تونس تفتح «ماراثوناً» انتخابياً جديداً

السلطات مستفيدة من الانقسامات داخل الأحزاب السياسية


الرئيس قيس سعيّد ... يفتتح الحملة الانتخابية تحت اولويات طي صفحة النُّخَب ومكافحة الفساد (رويترز)
الرئيس قيس سعيّد ... يفتتح الحملة الانتخابية تحت اولويات طي صفحة النُّخَب ومكافحة الفساد (رويترز)
TT

تونس تفتح «ماراثوناً» انتخابياً جديداً


الرئيس قيس سعيّد ... يفتتح الحملة الانتخابية تحت اولويات طي صفحة النُّخَب ومكافحة الفساد (رويترز)
الرئيس قيس سعيّد ... يفتتح الحملة الانتخابية تحت اولويات طي صفحة النُّخَب ومكافحة الفساد (رويترز)

انطلق في تونس موسم انتخابي جديد، من المقرر أن يبدأ خلال الأسابيع المقبلة بسلسلة من عمليات الاقتراع تمهيدا لاختيار «الغرفة الثانية للبرلمان» ومجالس محلية وجهوية وإقليمية تشارك في تسيير البلاد مع ممثلي السلطات المركزية للدولة. ومن المقرر أن يتوج هذا المسار في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل بتنظيم الانتخابات الرئاسية التي ينص الدستور على وجوب تنظيمها خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الدورة الرئاسية المنتهية، وكانت الدورة الحالية بدأت في أكتوبر 2019. إلا أن «العام الانتخابي» انطلق هذه المرة في أجواء مشهد سياسي غير متوازن وأوضاع استثنائية، كما رأت البرلمانية والقيادية في حزب «قلب تونس» سميرة الشواشي في تصريح لـ«الشرق الأوسط». الشواشي سجلت أن «السنة السياسية والانتخابية الجديدة تنطلق في ظل تعاقب إضرابات الجوع السياسية واعتصامات عائلات المساجين السياسيين، وفي ظل أزمة اقتصادية اجتماعية سياسية أمنية شاملة غير مسبوقة»، من أبرز ملامحها إيقافات وقرارات إحالة إلى المحاكم ضد رجال أعمال بارزين ومسؤولين سابقين في السلطة وزعماء سياسيين ومستقلين وشخصيات حزبية من عدة تيارات.

تعقّد الوضع في تونس بعد التجاذبات السياسية بين السلطة ومعارضيها في أعقاب التصعيد العسكري والسياسي في المشرق العربي يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وعملية «طوفان الأقصى». وتغيّرت التحالفات السياسية بسرعة داخل الأوساط المساندة للسلطة ومعارضيها منذ شملت الاعتقالات والإحالات إلى القضاء عبير موسي، زعيمة «الحزب الدستوري الحر» والقيادية في الحزب الحاكم في عهد الرئيس زين العابدين بن علي، ورؤساء بنوك وشركات عملاقة بينهم رجل الأعمال الكبير مروان مبروك - صهر بن علي - ومقرّبين منه.

وازداد المشهد غموضاً بعدما صدرت قرارات بتمديد حبس عشرات من المعتقلين بشبهة «التآمر على أمن الدولة» بينهم ضباط سابقون في الأمن وشخصيات مستقلة ووزراء سابقون وقياديون بارزون في حزب النهضة و«جبهة الخلاص الوطني» المعارضة. وشملت أيضا بعض زعامات من اليسار المعتدل والتيار الليبيرالي، ممن كانوا في صدارة المشهد في السلطة والمعارضة بعد منعرج يناير (كانون الثاني) 2011، مثل عصام الشابي زعيم الحزب الجمهوري اليساري - العروبي ورضا بالحاج زعيم حزب «أمل» والمستشار الأبرز للباجي قائد السبسي وأستاذ القانون الدستوري والناشط الحقوقي اليساري وغازي الشواشي الوزير السابق وزعيم حزب التيار الديمقراطي اليساري.

في هذا المناخ تساءل بعض السياسيين والإعلاميين والمراقبين عن «الصبغة الاستثنائية» للمسار الانتخابي والسياسي الحالي، وإن كان سيتوّج فعلاً بتنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها خلال سنة.

الاستغناء عن رموز المنظومات القديمة

المشهد السياسي والانتخابي ارتبك أكثر بعد اعتقال زعيمة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي، التي تعدّ من أكثر السياسيين حدة في معارضة الرئيس قيس سعيّد وأنصاره منذ 2019.

