«المونادولوجيا»: ميتافيزيقيا الشبكة العنكبوتية

هل يمكن اعتبار «مونادولوجيا» لايبنتز كمبدأ ميتافيزيقي للشبكة العنكبوتية التي تجتاح العالم المعاصر(أ.ف.ب)
هل يمكن اعتبار «مونادولوجيا» لايبنتز كمبدأ ميتافيزيقي للشبكة العنكبوتية التي تجتاح العالم المعاصر(أ.ف.ب)
TT

«المونادولوجيا»: ميتافيزيقيا الشبكة العنكبوتية

هل يمكن اعتبار «مونادولوجيا» لايبنتز كمبدأ ميتافيزيقي للشبكة العنكبوتية التي تجتاح العالم المعاصر(أ.ف.ب)
هل يمكن اعتبار «مونادولوجيا» لايبنتز كمبدأ ميتافيزيقي للشبكة العنكبوتية التي تجتاح العالم المعاصر(أ.ف.ب)

«المونادولوجيا» هو عنوان الكتاب الذي أصدره الفيلسوف الألماني لايبنتز سنة 1714 م. وكان بمثابة وصيته الفلسفية التي كثّف فيها مبادئ فلسفته بعد أن خاضت غمار اللاهوت والرياضيات والفيزياء والمنطق والميتافيزيقا. ولكن نظرية المونادولوجيا شكّلت مع ذلك إنجازاً ومنعطفاً في تاريخ الفلسفة بشكل عام، وفي فلسفة لايبنتز بشكل خاص، إذ إنها أتت في بداية القرن الثامن عشر لتمهد لتحرير الخطاب الفلسفي من النهج اللاهوتي بعد أن كانت اللغة اللاهوتية ما تزال ماثلة في بعض فلسفات القرن السابع عشر، وخصوصاً في كتابه «خطاب الميتافيزيقا». على ذلك فإن «المونادولوجيا» ليست مجرد تكثيف لفلسفة لايبنتز، بل هي على العكس تشكل إنجازاً أو إتماماً لهذه الفلسفة يضعها على منعطف أساسي في تاريخ الفلسفة العام.
في البداية يعرف لايبنتز الموناد كما يلي: «الموناد التي سوف نتحدث عنها هنا ليست شيئاً آخر سوى جوهر بسيط يدخل في المركّبات. والبسيط يعني أنه من دون أجزاء». (ص95)** نلاحظ هنا أن لايبنتز تحدث عن جوهر بسيط وعن موناد، في حين أنه في «خطاب الميتافيزيقا» لم يستعمل مصطلح موناد، ولم يتحدث إلا عن جواهر فردية تتميز بمحمولات، وتتصف بأنها كائنات روحية أو أشخاص معينين كأن نقول مثلاً إن الإسكندر هو جوهر فردي. الجديد هنا إذن هو الحديث عن بساطة الموناد وعن عدم امتلاكها لأجزاء.
ولكن لماذا توجد هذه المونادات؟ إنها ضرورية، وذلك لأن هناك تركيبات ولأن المركّب ليس سوى تجميع للجواهر البسيطة. وينتج عن بساطة الموناد عدم وجود الامتداد ولا الصورة ولا القسمة، وبالتالي فإن هذه المونادات هي بمثابة ذرات طبيعية حقيقية أي أنها عناصر الأشياء. هكذا فالوجود الحقيقي يتمثل في ذرات الطبيعة.
وبما أن المونادات بسيطة، فهي من دون أجزاء وأبواب ونوافذ، وبالتالي لا شيء يستطيع التأثير فيها من خارجها.
ولكن بساطة الموناد لا تحجب عنها بعض المزايا الإيجابية؛ ومن أهم هذه المزايا الإدراك الحسي والنزوع. وبالتالي، فإن كل موناد لها مزاياها، وليس هناك موناد متطابقة مع الأخرى؛ والتغيير الذي نشهده في الأشياء لهو خير دليل على ذلك. ومن جهة أخرى، فإن الموناد هي معرضة للتغير، ولكن تغيرها يأتي من مبدأ داخلي، وبالتالي لا بد من أن يكون في كل موناد كثرة من الانفعالات والعلاقات. هذه الكثرة الموجودة داخل كل جوهر بسيط هي التي تجعل كل موناد مختلفة عن غيرها من المونادات.
أما الإدراك الحسي فهو ليس سوى تمثّل لهذه الكثرة المنضوية في الوحدة. أما ميزة النزوع فتتمثل في ميل الموناد للانتقال من إدراك حسي إلى آخر. وللدفاع عن وجود الكثرة في الجوهر البسيط يقول لايبنتز: «نحن نختبر بأنفسنا وجود كثرة في الجوهر البسيط، وذلك عندما نجد أن أقل فكرة يمكن أن نلاحظها تنطوي على تنوع في الموضوع. هكذا فإن كل أولئك الذين يعترفون بأن النفس هي جوهر بسيط عليهم الاعتراف بهذه الكثرة في الموناد». (ص97)
