أندريه بيلوسوف... خبير اقتصادي ناجح يتربّع على مقعد وزير الدفاع في روسيا

«رجل المرحلة» الذي اختاره بوتين لإعادة تأهيل الجيش وضمان النصر في أوكرانيا

يمكن القول إن أندريه بيلوسوف «مهندس سياسات التطوير ومواجهة العقوبات» والمخطِّط الأبرز للسياسات الاقتصادية الروسية
يمكن القول إن أندريه بيلوسوف «مهندس سياسات التطوير ومواجهة العقوبات» والمخطِّط الأبرز للسياسات الاقتصادية الروسية
TT

أندريه بيلوسوف... خبير اقتصادي ناجح يتربّع على مقعد وزير الدفاع في روسيا

يمكن القول إن أندريه بيلوسوف «مهندس سياسات التطوير ومواجهة العقوبات» والمخطِّط الأبرز للسياسات الاقتصادية الروسية
يمكن القول إن أندريه بيلوسوف «مهندس سياسات التطوير ومواجهة العقوبات» والمخطِّط الأبرز للسياسات الاقتصادية الروسية

العنوان الرئيسي الذي لفت الأنظار في المناقلات والتعيينات التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فور تسلمه رسمياً مهام ولايته الرئاسية الخامسة، لم يكن إقالة سيرغي شويغو وزير دفاعه لسنوات طويلة وصديقه المقرب، بل تعيين أندريه بيلوسوف رجل الاقتصاد الذي عمل لسنوات طويلة بصمت، بعيداً عن الأضواء، حتى إن كثيرين من الروس لا يكادون يعرفون على وجه الدقة طبيعة المهام الكبرى التي كُلّف بتنفيذها في مرحلة تُعد الأصعب في تاريخ روسيا المعاصر. وهكذا انهالت التعليقات، من كل صوب وحدب، وسارع مسؤولون ووسائل إعلام بارزة لإطلاق وصفات جاهزة، لتفسير قرار وضع الخبير الاقتصادي على مقعد وزير الدفاع. بعضهم رأى في القرار دليلاً على «يأس» فلاديمير بوتين، وفق واشنطن. في حين انبرى محللون لتكرار مقولة إن إسناد الكرملين وزارة الدفاع إلى رجل «لم يلبس قط البدلة العسكرية» يضع علامات استفهام كبرى حول قدرته على قيادة الجيش في ظروف معركة مصيرية بالنسبة إلى روسيا.

خلافاً للتكهنات الكثيرة خارج الحدود، وبعيداً عن مصنع القرار الروسي، بدا الكرملين واثقاً من خياراته الأخيرة، ومقتنعاً بأن من شأن اختيار أندريه بيلوسوف لقيادة وزارة الدفاع «إعادة تشغيل» القطاعات الصناعية والاقتصادية كلها في إطار «اقتصاد الحرب» وتحت شعار توجيه مقدرات البلاد لـ«خدمة المعركة».

ولكن مَن بيلوسوف؟ ولماذا حظيَ بثقة بوتين الواسعة، وبات بين الأسماء البارزة على لوائح العقوبات الغربية؟ وفي التساؤلات أيضاً: ماذا سيفعل خبير الاقتصاد الذي فضَّل طويلاً أن يعمل بصمت خلف الأضواء، في منصب وزير الدفاع الروسي؟

خبير ابن خبير

كان أندريه بيلوسوف، وهو نجل خبير اقتصادي سوفياتي بارز، يعمل في الأوساط الأكاديمية قبل ضمه إلى الحكومة عام 1999، واستمر في مناصب اقتصادية، منها وزير التنمية الاقتصادية، والمستشار الاقتصادي لبوتين، حتى شغل عام 2020 منصب النائب الأول لرئيس الوزراء، في مرحلة صعبة للغاية خلال مواجهة تداعيات تفشي «كوفيد - 19» على المجتمع والاقتصاد. وطوال تلك الفترة، دعا بيلوسوف باستمرار إلى دور قوي للدولة في الاقتصاد، وإلى تحفيز نموها عبر الاستثمارات، وأسعار الفائدة المنخفضة، والسياسات المالية والائتمانية الناعمة.