هذا التطور طرح نقاط استفهام جديدة داخل النخب التونسية والمراقبين حول المسار الانتخابي والسياسي الجديد، الذي قد يجد معارضة، وكذلك من قبل الموالين للنظام الحاكم قبل 2011 وخصوم أحزاب الإسلام السياسي، على حد تعبير القاضي الإداري السابق والحقوقي أحمد صواب. ولم يستبعد فوزي عبد الرحمن، الوزير السابق والأمين العام السابق لحزب «آفاق» الليبيرالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تؤدي الاعتقالات والتحقيقات القضائية مع شخصيات سياسية وحقوقية ومع بعض كبار رجال الأعمال إلى «إقصاء أبرز أغلب المعارضين، بمن فيهم أكثر الأحزاب اليسارية واليمينية عداء لقيادة حركة النهضة الإسلامية وللأطراف السياسية التي شاركت في حكم البلاد بعد 2011، بزعامة الرئيسين السابقين المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي، ورؤساء الحكومات السابقة يوسف الشاهد والحبيب الصيد والمهدي جمعة وإلياس الفخفاخ».

لا وسطاء بين السلطة والشعب

إلا أن المتابع لتطور مواقف قيس سعيّد، قبل انتخابه في أكتوبر 2019 وبعد وصوله إلى قصر قرطاج، يلاحظ أن من بين «الثوابت» بالنسبة إليه التقليل من «دور القوى الوسيطة» بين السلطة والشعب، وفق تصريح للأكاديمي والحقوقي الجامعي شاكر الحوكي لـ«الشرق الأوسط». أما الأكاديمي حمادي الرديسي فقال لـ«الشرق الأوسط» إنه أعد هو ونخبة من الباحثين في العلوم السياسية دراسات معمقة نشرت في كتابين عن الخطاب السياسي للرئيس سعيّد والمقربين منه ومعارضيه. واستنتج الرديسي ورفاقه أن بين «المسلّمات» بالنسبة إلى سعيّد وأنصاره تجاهل دور المنظمات غير الحكومية والأحزاب والقوى الوسيطة بين السلطة والشعب، على غرار كل الأطراف السياسية اليمينية واليسارية التي تتبنّى منذ القرن الـ19 مقولات «شعبوية».

وفي السياق ذاته، فسّرت الخبيرة في القانون الدستوري سناء بن عاشور «تقليل» قيس سعيّد وأنصاره دور قيادات المنظمات والنقابات والأحزاب النخب الحاكمة والمعارضة، باقتناعهم أنها فشلت في تحقيق التنمية والاستثمار وفي القضاء على البطالة منذ استقلال تونس عن فرنسا عام 1956 ثم بعد يناير 2011. وللعلم، كان سعيّد قد اتهم مراراً «كل النُّخَب القديمة» بالفشل والفساد، ووصف السنوات العشر بعد 2011 بـ«عشرية الخراب» و«العشرية السوداء» و«عشرية العبث». وعاد أخيراً إلى توجيه انتقادات لاذعة لهذه النُّخَب بسبب تحالفاتها «المشبوهة» مع قيادات «حركة النهضة» ومع زعيمها راشد الغنوشي «وهي التي نظمت اعتصامات أمام البرلمان في 2013 لإسقاط حكومتهم... وذكر بأنهم كانوا يرفعون شعارات ضده تصفه بـ(السفاح)».

ابراهيم بو دربالة (آ ف ب)

الجمهورية الجديدة

من جهة أخرى، تعيش تونس منذ «القرارات الاستثنائية» الصادرة عن قصر الرئاسة بقرطاج، يوم 25 يوليو (تموز) 2021، ما وصف بحملات «تطهير مؤسسات الدولة والإدارة ووسائل الإعلام».

وحقاً، أعلنت مصادر حكومية وإعلامية تونسية عن إعادة فتح ملفات نحو مائتي ألف موظف في الحكومة وفي قطاعات الأمن والجيش كانوا قد وُظّفوا بعد 2011. في حين ذكر الرئيس سعيّد أن التقارير تفيد بأن نسبة منهم من «حاملي الشهادات المزيفة» أو عينتهم الأحزاب التي كانت تحكم البلاد. وكذلك أعلنت السلطات منذ ذلك التاريخ عن تغييرات شاملة على رأس معظم المؤسسات الرسمية من الحكومة والبرلمان إلى القضاء والإعلام والإدارات الجهوية والمحلية. وحُلّت المجالس البلدية ضمن مسار وصفه أنصار الرئيس بـ«بناء الجمهورية الجديدة».

