هل تدعم «المؤسسة السياسية» الديمقراطية ميشيل أوباما لدخول البيت الأبيض؟

وسط المشاكل والانقسامات والشكوك في حظوظ الرئيس الأميركي جو بايدن

هل تدعم «المؤسسة السياسية» الديمقراطية ميشيل أوباما لدخول البيت الأبيض؟
TT

هل تدعم «المؤسسة السياسية» الديمقراطية ميشيل أوباما لدخول البيت الأبيض؟

هل تدعم «المؤسسة السياسية» الديمقراطية ميشيل أوباما لدخول البيت الأبيض؟

في أحوال عادية، كان من الممكن لخبر «عادي» عن سباق الرئاسة الأميركية المقبلة عام 2024، ألّا يثير ضجة كبيرة في خضم كم الأخبار والدراما الناجمة عنها. غير أنه في الأيام الأخيرة، بدا أن تسريب خبر احتمال ترشح السيدة الأولى السابقة، ميشيل أوباما، لتحل محل الرئيس الديمقراطي جو بايدن، قد يحمل صدقية، بل وفي طريقه للتحوّل إلى حقيقة واقعة. ثم سرعان ما تحول هذا «الاحتمال»، إلى مادة تحقيقات وتغطيات تزداد وتيرتها في وسائل الإعلام الأميركية والغربية، «المحايدة» منها و«المنحازة»، على حد سواء. وآخر المنضمين لهذه التغطية، كان محطة «فوكس نيوز»، اليمينية المحسوبة على الجمهوريين، التي تساءلت في برنامج خاص، قبل يومين، عمّا إذا كانت ميشيل أوباما، ستكون هي المرشحة الديمقراطية للرئاسة عام 2024، إذا لم يكن الرئيس بايدن هو المرشح، وذلك في ضوء المشاكل التي تواجهه، ووسط استطلاعات رأي تضعه في منافسة شديدة متقاربة مع المرشح الجمهوري دونالد ترمب، وتشير إلى أن نسبة تأييده تواصل انخفاضها، بسبب سنه (80 سنة) وزلاته وتعثراته المتكررة.

التساؤلات في أروقة واشنطن هذه الأيام، عما إذا كان طرح بعض الجهات اسم ميشيل أوباما لتكون بديلاً عن الرئيس بايدن، إذن لم تأت من فراغ. ولكن، هل اقتربت «المؤسسة السياسية للحزب الديمقراطي» حقاً من تبني ترشحها بوصفه جزءا من خطة وقف «موجة» دونالد ترمب التي لم تتبدد، رغم سيل القضايا الجنائية الخطيرة التي يواجهها، وكان آخرها اتهامه بمحاولة قلب نتائج الانتخابات في ولاية جورجيا، التي يعتقد أنها الأخطر عليه؟

بطاقة تعريف

ميشيل لافون روبنسون أوباما، المولودة يوم 17 يناير (كانون الثاني) 1964، محامية ومؤلفة، وأصبحت «السيدة الأولى» للولايات المتحدة من 2009 إلى 2017. نشأت في الأحياء الجنوبية من مدينة شيكاغو، وتخرّجت في أرقى المعاهد الأميركية العليا، فحصلت على بكالوريوس آداب (علم اجتماع) بتفوّق من جامعة برينستون، وإجازة الحقوق من كلية الحقوق بجامعة هارفارد.

في بداية مسيرتها القانونية، عملت ميشيل مع قلة من المحامين السود في مكتب سيدلي أوستن الشهير للمحاماة، وهناك قابلت باراك أوباما. وعملت لاحقاً في منظمات غير ربحية، وبصفتها عميدا مشاركا لخدمات الطلاب في جامعة شيكاغو، وكذلك نائب الرئيس للشؤون المجتمعية والخارجية في المركز الطبي بجامعة شيكاغو. تزوّجت من باراك أوباما عام 1992 وأنجبا ابنتين هما ماليا وناتاشا - المعروفة بـ«ساشا».

