خبراء لـ «الشرق الأوسط» : وقف هجمات الحوثيين يحتاج قراراً سياسياً من واشنطن وليس أمنياً فقط

ترابط الأزمات الدولية من غزة إلى أوكرانيا يهدد الاستقرار

خبراء لـ «الشرق الأوسط» : وقف هجمات الحوثيين يحتاج قراراً سياسياً من واشنطن وليس أمنياً فقط
TT

خبراء لـ «الشرق الأوسط» : وقف هجمات الحوثيين يحتاج قراراً سياسياً من واشنطن وليس أمنياً فقط

خبراء لـ «الشرق الأوسط» : وقف هجمات الحوثيين يحتاج قراراً سياسياً من واشنطن وليس أمنياً فقط

بمرور نحو 70 يوماً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي اندلعت على أثر هجمات حركة «حماس» على ما يسمى «غلاف غزة» يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تزداد المخاوف من احتمال تمدّد الصراع المسلّح إقليمياً وتهديده أمن الممرّات البحرية، وذلك مع استمرار الهجمات التي يشنّها الحوثيون على السفن المدنية والحربية، وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة. وبعيداً عن «المُضمرات» التي يخفيها أطراف الصراع، فإن التحديات الأبرز التي يرصدها المراقبون تتعلق بأهداف القوى الإقليمية الأكثر استفادة من هذا التصعيد. وفي المقابل، على الرغم من استبعاد هؤلاء احتمالات انعكاس التصعيد على سوق الطاقة، وسط الأخطار التي تتعرض لها المضايق البحرية الرئيسة في الشرق الأوسط، إذ إن هجمات الميليشيات الحوثية في البحر الأحمر تجاوزت «توجيه الرسائل»، بينما يطرح تعطّل المفاوضات المتعلقة ببرنامج إيران النووي تساؤلات عن «الثمن» الذي تريده إيران، في ظل ردود فعل أميركية وغربية محدودة، تهدد على المدى البعيد؛ ليس فقط صدقية الحرص على استقرار منطقة الخليج، بل المشروعات الاقتصادية الضخمة التي تعمل دولُها على تطويرها، أمام خلفية تنافس المخططات الأميركية والدولية مع «طريق الحرير» الصيني.

على الرغم من تصعيد الولايات المتحدة لهجتها تجاه الحوثيين، تستبعد أوساط المراقبين الوصول إلى حد التهديد بعمل عسكري منفرد ومباشر ضدّهم، بل ترى أن واشنطن تفضّل معالجة الهجمات عبر «عمل مشترك» مع أطراف دولية وإقليمية أخرى، فقد قال ناطق باسم «الخارجية» الأميركية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الوزير أنتوني بلينكن «كان واضحاً حين قال إن ما رأيناه من الحوثيين في استهداف السفن بتلك المنطقة يشكل تهديداً؛ ليس لنا أو لإسرائيل فحسب، بل لعشرات الدول التي تشارك في الشحن البحري، والتي تعتمد على هذا الممر لنقل البضائع في كل مكان».

وأضاف الناطق أن هذا الواقع أدى إلى التأثير بشكل مباشر على مصالح أكثر من اثنتي عشرة دولة، وعلى طواقم من جميع أنواع الأماكن المختلفة، والسفن المسجلة والمؤمَّنة في أماكن مختلفة، «لذا يجب أن يكون هذا مصدر قلق دولي».

هذا، وكان مسؤول عسكري أميركي قد صرح، في وقت سابق، بأن واشنطن تسعى لتوسيع القوة البحرية متعددة الجنسيات بالبحر الأحمر؛ لحماية السفن من التهديدات الحوثية. وأبلغ صحيفة «واشنطن بوست» بأن «كثيراً من الدول لها مصلحة في منع تعطيل الشحن التجاري عبر هذا الجزء من العالم»، مشيراً إلى أن هذه النقطة أكدها مسؤولو الإدارة للدول الأخرى، خلال مباحثات توسيع القوة البحرية.

كما وصف المسؤول الجهود الأميركية بأنها «طَموح» إلى حد كبير، لافتاً إلى غياب جدول زمني واضح حتى الآن يساعد «الحُلفاء والشركاء على تقييم كيفية مشاركتهم»، وأن المناقشات حول توسيع القوة «تجري بنشاط».

غير أن إحجام واشنطن حتى الساعة عن إعادة تصنيف الحوثيين «جماعة إرهابية» - الذي كانت الإدارة الأميركية السابقة قد اتخذته ولكن عادت عنه إدارة الرئيس جو بايدن خلال أيامها الأولى من رئاسته في محاولة للتوصل إلى اتفاق سلام في اليمن - لم ينجح إلا في إقرار هدنة مؤقتة انتهت مفاعيلها على أرض الواقع.

