هؤلاء هم رؤساء حكومات جمهورية آيرلندا منذ 1945

ليو فارادكار (رويترز)
ليو فارادكار (رويترز)
TT

هؤلاء هم رؤساء حكومات جمهورية آيرلندا منذ 1945

ليو فارادكار (رويترز)
ليو فارادكار (رويترز)

> عُرف الحاكم الفعلي في آيرلندا قبل عام 1937 بأسماء مختلفة، وكذلك اختلفت الأنظمة والدساتير. وفي البداية، بين 21 يناير (كانون الثاني) 1919 و6 ديسمبر (كانون الأول) 1922، عُرف هذا الكيان السياسي بـ«الجمهورية الآيرلندية» وكانت تديره حكومة يرأسها «رئيس الجمهورية» - أو رئيس «الدويل» - وتعمل بموجب «دستور الدويل».

وتخللت هذه الفترة مرحلة «الحكومة المؤقّتة» لـ«آيرلندا الجنوبية» بين 26 أغسطس (آب) 1921 و6 ديسمبر 1922، تحت رئاسة رئيس «المجلس التنفيذي» الحاكم وتعمل بموجب «اتفاقية آيرلندا الحرة» لعام 1922.

بعد ديسمبر 1922 ولد كيان «آيرلندا الجنوبية» تحت رئاسة «الدولة الآيرلندية الحرة» واستمر حتى 29 ديسمبر 1937، تحت «دستور الدولة الآيرلندية الحرة». ومن ثم، منذ نهاية 1937 قامت «جمهورية آيرلندا» تحت حكومة تنفيذية يرأسها ويحكم البلاد رئيس حكومة «تيشوك» بموجب «دستور آيرلندا».

غاريت فيتزجيرالد (الأيريش إندبندنت)

من جهة أخرى، انحصر عملياً منصب رئيس الحكومة بين قادة الحزبين الكبيرين «فيانا فويل» (تعني «فرسان القدَر») و«فيني غايل» (العشيرة الآيرلندية) اللذين ولدا إثر الانشقاقات التي أصابت حزب «شين فين» القومي التاريخي البارز. وللعلم، عاد «شين فين» إلى الواجهة في كل من الجمهورية وإقليم آيرلندا الشمالية، حيث تتولى زعيمته ميشيل أونيل منذ فبراير (شباط) الماضي منصب الوزير الأول للإقليم.

وفيما يلي، أسماء رؤساء حكومات «جمهورية آيرلندا» منذ 1945:

- إيمون دي فاليرا (فيانا فويل) 1944 - 1948 – دائرته البرلمانية: دائرة مقاطعة كلير بغرب آيرلندا.

- جون كوستيللو (فيني غايل) 1948 - 1951 – دائرة جنوب شرقي دبلن.

- إيمون دي فاليرا (فيانا فويل) 1951 - 1954 – مقاطعة كلير.

- جون كوستيللو (فيني غايل) 1954 - 1957 – جنوب شرقي دبلن.

- إيمون دي فاليرا (فيانا فويل) 1957 - 1959 – مقاطعة كلير.

- شون ليماس (فيانا فويل) 1959 - 1966 – جنوب وسط دبلن.

- جاك لينش (فيانا فويل) 1966 - 1973 – كورك الكبرى ثم شمال غربي كورك (جنوب غربي آيرلندا).

- ليام كوسغريف (فيني غايل) 1973 - 1977 – دن ليري ووراثداوي (بضواحي دبلن الجنوبية).

- جاك لينش (فيانا فويل) 1977 - 1979 – مدينة كورك.

تشارلز هوخي (الإيرليش إندبندنت)

- تشارلز هوخي (فيانا فويل) 1979 - 1981 - دبلن - أرتان.

- غاريت فيتزجرالد (فيني غايل) 1981 - 1982 – جنوب شرقي دبلن.

- تشارلز هوخي (فيانا فويل) 1982 – شمال وسط دبلن.

- غاريت فيتزجيرالد (فيني غايل) 1982 - 1987 – جنوب شرقي دبلن.

- تشارلز هوخي (فيانا فويل) 1987 - 1992 – شمال وسط دبلن.