وُلد أندريه بيلوسوف عام 1959 في موسكو لعائلة الاقتصادي ريم ألكساندروفيتش بيلوسوف، وعالمة الكيمياء الإشعاعية أليسا بافلوفنا بيلوسوفا. وكان الأب خبيراً اقتصادياً مرموقاً يُعد -وفقاً لتقارير- «مؤسس» المدرسة العلمية السوفياتية في مجال التسعير والإدارة، وكان أحد المشاركين في إعداد «إصلاحات كوسيغين»، نسبةً إلى رئيس الوزراء السوفياتي أليكسي كوسيغين الذي قاد مرحلة من التغييرات الاقتصادية هدفت إلى توسيع اللامركزية في تبني القرارات الاقتصادية. أما الأم فكانت عالمة في مجال الكيمياء الإشعاعية، ودرّست لسنوات طويلة كيمياء العناصر النادرة.

تميُّز أكاديمي وبحثي

في هذا الوسط الأكاديمي العلمي شبّ الابن أندريه، مما ترك انعكاسات مهمة على كل مراحل حياته العملية لاحقاً، لجهة الرصانة في أداء عمله والاهتمام بكل التفاصيل، فضلاً عن روح الابتكار في نشاطه المهني.

وبعد التخرّج في المدرسة الثانية للفيزياء والرياضيات، التحق أندريه بكلية الاقتصاد في جامعة موسكو الحكومية، وتخرّج فيها بمرتبة الشرف عام 1981 متخصصاً بـ«التحكم الآلي الاقتصادي». وهناك برزت مواهبه باكراً جداً، ففي أثناء دراسته، بدأ التعاون مع مجموعة من الاقتصاديين البارزين تحت قيادة ألكسندر أنشيشكين، الذي كان في 1977 - 1981 رئيساً لقسم تخطيط الاقتصاد الوطني لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية في كلية الاقتصاد بجامعة موسكو الحكومية.

ولاحقاً، عمل بيلوسوف في «معهد الاقتصاد وتوقّع التقدم العلمي والتكنولوجي» التابع لأكاديمية العلوم في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، الذي أُسس عام 1986 على أساس عديد من الأقسام العلمية لمعهد الاقتصاد المركزي، وفيه شغل على التوالي مناصب باحث مبتدئ، فباحث، فباحث كبير. ولقد تركّزت أولوياته البحثية على رصد اتجاهات الاقتصاد الكلي، فضلاً عن التضخّم والأزمة الهيكلية في الاقتصادات على النمط السوفياتي. وبهذا المعنى أدرك باكراً مشكلات الاقتصاد الاشتراكي، لكنه في الوقت ذاته، ظل مؤمناً بنظريات سيطرة الدولة على المقدرات الاقتصادية والتشغيلية.

عام 1991 المفصليّ

كان عام 1991 حاسماً لبيلوسوف كما كان حاسماً لمصير البلاد كلها. وحينذاك عُيّن رئيساً لمختبر التحليل وتوقُّع عمليات الاقتصاد الكلي في معهد الاقتصاد والتكنولوجيا التابع لأكاديمية العلوم، وسرعان ما أصبح عضواً في المجموعة التحليلية لجمعية السياسة الخارجية التي شُكلت في نوفمبر (تشرين الثاني) 1991، وعُرفت باسم «مجموعة بيسميرتنيخ»، (على اسم مؤسسها وزير خارجية اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية السابق ألكسندر بيسميرتنيخ).

في تلك المرحلة كان الاتحاد السوفياتي قد لفظ أنفاسه الأخيرة. لكن الرجل واصل مساره بشكل ثابت، وأسس عام 2000 «مركز الدراسات والتوقّع (أو الرصد)» الذي لعب أدواراً مهمة في المرحلة اللاحقة، رشّحته بقوة ليغدو أحد أبرز رجال الاقتصاد في عهد بوتين. إذ أعدَّ تقريراً بالغ الأهمية عام 2005 حول «الاتجاهات طويلة المدى في الاقتصاد الروسي: سيناريوهات التنمية الاقتصادية لروسيا حتى عام 2020». وتوقّع التقرير حدوث الأزمة الاقتصادية عام 2008، كما أشار إلى احتمال حدوث ركود اقتصادي في 2011 - 2012 وفشل نظام الإدارة العامة. وكلها توقّعات جسّدتها التطوّرات اللاحقة.

ولكن، لعل من المفارقات هنا أن الرجل الذي يحظى حالياً بثقة مطلقة من جانب بوتين، عمل لسنوات طويلة بمنح مالية من جانب الولايات المتحدة؛ إذ تلقى بيلوسوف منحاً من «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية». والمفارقة الأهم، أن الذين يحصلون على هذه المنحة اليوم يُدرجون فوراً على لائحة «العملاء الأجانب» ويُحظر تعيينهم في مناصب حكومية.

