رئيس تايوان الجديد لاي تشينغ تي... «استقلالي» يُقلِق الصين من دفعه «الدولة ــ الجزيرة»

وسط تخوّف دولي من تزايد التوتر الإقليمي

ردّت بكين على فوز لاي بزيادة الضغوط الدبلوماسية والعسكرية، بالإضافة إلى محاولة فرض عزلة دولية على تايوان
ردّت بكين على فوز لاي بزيادة الضغوط الدبلوماسية والعسكرية، بالإضافة إلى محاولة فرض عزلة دولية على تايوان
TT

رئيس تايوان الجديد لاي تشينغ تي... «استقلالي» يُقلِق الصين من دفعه «الدولة ــ الجزيرة»

ردّت بكين على فوز لاي بزيادة الضغوط الدبلوماسية والعسكرية، بالإضافة إلى محاولة فرض عزلة دولية على تايوان
ردّت بكين على فوز لاي بزيادة الضغوط الدبلوماسية والعسكرية، بالإضافة إلى محاولة فرض عزلة دولية على تايوان

كما هو معروف، أثمرت الانتخابات الأخيرة التي أجريت في تايوان، الدولة - الجزيرة الواقعة في شرق آسيا، انتخاب الدكتور لاي تشينغ تي، المعروف كذلك باسم وليام لاي رئيساً للبلاد. ومن المقرر أن يتسلم لاي (64 سنة) منصب الرئاسة رسمياً، خلفاً للرئيسة الحالية تساي إنغ ون، التي تعذّر عليها الترشح مرة أخرى بسبب القيود القانونية على عدد فترات الولاية الرئاسية. ولقد حمل فوز الدكتور لاي - في حالة غير مسبوقة - ولاية ثالثة على التوالي للحزب التقدمي الديمقراطي، وأشاد لاي بهذا الإنجاز بعدّه «نصراً لمجتمع الديمقراطيات». وما يُذكر أن لاي، الطبيب السابق الذي تقلد تقريباً جميع المناصب السياسية الكبرى بتايوان، حصل في الانتخابات الأخيرة على أكثر من 40 في المائة من الأصوات، طبقاً لما أعلنته اللجنة المركزية للانتخابات بالبلاد. من جهة ثانية، ما يستحق الإشارة أن عدد سكان تايوان يقدر بنحو 23 مليون نسمة. وعلى الصعيد الجغرافي تقابلها الصين غرباً في البر الآسيوي، وأرخبيل اليابان من الشمال الشرقي، وأرخبيل الفلبين من الجنوب. وتطالب الصين بأحقية سيادتها على تايوان، إذ تعد الدولة - الجزيرة جزءاً لا يتجزأ من «الوطن الصيني» الواحد الكبير، بحجة أنها كانت تحت حكم الأباطرة الصينيين إلى أن استعمرتها اليابان بين عام 1895 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية (1939 إلى 1945).

بخلاف معظم أفراد النخبة السياسية في تايوان، ينتمي الدكتور لاي تشينغ - تي إلى أصول متواضعة. فقد ولد لاي عام 1959 ونشأ فقيراً في قرية يعمل أهلها باستخراج الفحم في شمال تايوان. ولقي والده، الذي كان عامل منجم، حتفه جراء كارثة وقعت بالمنجم قبل أن يتجاوز ابنه الطفل عمر السنتين من عمره. وبالتالي، تولت أمه مسؤولية تربيته مع خمسة أشقاء آخرين بمفردها في قريتهم الريفية الواقعة على أطراف مدينة تايبيه الجديدة (عاصمة تايوان).

وحول خلفية الرئيس الجديد، قال البروفسور سريكانث كوندابالي، عميد كلية الدراسات الدولية بجامعة جواهر لال نهرو الهندية «يرتبط لاي بعلاقة قوية للغاية بوالدته، ويعي حجم المشقة التي واجهتها لأنها اضطرت إلى تربية ستة أطفال بينما كانت تعيش في منزل صغير بجوار المناجم». وتابع شارحاً أن ميل لاي إلى المثابرة ينبع من البيئة التي نشأ فيها. ذلك أنه بعد حصوله على درجة البكالوريوس من كلية الطب وإعادة التأهيل بجامعة تايوان الوطنية، أكمل دراساته العليا فانخرط ببرنامج ما بعد البكالوريوس في العلوم الطبية بجامعة تشينغ كونغ الوطنية. وبعد ذلك، نال درجة الماجستير في الصحة العامة من جامعة هارفارد الشهيرة في الولايات المتحدة، ما جعله واحداً من الأطباء القلائل على مستوى تايوان الذين يتمتعون بخبرة في مجالات إعادة التأهيل والرعاية السريرية والصحة العامة.