ومن ثم، ترى المحامية والناشطة الحقوقية دليلة مصدق اعتقال عبير موسي والتحقيق معها ومع بعض أنصارها جاءا «في المسار نفسه الذي بدأ منذ قرارات حل البرلمان والحكومة والمجلس الأعلى للقضاء قبل سنتين». وكانت القرارات ذاتها، حسب المحامي اليساري ووزير حقوق الإنسان سابقا العياشي الهمامي، قد مهّدت منذ فبراير (شباط) الماضي لحملات الاعتقالات والمحاكمات والتحقيقات الأمنية والقضائية مع رجال أعمال وإداريين متهمين بالفساد ومع سياسيين معارضين من أحزاب اليمين واليسار، ضمن «أكثر من 10 ملفات تآمر على أمن الدولة».

ولقد فسّر المسار رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة المحامي أحمد نجيب الشابي والناشط الحقوقي اليساري عز الدين الحزقي، خلال مؤتمر صحافي، بوجود «إرادة لطي صفحة كل النخب القديمة» و«المعارضين السياسيين القدامى»، تأهباً لتنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة في أكتوبر 2024. والتمهيد لذلك بانتخاب «الغرفة الثانية للبرلمان» في ظروف مواتية لفوز الرئيس سعيّد ومرشحيه بسبب مقاطعة المعارضين للانتخابات أو انشغالهم بقضاياهم لدى المحاكم.

إعادة تموقع

في سياق متصل، افتتحت الدورة الجديدة للغرفة الأولى للبرلمان الذي بدأ أشغاله في مارس (آذار) الماضي. وأعلن إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان بالمناسبة أن «المشهد السياسي الديمقراطي سوف يكتمل بعد الانتخابات المقررة انطلاقا من يوم 24 ديسمبر (كانون الأول) للمجالس المحلية والجهوية والإقليمية ثم للغرفة الثانية للبرلمان».

بودربالة قلل من قيمة المعارضين في المشهد السياسي والانتخابي الحالي، ومن منتقدي «خريطة الطريق السياسية للرئيس قيس سعيّد».

إلا أن تقريراً تفصيلياً أصدره قبل أيام مرصد «رقابة»، المتخصص في مراقبة عمل مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد الذي يرأسه الوزير والمستشار السابق في قصر قرطاج عماد الدايمي، وصف حصيلة «البرلمان الجديد» بالسلبية جداً. وعدّ هذا التقرير أن ضعف نسبة المشاركة في انتخاب البرلمان الحالي، التي كانت في حدود 11 في المائة حسب الأرقام الرسمية، حد من فرص نجاحه. ويرى الدايمي أيضاً أن البرلمان عجز عن لعب دور كبير لعدة أسباب؛ من بينها «ضعف الصلاحيات التي أسندت إليه... التي جعلت منه مجرد مؤسسة لتزكية قرارات السلطة التنفيذية ليس لها أي دور رقابي».

العملية الانتخابية بدأت

في هذه الأثناء، أورد القاضي فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا للانتخابات، بعد جلسات عمل في قصر قرطاج مع الرئيس سعيّد، أن «انتخاب الغرفة الثانية للبرلمان والمجالس المحلية والجهوية والإقليمية خيار لا رجعة عنه». وذهب نائب رئيس هيئة الانتخابات التليلي المنصري أبعد من ذلك، فعدّ أن «العملية الانتخابية الجديدة انطلقت في مستوى الأعمال التحضيرية والإعلامية والترتيبية». وذكر أن نسبة تفاعل الشعب مع الاستشارات والومضات التي تنظمها هيئة الانتخابات تبشر بمشاركة كبيرة في الانتخابات المقبلة وفي المسار السياسي الجديد، خاصة «أن الاقتراع سيكون هذه المرة على المستوى المحلي وسيشمل أكثر من ألفي مقعد».

وفي حين توقع أحمد شفطر، «كبير المفسرين» للمشروع السياسي للرئيس سعيّد، في تصريحات إعلامية، «إعادة تموقع» كثير من السياسيين والأطراف السياسية بهدف الفوز بمقاعد في الانتخابات المقبلة ومحاولة التأثير في قرارات السلطات، قال زهير المغزاوي، أمين عام حزب «حركة الشعب» العروبية - الذي شكل أبرز كتلة فازت في انتخابات الغرفة الأولى للبرلمان العام الماضي - إن حزبه يتوقع مشاركة ضعيفة في الانتخابات المقبلة لأسباب عديدة بينها انشغال الشعب بالأزمة الاقتصادية الاجتماعية وتدهور المقدرة الشرائية ونقص مواد أساسية كثيرة في الأسواق. وأما بدر الدين القمودي، البرلماني والقيادي في الحزب نفسه، فقال إن المجلس الوطني لحزبهم المنعقد قبل أيام «ناشد رئيس الدولة تأجيل موعد انتخابات 24 ديسمبر (كانون الأول) بسبب عدم توفر كل الظروف الملائمة لتنظيمها ونجاحها». غير أن الحزب لم يساند مطالب تحالف «الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية والتقدمية التي دعت إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة والبدء بتنقية المناخ السياسي، والإفراج عن كل المعتقلين في قضايا ذات صبغة سياسية». وللعلم، يضم هذا التحالف أحزابا يسارية معارضة لمسار 25 يوليو 2021 بزعامة حمة الهمامي، الأمين العام لحزب العمال الشيوعي، الذي انتقد بدوره «تضخم عدد المساجين السياسيين».