والدها فريزر روبنسون، كان موظفاً في محطة مياه بمدينة شيكاغو، وتوفي جراء إصابته بمرض التصلّب العصبي الانتشاري، وكان لمعاناته تأثير عميق عليها. أما أمها ماريان شيلدز، فكانت ربة منزل، وبعدما دخلت ميشيل المدرسة الثانوية، عملت بعد ذلك سكرتيرة في متجر كتالوغات.

جذور عائلتي الأب والأم، روبنسون وشيلدز، تعود إلى الأميركيين الأفارقة في ولاية ساوث كارولينا، قبل الحرب الأهلية الأميركية، خلال فترة العبودية. وتذكر ميشيل أنها كانت تخشى كيف ينظر إليها الآخرون، بيد أنها تجاهلت أي سلبية من حولها واستخدمت الظروف غير المساعدة حافزاً للصمود والنجاح والبقاء بعيداً من المشكلات وتحقيق أداء جيد في المدرسة.

ثم إنها تذكر أنها واجهت التمييز بين الجنسين في أثناء نشأتها. وتقول، على سبيل المثال، إنه بدلا من سؤالها عن رأيها في موضوع معين، كان الناس عادة يميلون إلى سؤالها عما يعتقده شقيقها الأكبر. وفيما بعد، قالت إن دخول شقيقها إلى جامعة برينستون العريقة المرموقة، ألهمها الالتحاق بها عام 1981. وبالفعل، درست هناك علم الاجتماع وتخصّصت في الدراسات الأميركية الأفريقية، ونالت بكالوريوس الآداب بتفوق في عام 1985، على أطروحة بعنوان: «برينستون، المتعلمون السود والمجتمع الأسود».

ميشيل تضيف هنا أن بعض معلميها في المدرسة الثانوية حاولوا ثنيها عن التقدم لبرينستون، وحذّروها من «النظر عالياً جداً». وبحسب ما ورد في سيرتها، حاولت والدة زميلتها البيضاء في الغرفة نقلها منها بسبب أصول ميشيل العرقية. وقالت إن وجودها في برينستون، كان المرة الأولى التي أصبحت فيها أكثر وعياً بعِرقها.

ثم إنه، على الرغم من استعداد زملائها في الفصل والمعلمين للتواصل معها، ظلت لفترة تشعر وكأنها «زائرة في الحرم الجامعي». وفضلاً عن التمييز العِرقي، عانت ميشيل أيضاً من التمييز الطبقي الاجتماعي. إذ تقول «أتذكر أنني شعرت بالصدمة من طلاب الجامعات الذين يقودون سيارات (بي إم في»... فأنا لم أكن أعرف حتى آباء يقودون تلك السيارات».

دورها حاسم في حملات زوجها

انخرطت ميشيل في حملة ترشّح زوجها للرئاسة طوال عامي 2007 و2008؛ حيث ألقت خطاباً رئيسياً في المؤتمر الوطني الديمقراطي عام 2008، وفي مؤتمرات الحزب أعوام 2012 و2016 و2020 ألقت أيضا خطباً لافتة جداً. وبوصفها أول سيدة أولى من أصل أفريقي، نشطت ميشيل أوباما بوصفها نموذجا يحتذى به للمرأة، ومدافعة عن التوعية بالفقر وأهمية التعليم والتغذية والنشاط البدني والأكل الصحي والتصدي للتمييز العنصري. ودعمت المصممين الفنيين الأميركيين وعُدت أيقونة الموضة. وبعد نهاية رئاسة زوجها، ظل تأثيرها كبيراً، وتصدرت عام 2020 استطلاع «غالوب» لأكثر النساء إثارة للإعجاب في أميركا، وذلك للعام الثالث على التوالي.

