معبر رفح... «شريان حياة» غزة المتخثر

إرادة مصرية لتوظيفه إنسانياً... وإسرائيل تريده باب «خروج بلا عودة»

معبر رفح ... أهمية استراتيجية وضرورة إنسانية (آف ب)
معبر رفح ... أهمية استراتيجية وضرورة إنسانية (آف ب)
TT

معبر رفح... «شريان حياة» غزة المتخثر

معبر رفح ... أهمية استراتيجية وضرورة إنسانية (آف ب)
معبر رفح ... أهمية استراتيجية وضرورة إنسانية (آف ب)

تريد مصر، ومعها دول عدة، معبر رفح مساراً منتظماً لإنقاذ سكان القطاع ودعم صمودهم على أراضيهم، عبر إدخال مساعدات إغاثية بكميات وأنواع تعين أبناء أكبر مناطق العالم ازدحاماً سكانياً على تحدي إجراءات القتل اليومي والحصار الخانق التي تمارسها بحقهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وفي المقابل، لا تخفي إسرائيل - أو على الأقل قطاعات نافذة فيها - رغبتها في أن يكون عمل ذلك المعبر في اتجاه واحد فقط، يخرج منه سكان غزة بلا عودة، فيما العراقيل والعقبات، بذرائع أمنية غالباً، كفيلة بتعطيل حركة الدخول، وتحويل المعبر إلى شريان متخثر. وهذا «الشريان» لا يمنح غزة حياة ينتظرها الملايين وراء أسوار المعبر الوحيد الذي لا تسيطر عليه سلطات الاحتلال رسمياً، لكنها قادرة على تعطيل الجانب الفلسطيني منه بسلطة الأمر الواقع، وقد فعلت مراراً. وما بين الموقفين، يتردد اسم معبر رفح على ألسنة الساسة والنشطاء، وأولئك الذين يتابعون الأحداث عبر شاشات التلفزيون. وجُل هؤلاء، وإن كانوا لا يستوعبون كثيراً تعقيدات السياسة والاتفاقات القانونية التي تحكم عمل المعبر، يأملون بنية صادقة أن يروا أبوابه مفتوحة في الجانبين، تحمل آمالاً بيضاء لسكان غزة بقرب انتهاء آلامهم الدامية، بعدما اختزلت الأسابيع الماضية اللون الأبيض في عيونهم في لون الأكفان.

معبر... له تاريخ

صنعت المعارك العربية الإسرائيلية، وكذلك تحولات السياسة، تاريخ معبر رفح. وعقب انتهاء حرب فلسطين الأولى عام 1948 ألغيت الحدود بين مصر وغزة، وخضعت المنطقة للسيطرة المصرية. إلا أن إسرائيل عادت لاحتلال المنطقة مع شبه جزيرة سيناء في 1967، وبذلت يومذاك محاولات لتهجير سكان القطاع وتوطينهم في سيناء، إلا أن تلك المحاولات لم تحرز إلا نجاحاً محدوداً.

وبعد توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 وانسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء عام 1982، أعيد بناء «معبر رفح البري» رسمياً. ثم بموجب «اتفاقية أوسلو» عام 1993 اتفق على إعادة فتح المعبر للأفراد والبضائع. في حينه بقي الجانب الواقع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت سيطرة هيئة المطارات الإسرائيلية حتى نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2005، عندما قررت سلطات الاحتلال «إعادة الانتشار» والخروج من القطاع وإغلاق مستوطناتها فيه. وأقرّ الاتفاق نشر مراقبين أوروبيين لمراقبة حركة المعبر بمشاركة مصر، فنصت اتفاقية المعابر الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية عام 2005 على أن «يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري، بما لا يمس الأمن الإسرائيلي».

وفقاً للاتفاقية، ينحصر استخدام المعبر على حاملي بطاقة الهوية الفلسطينية مع استثناء لغيرهم أحياناً، بإشعار مسبق للحكومة الإسرائيلية وموافقة الجهات العليا في السلطة الفلسطينية، بينما تم تحويل كل حركة البضائع إلى معبر كرم أبو سالم الحدودي. وتُعلم السلطة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية حول عبور شخص من الشرائح المتوقعة؛ الدبلوماسيين والمستثمرين الأجانب والممثلين الأجانب لهيئات دولية معترف بها، والحالات الإنسانية، وذلك قبل 48 ساعة من عبورهم. وترد الحكومة الإسرائيلية خلال 24 ساعة في حالة وجود أي اعتراضات مع ذكر أسباب الاعتراض.