بعد ذلك ينتقل لايبنتز إلى تمييز درجات الكمال في الموناد؛ وهذا التمييز يرتكز على معايير الإدراك الحسي والنزوع والذاكرة والعقل. إن درجة الكمال الأولى توجد لدى ما يسميه لايبنتز الأنتيليشيا (Entéléchie)، التي هي عبارة عن موناد بسيطة تملك ما يكفي لتكون مصدر حركتها الداخلية. هذا يعني أن كل جوهر بسيط يتمتع بميزتي الإدراك الحسي والنزوع هو موناد بدرجة الأنتيليشيا.
ولكن الجوهر البسيط الذي يمتاز بامتلاكه للذاكرة، إضافة إلى الميزتين السابقتين، فهو يستحق اسم النفس. ومع ذلك فإن لايبنتز يصنف النفس إلى حيوانية وعاقلة أو روح. فالنفس الحيوانية تتمتع بالذاكرة، ولكنها لا تفعل سوى تقليد العقل، وبالتالي فإن أفعالها تقع تحت نطاق العادة. أما الروح، أي النفس العاقلة، فإنها تتيح لنا الاستدلال والارتفاع إلى مستوى الحقائق الأبدية التي تتعلق بنا وبالله، وذلك بالاستناد إلى مبدأين كبيرين وهما: مبدأ التناقض ومبدأ السبب الكافي. وبالتالي فهو يميز بين نوعين من الحقائق: الحقائق الضرورية أو حقائق الاستدلال والحقائق العرَضية أو الحادثة؛ وهو يعتبر أن مبدأ السبب الكافي يمكن أن يطبق على هذين النوعين من الحقائق. وانطلاقاً من مبدأ السبب الكافي حيث لكل حادث سبب يكفي لوجوده، يلاحظ لايبنتز أن سلسلة الأسباب يمكن أن تذهب إلى اللانهاية نظراً إلى إمكانية قسمة الأجسام إلى اللانهاية؛ ولكن كل هذه السلسلة تدخل في السبب النهائي الذي لا بد أن يكون سبباً كافياً، وأخيراً خارج سلسلة الأشياء الحادثة.
من هنا ينتقل لايبنتز في القسم الثاني من «المونادولوجيا» إلى البرهان على وجود الله فلسفياً، حيث يقدم ثلاث حجج: الحجة الأولى أتت في سياق معالجة السبب الكافي للقضايا الحادثة، حيث يستنتج لايبنتز قائلاً: «وهكذا فإن السبب الأخير للأشياء يجب أن يكون في جوهر ضروري لا تكون فيه التغيرات التفصيلية إلا بطريقة الفيض كما في النبع، وهذا ما نسميه الله». (ص102) ومن هذه الحجة يستنتج لايبنتز أحادية الله وكماله: «بما أن هذا الجوهر هو سبب كافٍ لكل التفاصيل التي ترتبط بكل شيء، فليس هناك إذن سوى إله واحد وهذا الإله يكفي». (ص102) وبما أنه ليس هناك شيء خارج هذا الجوهر يمكن أن يكون مستقلاً عنه، فهو يتمتع بكل الواقع الممكن، وبالتالي فإن الله هو كامل بالمطلق، طالما أن الكمال ليس سوى عظمة الواقع الإيجابي، حيث لا حدود تحده وحيث الكمال لامتناهٍ. وبما أن المخلوقات تتميز بمحدوديتها فهي تأخذ كمالها من كمال الله. إذن، هذه الحجة الأولى هي حجة بعدية، إذ يستنتج لايبنتز وجود الله كسبب كافٍ لوجود الأشياء الحادثة وكمصدر ضروري لها.
أما الحجة الثانية، فهي حجة قبلية، إذ إن الله ليس فقط مصدراً للوجود، بل هو أيضاً مصدر للماهيات بما هي حقيقية. إذن، الحجة القبلية تتلخص في أنها تؤكد وجود الله قبلياً كمصدر للماهيات وللإمكانات وللحقائق الأبدية.
