كيف سيتأثر الشرق الأوسط بتفويض بوتين الجديد؟

حرب غزة ... في صميم حسابات موسكو العربية (آ ف ب)
حرب غزة ... في صميم حسابات موسكو العربية (آ ف ب)
TT

كيف سيتأثر الشرق الأوسط بتفويض بوتين الجديد؟

حرب غزة ... في صميم حسابات موسكو العربية (آ ف ب)
حرب غزة ... في صميم حسابات موسكو العربية (آ ف ب)

> لا ينتظر أن تشهد سياسات روسيا في منطقة الشرق الأوسط تعديلات كبرى بعد الاستحقاق الانتخابي الجديد في روسيا، إلا أن الرئيس فلاديمير بوتين الذي عزّز مكانته داخلياً، ونجح في أوكرانيا في تعقيد الموقف أكثر أمام حلفاء كييف الغربيين، سيكون - وفق خبراء روس - في وضع أفضل لتطوير سياساته الإقليمية بما يحقق فوائد إضافية لروسيا في مواجهتها الشاملة مع الغرب.

انطلاقاً من هذا المدخل، يرى خبراء مقرّبون من الكرملين أن بوتين سيواصل سياساته في الملف الفلسطيني القائمة على استغلال الحدث المتواصل في غزة لتسليط الضوء على ازدواج المعايير لدى الغرب، ومراكمة فوائد إضافية من الصراع في الشرق الأوسط. وهنا يولي الكرملين أهمية خاصة لدعم أي تحرك فلسطيني أو عربي أو إسلامي في المحافل الدولية، مع المحافظة في الوقت ذاته على تجنب قطع آخر قنوات الاتصال مع إسرائيل.

أما في سوريا فيبدو المشهد أكثر تعقيداً، بالنسبة إلى موسكو التي تواجه لاعبين مهمين وتحاول المحافظة على توازن العلاقات بكل منهم. ويرى الخبراء أن سوريا تحولت إلى ساحة تنعكس فيها المنافسة الدولية، القائمة على الصراع في أوكرانيا، وعلى تداعيات حرب غزة. وهذا الواقع يفسر اشتداد حزم التصريحات الروسية حيال الهجمات الإسرائيلية في سوريا، كما يفسر احتدام السجالات والمناوشات غير المباشرة أحياناً بين روسيا والولايات المتحدة.

في هذا الإطار يضع الخبراء مسألة «تغاضي» موسكو عن إعادة التموضع الإيراني في بعض المواقع لتجنب الضربات الإسرائيلية، وكذلك تقديم تسهيلات لطهران لنقل الأسلحة والمعدات عبر طرق أكثر أمناً.

واستطراداً، ضمن هذا الإطار كذلك، يدخل التشجيع الروسي غير المباشر أو المباشر أحياناً لـ«الحلفاء» لتنشيط ضرباتهم على المواقع الأميركية في سوريا والعراق. ويمتد ذلك، إلى مستويات تأثير دخول بوتين ولايته الجديدة بتفويض واسع وثقة أكبر بقدراته على العلاقات بطهران. والملاحظ أن إيران تحوّلت بعد الحرب الأوكرانية إلى شريك وحليف أكثر أهمية بالنسبة إلى موسكو... وينتظر خبراء تعزيز هذا المسار خلال المرحلة المقبلة وتعميق التعاون في كل المجالات، بما في ذلك المسائل العسكرية.

مع هذا، لا يتجاهل الكرملين أن هذا المسار ينطوي على «توازن دقيق» للعلاقة بطهران من جانب، وبالبلدان العربية التي تحول بعضها إلى شريك أساسي لروسيا على الصعد التجارية والسياسية، من جانب آخر.

وهنا يكفي القول إن ميزان التبادل التجاري مع غالبية البلدان العربية ارتفع بنحو الثلث خلال العامين الماضيين على الرغم من العقوبات المفروضة على روسيا. وينعكس الأمر أيضاً على سياسات روسيا تجاه ملفات إقليمية حساسة مثل الوضع في ليبيا واليمن، وفي الحالين تقوم سياسات بوتين على تنسيق الخطوات والتحركات مع الأطراف الفاعلة في الملفين.

بناءً عليه، لا يتوقع عموماً أن تشهد سياسات الرئيس بوتين في المنطقة تغييرات، بل لعلها في الغالب ستميل نحو تعميق التعاون من بوابات جديدة لا تقل أهمية عن اتفاقات الشراكة والتعاون الموقعة مع غالبية البلدان العربية، وهذا بفعل انضمام عدد مهم من بلدان المنطقة - هي مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية - بالفعل إلى مجموعة «بريكس» التي ترأسها روسيا هذا العام، وتقدم عدد آخر من البلدان بينها الجزائر والعراق وغيرها بطلبات للانضمام إلى المجموعة. وراهناً، تسعى القيادة في موسكو إلى حشد أكبر قدر ممكن من العمل المشترك في إطارها على صعيد تنسيق السياسات الاقتصادية بما يخدم تسهيل التفاف روسيا على العقوبات وتعقيد الوضع أمام السياسات الغربية.