إدارة بايدن كانت تراهن، عبر ما عُدّ يومذاك «قراراً سياسياً»، على تحقيق أهداف عدة؛ أبرزها:

- منع تمدد الحرب في غزة إلى صراع أوسع في المنطقة.

- منع الدخول في عمل عسكري منفرد.

- استمرار جهودها لإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، ولو على حساب علاقاتها وشراكاتها في المنطقة، وذلك للضغط عليها في ملفات أخرى؛ على رأسها ملف العلاقة مع إسرائيل.

أمن المنطقة سياسي

في الواقع، تكاد التقارير البحثية وشبه الرسمية تُجمع على أن أمن الطاقة العالمي لا يرتبط فحسب بحشد الإمكانات العسكرية والأمنية، في منطقة الخليج، بل يتصل أيضاً بالأمن السياسي. واليوم، تزداد الحاجة للكلام عن حلول سياسية، بعدما سلّطت الحرب الدائرة على غزة الضوء مجدّداً على «محورية» حل القضية الفلسطينية، وهي القضية التي سمح الإمعان في تهميشها بحالة الفوضى التي يعيشها اليمن، وكذلك في أن تهدد استقرار جميع الدول دون استثناء، حتى دون التطرق إلى «أهداف ضمنية» - سواء من إيران أو من غيرها - لإجهاض مشروعات التعاون والاستقرار في المنطقة.

الدكتور أنس الحجي، مستشار التحرير في «منصة الطاقة المتخصصة»، المقيم في ولاية تكساس الأميركية، يقول إن الخوف على أمن الطاقة الدولي والتجارة العالمية عموماً «لم يعد محصوراً بتهديد دولة ما، سواء أكانت مارقة أم لا».

ويضيف الحجي، خلال حوار مع «الشرق الأوسط»، أنه «وسط حسابات وتغييرات عميقة طرأت، في السنوات الأخيرة، على تعامل الدول مع سلاح الطاقة، فإن الخوف الأكبر يأتي، اليوم، من جماعات مسلَّحة، بل حتى من أفراد غاضبين مسلَّحين بمُسيّرات لا يتجاوز ثمن إحداها بضع مئات من الدولارات، لكنها تُمكّنهم من استهداف السفن التجارية وناقلات النفط والغاز والمنشآت النفطية أيضاً».

«ومع أن الهجمات الحوثية المستمرة لم تطل بعدُ مضيق هرمز، الذي يُعدّ أهم نقطة عبور للنفط والغاز في العالم، فإن متابعي السوق يرصدون عن كثب التأثيرات المحتملة على أسعار الطاقة، في حال تمدد الصراع، فالتجارب السابقة لاستهداف ناقلات النفط في المضيق لا تزال ماثلة في الأذهان، ولا سيما إذا قرر البعض دفع الصراع إلى حافة الهاوية»، وفق ما صرح به مسؤول نفطي كبير من أحد المصدّرين الأساسيين في الخليج، لصحيفة «وول ستريت جورنال».

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (أ.ف.ب)

ترابط ملفات الصراع

بيد أن ترابط ملفات الصراع المندلعة في المنطقة بدا واضحاً بشكل كبير، من ملف إيران النووي... إلى الحرب في أوكرانيا وتأثيراتها السياسية الدولية والإقليمية، مروراً بالحرب المندلعة في غزة.

وفي حين أوضح وزير الخارجية الأميركي بلينكن، أخيراً، أن «إيران تبدو إما غير راغبة أو عاجزة عن فعل ما هو ضروري للتوصل إلى اتفاق... وأنها تُواصل محاولة إدخال قضايا خارجة عنه في المفاوضات، ما يجعل الاتفاق أقل احتمالاً»، أكدت طهران، في المقابل، يوم 20 سبتمبر (أيلول) 2023، أنه على واشنطن إثبات «حسن نياتها وعزمها» لإحياء الاتفاق بشأن برنامجها النووي.

لكن مع إبقاء دول الاتحاد الأوروبي، يوم 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي - أي بعد نحو 10 أيام على اندلاع الحرب في غزة - إجراءاتها التقييدية على إيران، بموجب نظام عقوبات منع الانتشار النووي، اتخذ المجلس الأوروبي خطوات قانونية للإبقاء على العقوبات التي فرضتها «الأمم المتحدة». وهي تبدأ على الأفراد، ثم على كيانات ضالعة في أنشطة نووية، أو تطوير صواريخ باليستية، أو مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

من الناحية النظرية، من الممكن في حال فشل الاتفاق النووي، أن تحاول إيران إغلاق مضيق هرمز، من خلال نشر سفنها الحربية أو زراعة ألغام، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى فقد إمكانية الوصول إلى الأسواق بصورة شِبه كلية.