وفي المقابل، عقّب وزير الداخلية كمال الفقي على هذه التصريحات وغيرها بأن نفى جملة وتفصيلا وجود سجناء سياسيين في تونس. ووصف كل الموقوفين من بين الشخصيات الاعتبارية بكونهم من المعتقلين في قضايا حق عام على ذمة النيابة العمومية. وتعهد وزير الداخلية بأن يتضح مصير هؤلاء المساجين بعد أن تتثبت النيابة العمومية في الشبهات الموجهة إليهم ومنها «التآمر على أمن الدولة والتخابر مع دبلوماسيين أجانب والضلوع في قضايا إرهابية».

الجبهة الداخلية

في هذا المناخ العام، يتساءل كثيرون عن إمكانية نجاح صناع القرار في أعلى هرم السلطة بالمضي في تنفيذ الطور الأخير من «خريطة الطريق السياسية» المعلن عنها في سبتمبر (أيلول) 2021، أي انتخاب «الغرفة الثانية للبرلمان» ثم الإعداد للانتخابات الرئاسية المقررة لشهر أكتوبر من العام المقبل.

بعض الساسة، بينهم معارضون سابقون، مثل الحقوقي محمد القوماني والزعيم النقابي والسياسي اليساري العروبي أحمد الكحلاوي، يعدون الرئيس سعيّد وأنصاره كسبوا المعركة السياسية مع خصومهم، واستفادوا من انقسامات المعارضة وملفات الفساد داخلها وداخل بعض النقابات ومنظمات المجتمع المدني. وتوقّع القوماني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن نجاح الرئيس وفريقه «في إعادة رسم المشهد السياسي» يزيد إضعاف النقابات وأحزاب المعارضة بكل ألوانها وتوجهاتها. لكن القوماني، الذي كان من بين المقرّبين إلى قيس سعيّد قبل انتخابات 2019، عدّ أن من بين المبادرات التي يجب أن تقوم بها مؤسسة الرئاسة في تونس «تنقية المناخ السياسي وطنياً، وكذلك الجبهة الداخلية، وتحسين القدرة الشرائية والأوضاع المالية للإجراء والطبقات الشعبية، خاصة في هذه المرحلة التي تعاقبت فيها مؤشرات تأزم علاقاتها ببعض شركائها في أوروبا وفي المنطقة».

وأخيراً، يظل التحدي الأكبر، حسب المستشار الجبائي والخبير الاقتصادي شكري الحيدري هو «تحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي، وتطوير شراكات تونس مع محيطها المغاربي والأفريقي والأورومتوسطي. وذلك لأن كل التوازنات السياسية والتغييرات في المشهدين الإعلامي والسياسي، وفي تركيبة المؤسسات المنتخبة، ستبقى محدودة التأثير ما لم تتحقق التوازنات المالية للدولة وللأسرة ولملايين من الأجراء وأبناء الطبقات الشعبية والشباب ممن يحلمون منذ عقود بتحسين أوضاعهم وأوضاع بلدهم».

عبير موسي (رويترز)

«ورقة رجال الأعمال» ترجح كفة سعيّد في الانتخابات

> يتابع الرئيس التونسي قيس سعيّد والمقربون منه حملة انتخابية رئاسية وبرلمانية سابقة لأوانها، وترفع «الحملة» شعارات عديدة زادت من شعبيتهم داخل الأوساط الشعبية، حسب أغلب مراكز استطلاعات الرأي التونسية والأوروبية.

أبرز هذه الشعارات مضاعفة الضغوط على كبار رجال الأعمال وأرباب البنوك وأصحاب المؤسسات السياحية والمالية، الذين استفادوا من تسهيلات ومساعدات كبيرة من الدولة والبنوك، وحققوا أرباحاً خيالية من دون أن يدفعوا الضرائب المتوجبة، وبعض هؤلاء لم يسدد جانبا كبيراً من قروض بالمليارات حصل عليها من البنوك العمومية ومن مؤسسات حكومية.

الرئيس سعيّد قدّر ديون الدولة لدى كبار رجال الأعمال بأكثر من 13 مليار دولار أميركي، أي نحو 40 مليار دينار تونسي. في حين قدر بعض المقربين منه الديون التي لم يسددها كبار الأثرياء بعشرات المليارات.