هكذا يتوصل لايبنتز إلى الحجة الأنطولوجية الشهيرة معدّلة حيث يقول: «هكذا فإن الله وحده (أو الكائن الضروري) يملك الامتياز في أنه يجب أن يكون موجوداً إذا كان ممكناً. وبما أنه لا شيء يمكن أن يمنع إمكانية ما لا ينطوي على أي حدود ولا على أي سلب، وبالتالي لا ينطوي على أي تناقض فإن هذا وحده يكفي لمعرفة وجود الله قبلياً». (ص103) انطلاقاً من هذ الحجج الثلاث يستنتج لايبنتز بأن الله وحده هو الوحدة البدائية، أو هو الجوهر البسيط الأصلي، وبالتالي فإن كل المونادات المخلوقة تأتي نتيجة ومضات متواصلة من الألوهة، بحيث تتوزع هذه الومضات تبعاً لقدرة المخلوقات على استقبالها ضمن حدودها الخاصة بها.
إذن، هناك المونادات، وهناك الله، وبينهما عالم المخلوقات الذي يأتي ليجسد العلاقة بينهما، حيث إن هذا العالم يكون حاصل نسبة صفات المونادات المحدودة إلى صفات الله اللامحدودة، بحيث إن الله الذي يملك القدرة والمعرفة والإرادة يعرف ويفهم العالم كأفضل نتاج يمكن أن تقدمه توليفة المونادات المتصفة بالإدراك الحسي والنزوع. هكذا بين نزوع المونادات وإدراكها الحسي وبين كمال الله يتكون عالم المخلوقات.
من هنا ينتقل لايبنتز في القسم الأخير من المونادولوجيا للحديث عن عالم المخلوقات وما يدور فيه من نشاط ما بين المونادات.
بما أن الموناد هي جوهر بسيط يتميز بالإدراك الحسي وبالنزوع وهو مقفل على ذاته ويتحرك من داخله، فإن عملية التفاعل والتأثير المتبادل ما بين المونادات تصبح عملية افتراضية ومثالية وتقوم على معيار مستوى الإدراك الحسي في كل موناد، بحيث إن الموناد التي تتميز بإدراك حسي غامض وملتبس تتلقى التأثيرات من داخلها، بحيث إن ميزتها الداخلية تضعها في تبعية لتوليفات المونادات الأكثر إدراكاً؛ وهذه العملية تتم بتدخل من الله، الذي يضبط العلاقة بين المونادات بحيث تكمل الواحدة نقص الأخرى في سبيل تركيب أفضل العوالم الممكنة.
بالتالي، فإن نظرية تفاعل المونادات البسيطة اللامحدودة العدد تؤدي بلايبنتز إلى بلورة مبدأ الأفضل حيث يقول: «على ذلك، وبما أن هناك عدد لا متناهٍ من العوالم الممكنة في أفكار الله، وبما أنه لا يمكن أن يوجد سوى عالم وحيد، فيجب أن يكون هناك سبب كافٍ لاختيار الله لهذا العالم دون غيره... وهذا السبب لا يمكن أن يوجد إلا في التناسب أو في درجات الكمال التي تنطوي عليها هذه العوالم، بحيث إن كل ممكن له الحق في ادعاء الوجود، قياساً إلى الكمال الذي ينطوي عليه... وهذا هو سبب وجود الأفضل الذي عرفه الله بالحكمة واختاره بإرادته وخلقه بقدرته». (ص105) إذن، الله اختار بمعرفته وإرادته وقدرته أفضل العوالم الممكنة، خاصة أنه اهتم منذ بداية الأشياء بملاءمة كل موناد مع كل المونادات الأخرى.
وهذا ما أدى بلايبنتز إلى إعادة تأكيده على أطروحة الانسجام المسبق، حيث إن علاقة وتلاؤم كل موناد مع غيرها من المونادات تجعل كل جوهر يبدو وكأنه مرآة العالم. وبذلك يمكن الحصول على أكثر ما يمكن من الكمال وتحقيق مبدأ الأفضل، وذلك لأن كل موناد تمثل كل العالم ولكن تمثلاتها هي في أكثريتها ملتبسة، وهي لا تعرف بشكل متميز سوى القليل من الأشياء؛ وبذلك تتكامل معرفتها مع معارف المونادات الأخرى حسب نظام الانسجام الكوني المسبق الماثل في فكر الله.