بالون اختبار إيراني

في هذا الشأن، أوضح المحلل السياسي الأميركي، إيلان بيرمان، أن «توقيت الرسائل الإيرانية التي تشبه بالون الاختبار، تأتي في وقت تدهور العلاقات مع الغرب بسبب انهيار المباحثات النووية، وكذلك تشدد المواقف الأوروبية بسبب دور طهران في حرب أوكرانيا». ويتابع بيرمان أن النظام الإيراني «يتجه نحو مواقف أكثر صدامية مع الغرب، لذا يحاول إثبات أنه قوة لا يُستهان بها من الناحية الاستراتيجية».

لكن الرد الأميركي «غير المتكافئ» على التصعيد العسكري الذي تُمارسه ميليشيا الحوثيين في اليمن (المدعومة من طهران) بحجة دعم غزة - وكذلك هجمات ميليشياتها في العراق وسوريا - يثير تساؤلات كثيرة عن أسباب «ضبط النفس» الذي تمارسه واشنطن، على الرغم من الأخطار التي تسببها تلك الهجمات... سواءً على الأمن البحري أم على استقرار المنطقة.

هنا، قال بهنام بن طالبلو، مدير برنامج إيران في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» في واشنطن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللكمات الموجّهة إلى كل من الراعي والوكيل؛ أي إيران ومحور المقاومة التابع لها، تؤدي إلى نتائج عكسية من جانب واشنطن؛ لأنها تضمن دائماً الجولة التالية من التصعيد». وأردف بن طالبلو: «كلما ابتعدنا عن قرار فبراير (شباط) 2021 إزالتهم (أي الحوثيين) من قائمة الإرهاب، بدت هذه الخطوة أكثر حماقة وتسييساً». ويرى الخبير الإيراني أن الخطوة الأولى للرد على الحوثيين يجب أن تتضمن إعادة تصنيفهم «جماعة إرهابية»، والخطوة الثانية تعزيز وجود القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها في البحر الأحمر حول اليمن، والخطوة الثالثة الانخراط في الردع العقابي؛ أي الرد فعلياً على نقطة الأصل ضد هجمات الحوثيين».

تقليل متعمَّد لخطر التهديدات

من جهة ثانية، في حين تؤكد وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أنها تردّ على التحرشات الحوثية بالأدوات العسكرية اللازمة، يُعرب عدد كبير من المسؤولين الأميركيين عن إحباطهم جرّاء ما يعدّونه «تقليلاً متعمَّداً» لإدارة بايدن من شأن التهديدات التي تتعرّض لها القوات الأميركية بالمنطقة، من اليمن إلى سوريا والعراق.

ويرى هؤلاء أن الإدارة «تقلّل من خطورة الوضع في البحر الأحمر من أجل تجنب تصعيد التوترات» في منطقة متوترة أصلاً بسبب الصراع بين إسرائيل و«حماس» في غزة، على الرغم من تركها الباب مفتوحاً للمناورات السياسية، وهو ما ألمح إليه وزير الخارجية بلينكن حين قال إن واشنطن «ستنظر في كل شيء». وجاء هذا في رده على تصريحات الجنرال كينيث ماكينزي، القائد السابق للقيادة الوسطى الأميركية «سينتكوم»، التي قال فيها «إن واشنطن لم تفعل ما من شأنه لَجْم جماعة الحوثيين عن مواصلة هجماتهم». وتجدر الإشارة هنا إلى أن القوات الأميركية ردّت على عشرات الهجمات التي شنّتها ميليشيات مدعومة من إيران، في العراق وسوريا، خلال الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك ضرب بعض القواعد التي يستخدمها المسلّحون في كلا البلدين.

وحقاً، يشعر المراقبون بالقلق من أن قصف إسرائيل المكثف لقطاع غزة سيدفع مزيداً من خصومها إلى مهاجمتها من جبهات جديدة. وفي المقابل، يرى البعض أن استمرار هجمات الحوثيين يُحرّض بدوره إسرائيل على الرد على «الحصار البحري» الذي تسعى طهران لفرضه عبر الحوثيين، حتى ولو لم تكن سيطرتها على ميليشياتهم هي نفسها على ميليشياتها الأخرى، كـ«حزب الله»، على سبيل المثال. ومع إرسال إسرائيل مدمّرات صاروخية إلى البحر الأحمر، باتت الخشية من توسع الصراع إلى منطقة الشرق الأوسط الأوسع أكثر ترجيحاً.

