزراء السابق، جان كاستيكس، بمهمة لمدة 6 أشهر للعمل مع برونو لومير، وزير الاقتصاد والمالية حينذاك، لمساعدة المناطق على الخروج من الأزمة والتعافي الاقتصادي. وبعدها أعيد انتخاب بارو نائباً بنسبة 72.69 في المائة من الأصوات يوم 9 يوليو 2024، بعدما حلّ رئيس الجمهورية البرلمان، حيث ترأّس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، ابتداءً من 20 يوليو 2024، قبل أن يُعيَّن أخيراً وزيراً للشؤون الخارجية.

حديث العهد بالدبلوماسية

يتولى بارو منصبه «رئيساً» للدبلوماسية الفرنسية، اليوم، في مناخ سياسي دولي متوتر... من أخطر ملامحه الحرب الأوكرانية الروسية، وانفجار الأوضاع في الشرق الأوسط. واللافت أنه فور الإعلان عن تعيين الوزير الشاب، قدّمته الصحافة الفرنسية على أنه «حديث العهد بالدبلوماسية»، بل، على الرغم من أن نشاطه وزيراً للشؤون الأوروبية وخبرته في مجال إدارة الاعمال والاقتصاد شكّلا «نقاط قوة» كبيرة له في منصبه الجديد، فإن قلّة التجربة الدبلوماسية لفتت الانتباه، وفتحت باب النقاش في مصير الدبلوماسية الفرنسية التي تراجعت فاعليتها خلال السنوات الأخيرة، بعدما قادتها شخصيات لم تترك بصمات قوية.

وفي حوار مع يومية «لوباريزيان»، شرح برتران بادي، الأستاذ في معهد «سيانس بو»، أنه «ما كان غريباً اتجاه الرئيس ماكرون إلى تعيين شخصية لا تتمتع بتجربة سياسية، فهو يريد أن يفرض رأيه ويسيطر على زمام السياسة الداخلية والخارجية، كما فعل مع كاترين كولونا، وستيفان سيجورنيه، اللذين لم يتركا أي بصّمة على الدبلوماسية الفرنسية».

وفي مقال بعنوان «أوروبي في الخارجية»، نقلت «لوباريزيان» شهادة أورليان تاشي، نائب كتلة «فرنسا الأبيّة» (اليسار)، الذي صرَّح بأن «وزير الخارجية الجديد شخصية سياسية معتدلة، فهو مستعد للحوار مع أي طرف»، وهو - كما يقول نائب اليسار - من أحسن الخصوم السياسيين احتراماً للمعارضة، «لكنني أشكّ بأن يكون لديه هامش من الحرية، بحيث يَسلم من تدخُّل ماكرون وسيطرته...».

وفي مقال آخر بعنوان «جان نويل بارو: مبتدئ على رأس الخارجية»، شرحت صحيفة «اللوموند» بأن وزير الخارجية الجديد «يفتقر إلى الخبرة لكنه مجتهد، أثبت كفاءته فيما يخّص الملفات الأوروبية التي يعرفها عن ظهر قلب». وتابعت أنه «أولاً، قبل كل شيء أوروبي عن اقتناع، ويؤمن بجوهرية العلاقات الفرنسية الألمانية لبناء أوروبا قوية، إذ كانت آخِر مباحثاته في باريس مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك. ولقد لقي خبر تعيين جان نويل بارو ترحيباً في إيطاليا، حيث تربطه علاقات جيدة مع رافاييلي فيتو وزير الشؤون الأوروبية في حكومة جورجيا ميلوني، وسبق لهما التعاون في ملفات الهجرة بنجاح (الذي عُيّن منذ فترة نائباً لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين)».

وتابعت «اللوموند» بأنه سيتوجب على الوزير الجديد العمل على كثير من الملفات في وقت قياسي، وعليه أيضاً أن يفرض نفسه لأنه «خفيف الوزن في غابة العلاقات الدولية».

قضايا ساخنة... ومناخ دولي متوتر

وحقاً، تنتظر وزير الخارجية الجديد قضايا دولية ساخنة جداً، فالحرب في أوكرانيا مستمرة منذ أكثر من سنتين ونصف السنة، دون الوصول إلى حلّ. ثم هناك بين القضايا الدولية الحسّاسة الأخرى الحرب في السودان، والقضية النووية الإيرانية، وقبل كل شيء انفجار الأوضاع في الشرق الأوسط، مع استعار الحرب في قطاع غزة والعدوان الإسرائيلي على لبنان.

وهنا نشير إلى أنه فور تولي بارو مهام منصبه، باشر وزير الخارجية الفرنسي تنظيم زيارة للشرق الأوسط تهدف إلى بحث النزاع مع مختلف الأطراف، ومحاولة حلحلة الوضع المتأزم، معلناً: «لقد حان وقت الدبلوماسية». وبالفعل، ندّد بارو بموجة التفجيرات القاتلة التي وقعت في لبنان، خلال الفترة القصيرة الماضية، عبر أجهزة اللاسلكي، قائلاً، لإحدى وسائل الإعلام: «حتى وإن كنا نعترف بحق إسرائيل في ضمان أمنها، فهناك هجمات أصابت المدنيين بشكل عشوائي، وتسببت في إصابة الآلاف من الجرحى وقتل الأطفال». وفي المقابل، أدلى بتصريحات داعمة لإسرائيل، بعد اجتماع مع نظيره يسرائيل كاتس، قال فيها إن «حزب الله» اللبناني «يتحمل مسؤولية كبيرة على صعيد اتساع نطاق الحرب في لبنان، بعدما جرَّ لبنان إلى حربٍ لم يخترها». وأردف أن فرنسا «ملتزمة التزاماً لا يتزعزع بأمن إسرائيل...»، علماً بأن التصريحات الأخيرة للرئيس ماكرون جاءت متعارضة مع كلام وزير خارجيته حين قال إن «الأولوية، اليوم، هي العودة إلى حلّ سياسي، والكفّ عن تسليم الأسلحة لخوض المعارك في غزة». وذكر أن فرنسا «لا تُسلّم أسلحة»، ما أغضب الأطراف الإسرائيلية، وأكد التوقعات بأن ماكرون سيفسد مساعي بارو بتدخلاته وتصريحاته المتعارضة.