خوض المجال السياسي

عندما أنهت تايوان ما يقرب من 40 سنة من الأحكام العرفية في أواخر الثمانينات وشرعت في تنفيذ إصلاحات سياسية، تخلّى لاي تشينغ تي عن ممارسة الطب والصحة العامة من أجل التفرّغ للعمل السياسي. ونشير هنا إلى أنه، عام 1994، عندما كان لا يزال طبيباً مقيماً في مستشفى جامعة تشينغ كونغ الوطنية، وكانت تايوان تجري أول انتخابات مباشرة لمنصب حاكم مقاطعة تايوان السابقة (ما عادت موجودة رسمياً)، باشر مشاركاته في مجالات الشأن السياسي، داعماً تشن تينغ نان، مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي لمنصب الحاكم.

خلال «أزمة مضيق تايوان» عام 1996، قرّر الدكتور لاي محاكاة أسلافه في السعي لتحقيق الديمقراطية في الدولة - الجزيرة بمواجهة مطالبات السلطات الصينية في بكين. وبالفعل، تخلى عن مسيرته الطبية ودخل معترك السياسة. وفي أثناء الانتخابات البرلمانية ذلك العام، استحوذ لاي على العدد الأكبر من الأصوات في مدينة تاينان الكبيرة بجنوب غربي البلاد، وانطلق في مهمة تاريخية لإلغاء البرلمان، الذي كان يطلق عليه في حينه «الجمعية الوطنية». ثم إنه كتب في مقال رأي لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، خلال يوليو (تموز) الماضي: «جاءت اللحظة الحاسمة لي، عندما هدّدت المغامرات العسكرية الصينية شواطئنا بتدريبات الذخيرة الحية والصواريخ. حينذاك، قرّرت أنه من واجبي المشاركة في ديمقراطية تايوان، والمساعدة في حماية هذه التجربة الوليدة ممن يتربصون بها».

انتخب دكتور لاي للمرة الأولى نائباً في البرلمان التايواني عام 1998، ثم تولّى منصب عمدة مدينة تاينان عام 2010. ومن ثم، شغل منصب رئيس وزراء تايوان - الذي يعمل بمثابة المستشار الرئيسي لرئيس الجمهورية - ورئيس الحكومة المركزية - من 2017 إلى 2019. وبعدها، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، أعيد انتخاب لاي نائباً للرئيس. وفي الوقت نفسه، أعيد انتخاب الرئيسة تساي إنغ ون رئيسة للجمهورية للمرة الثانية.

«الاستقلاليون» ضد «الوطنيين»

سياسياً، يحظى لاي تشينغ تي بقبول كبير بين مؤيدي الاستقلال المتشدّدين – المعارضين بقوة لفكر حزب «الكومينتانغ» (الحزب الوطني)، الذي يؤمن بالوحدة الصينية، ولكن بعد إسقاط الشيوعية فيها - بينما كان يتمتع في الماضي بشعبية واسعة بين الناخبين الوسطيين.

وبناءً عليه، بسبب تحمّس الرئيس المنتخب لفكرة الاستقلال، لا تثق السلطات الصينية بآرائه ولا بسياساته. وهو، وإن كان وصف نفسه ذات مرة بأنه «عامل من أجل استقلال تايوان»، فقد سبق له أن وعد بالالتزام بالمقولة الدقيقة التي طرحتها سلفته الرئيسة الحالية تساي «بما أن تايوان مستقلة فعلياً فهي ليست بحاجة إلى المزيد من الإعلانات». وفي هذا السياق، أعرب المحلل السياسي الهندي ماكاركاند بارانجبايي عن اعتقاده أن لاي، الذي يخلف الرئيسة رسمياً خلال الربيع المقبل: «سيواصل على الأرجح اعتماد موقف الرئيسة تساي المعتدل ولكن المبدئي أيضاً... المتمثل في رفض فكرة أن تايوان جزء من الوطن الصيني».