ولكن ما الذي يدور في هذا العالم؟ وكيف هي العلاقة بين المونادات من جهة وبين الأشياء أو الأجسام المركبة منها؟ هنا يعتبر لايبنتز أنه كما أن كل موناد تعبر عن كل المونادات الأخرى، فإن كل جسم يتأثر بكل الأجسام الأخرى مهما كانت بعيدة عنه. وبالتالي فإن الموناد بتمثيلها للجسم الذي ينتمي إليها فهي تمثل كل العالم، مما يعني أن طريقة تمثيل الموناد للعالم تتوقف على جسمها. ويضيف لايبنتز بأنه ينشأ عن التقاء الموناد بجسم معين ما هو كائن حي. وإذا كانت الموناد نفساً يكون هذا الحي حيواناً. وبما أن الجسم الحي هو دائماً عضوي فإن هيئة الجسم تعكس النظام الكامل للكون الذي تشكّل الموناد المرتبطة بهذا الجسم مرآة له. وبالتالي فإن الجسم الحي هو كالعالم منظم إلى اللانهاية وأن كل كائن حي يحتوي على عدد لا محدود من الأحياء الآخرين، الذين يمتلك كل واحد منهم نفسه مع الموناد المسيطرة فيه.
من هنا يعتبر لايبنتز أن الأجسام الحية والنفوس هي في علاقة تحولية؛ فلا الجسم ولا النفس لهما بدايات ونهايات محددة إذ إن كل شيء يخضع لمقتضيات الانسجام المسبق، مما جعل لايبنتز يستنتج حول علاقة النفس بالجسم قائلاً: «هذه المبادئ منحتني الوسيلة لتفسير طبيعي لاتحاد، أو بالأحرى، لتلاؤم النفس والجسم العضوي. إن النفس تتبع قوانينها الخاصة بها؛ والجسم يتبع قوانينه أيضاً؛ وهما يلتقيان بفضل الانسجام المسبق فيما بين كل الجواهر، إذ إن هذه الجواهر هي جميعها تمثلات للعالم ذاته». (ص111)
إذن، طالما أن هذا العالم هو أفضل العوالم الممكنة وأن العلاقات بين المونادات وبين الأجسام تخضع لمبدأ الانسجام المسبق لم يبقَ سوى ترجمة هذا الواقع في سلوك النفوس، وبالتالي ينتهي لايبنتز في ختام المونادولوجيا إلى الاستثمار الأخلاقي لفلسفته، حيث يعتبر أن النفوس العاقلة هي التي أدركت من خلال مستوى كمال معرفتها أنها جزء من هذا العالم الذي يأخذ كماله من كونه يدخل في شراكة مع أكمل المونادات وعياً ومعرفة أي مع الله. على ذلك، فإن هذه النفوس تتميز بتفوقها على بقية النفوس وتشكل مدينة الله التي تجسد العالم الأخلاقي في العالم الطبيعي، حيث هناك انسجام بين فيزياء الطبيعة وبين الأخلاق الإلهية، وحيث تقوم أكمل مدينة ممكنة في ظل أكمل السلاطين، أي الله.
في الختام لا بد من التساؤل ما إذا كانت محاولتنا هذه قد نجحت بعض الشيء في تحقيق ما طرحته على نفسها من إثبات لدور المونادولوجيا في إنجاز «خطاب الميتافيزيقا» عند لايبنتز.
إن أبلغ رد على هذا التساؤل قد يكون بطرح التساؤلات التالية: أليست فلسفة لايبنتز متعددة الوجوه والأبواب والمفاهيم المتشابكة والمتلائمة والكونية، تشبه الموناد البسيطة الواحدة التي تمثل الله والعالم والكائنات المخلوقة؟ ألا تكمن قمة ميتافيزيقا لايبنتز في اختراعه لمفهوم الموناد، ذلك الجوهر البسيط الذي يحمل في ثنياته اللامتناهية وحدة الله وكثرة الموجودات؟ وبالتالي، ألا نستطيع القول إن إله المونادولوجيا هو عبارة عن مبدأ ميتافيزيقي أكثر منه لاهوتي؟ وأخيراً ألا يمكننا اعتبار مونادولوجيا لايبنتز، عالم الرياضيات المساهم في تأسيس المعلوماتية، كمبدأ ميتافيزيقي للشبكة العنكبوتية التي تجتاح العالم المعاصر بفضل تكنولوجيا النانو والاتصالات والنظام الرقمي والأقمار الصناعية التي حولت «أفضل العوالم الممكنة» إلى قرية كونية؟
*باحث وأستاذ جامعي لبناني
** المقتطفات الواردة في النص مأخوذة من الكتاب التالي:
Leibniz، Discours de métaphysique، suivi de Monadologie، Gallimard، Paris1995



كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)
عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)
TT

كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)
عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

فيما كانت الستينية كاميليا محمود تعبر بسيارتها أحد شوارع مدينة نصر بالقاهرة، لفتتها مطاعم كثيرة تزدحم واجهاتها بمواطنين اصطفوا لشراء «ساندويتش شاورما»، ما أثار لديها تساؤلات حول انتشار المطاعم السورية «بهذا الشكل المبالغ فيه»، على حساب نظيراتها المصرية، مبدية مخاوفها من «هيمنة اقتصادية سورية قد يكون لها تبعات أكبر في المستقبل».

كاميليا، التي كانت تعمل موظفة بإحدى شركات القطاع الخاص قبل بلوغها سن التقاعد، رصدت خلال السنوات العشر الأخيرة انتشاراً كبيراً للمطاعم السورية في مختلف الأحياء والمدن المصرية لا سيما مدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة) حيث تقطن. لم تستغرب الأمر في البداية، بل على العكس كان حدثاً جاذباً، ولو بدافع استكشاف ما تقدمه تلك المطاعم من نكهات جديدة وغير معتادة في المطبخ المصري، من الشاورما إلى الدجاج المسحب والكبة وغيرها.

صبغة شامية

خلال أكثر من عقد من الزمان، منذ تكثف التوافد السوري على مصر، زاد عدد المطاعم التي تقدم مأكولات سورية، لدرجة صبغت أحياءً بكاملها بملامح شامية، لا تُخطئها العين، ليس فقط بسبب أسياخ الشاورما المعلقة على واجهاتها، ولا الطربوش أو الصدرية المزركشة التي تميز ملابس بعض العاملين فيها، بل بلافتات تكرس هوية أصحابها وتؤكد ارتباطهم بوطنهم الأم، فعادة ما تنتهي أسماء المطاعم بكلمات من قبيل «السوري»، «الشام»، «الدمشقي»، «الحلبي».

طوابير أمام أحد المطاعم السورية (الشرق الأوسط)

محاولات تكريس الهوية تلك «أقلقت» كاميليا وغيرها من المصريين ممن باتوا يشعرون بـ«الغربة» في أحياء مثل «6 أكتوبر»، أو «الرحاب (شرق القاهرة)» التي باتت وكأنها «أحياء سورية وسط القاهرة». وتتساءل كاميليا في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ألا يقتطع وجود السوريين من حصة المصريين في سوق العمل؟ ألا يشكل وجودهم خطراً سياسياً لا سيما مع هيمنة اقتصادية في قطاعات عدة؟».

بين «العشق» و«القلق»

رغم مشاعر القلق والغربة، فإن السيدة لا تخفي «عشقها» للمأكولات السورية. فهي تحرص بين الحين والآخر على الذهاب مع أسرتها لأحد تلك المطاعم، مستمتعة بنكهات متنوعة من أطباق «الشاورما والفتوش والكبة وغيرها». فـ«الطعام السوري لذيذ ومتنوع وخفيف على المعدة، وله نكهة مميزة»، وبات بالنسبة لها ولغيرها «عنصراً مضافاً على المائدة حتى داخل المنزل». وبالطبع لا يمكن لكاميليا إغفال «جودة الضيافة»، لا سيما مع كلمات ترحيبية مثل «تكرم عينك» التي تدخل كثيراً من البهجة على نفسها كما تقول.

حال كاميليا لا يختلف عن حال كثير من المصريين، الذين غيرت المطاعم السورية ذائقتهم الغذائية، وأدخلت النكهات الشامية إلى موائدهم عبر وصفات نشرتها وسائل إعلام محلية، لكنهم في نفس الوقت يخشون تنامي الوجود السوري وتأثيره على اقتصاد بلادهم، الأمر الذي بات يُعكر مزاجهم ويحول دون استمتاعهم بالمأكولات الشامية.

ومع موافقة مجلس النواب المصري، الثلاثاء الماضي، على مشروع قانون لتنظيم أوضاع اللاجئين، تزايدت حدة الجدل بشأن وجود الأجانب في مصر، لا سيما السوريون، وسط مخاوف عبر عنها البعض من أن يكون القانون «مقدمة لتوطينهم»، ما يعني زيادة الأعباء الاقتصادية على البلاد، وربما التأثير على حصة المواطن المصري في سوق العمل وفق متابعين مصريين.

مجلس النواب المصري وافق على مشروع قانون لتنظيم أوضاع اللاجئين (الشرق الأوسط)

تزايد عدد السوريين في مصر خلال العقد الأخير عكسته بيانات «المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين» حيث ارتفع عدد السوريين المسجلين في مصر لدى المفوضية من 12800 في نهاية عام 2012 إلى أكثر من 153 ألفاً في نهاية عام 2023، ليحتلوا المرتبة الثانية بعد السودانيين ضمن نحو 670 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين لدى المفوضية من 62 جنسية مختلفة.

جاءت هذه الزيادة مدفوعة بالحرب السورية، ودفعت مواطنيها إلى دول عدة، بينها مصر، لتبدأ المفوضية في تلقي طلبات اللجوء منذ عام 2012، مؤكدة دعمها «الفارين من أتون الحرب».

ومع ذلك، لا تعكس البيانات التي تقدمها مفوضية اللاجئين العدد الحقيقي للسوريين في مصر، والذي تقدره المنظمة الدولية للهجرة، بنحو 1.5 مليون سوري من بين نحو 9 ملايين مهاجر موجودين في البلاد.