للعلم، خلال مقابلة معها عام 1996، أقرّت ميشيل أوباما بوجود «احتمال قوي» أن يبدأ زوجها حياته السياسية، لكنها قالت إنها كانت «حذرة» من هذه العملية. وأردفت: إن هذا يعني أن حياتهما ستكون عرضة للتدقيق وكانت شديدة الخصوصية. وعلى الرغم من أنها شاركت في حملات نيابة عن زوجها منذ بداية حياته السياسية وترشّحه لانتخابات مجلس النواب عام 2000، من خلال اللقاءات المباشرة وجمع الأموال، فإنها لم تستمتع بهذا النشاط في البداية. كذلك عارضت ترشحه للفوز بمقعد في مجلس الشيوخ، وبعد هزيمته في محاولته الأولى، فضّلت أن يراعي الاحتياجات المالية للعائلة بطريقة أكثر عملية، قبل أن تتأقلم مع طموحه وتدعمه.

وبالنسبة لانتخابات الرئاسة، أيضاً كانت لدى ميشيل، في البداية، تحفظات على حملة زوجها بعد إعلانه ترشحه بسبب مخاوفها من تأثير سلبي محتمل على بناتهن. وتذكر أنها تفاوضت معه على اتفاق للإقلاع عن التدخين مقابل دعمها لترشحه. وقالت عن دورها في الحملة الانتخابية لزوجها «وظيفتي ليست كبيرة المستشارين»، لكنها ناقشت خلال الحملة، قضايا العِرق والتعليم باستخدام الأمومة إطار عمل.

في مايو (أيار) 2007، بعد ثلاثة أشهر من إعلان باراك ترشحه للرئاسة، خفضت ميشيل مسؤولياتها المهنية بنسبة 80 في المائة، من أجل دعم حملته الرئاسية. وفي وقت مبكر من الحملة، لعبت دوراً محدوداً، وحضرت مناسبات سياسية يومين فقط في الأسبوع. ولكن بحلول أوائل فبراير (شباط) 2008 زادت مشاركتها بشكل ملحوظ، فحضرت 33 مناسبة في ثمانية أيام. وظهرت في عدة حملات مع أوبرا وينفري، وكتبت خطاباتها الخاصة بالحملة الرئاسية لزوجها، وارتجلت بشكل عام بعض الكلمات والملاحظات.

من جهة أخرى، إبان الحملة، وصف الإعلامي اليميني كال توماس - في قناة «فوكس نيوز» - ميشيل أوباما، بأنها «امرأة سوداء غاضبة»، وسعت مواقع يمينية عدة على شبكة الإنترنت إلى الترويج لهذه الصورة، لكن ميشيل ردت قائلة: «لقد مضت حتى الآن سنوات عدة علينا أنا وباراك ونحن تحت نظر الجمهور، ولقد طورنا جلداً سميكاً على طول الطريق. عندما تشارك في الحملات، فستكون دائماً هناك انتقادات. أنا فقط أتعامل مع الأمر».

وبحلول المؤتمر الوطني الديمقراطي لعام 2008 في أغسطس (آب)، لاحظت وسائل الإعلام أن وجودها في مسار الحملة الانتخابية قد أصبح أكثر ليونة عنه في بداية السباق، مع تركيزها على إثارة المخاوف والتعاطف مع الجمهور بدلاً من إلقاء التحديات عليهم. وحقاً كانت تلك الحملة الرئاسية أول ظهور لميشيل أوباما على الساحة السياسية الوطنية. وقبلها، كانت تعد الأقل شهرة بين زوجات المرشحين.

أكثر الشخصيات شعبية في أميركا

غير أنها في حملة إعادة انتخاب باراك أوباما عام 2012، أصبحت بدءا من عام 2011 أكثر نشاطاً مما كانت عليه في انتخابات 2008.