من جهة أخرى، ردّت بكين على فوز لاي بزيادة الضغوط الدبلوماسية والعسكرية، بالإضافة إلى محاولة فرض عزلة دولية على تايوان، مع أن فوز الرئيس المنتخب يؤكد مجدداً عبر صناديق الاقتراعات أن غالبية سكان الدولة - الجزيرة يعدون أنفسهم تايوانيين لا صينيين. وفي الخطاب الذي ألقاه لاي بمناسبة فوزه الانتخابي، عدّ النتيجة «انتصاراً لمجتمع الديمقراطيات»، كما أثنى على الناخبين لإحباطهم محاولات «قوى خارجية» التأثير على الانتخابات.

على صعيد آخر، لعب الرئيس التايواني المنتخب في وقت سابق من حياته السياسية، دوراً بارزاً في توسيع صناعة الرقائق العالية التقنية في تايوان، ما ساعد الجزيرة على الازدهار ورفع مكانتها العالمية. كذلك فإنه في أثناء فترة توليه منصب عمدة مدينة تاينان، كان أحد أهم منجزاته الكبرى بناء مصنع جديد لشركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات داخل مجمع تصنيع محلي. والواقع أن لاي عبر كل المواقع والمناصب التي شغلها، على المستويين المحلي والمركزي من الحكومة - بما في ذلك السلطة التشريعية - أثبت أنه على الرغم من هدوئه ولطفه، قادر على اتخاذ مواقف قوية حاسمة. من ذلك أنه في عام 2005 اشتبك مع أحد نواب «الكومينتانغ» داخل المجلس التشريعي، بعد مقاطعة الحزب ميزانية شراء الأسلحة بشكل متكرّر. كذلك ظهر في مقطع فيديو وهو يهاجم النائب ويصرخ: «أنتم تدمّرون الوطن». ولم يجر إقرار سوى جزء صغير من الموازنة التي تزيد قيمتها على 15 مليار دولار خلال السنوات التالية مباشرة. وأيضاً من مؤشرات نجاحه وقدراته أن انتخابه رئيساً يشكّل للمرة الأولى في تاريخ تايوان حصول حزب سياسي واحد على ثلاث فترات رئاسية متتالية.

أكثر من هذا، من المحطات اللافتة التي تعكس حقيقة شخصيته القوية - التي يصفها البعض بالعنيدة - تحديه الرئيسة تساي للمشاركة بالانتخابات السابقة، وكان ذلك خطوة مفاجئة صدمت كثرة من المراقبين الذين عدوها «تمرداً». وفي هذا الشأن، قال تشين جيه هونغ، الذي درّس لاي عندما كان يعمل في مستشفى في تاينان قبل ثلاثة عقود، إن «ما كان يقلقه في ذلك الوقت هو ما إذا كان الحزب الديمقراطي التقدمي سيخسر الانتخابات الرئاسية لعام 2020»... ولكن تساي فازت في تلك الانتخابات بغالبية ساحقة.

الحدود الممكنة للمواجهة

خلال السنوات الأخيرة بنى لاي تشينغ تي سمعته السياسية - ورصيده الشعبي - على دفاعه القوي عن فكرة تايوان المستقلة. ولم يفت هذا الأمر سلطات بكين التي لم تتردد في اتهامه بأنه «محرض على الحرب». والواضح إذن أن تولي لاي الدفة في تايوان أمر لا يروق للقيادة الصينية التي ترى فيه «انفصالياً» متشدداً. ويذهب مراقبون أبعد من ذلك، ليقولوا إن بكين ترى أنه بسبب إيمانه المطلق بـ«سيادة تايوان المستقلة» يحمل «خطراً شديداً» على العلاقات بين الصين وتايوان عبر «مضيق تايوان».

وحقاً، لا ينسى القادة الصينيون أن لاي إبان شغله منصب رئيس الوزراء كان أكثر صراحة ومباشرة من تساي بخصوص قضية الاستقلال. وهنا، يقول مراقبون إن هذه القضية باتت تثير قلق كبار الحلفاء؛ مثل الولايات المتحدة - المورِّد الرئيسي للأسلحة لتايوان - بخصوص كيفية تعامل الرئيس المنتخب مع العملاق الصيني. ولهذا لا يستغرب متابعو هذا الملف الحساس أنه من نواحٍ عديدة، أن يكون خطاب بكين تجاه لاي أكثر تشدداً وعدائية منه إلى خطابها تجاه الرئيسة تساي. والحال، أن الحكومة الصينية - ووسائل الإعلام الرسمية الصينية على حد سواء - تتعمد في مختلف المناسبات «توبيخ» لاي، ووصفه بـ«الانفصالي الخطير» و«مثير المشكلات»، و«صانع الحرب»، وترفض عروضه المتكرّرة لعقد مباحثات.