وبخلاف السياسة التي اعتمدها سعيّد والمقربون منه منذ 2019، عندما كانوا يكتفون بمناشدة كبار رجال الأعمال تسوية أوضاعهم مع مصالح الضرائب والجمارك والصناديق الاجتماعية، وتسديد ديونهم التي تقدر بالمليارات، انطلقت أخيراً موجة من الإيقافات والتتبعات القضائية ضد بعض كبار الأثرياء، من بينهم بعض أصهار الرئيس السابق بن علي المتهمين بالحصول على قروض ضخمة من البنوك التونسية - قبل 2011 وبعدها - من دون ضمانات.

وبعدما بدأت بالفعل عمليات المداهمة لعدد من البنوك وكبريات الشركات، وافق عشرات رجال الأعمال على التفاوض مع السلطات حول صلح جبائي ومالي لينقذهم من المصادرة والسجون.

هذه الورقة قد تكون مربحة جداً الآن، وستوفر للحكومة جانبا كبيراً من حاجاتها المالية التي تراكمت إثر فشل مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والصناديق الأفريقية والعربية والإسلامية والأوروبية. وحقاً، تقول السلطات إنها نجحت في إبعاد عشرات القضاة المتهمين بالفساد والرشوة، ومنهم مَن أجهض بعد 2011 محاولات استرجاع «الأموال المنهوبة» من قبل رجال الأعمال المتورطين في الرشوة والفساد والقروض بلا ضمانات.

وبالتالي، ثمة من يتساءل الآن حول موقف المحاكم، وما إذا كانت ستقف بقوة مع السلطات في المعركة الجديدة ضد الذين أثروا بطرق غير مشروعة، والمتهربين الضريبيين و«أباطرة» التهريب... أم لا.

المتابعون يرون أن كل «السيناريوهات» واردة في بلد يرفع منذ أكثر من 30 سنة شعارات مكافحة التهريب وضرب السوق السوداء والتهرب من الضرائب، لكنه شهد في عهد كل الحكومات مصالحات خلف الكواليس... وزيجات مصلحة بين السياسيين والمال الفاسد.


مقالات ذات صلة

منظمات تونسية ودولية تطالب باحترام «التعددية» في الانتخابات الرئاسية

شمال افريقيا فاروق بوعسكر يترأس اجتماعاً لهيئة الانتخابات التونسية (الهيئة)

منظمات تونسية ودولية تطالب باحترام «التعددية» في الانتخابات الرئاسية

طالبت 26 منظمة تونسية ودولية، وحوالي مائتي شخصية، في بيان مشترك، باحترام «التعددية» خلال الانتخابات الرئاسية وتطبيق القرارات الإدارية لإعادة قبول المرشحين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا هيئة الانتخابات في أحد اجتماعاتها (موقع الهيئة)

القضاء التونسي يقضي بعودة 3 مرشحين إلى السباق الرئاسي

قضت المحكمة الإدارية في تونس، الجمعة، في ختام جلسات التقاضي بكامل مراحلها، بإعادة 3 مرشحين إلى السباق الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي سعيّد والسوداني أجريا مباحثات لتعزيز التعاون بين العراق وتونس (إعلام حكومي)

مباحثات لتعزيز التعاون بين بغداد وتونس

بحث رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مع الرئيس التونسي قيس سعيد التطورات السياسية والميدانية في المنطقة، وشددا على أهمية وقف الحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شمال افريقيا الرئيس التونسي مع رئيس الوزراء الجديد (مواقع التواصل)

الرئيس التونسي: التعديل الوزاري من أجل «الأمن القومي» للبلاد

«تحول الوضع إلى صراع بين نظام دستوري جديد، ومنظومة فاسدة ما زال عناصرها يمنّون أنفسهم بالعودة إلى الوراء».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا فاروق بوعسكر رئيس هيئة الانتخابات التونسية يقدم آخر المستجدات حول الانتخابات الرئاسية المقبلة (إ.ب.أ)

هيئة الانتخابات التونسية تتلقى 171 اعتراضاً حول التزكيات

تقديم 171 اعتراضاً في مختلف مقرات الهيئة، تتعلق بتزكيات شعبية مقدمة إلى مختلف المترشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

كمال المدّوري... رئيس حكومة تونس الجديد أكاديمي مستقل أولويته «الأمن الاجتماعي»