في يوم 27 نوفمبر 2005، بدأ العمل باتفاقية المعابر، وفُتح المعبر بشكل جزئي بين 4 و5 ساعات في اليوم، لمدة 3 أسابيع، بحجة عدم استكمال أفراد بعثة المساعدة الحدودية للاتحاد الأوروبي. وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2005، زيد عدد ساعات العمل إلى 8 ساعات يومياً. لكن المعبر الذي أدت تفاهمات السياسة إلى تشغيله، أعادت المواجهات العسكرية إغلاقه. وفي 25 يونيو (حزيران) 2006، صعّدت إسرائيل حصارها على غزة بصورة غير مسبوقة عقب وقوع الجندي جلعاد شاليط في أسر 3 مجموعات فلسطينية مسلحة عند معبر كرم أبو سالم، وكان إغلاق الجانب الفلسطيني من معبر رفح ضمن الردود والضغوط الإسرائيلية على الفلسطينيين لإطلاق سراح الجندي الأسير.

صفحة مليئة بالارتباك

في أعقاب سيطرة حركة «حماس» على غزة في يونيو 2007، كان معبر رفح على موعد مع صفحة جديدة مليئة بالارتباك والخلافات والتغييرات الإدارية بشأن من يتحكم في المعبر ويسيطر عليه. إذ عارضت «حماس» مشاركة إسرائيل في تشغيل المعبر، كما توقفت الرقابة الأوروبية بسبب غياب قوات السلطة الفلسطينية، ورفض الأوروبيين التعامل مع الموظفين المحسوبين على «حماس»، الأمر الذي أدى إلى إبقاء المعبر مغلقاً.

«حماس» من جهتها طالبت بفتح معبر رفح دون قيد أو شرط، وجعلت ذلك أحد شروط التهدئة مع إسرائيل أو الدخول في مصالحة مع السلطة، في حين اعتبرت مصر أن المعبر في ظل غياب السلطة الفلسطينية والرقابة الأوروبية لا تتوافر فيه الشروط الواردة في الاتفاق، ومن ثم اعتبرت نفسها في حِلٍ من تشغيله بشكل طبيعي.

وعلى مدى سنوات ما قبل 2011، تحول المعبر إلى ورقة ضغط متبادلة، يحاول كل طرف توظيفها لخدمة سياساته، لكن مصر عادة ما كانت تفتح المعبر للحالات الإنسانية أثناء المواجهات بين إسرائيل وغزة، بما في ذلك دخول المساعدات الإنسانية، واستقبال الجرحى والمصابين.

في لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ورئيس وحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، إن التعامل المصري مع معبر رفح يخضع لاعتبارين أساسيين؛ الاعتبار الأول هو ممارسة السيادة الكاملة على الجانب المصري، وهذه مسألة «لا جدال فيها قانونياً أو سياسياً»، فإدارة الجانب المصري من المعبر «قرار سيادي تحكمه اعتبارات حماية الأمن القومي المصري في الأساس». والاعتبار الثاني كان التزام مصر بتعهداتها الدولية فيما يخصها من اتفاقيات المعابر التي تنظم الحركة على الجانب الفلسطيني من المعبر.

وأضاف فهمي أن مصر لم تتوانَ في أي وقت، رغم توتر العلاقة مع «حماس» أحياناً، في تسهيل الدخول والخروج من المعبر للحالات الإنسانية، ولدعم القطاع بالمساعدات، لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن «غياب» إسرائيل بشكل رسمي على الجانب الفلسطيني من المعبر لا يعني انتفاء تأثيرها. ومن هنا تأتي أهمية التفاهمات الدولية التي تنظم حركة الدخول من المعبر وإليه. وهذا أحد الأسباب التي دفعت القاهرة إلى إجراء اتصالات مكثفة لتأمين حركة دخول المساعدات إلى القطاع عقب عملية «طوفان الأقصى»... إذ إن إسرائيل تستطيع عرقلة الحركة على الجانب الآخر، وقد قصفت بالفعل البوابة الفلسطينية عدة مرات، ولم تتوقف عن ذلك إلا عقب اتصالات مصرية وتفاهمات أميركية.