في هذا السياق، توقعت مذكرة حديثة لـ«بنك أوف أميركا» أنه في حال قرّرت إسرائيل الانتقام من إيران، فقد يؤدي ذلك إلى إغلاق مضيق هرمز، ما يدفع أسعار النفط إلى أكثر من 250 دولاراً للبرميل؛ ذلك أن إيران منتِج رئيس للنفط، ومن بين وكلائها «حماس»، و«حزب الله»، وإذا تعرضت صادراتها النفطية التي تفوق 1.5 مليون برميل يومياً، للخطر، فستنقطع عائداتها الشهرية المقدَّرة بنحو 40 مليار دولار.

ارتفاع الأسعار مستبعَد

ومع ذلك، يرى بعض متابعي صناعة النفط أن إغلاق المضيق «غير مرجَّح»؛ لأن كثيراً من دول المنطقة لا تزال تعتمد على الإيرادات التي تأتي من تصدير النفط عبر هذا المضيق. كذلك يستبعد هؤلاء «سيناريو هبوط حاد في العرض» نتيجة انقطاع التجارة عبر مضيق هرمز.

في السابق، عادةً ما كانت الحروب في الشرق الأوسط تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط؛ نظراً لأن المنطقة تختزن نحو نصف الاحتياطيات المؤكَّدة في العالم، ولكن ليس هذه المرة.

في عام 2019، هدّدت إيران مراراً بتعطيل شحنات النفط التي تمر عبر مضيق هرمز، بعد انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي لعام 2015، وفرضه سياسة أقصى العقوبات عليها. وفي العامين الماضيين فقط، هاجمت إيران أو تدخّلت ضد 15 سفينة تجارية ترفع العَلم الدولي، وفقاً لبيانات «البحرية» الأميركية.

غير أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قال أخيراً، في تغريدة على منصة «إكس (تويتر سابقاً)»، إن إسرائيل «تجاوزت الخطوط الحمراء، الأمر الذي قد يجبر الجميع على التحرك».

ومع هذا، ورغم توقع البنك الدولي ارتفاع أسعار النفط إلى 157 دولاراً للبرميل، إذا تصاعد الصراع المستمر في غزة، فإن الأسعار لم ترتفع إلّا قليلاً، بعد هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، ومن ثم عادت الأسعار إلى ما كانت عليه يوم 6 أكتوبر، أو حتى أقل، لذا يرى آندي ليبو، رئيس شركة «ليبو أويل أسوشيتس»، أن احتمال انقطاع الإمدادات، وخصوصاً إذا أُغلق مضيق هرمز، احتمال ضعيف. ثم يعلّق: «الأوقات مختلفة تماماً، اليوم، عما كانت عليه قبل 50 سنة».

 

 

3 أسباب غيّرت طبيعة سوق النفط العالمية

> عدّت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن ثمة 3 أسباب تمنع ارتفاع أسعار النفط؛ هي: ثورة النفط الصخري، وسيكولوجية السوق، والتحول في سياسة النفط. وبعدما كانت الولايات المتحدة أكبر مستورد للنفط في العالم، فإنها أضحت الآن أكبر منتج له، بسبب إنتاج الزيت الصخري، الذي تمكن من إعادة التوازن إلى السوق. بيد أن سيكولوجية السوق وتذبذب أسعار النفط هذه الأيام، يعودان في المقام الأول إلى الأخبار والتوقعات الاقتصادية، كارتفاع أسعار الفائدة، واحتمال حدوث تباطؤ اقتصادي أو ركود... وكل هذا من شأنه أن يقيد الطلب، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار. وعلى النقيض من سنوات الحصار في السبعينات، فإن التحولات في سياسة النفط تعود إلى أن دول الخليج العربية باتت مندمجة بشكل كامل في الاقتصاد العالمي. وهي تركز راهناً على خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية والاستثمار، وتثبيت الاستقرار السياسي في المنطقة، بما يفيد اقتصاداتها. ورغم اندلاع الحرب في غزة، فمن غير المتوقع أن تؤدي إلى تهديد إمدادات الطاقة بشكل مباشر، ما لم تتوسع الحرب وتهدد مناطق الإنتاج ومرافقه، والناقلات وخطوط الأنابيب. وهنا، يقول خبير الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنه في ظل التحالفات الجديدة وأهمية المضائق مع التحولات المشار إليها أعلاه بالنسبة إلى صناعة الطاقة، «فإن الواردات النفطية تذهب الآن إلى أصدقاء العرب وليس لأميركا... وهذا من شأنه أن يعزز التعاون الأمني الموجود أصلاً في المنطقة، الذي تشارك فيه أيضاً الصين والهند وغيرهما، عبر الدوريات الأمنية البحرية». أما آندي ليبو، رئيس شركة «ليبو أويل أسوشيتس»، فيشير إلى أن إيران «تخوض الحرب الآن من خلال وكلائها... وأحد مخاوفي هو أن أحد هؤلاء الوكلاء ربما يرتكب خطأً فادحاً للغاية عندما يهاجم إسرائيل». وعدّ أنه إذا حدث ذلك؛ «فمن المرجح أن تنتقم إسرائيل بمهاجمة إيران؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى تدهور كبير والتحول بسرعة إلى صراع إقليمي».