- ألبرت رينولدز (فيانا فويل) 1992 - 1994 – مقاطعتا لونغفورد وروسكومون (على حدود آيرلندا الشمالية).

- جون بروتون (فيني غايل) 1994 - 1997 – مقاطعة ميث (إلى الشمال من دبلن).

- بيرتي أهيرن (فيانا فويل) 1997 - 2008 – وسط دبلن.

- بريان كووين (فيانا فويل) 2008 - 2011 – مقاطعتا ليش وأوفالي (وسط آيرلندا).

- إندا كيني (فيني غايل) 2011 - 2017 – مقاطعة مايو (أقصى غرب آيرلندا).

- ليو فارادكار (فيني غايل) 2017 - 2020 – غرب دبلن.

- مايكل مارتن (فيانا فويل) 2020 - 2022 – جنوب وسط كورك.

- ليو فارادكار(فيني غايل) 2022 - 2024 – غرب دبلن.

- سايمون هاريس (فيني غايل) 2024... – مقاطعة ويكلو (إلى الجنوب من دبلن).


مقالات ذات صلة

تحدّيات جدّية لاستمرار «المشروع الأوروبي» بعد انتخابات 2024

حصاد الأسبوع مناصرو اليمين الألماني المتطرف ... يحتفلون (رويترز)

تحدّيات جدّية لاستمرار «المشروع الأوروبي» بعد انتخابات 2024

لأول مرة منذ تأسيس المشروع الأوروبي أواخر خمسينات القرن الماضي يرى الناظر إلى الساحة الأوروبية أن كل شيء قد تبدّل، أو هو على أعتاب تغيير عميق. لم يحصل أبداً أن

شوقي الريّس (بروكسل)
حصاد الأسبوع جوردان بارديلا.... الورقة الرابحة لليمين الفرنسي المتطرّف

جوردان بارديلا.... الورقة الرابحة لليمين الفرنسي المتطرّف

فوز حزب «التجمع الوطني» الفرنسي في الانتخابات الأوروبية، التي أجريت أخيراً، باللائحة التي قادها رئيسه جوردان بارديلا لم يكن يحمل أي مفاجأة. والسبب هو أنه منذ

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع مارين لوبان (رويترز)

كيف يقرأ الإعلام الفرنسي شخصية بارديلا؟

الصحافي بيار ستيفان فور كشف في كتابه «البديل الكبير... أو الوجه الخفي لبارديلا»، بعد بحث استغرق سنة كاملة وخصّص لتأليف هذه السيرة الشخصية لجوردان بارديلا،

«الشرق الأوسط» (باريس)
حصاد الأسبوع آثار الدمار في الفاشر (آ ف ب)

السودان: معركة «كسر عظم» في الفاشر

الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور بأقصى غرب السودان، هي المدينة الوحيدة في الإقليم الكبير، الذي تضاهي مساحته مساحة فرنسا، التي لا تزال في يد الجيش والميليشيات

أحمد يونس (أديس أبابا)
حصاد الأسبوع السيناتور توم كوتون

هل يصبح السيناتور توم كوتون وريث «الترمبية» في الحزب الجمهوري؟

مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأميركية التي ستجري بعد نحو 5 أشهر، لا يزال اسم نائب الرئيس الذي سيُدرج على بطاقة الانتخاب مع الرئيس السابق دونالد ترمب،

إيلي يوسف (واشنطن)

تحدّيات جدّية لاستمرار «المشروع الأوروبي» بعد انتخابات 2024

مناصرو اليمين الألماني المتطرف ... يحتفلون (رويترز)
مناصرو اليمين الألماني المتطرف ... يحتفلون (رويترز)
TT

تحدّيات جدّية لاستمرار «المشروع الأوروبي» بعد انتخابات 2024

مناصرو اليمين الألماني المتطرف ... يحتفلون (رويترز)
مناصرو اليمين الألماني المتطرف ... يحتفلون (رويترز)

لأول مرة منذ تأسيس المشروع الأوروبي أواخر خمسينات القرن الماضي يرى الناظر إلى الساحة الأوروبية أن كل شيء قد تبدّل، أو هو على أعتاب تغيير عميق. لم يحصل أبداً أن مرّ هذا المشروع، الذي نهض في أوروبا من رماد الحروب، ومن أجل تجنب تكرار تجربتها المريرة، بمثل هذه المرحلة التي تبدو فيها كل الإنجازات التي تراكمت على مدى سبعة عقود في مهبّ رياح العاصفة اليمينية المتطرفة والشعبوية. وهذه العاصفة تهدد اليوم حقاً بزعزعة أعمدة الهيكل الذي صمد حتى الآن بفضل توازنات صنعتها الأحزاب التقليدية المتراجعة شعبيتها باطراد منذ سنوات.