عندما اختاره الرئيس سعيّد وزيراً للشؤون الاجتماعية، ثم رئيساً للحكومة يوم 7 أغسطس، أخذ في الحساب خلفيته الإدارية وخبرته الطويلة في الملفات النقابية والسياسية
عندما اختاره الرئيس سعيّد وزيراً للشؤون الاجتماعية، ثم رئيساً للحكومة يوم 7 أغسطس، أخذ في الحساب خلفيته الإدارية وخبرته الطويلة في الملفات النقابية والسياسية
TT

كمال المدّوري... رئيس حكومة تونس الجديد أكاديمي مستقل أولويته «الأمن الاجتماعي»

عندما اختاره الرئيس سعيّد وزيراً للشؤون الاجتماعية، ثم رئيساً للحكومة يوم 7 أغسطس، أخذ في الحساب خلفيته الإدارية وخبرته الطويلة في الملفات النقابية والسياسية
عندما اختاره الرئيس سعيّد وزيراً للشؤون الاجتماعية، ثم رئيساً للحكومة يوم 7 أغسطس، أخذ في الحساب خلفيته الإدارية وخبرته الطويلة في الملفات النقابية والسياسية

فاجأ الرئيس التونسي قيس سعيّد المراقبين السياسيين داخل البلاد وخارجها، الذين كانوا يتابعون «مستجدات ملفات الانتخابات الرئاسية»، فأعلن قبل أسابيع من الموعد الانتخابي عن تغيير حكومي واسع، وتعيين البروفسور كمال المدّوري، وهو شخصية أكاديمية وإدارية وسياسية مستقلة، على رأس الحكومة الجديدة خلفاً للمستشار القانوني المخضرم أحمد الحشّاني الذي مرت سنة واحدة على تعيينه رئيساً للوزراء. المدّوري ليس غريباً عن قصر رئاسة الحكومة، إذ سبق له أن تولى منصب مستشار قبل تعيينه في مايو (أيار) الماضي وزيراً للشؤون الاجتماعية تتويجاً لمسيرة أكثر من 20 سنة على رأس عدد من المؤسسات الحكومية المكلفة بملفات «الأمن الاجتماعي». والواضح أن الرئيس التونسي عبر تعيينه «صديق النقابيين» والخبير الدولي في التفاوض على رأس الحكومة، استبق محطة 6 أكتوبر (تشرين الأول) الانتخابية التي يريد أن يعبر بها إلى «الدورة الرئاسية الثانية»، وسط تزايد مخاوف المعارضة والنقابات من تسارع «تدهور أوضاع الاجتماعية للطبقات الشعبية بسبب نسب التضخم والبطالة والفقر المرتفعة».

يأتي قرار الرئيس قيس سعيّد تعيين البروفسور كمال المدّوري رئيساً جديداً للحكومة بمثابة «سحب البساط» من تحت معارضيه النقابيين والسياسيين، الذين تضاعفت انتقاداتهم مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، وتزايد الكلام عن تدهور القدرة الشرائية للعمال والمتقاعدين والفقراء، رغم القرارات الرئاسية الجديدة، ومنها ترفيع جرايات التقاعد ورواتب قطاع من الأجراء.

وبدا واضحاً وجود إرادة سياسية للتأكيد على أن القرارات المركزية للدولة، بما فيها تلك المتعلقة بالأمن الاجتماعي ومستقبل الاقتصاد «تصنع في قصر الرئاسة» في قرطاج ، بصرف النظر عن مآلات انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

مستقل من «حزب الإدارة»

لقد نوّه عدد ممّن عملوا مع المدّوري طوال السنوات العشرين الماضية، في المؤسسات الحكومية والإدارية للدولة، بخبرته في تسيير مفاوضات الحكومة مع نقابات العمال ورجال الأعمال داخلياً، وأيضاً نجاحاته الدولية عبر دوره في مفاوضات تونس مع المفوضية الأوروبية حول «سياسة الجوار الأوروبية» و«وضعية الشريك المميّز».

وفي حين كانت البعثات الأوروبية والدولية المفاوضة في بروكسل وبرشلونة وجنيف تدفع تونس ودول جنوب البحر الأبيض المتوسط - كما هو مألوف - نحو «تحرير» الاقتصاد بتقليص العمالة، وتخفيف «الأعباء الاجتماعية للدولة»، و«خفض نسبة الرواتب في ميزانية الدولة»، صمد المدّوري ومعه الفريق الحكومي التونسي في وجه هذا الدفع. بل مارس هو ورفاقه دفعاً مضاداً ضاغطاً على «الشركاء الأوروبيين» والمؤسسات الدولية من أجل إبعاد تونس عن تجرّع مرارة الاقتطاعات الخدمية المرتجلة والمؤلمة شعبياً التي قد تفجّر اضطرابات أمنية اجتماعية سياسية وأعمال عنف، كالأحداث الدامية والمواجهات التي عرفتها تونس مطلع عامي 1978 و1984، ثم منذ 2010 - 2011.