الهروب تحت الأرض

على مدى سنوات، حتى قبل سيطرة «حماس» على قطاع غزة، سعى الفلسطينيون إلى إيجاد وسيلة لتدبير احتياجاتهم، يتحكمون فيها ولا تتحكم هي فيهم، حتى لو كان ذلك البديل «تحت الأرض»، وهذا يعني ترك ما فوق الأرض لتعقيدات السياسة والقانون. وهكذا، وضع الغزيون «قانون الأنفاق»، وتحولت التجارة والتهريب عبرها إلى حركة نشطة ومصدر رزق لكثيرين على الجانبين، بيد أنها صارت لاحقاً أحد أخطر مصادر تهديد الأمن القومي المصري.

كثير من الوقائع رافقت أحداث 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، ومنها ما أشارت إليه تقارير إعلامية مصرية عن مشاركة عناصر من حركة «حماس» في الهجوم على السجون المصرية، وتهريب كثير من العناصر المطلوبة أمنياً عبر الأنفاق، بل وصول كثير من السيارات المصرية المسروقة خلال فترة الانفلات الأمني آنذاك عبر الأنفاق إلى قطاع غزة. ولكن مع هذا قررت السلطات المصرية فتح المعبر بشكل دائم اعتباراً من مايو (أيار) من ذلك العام. وبالفعل، وصلت مدة عمل المعبر في تلك الفترة إلى 6 ساعات يومياً، مع فرض إجراءات صارمة في المراقبة وضبط الحركة على الجانب المصري.

إلا أن ظهور خطر التنظيمات الإرهابية كان واحداً من المخاطر الكبرى التي دفعت بالسلطات المصرية إلى التعامل بحزم مع الأنفاق، التي باتت «شريان حياة» لتنظيمات إرهابية تدبر احتياجاتها البشرية ومن الأسلحة عبر شبكة معقدة من الأنفاق السرّية. وفي شهر يوليو (تموز) عام 2013 أغلق المعبر لدواعٍ أمنية، بالإضافة إلى استخدام حلول هندسية لإعادة تأمين المنطقة بالكامل والقضاء تماماً على خطر الأنفاق. ورغم الآمال الكبيرة التي عقدها الفلسطينيون على إمكانية انتظام الحركة من خلال معبر رفح، عقب توقيع حركتي «فتح» و«حماس» في القاهرة اتفاق مصالحة في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، والنص على تسلم السلطة الفلسطينية إدارة القطاع سعياً لإنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ منتصف 2007، بددت عودة الخلاف والانقسام تلك الآمال، ما حال دون تطبيق الاتفاق.

مع ذلك أبدت مصر التزاماً من جانبها بفتح المعبر أمام الأفراد الحاصلين على «تصريح أمني» مع إلزامية الخضوع لعمليات تفتيش. ووفقاً للأمم المتحدة، سمحت السلطات المصرية في أغسطس (آب) 2023، بمغادرة 19608 مسافرين من غزة، ورفضت دخول 314 شخصاً عبر المعبر باتجاه مصر. واستخدمت مصر المعبر في إدخال المعدات ومواد البناء اللازمة لعملية إعادة إعمار غزة، التي أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم 18 مايو 2021، معلناً عن تبرع القاهرة بمبلغ 500 مليون دولار لعمليات إعادة الإعمار بالقطاع، بعد نجاح مصر في التهدئة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي. وأدخلت مصر حينذاك في مشهد احتفالي المعدات والشاحنات التي تحمل مواد البناء المختلفة عن طريق معبر رفح للقيام بعمليات التشييد لأحياء سكنية كاملة.

ما بعد الـ«طوفان»

لأن ما قبل يوم 7 أكتوبر، الذي شهد تنفيذ عملية «طوفان الأقصى»، ليس كما بعده، صار معبر رفح جزءاً من الحدث وصناعة التاريخ. فقبل هجوم «حماس» كانت السلع تدخل إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، الذي تديره إسرائيل، لكن منذ اندلاع الحرب، أغلقت تل أبيب كل معابرها مع القطاع، في محاولة لخنق غزة، التي لا يخفي قادة الدولة العبرية رغبتهم القديمة المتجددة، في أن يبتلعها البحر. وفعلاً، قرّروا هذه المرة أن يمطروا قطاع غزة كله بآلاف الأطنان من المتفجرات، في محاولة لدفع سكانه إلى النزوح نحو الجنوب نحو الحدود المصرية، وفيها معبر رفح، الذي أضحى الشريان الوحيد لبقاء سكان القطاع على قيد الحياة.

ولأن إسرائيل تدرك أنه لن يبقى للفلسطينيين سوى معبر رفح للبقاء على قيد الحياة، قصفت جانبه الفلسطيني عدة مرات، وأعلنت مصر في الأيام الأولى من الحرب أن «المعبر مفتوح، لكن لا يمكن استخدامه بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل، وتدمير البنية التحتية للبوابة للجانب الآخر منه». وعلى سبيل المثال، في 10 أكتوبر قصف جيش الاحتلال منطقة المعبر من جانب غزة 3 مرات خلال يوم واحد.