 


مقالات ذات صلة

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

المشرق العربي أكد لازاريني أن «الأونروا» تحظى بدعم مالي وسياسي قوي من السعودية (صور الأمم المتحدة)

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحديات غير مسبوقة، مع اقتراب موعد تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي منع عملها في الأراضي…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس» و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها "ساحة رئيسية" في خريطة التهديدات، وقال وزير الدفاع إن الجيش يستعد للرد وفقاً لذلك.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون ينتظرون لملء المياه في مخيم مؤقت للنازحين بدير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

وسط البرد والمطر... «الصليب الأحمر» يدعو لتسهيل دخول المساعدات إلى غزة

دعا الصليب الأحمر الدولي اليوم إلى توصيل المساعدات الإنسانية «بامان ومن دون عوائق» إلى قطاع غزة، حيث يموت الأطفال بسبب البرد بعد أن مزقته الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني المهدمة في بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

مع اقتراب عودة ترمب للبيت الأبيض... «حماس» تتمسك بمطلب إنهاء الحرب

تمسكت حركة «حماس» بمطلبها، اليوم الثلاثاء، بأن تنهي إسرائيل هجومها على قطاع غزة بالكامل بموجب أي اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (غزة)

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا
TT

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما حصل أقرب منافسيها باندوليني إيتولا على 26 في المائة فقط من الأصوات. شكَّل فوز نيتومبو الملقبة بـ«NNN»، حلقةً جديدةً في حياة مليئة بالأحداث، عاشتها المرأة التي ناضلت ضد الاحتلال، واختبرت السجن والنفي في طفولتها، قبل أن تعود لتثبت نفسها بصفتها واحدة من أبرز النساء في السياسة الناميبية وقيادية فاعلة في الحزب الحاكم «سوابو».

في أول مؤتمر صحافي لها، بعد أسبوع من إعلان فوزها بالانتخابات الرئاسية، تعهدت نيتومبو، التي ستتولى منصبها رسمياً في مارس (آذار) المقبل، بإجراء «تحولات جذرية» لإصلاح مستويات الفقر والبطالة المرتفعة في ناميبيا، الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي، والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.

نيتومبو أشارت إلى أنها قد تنحو منحى مختلفاً بعض الشيء عن أسلافها في حزب «سوابو» الذي يحكم ناميبيا منذ استقلالها عن جنوب أفريقيا في عام 1990. وقالت نيتومبو: «لن يكون الأمر كالمعتاد، يجب أن نُجري تحولات جذرية من أجل شعبنا».

لم توضح نيتومبو طبيعة هذه التحولات الجذرية التي تعتزم تنفيذها، وإن أشارت إلى «إصلاح الأراضي، وتوزيع أكثر عدالة للثروة». وبينما يصنف البنك الدولي ناميبيا على أنها دولة ذات «دخل متوسط»، فإنها تعد واحدة من أكثر الدول التي تعاني من عدم المساواة في توزيع الدخل على مستوى العالم، مع ارتفاع مستويات الفقر التي ترجع جزئياً إلى إرث عقود الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء.

ووفق تقرير رسمي من البنك الدولي صدر عام 2021 فإن «43 في المائة من سكان ناميبيا يعيشون فقراً متعدد الأبعاد». وهو مؤشر يأخذ في الاعتبار عوامل عدة إلى جانب الدخل، من بينها الوصول إلى التعليم والخدمات العامة.