وبحلول الدورة الانتخابية، كانت قد طوّرت لنفسها صورة عامة أكثر انفتاحا. وعدها بعض المعلقين العنصر الأكثر شعبية في إدارة أوباما، مشيرين إلى أن نسبة شعبيتها في الاستطلاعات، لم تنخفض قط إلى أقل من 60 في المائة منذ دخول زوجها البيت الأبيض. وذهبت مسؤولة بارزة في حملة باراك أوباما أبعد فوصفتها بـ«الشخصية السياسية الأكثر شعبية في أميركا». ولقد كان هذا التقييم الإيجابي مرتبطاً بدورها النشط في حملة إعادة انتخابه، من دون أن يؤدي إلى تشويه شعبيتها، على الرغم من النظرة «الاستقطابية» التي كان يُنظر بها إلى زوجها.

مع هذا، بقدر ما طرحت التساؤلات عن مؤهلات ميشيل أوباما، وبالتالي، عن حظوظها في الظفر بترشيح المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في الصيف المقبل، طرح أيضا العديد من الأسئلة التي تعكس قلق الديمقراطيين من مواجهة مصاعبهم، التي لا تقف عند حدود شخصية مرشحهم، بل وبرنامجهم السياسي المثير للجدل.

إذ إنهم منقسمون بشكل حاد مع الجمهوريين والرأي العام الأميركي، على قضايا تتراوح من الموقف من الاقتصاد وآفاقه، والخلافات الثقافية، والتعامل مع قضايا الجندر والتمييز العنصري والحق في الإجهاض، مروراً بدور المرأة الأميركية ومدى قبول توليها أبرز منصب سياسي في البلاد، - ولا سيما، في ظل تجربة هيلاري كلينتون -،... ووصولا إلى السياسات الخارجية.

ومن نافلة القول، أن هذه قضايا جدية، يزداد انقسام الأميركيين حولها ويتصاعد تململهم من تبعاتها على مستقبل البلاد، في مرحلة توصف بأنها «دقيقة»، في مواجهة المتغيرات العالمية والصراع مع القوى الكبرى، على رأسها الصين، وتداعيات الحرب الأوكرانية. والواضح أن التطرفين «اليميني» و«اليساري»، يزحفان جدياً للهيمنة على «المؤسسة السياسية» في واشنطن، وسط خلافات حادة على الأولويات بين الحزبين. هذا الأمر قد يخلّف آثاراً سلبية، حتى على فرص ميشيل أوباما في أن تكون «رافعة» للديمقراطيين، وسط الشك بقدرتها على الفوز بإجماع، ليس فقط الأميركيين، بل والديمقراطيين أيضاً.

مع هذا، يراهن البعض على أنه إذا أخرج الرئيس بايدن من السباق العام المقبل، بسبب تهم الفساد التي تحيط بعلاقته بابنه هانتر بايدن، أو قرّر بنفسه التنحي وسط ازدياد علامات الضعف العقلي وتراجع معدلات قبوله، فإن السيدة الأولى السابقة فقط، هي التي تتمتع بالاسم المعروف والشعبية الكبيرة... للدخول بديلا في اللحظة الأخيرة.

باختصار، ميشيل أوباما، تظل واحدة من أكثر الأشخاص تمتعاً بالإعجاب في البلاد، وستكون لديها فرصة ممتازة للفوز.