الحياة الشخصية

على الصعيد الشخصي، الرئيس المنتخب متزوج من وو مي جو منذ عام 1986. ورزق الزوجان بولدين، إلا أن زوجته حرصت على البقاء بعيداً عن الأضواء، حتى بعدما اقتحم لاي معترك السياسة في تسعينات القرن الماضي. ووفق تقارير أوردتها وسائل إعلام محلية، تقدمت وو بطلب للانتقال من مكتب شركة الطاقة التايوانية في تاينان إلى محطة هسينتا للطاقة في كاوشيونغ، بعد انتخاب زوجها عمدة لمدينة تاينان عام 2010 تجنباً لأي تضارب مصالح قد يحصل. وفي المقابل، على الرغم من حرص وو على التدخل بعمل لاي، فإنها ظلت حريصة على مرافقته ودعمه منذ التقيا إبان مرحلة الدراسة الجامعية. كما أنها عبرت وتعبر دائماً عن اعتزازها بمسيرة زوجها وما حققه. ثم إنها وإن كانت قد وصفته ذات يوم بأنه شخص «ليس رومانسياً كثيراً»، فهي تراه في المقابل «جديراً بالثقة» ويتمتع «بإحساس قوي بالمسؤولية... ولن يأبه لشيء عندما يتعلق الأمر بحماية الناس».

أخيراً، من شريط ذكريات الرئيس التايواني المنتخب، قوله خلال فعالية شارك بها في مارس (آذار) من العام الماضي: «كنت صغيراً للغاية على نحو يجعلني عاجزاً عن تذكر أبي، لكنني أدركت فجأة أن أكبر الأصول التي تركها لي أن عائلتي كانت فقيرة». واستطرد «عندما تنشأ في مثل هذه الأسرة، تصبح أكثر نضجاً، وتملك مزيداً من قوة الإرادة والشجاعة، ما يعينك على تجاوز الصعوبات». واختتم بالقول «أيضاً راودني اعتقاد بأنه في هذه الحياة، إذا تمكنت من العثور على مشروع يجعلني أشعر بالشغف للشروع فيه، فستكون لي حياة تستحق أن تعاش حقاً». ردّت بكين على فوز لاي بزيادة الضغوط الدبلوماسية والعسكرية، بالإضافة إلى محاولة فرض عزلة دولية على تايوان


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)
رياضة عالمية غوانغتشو عاش لحظات أسطورية على مستوى آسيا (الشرق الأوسط)

غوانغتشو يغيب عن الدوري الصيني... وإعلان نهاية حقبة تاريخية

لن يشارك بطل آسيا السابق «غوانغتشو إف سي» على المستوى الاحترافي في عام 2025 بعد رفض الاتحاد الصيني لكرة القدم منحه تصريح اللعب.

«الشرق الأوسط» (غوانزو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب يُجري محادثات مع الرئيس الصيني عبر معاونين

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، إنه والرئيس الصيني شي جينبينغ يُجريان محادثات عبر ممثلين، وإنه يعتقد أنهما سيتوصلان إلى توافق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تشهد العلاقات بين واشنطن وبكين توتراً متصاعداً بعد «اختراق صيني» مزعوم لوزارة الخزانة الأميركية (رويترز)

واشنطن وبكين تتبادلان فرض العقوبات قبيل تنصيب ترمب

أدت سلسلة من الاختراقات الإلكترونية الأخيرة المنسوبة إلى قراصنة صينيين إلى زيادة حدة التوتر بين واشنطن وبكين.

إيلي يوسف (واشنطن)
آسيا شاحنات إطفاء متوقفة بالقرب من حريق في هونغ كونغ 24 مارس 2023 (أرشيفية - رويترز)

8 قتلى و15 جريحاً في حريق بسوق شمال الصين

قال تلفزيون الصين المركزي اليوم (السبت) إن حريقاً اندلع في سوق للخضراوات في إقليم خبي بشمال الصين أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة 15 آخرين.

«الشرق الأوسط» (بكين)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».