لكن التقدير الأخير لا يُقره الرئيس السابق لرابطة الجالية السورية في مصر، راسم الأتاسي، الذي يشير إلى أن «عدد السوريين في مصر لا يتجاوز 700 ألف، ولم يصل أبداً لمليون ونصف المليون، حيث كان أعلى تقدير لعددهم هو 800 ألف، انخفض إلى 500 ألف في فترة من الفترات، قبل أن يعود ويرتفع مؤخراً مع تطورات الوضع في السودان». وكان السودان عموماً والخرطوم خصوصاً وجهة لكثير من السوريين عقب 2011 حيث كانوا معفيين من التأشيرات وسمح لهم بالإقامة والعمل حتى 2020.

دعوات مقاطعة

تسبب الوجود السوري المتنامي في مصر في انطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد السوريين، من بينها الدعوة لمقاطعة أحد المطاعم بسبب إعلان عن ساندويتش شاورما بحجم كبير، قال فيه مخاطباً الزبائن: «تعالى كل يا فقير»، مثيراً غضب مصريين عدوا تلك الجملة «إهانة».

حملات الهجوم على السوريين، وإن كانت تكررت على مدار العقد الماضي لأسباب كثيرة، لكنها تزايدت أخيراً تزامناً مع معاناة المصريين من أوضاع اقتصادية صعبة، دفعت إلى مهاجمة اللاجئين عموماً باعتبارهم «يشكلون ضغطاً على موارد البلاد»، وهو ما عززته منابر إعلامية، فخرجت الإعلامية المصرية قصواء الخلالي في معرض حديثها عن «تأثير زيادة عدد اللاجئين في مصر»، لتتساءل عن سبب بقاء السوريين كل هذه السنوات في بلادها، لا سيما أن «سوريا لم يعد بها حرب»، على حد تعبيرها.

وعزز تلك الحملات مخاوف من التمييز ضد المصريين في فرص العمل مع إعلان البعض عن وظائف للسوريين واللبنانيين والسودانيين فقط.

وانتقد رواد مواقع التواصل الاجتماعي المطاعم السورية باعتبارها «ليست استثماراً».

في حين طالب البعض بـ«إغلاق المطاعم السورية والحصول على حق الدولة من الضرائب»، متهماً إياهم بـ«منافسة المصريين بهدف إفلاسهم»، لدرجة وصلت إلى حد المطالبة بمقاطعة المطاعم السورية بدعوى «سرقتها رزق المصريين».

الهجوم على السوريين في مصر لا ينبع فقط من مخاوف الهيمنة الاقتصادية أو منافسة المصريين في فرص العمل، بل يمتد أيضاً لانتقاد شراء الأثرياء منهم عقارات فاخرة وإقامتهم حفلات كبيرة، وسط اتهامات لهم بأنهم «يتمتعون بثروات المصريين». وهو الأمر الذي يعتبره رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر المهندس خلدون الموقع «ميزة تضاف للسوريين ولا تخصم منهم، فهم يستثمرون أموالهم ويربحون في مصر، وينفقون أيضاً في مصر بدلاً من إخراجها خارج البلاد»، بحسب حديثه لـ«الشرق الأوسط».

زحام لافت على مطعم سوري بشارع فيصل بالجيزة (الشرق الأوسط)

ووسط سيل الهجوم على المطاعم السورية تجد من يدافع عنهم، ويتلذذ بمأكولاتهم، باعتبارها «أعطت تنوعاً للمطبخ المصري».

كما دافع بعض الإعلاميين عن الوجود السوري، حيث أشار الإعلامي المصري خالد أبو بكر إلى «الحقوق القانونية للسوريين المقيمين في مصر»، وقال إن «أهل سوريا والشام أحسن ناس تتعلم منهم التجارة».

ترحيب مشروط

كان الطعام أحد الملامح الواضحة للتأثير السوري في مصر، ليس فقط عبر محال في أحياء كبرى، بل أيضاً في الشوارع، فكثيراً ما يستوقفك شاب أو طفل سوري في إشارات المرور أو أمام بوابات محال تجارية، بجملة «عمو تشتري حلوى سورية؟».

ويعكس الواقع المعيش صورة مغايرة عن دعوات الهجوم والمقاطعة المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي، عبر طوابير وتجمعات بشرية لشباب وأطفال وأسر تقف على بوابات المحال السورية لا يثنيها زحام أو حر أو مطر، عن رغبتها في تناول ساندويتش شاورما، «لرخص ثمنه، ومذاقه الجيد»، بحسب مالك مصطفى، شاب في السابعة عشرة من عمره، التقته «الشرق الأوسط» وهو يحاول اختراق أحد طوابير «عشاق الشاورما» التي تجمهرت أمام مطعم في حي الزمالك.

مصريون طالبوا بمقاطعة المطاعم السورية (الشرق الأوسط)

أما مدير فرع مطعم «الأغا» في حي الزمالك وسط القاهرة أيمن أحمد، فلم يبد «تخوفاً أو قلقاً» من تأثير حملات المقاطعة على المطاعم السورية، لا سيما مع «الإقبال الكبير والمتنامي على وجبات معينة مثل الشاورما والدجاج المسحب»، والذي أرجعه خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى «النكهة المختلفة للمطبخ السوري التي أضافت طعاماً شعبياً جديداً أرضى ذائقة المصريين».