مقالات ذات صلة

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)

لقطات جوية تظهر انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات المفروضة على النفط الروسي

خلص تحليل لصور التقطتها أقمار اصطناعية إلى ترجيح أن كوريا الشمالية تلقت أكثر من مليون برميل من النفط من روسيا على مدى ثمانية أشهر.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

نقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله (الجمعة) إن تصرفات إدارة الرئيس بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا قبة مبنى مجلس الشيوخ في الكرملين خلف برج سباسكايا وسط موسكو 4 مايو 2023 (رويترز)

روسيا: قصف أوكرانيا بصاروخ فرط صوتي تحذير للغرب

قال الكرملين، الجمعة، إن الضربة التي وُجّهت لأوكرانيا باستخدام صاروخ باليستي فرط صوتي تم تطويره حديثاً تهدف إلى تحذير الغرب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
TT

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا، كما أيّد تصدي المملكة العربية السعودية للمتمردين الحوثيين في اليمن.

في المقابل، أدان روبيو هجوم حركة «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على غلاف قطاع غزة، وأعرب بقوة عن دعمه لإسرائيل و«عن حقها في الدفاع عن النفس»، داعياً إلى القضاء التام على «حماس» في القطاع الفلسطيني المحتل.

وعندما سُئل عما إذا كانت هناك طريقة ما لوقف «حماس» من دون التسبّب في خسائر بشرية جسيمة في صفوف مدنيي غزة، قال روبيو - بالحرف - إن إسرائيل لا تستطيع التعايش «مع هؤلاء المتوحشين... يجب القضاء عليهم». وتابع في الاتجاه نفسه ليقول: «إن (حماس) مسؤولة بنسبة 100 في المائة» عن الخسائر البشرية الفلسطينية في غزة.

أما فيما يتعلق بإيران فالمعروف عن روبيو أنه يدعم العقوبات الصارمة وإلغاء الاتفاق النووي معها. وإزاء هذه الخلفية يرى محللون أن اختياره لمنصب وزير الخارجية ربما يعني تطبيقاً أكثر صرامة للعقوبات النفطية على كلّ من إيران وفنزويلا.

ومن جهة ثانية، بصفة ماركو روبيو نائباً لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ وعضواً في لجنة العلاقات الخارجية، فإنه يناقش في الكثير من الأحيان التهديدات العسكرية والاقتصادية الأجنبية، ولعل من أبرزها ما تعدّه واشنطن تهديد الصين. وهو يحذّر بشدّة من أن كلاً من الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا تتعاون بشكل متزايد ضد الولايات المتحدة. وسبق له أن قال في خطاب ألقاه خلال مارس (آذار) الماضي: «إنهم جميعاً يشتركون في هدف واحد. إنهم يريدون إضعاف أميركا، وإضعاف تحالفاتنا، وإضعاف مكانتنا وقدراتنا وإرادتنا».

وحول الصين بالذات، فيما يتعلق بالأمن القومي وحقوق الإنسان، فإنه يحذر من الصين. وفي حين يأمل روبيو بنمو اقتصادي أكبر نتيجة للتجارة معها، فإنه يعتقد أن على واشنطن دعم الديمقراطية والحرية والاستقلال الحقيقي لشعب هونغ كونغ.

أما بالنسبة لروسيا، فقد أدان روبيو غزو روسيا لأوكرانيا، خلال فبراير (شباط) 2022، بيد أنه صوّت مع 15 جمهورياً في مجلس الشيوخ ضد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وشركاء آخرين جرى تمريرها في أبريل (نيسان).

ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وصف الأوكرانيين بأنهم «شجعان وأقوياء بشكل لا يصدق»، لكنه قال إن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى «طريق مسدود»، و«يجب إنهاؤها» عبر التفاوض لتجنب المزيد من الضحايا، بدلاً من التركيز على استعادة كل الأراضي التي استولت عليها موسكو.

في المقابل، يدعم وزير الخارجية المرشّح الشراكةَ التجارية والتعاون مع الحلفاء عبر المحيط الهادئ، ويدعو إلى تعزيز الوجود العسكري الأميركي في تلك المنطقة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة «تخاطر بالاستبعاد من التجارة العالمية ما لم تكن أكثر انفتاحاً على التجارة».