عند انتصاف الليلة الأخيرة من الأسبوع الماضي كان الأوروبيون قد ذهبوا إلى نومهم بعدما ظهرت النتائج الأولية للانتخابات الأوروبية مؤكدة توقعات صعود اليمين المتطرف في معظم أرجاء الاتحاد. ومع بزوغ فجر الاثنين كان حزب مارين لوبان، «التجمع الوطني»، يتصدّر المشهد السياسي الفرنسي بنسبة تزيد على ضعف ما حصل عليه «التجمّع» الذي يقوده الرئيس إيمانويل ماكرون الذي سارع إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة نهاية هذا الشهر. وفي ألمانيا كان «النازيون الجدد» يصعدون إلى المرتبة الثانية أمام الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) الذي يقود الائتلاف الحاكم.

وفي موازاة كل هذا كانت أطراف الأخطبوط اليميني المتطرف تمتد وتترسّخ في النمسا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا بعدما كانت قد ضربت جذورها في عمق المشهد الإيطالي، وبدأ الأوروبيون يشعرون بأنهم جالسون على فوّهة بركان يراقبون كيف أصبحت الدول الثلاث الكبرى في الاتحاد - أو كادت - تحت رحمة اليمين المتطرف.

المشهد الإسباني

في إسبانيا، بعدما تأكيد النتائج النهائية حلّ الحزب الشعبي اليميني في المرتبة الأولى حاصداً 186 مقعداً، أي بزيادة عشرة مقاعد عن الولاية السابقة. وفي المرتبة الثانية حلّت كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين التي حصلت على 135 مقعداً بعد خسارتها أربعة مقاعد، في حين أصيب تحالف الليبراليين بهزيمة قاسية بعدما خسر 23 مقعداً ليغدو رصيده 79 مقعداً. وفي المقابل، حصلت كتلة المحافظين و«الإصلاحيين» المناهضة للمشروع الأوروبي على 73 مقعداً وحصل «تكتل الهوية والديمقراطية» اليميني المتطرف على 58 مقعدا. أما التكتل الذي يقوده حزب «الخضر» فقد خسر 13 مقعداً ليصبح رصيده 53 مقعداً، في حين نال التكتل اليساري الذي يضمّ الأحزاب الشيوعية 36 مقعداً محتفظاً برصيده السابق. وأما بقية الأصوات فتوزّعت على الأحزاب التي لا تنتمي بعد إلى تشكيلة العائلات السياسية داخل البرلمان الأوروبي، ومعظمها من الأحزاب الشعبوية والقومية اليمينية مثل حزب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي حصل على عشرة مقاعد.

هذا الصعود الذي حققته الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي في حال تضافرها يمكن أن تشكّل الكتلة الثانية في البرلمان الأوروبي، يجعل من هذه الانتخابات «زلزالاً» يتجاوز بكثير الاستفتاء الفرنسي الذي وأد عام 2005 مشروع «الدستور الأوروبي» الذي كانت الأحزاب التقليدية تعقد آمالاً كبيرة عليه لترسيخ مشروع الاندماج الأوروبي تحسبّاً لصعود القوى المناهضة الذي كانت بدأت تظهر أولى تباشيره.

أثبتت صناديق الاقتراع أن المشروع الأوروبي في خطر (آ ب)

التقليديون مطمئنون

ولكن على الرغم من وضوح التصدّع الذي أحدثه صعود اليمين المتطرف في المشهد السياسي الأوروبي، تبدو الأحزاب التقليدية مطمئنة لقدرتها على رصّ صفوفها لمواجهة هذا المد الواسع، متجاهلة مخاطر احتمالات وقوع فرنسا وألمانيا في قبضة أحزاب اليمين المتطرف المصمّم على وقف محركات مشروع الاندماج الأوروبي في احرج مراحله، لا سيما بعد النصر المدوّي الذي أحرزه حزبا «التجمع الوطني» في فرنسا، وصعود «البديل من اجل ألمانيا» إلى المرتبة الثانية اكبر دول الاتحاد.