هانتر بايدن

الديمقراطيون متخوفون من مرشح جمهوري شاب

لا تقتصر مخاوف قيادات الحزب الديمقراطي على احتمال أن تؤدي «اتهامات الفساد» التي تطال هانتر بايدن إلى التأثير على قدرة أبيه الرئيس بايدن على مواصلة حملة انتخابية ناجحة، مع العلم أن الجمهوريين لم يقدّموا بعد أي دليل صلب على تربّح الرئيس من المشروعات التجارية لابنه في أوكرانيا والصين. الحقيقة، إن أكثر ما يخشونه هو أن تؤدي إدانة دونالد ترمب، وحرمانه من خوض السباق الرئاسي، إلى نتائج عكسية على بايدن، في حال فاز مرشح جمهوري شاب بالسباق التمهيدي. وهنا يرجّح أن يكون المرشح حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، الذي يحتل المركز الثاني مباشرة في استطلاعات التفضيل لدى الجمهوريين. ولتجنب هذا الاحتمال، بدا أن طرح اسم ميشيل أوباما، وتحضيرها لدخول السباق الرئاسي، بعد انسحاب جو بايدن، وقبل الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، أمرٌ جديّ. مصادر مطلعة على الطموحات الرئاسية للسيدة الأولى السابقة، تقول إن ميشيل أوباما عضو «المؤسسة السياسية»، ستتوّج بصفتها مرشحة للحزب خلال المؤتمر الوطني، في أغسطس (آب) 2024. وتوقعت هذه المصادر أن ينسحب بايدن من السباق، وينهي فجأة حملته لإعادة انتخابه، في وقت ما خلال الأشهر الـ12 المقبلة. وحتى صحيفة «التلغراف» البريطانية المحافظة توقّعت في تقرير لها الخميس الماضي، أن السباق الرئاسي سيكون على الأرجح، بين ميشيل أوباما ودونالد ترمب، في حال لم يُدن. ونقلت الصحيفة عن سياسي أجنبي قوله، إن حكومته «تفترض أن بايدن لن يكون المرشح الديمقراطي»، بل سينسحب قبل الانتخابات التمهيدية، بحيث يكون الوقت قد فات لمرشح من القاعدة الشعبية للحزب لدخول السباق وتنظيمه حملة انتخابية ناجحة، لمصلحة مرشحة «المؤسسة» السياسية الديمقراطية، ميشيل أوباما. من جهة ثانية، يرى مطلعون أن ولاية بايدن الأولى، كانت فعلياً «امتداداً» لعهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، وهي فكرة يُزعم أن أوباما نفسه عززها خلال مقابلة عام 2021، بوصفها سببا وراء احتمال ترجيح ترشح ميشيل أوباما بدلاً من بايدن. إذ قال الرئيس الأسبق في المقابلة «بشكل أساسي... فإن جو والإدارة يكملان المهمة»، مضيفا أن «90 في المائة من الأشخاص» الذين عملوا في إدارته، يعملون تحت إدارة بايدن. وأفاد موقع «رادار أون لاين» سابقاً، بأن أوباما التقى مؤخرا بايدن، وحذره من «نقاط القوة السياسية» لترمب في انتخابات العام المقبل، معرباً له بشكل خاص عن مخاوفه بشأن أرقام استطلاعات الرأي المخيّبة للآمال لبايدن وعمره.