ولأن طريق نيتومبو السياسي لم يكن أبداً ممهداً، لم يمر إعلان فوزها بالانتخابات دون انتقادات. وقالت أحزاب المعارضة إنها ستطعن على نتيجة الانتخابات الرئاسية، متحدثةً عن «صعوبات فنية وقمع ضد الناخبين». لكنَّ نيتومبو، المعروفة بين أقرانها بـ«القوة والحزم»، تجاهلت هذه الادعاءات، واحتفلت بالفوز مع أعضاء حزبها، وقالت: «أنا لا أستمع إلى هؤلاء المنتقدين».

نشأة سياسية مبكرة

وُلدت نيتومبو في 29 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1952 في قرية أوناموتاي، شمال ناميبيا، وهي التاسعة بين 13 طفلاً، وكان والدها رجل دين ينتمي إلى الطائفة الأنغليكانية. وفي طفولتها التحقت نيتومبو بمدرسة «القديسة مريم» في أوديبو. ووفق موقع الحزب الحاكم «سوابو» فإن «نيتومبو مسيحية مخلصة»، تؤمن بشعار «قلب واحد وعقل واحد».

في ذلك الوقت، كانت ناميبيا تعرف باسم جنوب غرب أفريقيا، وكان شعبها تحت الاحتلال من دولة «جنوب أفريقيا»، مما دفع نيتومبو إلى الانخراط في العمل السياسي، والانضمام إلى «سوابو» التي كانت آنذاك حركة تحرير تناضل ضد سيطرة الأقلية البيضاء، لتبدأ رحلتها السياسية وهي في الرابعة عشرة من عمرها.

في تلك السن الصغيرة، أصبحت نيتومبو ناشطة سياسية، وقائدة لرابطة الشباب في «سوابو»، وهو ما أهّلها فيما بعد لتولي مناصب سياسية وقيادية، لكنها تقول إنها آنذاك «كانت مهتمة فقط بتحرير بلدها من الاحتلال»، مشيرةً في حوار مصوَّر نُشر عبر صفحتها على «فيسبوك» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن «السياسة جاءت فقط بسبب الظروف، التي لو اختلفت ربما كنت أصبحت عالمة».

شاركت نيتومبو في حملة «ضد الجَلْد العلنيّ»، الذي كان شائعاً في ظل نظام الفصل العنصري، وكان نشاطها السياسي سبباً في إلقاء القبض عليها واحتجازها، عدة أشهر عام 1973، وهي ما زالت طالبة في المرحلة الثانوية. ونتيجة ما تعرضت له من قمع واضطهاد، فرَّت نيتومبو إلى المنفى عام 1974، وانضمت إلى أعضاء «سوابو» الآخرين هناك، واستكملت نضالها ضد الاحتلال من زامبيا وتنزانيا، قبل أن تنتقل إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراستها.

تدرجت نيتومبو في مناصب عدة داخل «سوابو»، فكانت عضواً في اللجنة المركزية للحركة من عام 1976 إلى عام 1986، والممثلة الرئيسية للحركة في لوساكا من عام 1978 إلى عام 1980. والممثلة الرئيسية لشرق أفريقيا، ومقرها في دار السلام من عام 1980 إلى عام 1986.

درست نيتومبو في كلية غلاسكو للتكنولوجيا، وحصلت على دبلوم في الإدارة العامة والتنمية عام 1987، ودبلوم العلاقات الدولية عام 1988، ودرجة الماجستير في الدراسات الدبلوماسية عام 1989 من جامعة كيل في المملكة المتحدة، كما حصلت على دبلوم في عمل وممارسة رابطة الشبيبة الشيوعية التابعة للاتحاد السوفياتي، من مدرسة «لينين كومسومول العليا» في موسكو.

ونالت الكثير من الأوسمة، من بينها وسام النسر الناميبي، ووسام «فرانسيسكو دي ميراندا بريميرا كلاس» من فنزويلا، والدكتوراه الفخرية من جامعة دار السلام بتنزانيا.

تزوجت نيتومبو عام 1983 من إيبافراس دينجا ندايتواه، وكان آنذاك شخصية بارزة في الجناح المسلح لجيش التحرير الشعبي في ناميبيا التابع لـ«سوابو»، وتولى عام 2011 منصب قائد قوات الدفاع الناميبية، وظل في المنصب حتى تقاعده في عام 2013، ولديها ثلاثة أبناء.

العودة بعد الاستقلال

بعد 14 عاماً من فرار نيتومبو إلى المنفى، وتحديداً في عام 1988، وافقت جنوب أفريقيا على استقلال ناميبيا، لتعود نيتومبو إلى وطنها، عضوة في حزب «سوابو» الذي يدير البلاد منذ الاستقلال.