في عام 2004، نشر بيلوسوف بأموال أميركية تقريراً بعنوان: «تنمية الاقتصاد الروسي على المدى المتوسط: تحليل التهديدات»، محللاً حالة الدفاع عن روسيا. وفي العام التالي، عُيّن مديراً لمشروع «شروط تحقيق المزايا التنافسية للاقتصاد الروسي (النهج الهيكلي الكلي)» الذي أُطلق أيضاً بأموال أميركية.

بيد أن تلك المرحلة من حياته لم تؤثر في مسيرته السياسية. فعام 1999 أصبح عضواً في مجلس إدارة وزارة الاقتصاد، وعمل مستشاراً لعدد من رؤساء الحكومة الروسية: يفغيني بريماكوف، وسيرغي ستيباشين، وميخائيل كاسيانوف، وميخائيل فرادكوف.

في الخدمة العامة

دخل بيلوسوف الخدمة العامة، رسمياً عام 2006، وتولّى منصب نائب وزير التنمية الاقتصادية. وفي هذا المنصب أشرف على كتلة الاقتصاد الكلي، بما في ذلك قضايا تحسين مناخ الاستثمار، وتنفيذ البرامج المستهدفة الفيدرالية، والأنشطة الاستثمارية لـ«مصرف التجارة الدولي» أكبر مصرف حكومي في البلاد. وتحت قيادته طُوّر عام 2020 مفهوم التنمية الاجتماعية والاقتصادية طويلة المدى.

لكنَّ النقلة الرئيسية في الجهاز الحكومي لبيلوسوف جاءت عام 2008، عندما عيّنه بوتين (رئيس الوزراء آنذاك) مديراً لدائرة الاقتصاد والمالية التابع لمجلس الوزراء. وفي تلك الفترة بين 2008 و2012، التي أمضاها بوتين رئيساً للوزراء قبل عودته رئيساً إلى الكرملين، بدأ العمل المباشر مع بيلوسوف، الذي حظي بثقة كبرى من بوتين وصار من الدائرة المقربة إليه، وغدا مع النائب الأول لرئيس الوزراء إيغور شوفالوف، ووزيرة التنمية الاقتصادية إلفيرا نابيولينا، المسؤولين عن صياغة الأجندة الاقتصادية للحكومة. وبالإضافة إلى ذلك، صار مسؤولاً عن القضايا المتعلقة بإعداد الميزانية والاستثمار العام وتحسين مناخ الاستثمار. وبمشاركته، أُسّست وكالة المبادرات الاستراتيجية وأُطلقت ما تسمى «المبادرة الوطنية لريادة الأعمال» على أساسها، هادفةً إلى تحسين ظروف ممارسة الأعمال التجارية في روسيا.

وزيراً للتنمية الاقتصادية

وبعدها، فور عودة بوتين إلى الكرملين عام 2012، عيّن بيلوسوف وزيراً للتنمية الاقتصادية، ثم مساعداً للرئيس الروسي للشؤون الاقتصادية. قبل أن يغدو عام 2020 نائباً أول لرئيس الوزراء ومسؤولاً مباشراً عن القطاع الاقتصادي في الحكومة. ومن هذا المنصب واجه الرجل تفشي «كوفيد - 19»، وأظهر براعةً في تقليص الأضرار على الاقتصاد، كما واجه لاحقاً تداعيات رُزم العقوبات التي انهالت على روسيا بعد قرار إطلاق الحرب في أوكرانيا في 2022.

وبناءً عليه، يمكن القول إن أندريه بيلوسوف «مهندس سياسات التطوير ومواجهة العقوبات» والمخطِّط الأبرز للسياسات الاقتصادية. فقد تعامل مع مشكلات السوق وعدّل التدابير لدعم الشركات الروسية في ظروف الحصار. وساهم في تحسين مناخ الاستثمار وتقليص تداعيات العقوبات، خصوصاً من خلال برامج أطلقها بشأن حماية وتشجيع الاستثمار في الظروف الراهنة، لا سيما على صعيد الضرائب والرسوم الجمركية وتعويض تكاليف أضرار البنى التحتية.

أيضاً، يُعد بيلوسوف مُطلق مشاريع تعديل مسار سلاسل التوريد، وقد أسهم في «طرح» الهيكل اللوجيستي الجديد، وبناء ممرّات نقل لإعادة توجيه التجارة الخارجية لروسيا ومنها وآليات التعامل مع أسواق جديدة.