وكان إعجاب المصريين بالمطبخ السوري هو ما دفع مؤسس مطعم الأغا، رائد الأغا، الذي يمتلك سلسلة مطاعم في دول عربية أخرى، إلى الاستثمار في مصر ليفتح أول فروعه في الدقي (شمال الجيزة) عام 2021، ثم يقدم على افتتاح فرعين آخرين في الزمالك ثم مصر الجديدة، بمعدل فرع كل عام.

على النقيض، تُغضب حملات الهجوم المتكررة رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين بمصر، الذي يرفض الاتهامات الموجهة للسوريين بـ«أخذ رزق المصري والحصول على مكانه في الوظائف والاستثمار»، لا سيما أن «السوري استثمر وفتح مطعماً أو مصنعاً ووفر فرص عمل أيضاً ولم يأخذ محل أو مطعم مصريين».

استثمارات متنوعة

يتحدث الأتاسي بفخر عن الاستثمارات السورية في مصر، ووجودها في قطاعات اقتصادية عدة، منها أكثر من 7 آلاف مصنع سوري في مجالات مختلفة، في مدن العاشر من رمضان والعبور وغيرهما، لكن المواطن المصري ربما لا يرى من الاقتصاد السوري في بلاده سوى المطاعم «كونها أكثر اتصالاً بحياته اليومية».

ويبدي الأتاسي اندهاشه من كثرة الحملات على المطاعم السورية، رغم أن «أغلبها وخاصة الكبيرة فيها شركاء وممولون مصريون، وبعضها مصري بالكامل وبه عامل سوري واحد».

ليست الصورة كلها قاتمة، فإعلامياً، يجد السوريون في مصر ترحيباً، وإن كان مشروطا بـ«تحذير» من عدم الإضرار بـ«أمن البلاد»، وهو ما أكده الإعلامي المصري نشأت الديهي في رسالة وجهها قبل عدة أشهر إلى السوريين في مصر رداً على الحملات المناهضة لهم.

وهو ترحيب عكسته وسائل إعلام سورية في تقارير عدة أشارت إلى أن مصر «حاضنة للسوريين».

وهو أمر أكد عليه موقع الجالية بتأكيد الحديث عن تسهيلات قدمت لرجال أعمال سوريين وأصحاب مطاعم، من بينها مطاعم في حي التجمع الراقي بالقاهرة.

و«مدينة الرحاب» تعد واحدة من التجمعات الأساسية للسوريين، ما إن تدخل بعض أسواقها حتى تشعر بأنك انتقلت إلى دمشق، تطرب أذنك نغمات الموسيقى السورية الشعبية، وتجذبك رائحة المشاوي الحلبية، وأنت تتجول بين محال «باب الحارة»، و«أبو مازن السوري»، و«ابن الشام» وغيرها، وتستقطبك عبارات ترحيب من بائعين سوريين، «أهلين»، و«على راسي» و«تكرم عيونك».

«حملات موجهة»

انتشار السوريين في سوق التجارة لا سيما الغذاء فسره مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق رخا أحمد حسن، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن «بلاد الشام بشكل عام قائمة على المبادرة الفردية، فجاء السوري برأسمال بسيط وبدأ مشروعاً عائلياً وباع ما أنتجه في إشارات المرور، قبل أن يتوسع ويحول مشروعه إلى مطعم».

رصد حسن بنفسه تنامي الإقبال على المطاعم السورية في حي الشيخ زايد الذي يقطنه، لا سيما أنهم «ينافسون المنتج المصري في الجودة والسعر»، معتبراً الحملات ضدهم «تحريضية تنطوي على قدر من المبالغة نتيجة عدم القدرة على منافسة ثقافة بيع أكثر بسعر أقل».

وتثير حملات الهجوم المتكررة مخاوف في نفس الكاتب والمحلل السياسي السوري المقيم في مصر عبد الرحمن ربوع، وإن كانت «موجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا وجود لها في الشارع المصري»، حيث يشير في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «على مدار السنوات الماضية لم تتغير المعاملة لا من الشعب المصري أو الجهات الرسمية في الدولة».

السوريون في مقدمة مؤسسي الشركات الاستثمارية في مصر (الشرق الأوسط)

وبالفعل، أثرت المطاعم السورية إيجابياً في سوق الأكل المصري، ورفعت من سويته، بحسب ربوع، رغم أنها لا تشكل سوى جزء صغير من استثمارات السوريين في مصر التي يتركز معظمها في صناعة الملابس، وربما كان تأثيرها دافعاً لأن تشكل الجزء الأكبر من الاستهداف للسوريين في حملات يراها ربوع «سطحية وموجهة وفاشلة»، فلا «تزال المطاعم السورية تشهد إقبالاً كثيفاً من المصريين».