الواقع أنه بعد «الطلاق» الذي فصل بريطانيا عن شركائها الأوروبيين منذ نيّف وأربع سنوات، أظهر الاتحاد الأوروبي أنه قادر تماماً على الاستمرار من دون الدولة التي كان الجنرال شارل ديغول يسمّيها في مجالسه الخاصة «حاملة الطائرات الأميركية قبالة الساحل الفرنسي». بيد أنه ليس من المؤكد أن المشروع الأوروبي سيظل قابلاً للبقاء من دون «المحور» الألماني - الفرنسي الذي لطالما شكّل القاطرة الاقتصادية والسياسية للاتحاد، أو حتى في حال تعرّض هذا المحور للعطب كما حصل يوم الأحد الفائت بعد الهزيمة التي مني بها كل من الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس أمام اليمين المتطرف.

المحور الألماني الفرنسي

على الرغم من الاهتزازات التي يعاني منها محور برلين - باريس منذ سنوات، فإنه بقي قادراً على دفع الاتحاد الأوروبي قُدماً في اللحظات المفصلية وساعة اتخاذ القرارات المصيرية. ولكن بعد ترسيخ قوى التطرف جذورها في عمق المشهد الإيطالي، وصعود يمين اليمين الذي يحمل رؤية مختلفة للمشروع الأوروبي، والغموض الذي يلف اليوم مستقبل ماكرون والائتلاف الألماني الحاكم بقيادة شولتس، يبدو «قلب الاتحاد» معرّضاً للشلل أو للانفجار. وكل هذا يحصل بينما يحتاج المشروع الأوروبي إلى تغييرات جذرية كي لا يتخلّف في السباق العالمي المحتدم على أكثر من صعيد بين المحاور الكبرى.

المراقبون في المؤسسات الأوروبية يجمعون على أن صعود القوى اليمينية المتطرفة والشعبوية هو دائماً مبعث قلق من حيث تداعياته السلبية على صعيد ترسيخ المشروع الأوروبي ومواصلة اندماجه، ويرون أن هذا القلق يتحوّل خطراً مباشراً يهدد ديمومة الاتحاد عندما يتركّز هذا الصعود في فرنسا وألمانيا اللتين تشكلان قوة الدفع التقليدية للمشروع الأوروبي. إذ إن الجنوح الأوروبي الواضح نحو اليمين، مشفوعاً بترهّل القوى الأوروبية في برلين وباريس، يجعل من الصعب جداً أن يبلغ الاتحاد أهدافه الرئيسية في المرحلة المقبلة، مثل زيادة الإنفاق في مجال البحوث والتنمية لمواكبة الصين والولايات المتحدة، أو مواصلة برنامج التوسعة نحو الشرق والقوقاز، أو الاستثمار في مشاريع الدفاع المشتركة والميثاق الأخضر. ولا شك، في أن هذا الجنوح ينذر بالمزيد من التحصينات «الانعزالية» داخل القلعة الأوروبية في وجه المهاجرين وطالبي اللجوء، بجانب تراجع الدعم لأوكرانيا... خاصة لمرحلة الإعمار.

أهمية المحور الألماني - الفرنسي ظهرت بشكل خاص إبان جائحة «كوفيد - 19» وما عقبها من توافق حول خطة النهوض، ثم تعرّض للاهتزاز مع الاجتياح الروسي لأوكرانيا بسبب التباين في مواقف الشريكين حول الدعم العسكري والطاقة، لكنه ظل فاعلاً على الرغم من افتقار العلاقة الثنائية بين ماكرون وشولتس إلى الانسجام والحميمية اللذين ميّزا العلاقات بين القيادتين الفرنسية والألمانية لعقود. مع هذا، ثمة قاسم مشترك يجمع الزعيمين هو الرؤية نفسها للمشروع الأوروبي التي تختلف كلياً عن تلك التي يحملها غريماهما المحليان اليمينيان مارين لوبان وحزب «البديل من أجل ألمانيا».