هيلاري كلينتون

أيضاً قال معلّق سياسي الشهر الماضي «أوباما يدرك خطورة الموقف مع أرقام استطلاع جو المخيبة للآمال... كان يأمل في أن يتراجع الرئيس ويتنحى من تلقاء نفسه في هذه المرحلة، لكن الواضح أن هذا لم يحدث». وأضاف المعلّق «مع اقتراب عام 2024 أكثر فأكثر، كان عليه (أي الرئيس أوباما) أن يتصرّف لأنه يخشى ما يبدو من أن يكون جو قد تقدم في السن وبات أضعف من أن يفوز». ورغم نفي ميشيل أوباما، حتى الآن، أن لديها أي نية للترشح للرئاسة، فوفقا لصحيفة «التلغراف»: «عادة ما تكون هذه علامة مؤكدة على أن شخصاً ما مهتم بالأمر». أما فيما يخص نفوذ هانتر بايدن و«تواطؤ» والده المزعوم، فهذا موضوع لا يلوث فقط رئاسة جو بايدن، بل ويلقي أيضاً بظلال كثيفة على «بيت أوباما الأبيض». ومع أن ميشيل لم تكن الرئيسة في حينه، لكن سمعة زوجها وإنجازاته في الصورة. وسيتساءل الناخبون الأميركيون قريباً، ما الذي كان يعرفه الرئيس أوباما حقاً عن أعمال نائبه في ذلك الوقت، ومتى علم بذلك؟ ليس مستبعداً أن ادعاءات «فوكس نيوز» المنحازة للجمهوريين جزء من حملتها الإعلامية «المفهومة» لشيطنة إنجازات الإدارات الديمقراطية. غير أن الأدلة، تشير إلى أن إدارة أوباما، التي طالما وصفت بأنها «خالية من الفضائح»، ربما تكون قد غضّت الطرف عن أنشطة «عائلة بايدن»، أو على الأقل، استثنت نائبه، الرئيس الحالي جو بايدن. هنا تزعم «فوكس نيوز» أن كبار المسؤولين في إدارة أوباما، على رأسهم وزير خارجيته جون كيري، وجايك سوليفان نائب مساعد الرئيس أوباما (آنذاك) ومستشار الأمن القومي الحالي، وعاموس هوكشتين المبعوث الخاص لأوباما والحالي لسياسة الطاقة، كانوا على علم بتعاملات هانتر بايدن، وترى أنه «لا شك بأن أوباما كان يعرف ذلك أيضاً». ومن ثم تتساءل المحطة، عمّا إذا كان هذا هو سبب إحجام أوباما عن تأييد طموحات بايدن الرئاسية عام 2016، ودعمه لهيلاري كلينتون بدلاً منه؟ والمعروف أن ميشيل أوباما، أيّدت هيلاري كلينتون، وألقت عدة خطابات رفيعة المستوى لمصلحتها، بينها كلمتها خلال المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي عام 2016 في فيلادلفيا. كذلك ظهرت عدة مرات في حملتها الانتخابية، سواءً في ظهور فردي أو مشترك مع كلينتون. وتنهي «فوكس نيوز» بتساؤل قد يقدّم إجابة عن احتمال وقوفه وراء ترشح ميشيل: هل معرفة باراك أوباما بصفقات شركة بايدن، تفسّر حماسه الفاتر لدعم جو في سباق 2020؟

رون ديسانتيس


مقالات ذات صلة

«إسلاميو» الجزائر يخسرون «معركة» التحقيق البرلماني في نتائج «الرئاسية»

شمال افريقيا سيضطر البرلمان الجزائري إلى رفض مبادرة لإطلاق «لجنة تحقيق برلمانية» بخصوص «تزوير» انتخابات الرئاسة (البرلمان الجزائري)

«إسلاميو» الجزائر يخسرون «معركة» التحقيق البرلماني في نتائج «الرئاسية»

سيضطر البرلمان الجزائري لرفض مبادرة أودعت بمكتبه تتعلق بإطلاق «لجنة تحقيق برلمانية» بخصوص «تزوير» انتخابات الرئاسة التي جرت في السابع من سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ صورة مدمجة تظهر المرشحيْن الرئاسييْن دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)

لمن سيصوّت الناخبون السود بأميركا بين هاريس وترمب وفق استطلاعات الرأي؟

ينظر الناخبون السود المسجلون بإيجابية للغاية لنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، لكن آراءهم حول الرئيس السابق دونالد ترمب سلبية للغاية، وفق استطلاع جديد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب: الانتخابات الأميركية أهم يوم في تاريخ إسرائيل

قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أمس (الاثنين)، إن الانتخابات الأميركية المقرر عقدها الشهر المقبل ستمثل «أهم يوم في تاريخ إسرائيل».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد (أ.ب)

قيس سعيّد رئيساً لتونس لولاية ثانية بأكثر من 90 % من الأصوات

أعلنت هيئة الانتخابات في تونس، اليوم الاثنين، فوز قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ عام 2021 بولاية ثانية بعد نيله 90.7 % من الأصوات في الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (تونس)
الولايات المتحدة​ مركز الاقتراع في حرم جامعة ويسكونسن ماديسون يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية 2020 بمقاطعة داين ويسكونسن بالولايات المتحدة... 3 نوفمبر 2020 (رويترز)