هذا الرصيد كان على يبدو أحد أسباب اختيار رئيس الدولة لهذا الأكاديمي والإداري المجرّب لترؤّس الحكومة. وبالمناسبة، كان المدّروي أحد طلبة سعيّد في كلية الحقوق والعلوم القانونية والسياسية والاجتماعية، قبل أن ينضم إلى «حزب الإدارة»، أي إلى صفّ «كبار الموظفين في جهاز الدولة» الذين ليست لديهم انتماءات حزبية أو سياسية، بل تميّزوا باستقلاليتهم وحيادهم وولائهم «للوظيفة الحكومية» بصرف النظر عن الحاكم.

ابن «الجهات المهمشة»

من جهة ثانياً، بخلاف معظم رؤساء الحكومات منذ 1955، فإن المدّوري من مواليد «الجهات الزراعية المهمّشة»، وتحديداً مدينة تبرسق الجبلية الصغيرة، الواقعة على مسافة 100 كيلومتر جنوب غربي العاصمة تونس، والغنية بمياهها العذبة ومزارعها الجميلة.

هذه المدينة الصغيرة أسّست قبل أكثر من 2000 سنة في عصر «اللوبيين» قرب مدن تاريخية قرطاجنية رومانية ونوميدية شهيرة مثل دقة وباجة والكاف، ناهيك من بلاريجيا، عاصمة «النوميديين»، حسب المؤرخ والمفكر التونسي محمد حسين فنطر. وكان اسمها الأصلي القديم «تبرسوكوم»، أي «سوق الجلود»، باعتبار تلك المنطقة الواقعة شمال غربي تونس غنية فلاحياً، وتنتشر فيها الزراعات الكبرى للحبوب وتربية المواشي. غير أنها صارت مهمشة منذ 70 سنة.

ويبدو أن الرئيس سعيّد - وهو من مواليد تونس العاصمة، لكن أصوله تعود إلى الأرياف الزراعية بمحافظة نابل (100 كيلومتر شرق العاصمة) - أراد باختيار تلميذه السابق توجيه رسالة ردّ اعتبار لأبناء الجهات الفقيرة والمهمّشة. وهي الرسالة ذاتها التي ربما أراد توجيهها عندما عيّن هشام المشيشي ابن بلدة بوسالم، في محافظة جندوبة الحدودية مع الجزائر، وزيراً للداخلية ثم رئيساً للحكومة في 2020 و2021.

«تكنوقراط» وسياسي

في أي حال، منذ الإعلان عن تعيين المدّوري رئيساً للحكومة تفاوتت التقييمات لشخصيته ومؤهلاته. إذ انتقد بعض الساسة والكتّاب، بينهم وزير التربية السابق وعالم الاجتماع سالم الأبيض، تعيين شخصية «غير سياسية» على رأس الحكومة. وقال الأبيض إن تعلّم السياسة «ليس أمراً يسيراً بالنسبة لتكنوقراطي» يخلو رصيده من تجارب مع الأحزاب والحركات السياسية القانونية وغير القانونية وأخرى مع مؤسسات المجتمع المدني.

ولكن، في المقابل، ثمّن آخرون «ثراء تجربة» رئيس الحكومة الجديد، ولا سيما كونه طوال أكثر من 20 سنة من أبرز كوادر الإدارة والدولة الذين تفاوضوا مع قيادات نقابات العمال ورجال الأعمال والمزارعين وهيئات صناديق «الضمان الاجتماعي والتقاعد» التي تهم ملايين الموظفين والمتقاعدين في القطاعين العام والخاص في البلاد. وللعلم، شملت تلك المفاوضات الملفات «السياسية والاجتماعية الحارقة»، بينها القضايا الخلافية التي كانت تتسبب في تنظيم آلاف الإضرابات العمالية وغلق مئات الشركات أو نقل جانب من أنشطتها خارج تونس.

وبناءً عليه، عندما وقع عليه اختيار الرئيس سعيّد يوم 25 مايو (أيار) الماضي وزيراً للشؤون الاجتماعية، ثم يوم 7 أغسطس (آب) رئيساً للحكومة، فإنه لا بد أنه أخذ في الحساب خلفيته الإدارية وخبرته الطويلة في الملفات النقابية والسياسية. ثم إن تعيين المدّوري الآن يؤكد تزايد البُعد السياسي الاستراتيجي لقطاع «الأمن الاجتماعي»، وأيضاً اعتماد «نظام رئاسي مركزي» منذ 2021.