تدرجت نيتومبو في المناصب وشغلت أدواراً وزارية عدة، في الشؤون الخارجية والسياحة ورعاية الطفل والمعلومات. وعُرفت بدفاعها عن حقوق المرأة.

وعام 2002 دفعت بقانون عن العنف المنزلي إلى «الجمعية الوطنية»، وهو القانون الذي يعد أحد أبرز إنجازاتها، حيث دافعت عنه بشدة ضد انتقادات زملائها، ونقلت عنها وسائل إعلام ناميبية في تلك الفترة تأكيدها أن الدستور يُدين التمييز على أساس الجنس.

وواصلت صعودها السياسي، وفي فبراير (شباط) من العام الماضي، أصبحت نائبة رئيس ناميبيا. كانت أول امرأة تشغل مقعد نائب رئيس حزب «سوابو» بعدما انتخبها مؤتمر الحزب في عام 2017 وأعيد انتخابها في مؤتمر الحزب نوفمبر 2022، مما أهَّلها لتكون مرشحة الحزب للرئاسة عام 2024، خلفاً للرئيس الحاج جينجوب، الذي توفي خلال العام الماضي، وتولى رئاسة البلاد مؤقتاً نانجولو مبومبا.

صعوبات وتحديات

لم تكن مسيرة نيتومبو السياسية مفروشة بالورود، إذ اتُّهمت في فترة من الفترات بدعم فصيل منشق في حزب «سوابو» كان يسعى لخلافة سام نجوما أول رئيس لناميبيا بعد الاستقلال، لكنها سرعان ما تجاوزت الأزمة بدعم من هيفيكيبوني بوهامبا، خليفة نجوما.

يصفها أقرانها بأنها قادرة على التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة غير صدامية. خلال حياتها السياسية التي امتدّت لأكثر من نصف قرن أظهرت نيتومبو أسلوباً عملياً متواضعاً في القيادة، ولم تتورط -حسب مراقبين- في فضائح فساد، مما يمنحها مصداقية في معالجة مثل هذه الأمور، لكنَّ انتماءها منذ الطفولة إلى «سوابو»، وعملها لسنوات من خلاله، لا ينبئ بتغييرات سياسية حادة في إدارة البلاد، وإن تعهَّدت نيتومبو بذلك.

ويرى مراقبون أنها «لن تبتعد كثيراً عن طريق الحزب، ولن يشكل وجودها على سدة الحكم دعماً أكبر للمرأة». وأشاروا إلى أن نيتومبو التي كانت رئيسة المنظمة الوطنية الناميبية للمرأة (1991-1994)، والمقررة العامة للمؤتمر العالمي الرابع المعنيّ بالمرأة في عام 1995 في بكين، ووزيرة شؤون المرأة ورعاية الطفل 2000-2005، «لا يمكن وصفها بأنها نسوية، وإن دافعت عن بعض حقوق النساء».

خلال الانتخابات قدمت نيتومبو نفسها بوصفها «صوتاً حازماً يتمحور حول الناس، وزعيمة سياسية وطنية، مخلصة للوحدة الأفريقية، مناصرةً لحقوق المرأة والطفل والسلام والأمن والبيئة»، وتبنت خطاباً يضع الأوضاع المعيشية في قمة الأولويات، متعهدةً بـ«خلق 250 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة» ليتصدر هذا التعهد وسائل الإعلام الناميبية، لكن أحداً لا يعرف إن كانت ستنجح في تنفيذ تعهدها أم لا.

تبدأ نيتومبو فترة حكمها بصراعات سياسية مع أحزاب المعارضة التي انتقدت نتيجة الانتخابات التي جعلتها رئيسة لناميبيا، تزامناً مع استمرار تراجع شعبية الحزب الحاكم. وفي الوقت نفسه تواجه نيتومبو عقبات داخلية في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها نحو نصف السكان، مما يجعل مراقبون يرون أنها أمام «مهمة ليست بالسهلة، وأن عليها الاستعداد للعواصف».