وعبر سيل من الاتصالات السياسية والضغوط المتبادلة، عرفت شاحنات المساعدات المتكدسة أمام المعبر طريقها للمرة الأولى إلى القطاع في 21 أكتوبر الماضي. ورغم المعوقات الإسرائيلية، التي انتقدتها مصر أكثر من مرة، بقي دخول بضع عشرات من الشاحنات إلى القطاع الذي كانت تصله، وفق تقديرات الأمم المتحدة، نحو 500 شاحنة يومياً، رمزاً لمقاومة حصار إسرائيلي خانق ومساعٍ لا تهدأ من أجل دفع سكان القطاع إلى الهروب من جحيم القصف وسوء المعيشة، بينما لم تدخل أي شاحنة وقود سوى بعد أكثر من 40 يوماً من بداية العدوان الإسرائيلي.

في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، اعتبر السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري سابقاً، معبر رفح «جزءاً من حقائق التاريخ والجغرافيا التي تفرض على مصر التزامات إنسانية وقومية تجاه الشعب الفلسطيني». وأردف أن الموقف المصري بتسخير المعبر لدعم صمود الشعب الفلسطيني يجسد هذه الثوابت، لكنه «يعكس كذلك دوراً لا غنى في حماية الأمن القومي المصري، وبخاصة في مواجهة مخططات تهجير الفلسطينيين الراهنة».

ويرى هريدي أن التحرك المصري سياسياً ودبلوماسياً للدفع باتجاه حشد الدعم الدولي عبر معبر رفح يمثل «وسيلة ضرورية» لمواجهة المحاولات الإسرائيلية لدفع سكان غزة إلى النزوح من أراضيهم تحت وطأة الأعمال العسكرية الوحشية ضد المدنيين، أو عبر قطع الخدمات بحيث تستحيل الحياة، ويندفعون نحو الحدود المصرية. وشدد على ضرورة الضغط من أجل زيادة المساعدات كماً ونوعاً، ومنع سلطة الاحتلال من تنفيذ مخططها بإحكام الحصار على القطاع. تحول معبر رفح إلى «شريان حياة» لإنقاذ أكثر من مليوني فلسطيني


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: ما المنتظر عقب موافقة «حماس» على «لجنة إدارة القطاع»؟

تحليل إخباري دخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: ما المنتظر عقب موافقة «حماس» على «لجنة إدارة القطاع»؟

موافقة حركة «حماس» على تشكيل «لجنة إدارة قطاع غزة»، بعد جولات ماراثونية على مدار نحو شهرين في القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو وإلى جانبه نجله يائير (أرشيفية - أ.ب) play-circle 01:39

فيديو لنجل نتنياهو «يغزو» شبكات التواصل الاجتماعي

فيديو مصنوع بالذكاء الاصطناعي يظهر فيه نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير بنيامين نتنياهو، وكأنه من المحتجَزين، وهو يوجِّه نداء استغاثة لوالده.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري أطفال يبكون بسبب مقتل أفراد من أسرهم في غارة إسرائيلية قرب مستشفى ناصر جنوب قطاع غزة (رويترز)

تحليل إخباري ​ما فرص الوسطاء لإقرار «هدنة» في غزة قبل تنصيب ترمب؟

الحديث عن «مقترح مصري» لإبرام هدنة في قطاع غزة يتواصل في دوائر إعلامية إسرائيلية وأميركية يقابله إعلان «حماس» قبول مقترح القاهرة بشأن «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

نتنياهو يبدي «جدية» هذه المرة في التوصل إلى اتفاق في غزة

أفادت مصادر سياسية مقربة من الحكومة بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يظهر جدية لأول مرة في المفاوضات بشأن صفقة تبادل أسرى مع «حماس».

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رجل يختبئ خلف عمود بينما ينتشر الدخان والغبار نتيجة انفجار خلال غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة في غزة (أ.ف.ب)

إسرائيل سلمت «حماس» اقتراحاً محدثاً بشأن صفقة غزة... ماذا يتضمن؟

قال مسؤولان إسرائيليان إن إسرائيل قدمت لـ«حماس» اقتراحاً محدثاً لاتفاق إطلاق سراح بعض الرهائن المائة المتبقين الذين تحتجزهم «حماس» وبدء وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».