خلفيات أكاديمية وصلات خارجية

أكاديمياً، تخرّج المدّوري أولاً في الجامعة التونسية، وتحديداً في كلية الحقوق والعلوم السياسية والقانونية بتونس، التي كانت مناهجها الأقرب إلى مناهج الجامعات الفرنسية. وفي الوقت نفسه، تابع دراساته العليا في جامعات أوروبية، وحصل على شهادة «دكتوراه الحلقة الثالثة» في قانون المجموعة الأوروبية والعلاقات المغاربية الأوروبية. وأهّلته هذه الشهادة الجامعية الأوروبية لاحقاً للعب دور بارز خلال مفاوضات تونس مع الاتحاد الأوروبي ومع الدول المغاربية حول «المنطقة الحرة الأورو متوسطية» والشراكة الاقتصادية وبرامج «سياسة الجوار».

بالتوازي، يُعد الرجل من جيل «المخضرمين» كونه حصل أيضاً على شهادات عُليا من مؤسسات جامعية خاصة بكبار الكوادر السياسية للدولة، بينها شهادة ختم الدراسات بالمرحلة العليا في «المدرسة الوطنية للإدارة» في تونس، وأخرى من معهد الدفاع الوطني. ولقد مكّنته هذه الشهادات والخبرة من التدريس في جامعات إدارية مدنية وأمنية وعسكرية، منها المدرسة العليا لقوات الأمن الداخلي. وأيضاً، ساعدته هذه الخبرة المزدوجة الإدارية السياسية الأمنية العسكرية كي يكون «مفاوضاً دولياً»، بما في ذلك مع مؤسسات «مكتب العمل الدولي» في سويسرا ومكاتب العمل وصناديق التنمية العربية والإقليمية وغيرها من المؤسسات التي تجمع في الوقت عيّنه ممثلي الحكومات ومنظمات رجال الأعمال ونقابات العمال.

وبحكم خصوصية الشراكة بين تونس مع ليبيا والجزائر والمغرب، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً واجتماعياً، ساهم المدّوري مطولاً في المفاوضات مع الشركاء المغاربيين حول ملفات «الأمن الاجتماعي».

مسؤوليات

من جانب آخر، نظراً لما تشكو منه آلاف المؤسسات العمومية والخاصة في تونس منذ عهد الرئيس زين العابدين بن علي من صعوبات مالية وعجز عن تسديد مساهماتها في «الصناديق الاجتماعية»، عيّن كمال المدّوري خلال العقدين الماضيين الماضية ليرأس «الإدارة العامة للضمان الاجتماعي» في وزارة الشؤون الاجتماعية ثم مؤسسات صناديق التقاعد والتأمين على المرض. وكانت مهمته سياسية بامتياز: إبرام اتفاقات بين الحكومة والقطاع الخاص والنقابات وتجنيب البلاد مزيداً من الإضرابات والاضطرابات، ثم إنقاذ الصناديق الاجتماعية من سيناريوهات الإفلاس والعجز عن دفع مستحقاتها لملايين العمال والموظفين والمتقاعدين.

وفعلاً أبرمت الصناديق الاجتماعية والنقابات والحكومة بفضل تلك الجهود، قبل سنوات، اتفاقيات أثمرت «إصلاحات جذرية» تخلّت الدولة بفضلها عن «الحلول السهلة»، وبينها سياسة «التداين من البنوك التونسية» بصفة دورية بهدف تسديد رواتب الموظفين وجرايات المتقاعدين.

صعوبات وأوراق سياسية

في المقابل، لا يختلف اثنان على حجم المخاطر الاقتصادية الاجتماعية والسياسية الأمنية التي ستواجهها الحكومة الجديدة ورئيسها، في مرحلة تعمقت فيها التناقضات بين النقابات والمعارضات والسلطات المركزية، وتوشك أن تزداد عمقاً بعد انتخابات 6 أكتوبر.

ولا شك أن الرئيس سعيّد أدرك ذلك، ولذا أبعد شخصيات «مثيرة للجدل» من قصري قرطاج والقصبة، وغيّر أكثر من ثلثي الفريق الحكومي. وفي المقابل، اختار مزيداً من «التكنوقراط» الذين ليست لهم «صفة آيديولوجية وحزبية»، وطالبهم بالانسجام في الحكومة الجديدة. وبالفعل، أسفر «التعديل الحكومي الأول» الذي أجراه سعيّد ورئيس حكومته الجديد قبل أيام عن إبعاد مزيد من رموز المشهد السياسي والآيديولوجي القديم، وتعيين مزيد من «الخبراء المستقلين» الأكثر انسجاماً مع «دستور 2022»، الذي نصّ على كون مهمة رئيس الحكومة وكامل الفريق الحكومي «مساعدة رئيس الجمهورية» على إنجاز برامجه وسياسته، لا العكس.