ماذا نعرف عن المجمع الانتخابي وعلاقته بالسباق الرئاسي الأميركي؟

في انتخابات الرئاسة الأميركية لا يفوز المرشح بالمنصب بحصوله على الأغلبية في التصويت الشعبي، بل من خلال نظام يسمى المجمع الانتخابي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

القضايا الرئيسية في انتخابات 2024 الكشميرية

طابور اقتراع في كشمير (رويترز)
طابور اقتراع في كشمير (رويترز)
TT

القضايا الرئيسية في انتخابات 2024 الكشميرية

طابور اقتراع في كشمير (رويترز)
طابور اقتراع في كشمير (رويترز)

برز إلغاء المادة 370 وتأسيس دولة مستقلة في جامو وكشمير قضيتَين رئيسيتين في هذه الانتخابات، بينما تشكّل البطالة مصدر قلق مزمن كبير. الصحافي زاهور مالك قال: «ثمة استياء عميق في العديد من الدوائر تجاه إلغاء المادة 370. إلا أنه بدلاً من مقاطعة الانتخابات، دفع القرار الكشميريين إلى التصويت على نحو يتناقض مع الـ30 إلى الـ40 سنة الماضية. في وقت سابق، جرى استغلال مثل هذا الاستياء لدعم النزعة الاستقلالية والتطرف؛ ما أدى إلى صعود تهديدات وتحذيرات من مقاطعة الانتخابات، لكن هذه المرة، لم تسمح الطوابير الطويلة للناخبين بحدوث ذلك. وتبقى الميزة الأهم في هذه الانتخابات، أنها جاءت سلمية تماماً. وتكشف حقيقة خروج حشود من الناس للتصويت كيف أصبح التصويت في حد ذاته عملاً من أعمال المقاومة والتضامن».

وشرح مالك أن «السنوات الست الماضية من الحكم المستمر لنيودلهي دفع شعب جامو وكشمير للشعور بالتهميش السياسي. وأثار تنفيذ الحاكم غير المنتخب بل المعيّن مركزياً للعديد من القوانين مخاوف عامة الناس. إذ يرى أهل جامو وكشمير أن البيروقراطية التي تديرها الحكومة المركزية - حيث يتولى مسؤولون غير محليين المناصب الإدارية العليا - لا تتناسب مع القضايا والحساسيات المحلية».

من جهته، علّق المحلل السياسي مفتي شوكت فاروقي بأن «قرار الحكومة الهندية إجراء انتخابات يبدو ظاهرياً بمثابة خطوة نحو استعادة الوضع الطبيعي في الإقليم. ولكن، من دون معالجة السبب الجذري للصراع في كشمير - الوضع السياسي غير المحلول، وتطلعات الشعب الكشميري، وانعدام الثقة العميق بين الدولة ومواطنيها - فإن هذه الانتخابات لن تعدو مجرد ممارسة سطحية للديمقراطية».

والحقيقة، كان إلغاء المادة 370 عام 2019، الذي جرّد جامو وكشمير من وضعها الخاص واستقلالها كولاية داخل الاتحاد الهندي، سبباً في تفاقم التوترات. بل تسبّب القرار في انهيار الثقة بين السكان الكشميريين والحكومة الهندية. ونظر كثيرون إلى العملية الانتخابية في ظل الإطار السياسي الحالي، باعتبارها «غير شرعية»؛ لأنها لم تعد تمثل الهوية المميزة للإقليم أو تطلعات أبنائه للحكم الذاتي.