وكان أحد مشاريع بيلوسوف الأخيرة، بصفته النائب الأول لرئيس الحكومة، بلوَرة استراتيجية «السيادة التكنولوجية» القائمة على ضمان تنمية الاقتصاد الروسي في المجالات الرئيسية، بالاعتماد على موارده العلمية والتكنولوجية الخاصة. وتحديداً، أعدَّ مفهوماً للتطور التكنولوجي في الاتحاد الروسي ينصّ على تقليص الفجوة بين العلم والإنتاج في إطار مشاريع الابتكار الكبيرة بمشاركة الدولة، وتطوير آليات لدعم الابتكار في الاتحاد الروسي -في مفهوم التقنيات الحيوية (المطلوبة الآن) والتقنيات الشاملة (تقنيات المستقبل الواعدة).

ماذا سيفعل الآن في وزارة الدفاع؟

يرى البعض أن أهمية تعيين بيلوسوف وزيراً للدفاع تكمن في ضرورة التعامل مع متطلبات تسخير موارد الدولة الروسية لخدمة الجبهة، وفي الوقت ذاته تحاشي إهمال القطاعات الأخرى التي تؤثر بشكل مباشر على الجبهة الداخلية. فالدولة تستثمر حالياً موارد هائلة في الصناعة العسكرية وفي بعض قطاعات الصناعة المدنية المرتبطة بها والضرورية جداً لسد الفجوات الحاصلة بسبب العقوبات. وبالتالي، طبيعي أن تتمثل الاستراتيجية العسكرية للسلطات الروسية في تقليص الخسائر على كل المستويات. وكذلك يجب إيلاء أقصى قدر من الاهتمام للخدمات اللوجيستية، مع المحافظة على أعلى درجة ممكنة من الشفافية وخفض مخاطر الفساد في الظروف الراهنة... وهو أمر برع فيه بيلوسوف.

اليوم يقول خبراء إن التكليف أشبه بعملية «إعادة تشغيل» السلطة التنفيذية برمّتها. وقد يكون تعليق ديمتري بيسكوف، الناطق باسم الكرملين، الأكثر وضوحاً ودقة عندما قال: «في ساحة المعركة، الفائز الآن هو الطرف الأكثر انفتاحاً على الابتكار والتنفيذ الأكثر كفاءة».

لشرح هذه الفكرة قال بيسكوف: «موازنة وزارة الدفاع والكتلة الأمنية كانت في الآونة الأخيرة في حدود 3 في المائة، ثم ارتفعت إلى 3.4 في المائة. وفي الآونة الأخيرة وصلت إلى 6.7 في المائة. وليس خافياً أن وزارة الدفاع مسؤولة عن تقديم جميع الطلبات للصناعة. وهذا ليس رقماً حاسماً بعد، فهو ماضٍ باتجاه تصاعدي (...) لأسباب جيوسياسية معروفة. إننا نقترب تدريجياً من الوضع الذي كان عليه في منتصف ثمانينات القرن الماضي، عندما كانت حصة الإنفاق على الكتلة الأمنية العسكرية أكثر من 7 في المائة. هذا مهم للغاية، ويتطلّب موقفاً خاصاً لجهة ضرورات الدمج بين متطلبات اقتصاد كتلة القطاع العسكري مع اقتصاد البلاد ككل».

إذاً، مهمة أندريه بيلوسوف، كاقتصادي متخصّص ورؤيوي استراتيجي، هي بناء أساس اقتصادي وبنية تحتية للجيش للقتال على المستوى التكنولوجي المناسب، وإحلال نظم جديدة توازن بين المتطلبات العسكرية في المرحلة الراهنة لخدمة الجبهة مع حاجات القطاعات الاقتصادية والصناعية في البلاد.

ولذا كان بدهياً أن يُجمل بيلوسوف، في أثناء عرض ترشيحه لتولي وزارة الدفاع في مجلس الفيدرالية (الشيوخ)، المهمة الرئيسية التي كُلّف بها في «تحقيق النصر في ساحة المعركة في أوكرانيا بأقل قدر من الخسائر في القوات». فضلاً عن التركيز «على حاجة القطاع العسكري إلى مزيد من الكفاءة والابتكار لتحقيق أهدافه».

وباختصار، يبدو من تعيين بيلوسوف أن بوتين يريد سيطرة أوثق على الإنفاق الدفاعي القياسي في روسيا، وإطلاق عملية إصلاح واسعة تقود إلى تعزيز قدرات البلاد الصناعية في مرحلة الحرب وما بعدها. يمكن القول إن أندريه بيلوسوف «مهندس سياسات التطوير ومواجهة العقوبات» والمخطِّط الأبرز للسياسات الاقتصادية الروسية


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».