في حسابات المقاعد

صحيح أن حسابات المقاعد في البرلمان الأوروبي الجديد تضمن حصول الأحزاب المعتدلة على الغالبية الكافية التي تسمح بالتصدي للجحافل الشعبوية والمتطرفة التي ما زالت دون انصهارها في كتلة واحدة متراصة عقبات كبيرة جداً. إلا أن انتخابات الأحد الماضي أسقطت الكثير من المحرّمات حول اليمين المتطرف. وأيضاً ترددات «الزلزال» الذي هزّ المحور الألماني - الفرنسي صارت مسموعة في جميع أرجاء الاتحاد، خاصةً، بعد سقوط الكثير من الحواجز التي كانت تحول تواصل اليمين المعتدل مع القوى المتطرفة على يمينه.

كذلك، لئن كان البرلمان الأوروبي قد اكتسب صلاحيات واسعة خلال السنوات الأخيرة، فان «غرفة العمليات» الأساسية في الاتحاد ما زالت تستند إلى المفوضية والمجلس، أي إلى حكومات الدول الأعضاء مجتمعة. وعندما تكون هاتان المؤسستان على الموجة ذاتها، تكون الرياح مواتية لإبحار سفينة الاتحاد من غير أن تتعرّض لمخاطر الجنوح، لكن عندما يختلّ الانسجام بين البلدان الأعضاء تصبح بوصلة المشروع الأوروبي حائرة في تحديد الوجهة الصحيحة.

ومن ثم، لا شك في أن القرار المفاجئ الذي أقدم عليه الرئيس الفرنسي ماكرون بدعوته إلى إجراء انتخابات مُسبقة نهاية هذا الشهر قبل انطلاق الألعاب الأولمبية الصيفية في بلاده، ينطوي على مجازفة كبيرة قد تضعفه وتضيّق هامش تحركاته في حال جدّد حزب مارين لوبان فوزه في الانتخابات الأوروبية، ويفتح الباب أمام دخول وزراء من هذا الحزب إلى مجلس الاتحاد الأوروبي الذي يتمتع بصلاحيات اشتراعية واسعة، يدعمهم وزراء من اليمين الإيطالي المتطرف. ويتوقع مسؤولون في الدوائر الأوروبية أن يؤدي انتصار لوبان و«تجمعها الوطني» في الانتخابات الفرنسية إلى عرقلة سياسة الهجرة الأوروبية التي وصلت إلى خواتيمها بعد مخاض عسير وطويل، وربما إلى تغييرها نظراً للتحوّل الذي طرأ أخيراً على مواقف العديد من الأحزاب الأوروبية المحافظة.

الوضع الألماني ... أقل حرجاً

الوضع في ألمانيا، وعلى الرغم من خطورته نظراً لموقعها ودورها الاستراتيجي داخل الاتحاد، يبقى مرحلياً في الظرف الراهن وقابلاً للتجاوز بسهولة في ظل وجود بديل أوروبي معتدل يقوده حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي. أي بعكس الوضع في فرنسا الذي ينذر بأزمة سياسية عميقة توشك أن تهمّش الأحزاب السياسية التي لعبت دوراً تاريخياً في بناء الصرح المؤسسي للاتحاد الأوروبي، ويرجّح كثيرون أن تكون رصاصة الرحمة التي تقضي على محور برلين - باريس.

وحقاُ، كان أوّل الغيث المؤشر إلى تداعيات «زلزال» الانتخابات الأوروبية في فرنسا وألمانيا حالة أسواق المال منذ بداية هذا الأسبوع، لا سيما، بعدما أصبح ماكرون محشوراً في زاوية ضيّقة ومحاصراً من كل الجهات، وبعدما تقدّم «البديل من أجل ألمانيا» على الأحزاب الثلاثة التي تشكّل الائتلاف الحاكم بقيادة شولتس.