ويندهوك عاصمة ناميبيا (أدوب ستوك)

حقائق

ناميبيا بلد الماس... و43% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر

في أقصى جنوب غربي القارة الأفريقية تقع دولة ناميبيا التي تمتلك ثروات معدنية كبيرة، بينما يعيش ما يقرب من نصف سكانها فقراً متعدد الأبعاد.ورغم مساحة ناميبيا الشاسعة، فإن عدد سكانها لا يتجاوز 3 ملايين نسمة؛ ما يجعلها من أقل البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، كما أن بيئتها القاسية والقاحلة تصعّب المعيشة فيها. ومن الجدير بالذكر أن البلاد هي موطن صحراء كالاهاري وناميب.وفقاً لموقع حكومة ناميبيا، فإن تاريخ البلاد محفور في لوحات صخرية في الجنوب، «يعود بعضها إلى 26000 عام قبل الميلاد»، حيث استوطنت مجموعات عرقية مختلفة، بينها «سان يوشمن»، و«البانتو» وأخيراً قبائل «الهيمبا» و«هيريرو» و«ناما»، أرض ناميبيا الوعرة منذ آلاف السنين.ولأن ناميبيا كانت من أكثر السواحل القاحلة في أفريقيا؛ لم يبدأ المستكشفون وصيادو العاج والمنقبون والمبشرون بالقدوم إليها؛ إلا في منتصف القرن التاسع عشر، لتظل البلاد بمنأى عن اهتمام القوى الأوروبية إلى حدٍ كبير حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما استعمرتها ألمانيا، بحسب موقع الحكومة الناميبية.سيطرت ألمانيا على المنطقة التي أطلقت عليها اسم جنوب غربي أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، وأدى اكتشاف الماس في عام 1908 إلى تدفق الأوروبيين إلى البلاد، وتعدّ ناميبيا واحدة من أكبر 10 دول منتجة للماس الخام في العالم، وتنتج وفق التقديرات الدولية نحو مليونَي قيراط سنوياً.شاب فترة الاستعمار صراعات عدة، وتمرد من السكان ضد المستعمر، تسبَّبا في موت عدد كبير، لا سيما مع إنشاء ألمانيا معسكرات اعتقال للسكان الأصليين، وعام 1994 اعتذرت الحكومة الألمانية عن «الإبادة الجماعية» خلال فترة الاستعمار.ظلت ألمانيا تسيطر على ناميبيا، التي كانت تسمى وقتها «جنوب غربي أفريقيا» حتى الحرب العالمية الأولى، التي انتهت باستسلام ألمانيا، لتنتقل ناميبيا إلى تبعية جنوب أفريقيا، فيما تعتبره الدولة «مقايضة تجربة استعمارية بأخرى»، وفق موقع الحكومة الناميبية.في عام 1966، شنَّت المنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا (سوابو)، حرب تحرير، وناضلت من أجل الاستقلال، حتى وافقت جنوب أفريقيا في عام 1988 على إنهاء إدارة الفصل العنصري. وبعد إجراء الانتخابات الديمقراطية في عام 1989، أصبحت ناميبيا دولة مستقلة في 21 مارس (آذار) 1990، وأصبح سام نجوما أول رئيس للبلاد التي ما زال يحكمها حزب «سوابو». وشجعت المصالحة بين الأعراق السكان البيض في البلاد على البقاء، وما زالوا يلعبون دوراً رئيسياً في الزراعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى.وتعد ناميبيا دولة ذات كثافة سكانية منخفضة، حيث يعيش على مساحتها البالغة 824 ألف متر مربع، نحو ثلاثة ملايين نسمة. ويشير البنك الدولي، في تقرير نشره عام 2021، إلى أن ناميبيا «دولة ذات دخل متوسط»، لكنها تحتل المركز الثالث بين دول العالم من حيث عدم المساواة في توزيع الدخل، حيث يمتلك 6 في المائة فقط من السكان نحو 70 في المائة من الأملاك في البلاد، وتعيش نسبة 43 في المائة من سكان ناميبيا في «فقر متعدد الأبعاد». وتدير ثروات البلاد الطبيعية من الماس والمعادن شركات أجنبية.وتمتلك ناميبيا ثروة برية كبيرة، لكنها تعاني بين الحين والآخر موجات جفاف، كان آخرها الصيف الماضي، ما اضطرّ الحكومة إلى ذبح أكثر من 700 حيوان بري من أجناس مختلفة، بينها أفراس نهر، وفيلة، وجواميس وحمير وحشية، وهو إجراء ووجه بانتقادات من جانب جمعيات البيئة والرفق بالحيوان، لكن حكومة ناميبيا دافعت عن سياستها، مؤكدة أنها تستهدف «إطعام السكان الذين يعانون الجوع جراء أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود».ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منتصف العام الحالي، فإن «نحو 1.4 مليون ناميبي، أي أكثر من نصف السكان، يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، مع انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 53 في المائة ومستويات مياه السدود بنسبة 70 في المائة مقارنة بالعام الماضي».