وفي قلب القضية، تكمن الحاجة إلى حل سياسي شامل يعالج تاريخ كشمير الفريد وتطلعاتها ومظالمها. ولا يمكن تحقيق ذلك عبر الانتخابات فقط، بل عبر الحوار الهادف بين الحكومتين الهندية والباكستانية والجهات السياسية المحلية وجماعات المجتمع المدني، بما في ذلك أولئك الذين يدافعون عن فكرة تقرير المصير، ويدعون إلى استقلال كشمير.

وبالانتقال إلى الانتخابات في كشمير، نجد أن حلبة التنافس راهناً تضم الأحزاب الإقليمية الكشميرية، على رأسها «المؤتمر الوطني» و«حزب الشعب الديمقراطي»، والعديد من الاستقلاليين الذين يتنافسون بصفتهم «مستقلين» سعياً إلى استعادة المادة 370 والوضع الخاص لجامو وكشمير. ويتواجه هؤلاء عملياً مع حزب «بهاراتيا جاناتا». وفي تصريح له، قال الرئيس السابق لحكومة الإقليم عمر عبد الله إن كشمير في حاجة إلى «استعادة هويتها» عبر إلغاء الخطوة التي اتخذتها حكومة مودي عام 2019. وفي المقابل، صرح أميت شاه، وزير داخلية مودي، خلال الشهر، بأن وضع الإقليم شبه المستقل «أصبح تاريخاً ولا أحد يستطيع إعادته». وأضاف أنه «لا يمكن للساعة أن تعود إلى وضع 370 عندما كان لدينا دستوران وعَلمان».

في سياق موازٍ، بين القضايا الرئيسية الأخرى في الانتخابات، احتجاز العديد من الشباب الكشميريين في السجون الهندية، وتحديات محلية مثل تفشي المخدرات والبطالة. وتشير تقديرات الحكومة منذ يوليو (تموز)، إلى أن معدل البطالة في كشمير يبلغ 18.3 في المائة، أي أكثر عن ضعف المتوسط الوطني.

وفي هذا الصدد، قال خورشيد أحمد (50 سنة): «هناك الكثير من القضايا التي نواجهها هنا. نحن سعداء لأننا سنرى تغييراً. نريد حكومتنا الإقليمية ونهاية حكم ممثل نيودلهي. قد تفهمنا حكومتنا الإقليمية، لكن لا أحد من الخارج يستطيع ذلك. أنا أدلي بصوتي اليوم لأننا نتعرض للقمع، وقد سُجن الأطفال، ويتعرضون لأفعال غير عادلة. نحن نصوّت اليوم ضد تصرفات مودي في كشمير».

وقال فايز أحمد ماجراي (46 سنة): «كانت السنوات الأربع الماضية صعبة. لقد اتخذت قوات الأمن إجراءات صارمة، والإذلال الذي ألحقه المسؤولون من الخارج بالسكان غرس شعوراً بالعجز. صيغت القوانين المعادية للشعب من دون استشارة السكان المحليين. أنا أصوّت لإنهاء عجزنا. نحن في مرحلة حرجة من التاريخ، والتصويت وسيلتي للتعبير عن رفضي ضد القوى العازمة على تدمير جامو وكشمير مع كل يوم يمرّ».

مع ذلك، يبدو أن بعض مواطني كشمير فقدوا الأمل باستعادة استقلال منطقتهم، مثل سهيل مير - وهو باحث - الذي قال: «لا أعتقد أن المادة 370 ستعود ما لم تحدث أي معجزة»، وتابع أن الأحزاب كانت تقدم وعوداً بشأن استعادة الحكم الذاتي في خضم أجواء «مشحونة سياسياً» للحصول على الأصوات.

في هذه الأثناء، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، دعت سلطات نيودلهي دبلوماسيين أجانب إلى جامو وكشمير لمتابعة الانتخابات. وبالفعل، زار ما يقرب من 20 دبلوماسياً من سفارات مختارة، بينها سفارات الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وسنغافورة والفلبين وماليزيا، جامو وكشمير لمراقبة الانتخابات.