الضباب الكثيف الذي أسدله مستقبل ماكرون الغامض وهشاشة وضع المستشار الألماني، حتماً يقلّصان الطموحات الأوروبية في هذه الولاية التشريعية التي من المفترض أن تعيش مرحلة التحولات الكبرى الممهدة لتوسعة جديدة في عضوية الاتحاد. وللعلم، التقرير المنتظر الذي اعدّه رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراغي حول مستقبل النادي الأوروبي، والذي سيقدّمه بعد أيام أمام البرلمان الجديد، يؤكد على حاجة الاتحاد الملحة إلى تغيير جذري من أجل صون نموذجيه الاقتصادي والاجتماعي على الساحة الدولية الراهنة. بيد أن النتائج التي أسفرت عنها هذه الانتخابات الأوروبية تنذر باستحالة حدوث هذا التغيير، لا، بل إن بعض الحكومات قد تدفع باتجاه تقليص المساعي الاندماجية.

تحت وطأة الهزيمة ...الرئيس الفرنسي ماكرون دعا إلى انتخابات مبكرة في فرنسا (رويترز)

علامات استفهام حول المواقف المستقبلية لقوى اليمين المحافظ التقليدي

مع تزايد الترقب بانتظار الولاية التشريعية الجديدة في البرلمان الأوروبي منتصف الشهر المقبل، عندما تكون قد ارتسمت الملامح النهائية للمأساة الفرنسية - من غير استبعاد مفاجآت أخرى -، تتجه الأنظار نحو «ضفة» القوى المحافظة واليمينية التقليدية.هذه القوى لم تحسم بعد بصورة نهائية مفاضلتها بين الحفاظ على التحالف التقليدي مع الاشتراكيين والتقدميين والليبراليين الذي أمّن التوازن والتناوب السلس في مؤسسات الاتحاد طيلة عقود، أو مواصلة الجنوح نحو الأحزاب اليمينية المتطرفة التي يبدو أنها نجحت في تمويه جذورها مثل «إخوان إيطاليا» الذي تقوده رئيسة وزرائها جيورجيا ميلوني.البوادر المبكرة التي ظهرت حتى الآن توحي بأن كتلة «الحزب الشعبي الأوروبي» (منبر القوى المحافظة واليمينية التقليدية) تتجه إلى تجديد التفاهم التقليدي والانفتاح على «الخضر» الذين أعربوا عن استعدادهم للانضمام إلى جبهة عريضة في وجه المدّ المتطرف شريطة استعادة «الميثاق الأخضر» إلى أولويات الاتحاد.ويستدلّ من التصريحات الأولى التي أدلت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين - الطامحة إلى تجديد ولايتها على رأس المفوضية - بأنها قد أوقفت اندفاعتها نحو التحالف مع ميلوني؛ إذ قالت: «الوسط صامد، وسنرفع حصناً منيعاً ضد التطرفين اليميني واليساري». ولم يتأخر مواطنها مانفريد فيبر، رئيس الكتلة الشعبية المحافظة في البرلمان الأوروبي، في دعوة الأحزاب المعتدلة إلى رصّ الصفوف في «تحالف ديمقراطي أوروبي» يقطع الطريق على التطرف ويجهض المناورات الهادفة إلى تدمير الاتحاد.غير أن هذه التصريحات، ما زالت في مرحلة جسّ النبض في انتظار وضوح التحالفات التي ستستقر عليها مواقف الأحزاب اليمينية المتطرفة الكبرى، مثل «التجمع الوطني» الفرنسي و«إخوان إيطاليا» و«البديل من أجل ألمانيا». وبالتالي، لا يستبعد المراقبون ظهور مفاجآت في الأيام المقبلة، خاصة عندما تدخل المفاوضات حول توزيع المناصب القيادية في مؤسسات الاتحاد مرحلة الحسم تمهيداً للجلسة الأولى للبرلمان الأوروبي الجديد منتصف الشهر المقبل.وهنا، تشير آخر الدلائل إلى أن الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت. وضمن هذا الإطار كانت الخطوة التي أقدمت عليها ميلوني عشيّة «قمة الدول الصناعية السبع» التي ترأسها إيطاليا راهناً، بتعديل مشروع البيان النهائي حول بنود الهجرة والإجهاض، بالتنسيق والتناغم التام مع مارين لوبان، وليس مع الرئيس الفرنسي والشركاء الأوروبيين. ولقد استدعى هذا الأمر ردّاً قاسياً من باريس وبرلين اللتين حذّرتا من «أيام عاصفة» على المسرح الأوروبي.