ولا تجد تلك «الحملات الموجهة» صدى سياسياً، ففي فبراير (شباط) من العام الماضي وخلال زيارة لوزير الخارجية المصري السابق سامح شكري إلى دمشق، وجه الرئيس السوري بشار الأسد الشكر لمصر على «استضافة اللاجئين السوريين على أراضيها وحسن معاملتهم كأشقاء»، بحسب إفادة رسمية آنذاك للمتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد، أشار فيها إلى تأكيد شكري أن «السوريين يعيشون بين أشقائهم في مصر كمصريين».

لكن يبدو أن هناك تطوراً أخيراً «أثار قلقاً كبيراً لدى السوريين وهو قرار إلغاء الإقامات السياحية»، فبحسب ربوع، معظم الأجانب في مصر وبينهم السوريون كانوا يقيمون في البلاد بموجب إقامات سياحية طويلة، لا سيما الطلاب وكثير ممن ليس لديهم عمل ثابت ويأتي قرار إلغاء تجديدها مقلقاً لأنه سيجبر كثيرين على الخروج من البلاد والعودة مرة أخرى كل فترة، وهو القرار الذي يرغب الأتاسي في أن يشهد إعادة نظر من جانب السلطات المصرية خلال الفترة المقبلة كونه «يفرض أعباءً جديدة على السوريين لا سيما الطلاب منهم».

«استثمارات متنامية»

ويشكل السوريون نحو 17 في المائة من المهاجرين في مصر، وهم «من بين الجنسيات التي تشارك بإيجابية في سوق العمل والاقتصاد المصري، وتتركز مشاركتهم في الصناعات الغذائية والنسيج والحرف التقليدية والعقارات»، وبحسب تقرير لـ«منظمة الهجرة الدولية» صدر في يوليو (تموز) 2022، أوضح أن «حجم التمويل الاستثماري من جانب نحو 30 ألف مستثمر سوري مسجلين في مصر، قُدر بمليار دولار في عام 2022».

وفي عام 2012 جاء السوريون في مقدمة مؤسسي الشركات الاستثمارية، عبر تأسيس 365 شركة من بين 939 شركة تم تأسيسها خلال الفترة من ما بين يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول)، بحسب بيانات «الهيئة العامة للاستثمار» في مصر.

ولا توجد إحصائية رسمية عن حجم الاستثمارات السورية في مصر الآن، لكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أشار، في تقرير نشره عام 2017، إلى أن «اللاجئين السوريين استثمروا في مصر 800 مليون دولار». وهو نفس الرقم الذي تبنته هيئة الاستثمار المصرية في تصريحات تداولتها وسائل إعلام محلية.

لكنه رقم يقول رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين إنه «لا يعدو كونه الرقم التأسيسي الذي بدأ به السوريون مشروعاتهم في مصر، ثم تنامى مع الوقت»، إضافة إلى أن «هناك الكثير من الأنشطة الاقتصادية غير مسجلة في هيئة الاستثمار المصرية».

مطعم سوري في وسط البلد (الشرق الأوسط)

حملات الهجوم المتكررة على السوريين لن تمنعهم من الاستثمار في مصر، فهي من وجهة نظر الموقع «ناتجة عن نقص المعلومات وعدم إدراك لطبيعة وحجم مساهمة السوريين في الاقتصاد»، إضافة إلى أن «المتضرر الأكبر من تلك الحملات هما الاقتصاد والصناعة المصريان»، لا سيما أنها «تتناقض مع سياسة الحكومة الرامية إلى تشجيع الاستثمار».

فقد جاء المستثمر السوري بأمواله لمصر واستثمر فيها، و«أنفق أرباحه فيها أيضاً»، فهو بذلك قادر على «العمل... ولم يأت ليجلس في المقاهي».

بالفعل «لا يحصل السوريون على إعانات من الدولة، بل يعملون بأموالهم ويدفعون ضرائب، ومثل هذا الحملات تقلل من دور مصر التاريخيّ أنها ملجأ لكل من يضار في وطنه أو يتعرض للخطر»، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الذي اعتبر الهجوم المتكرر عليهم «محاولة لإظهار السوريين بأنهم سبّب مشكلات البلاد، وهو غير صحيح».

وفي الوقت الذي يعول فيه الموقع على الإعلام لـ«نشر الوعي بأهمية وجود السوريين في مصر»، لا تزال الستينية كاميليا محمود حائرة بين «عشقها» للمأكولات السورية، و«مخاوفها» من التأثير على اقتصاد بلادها، ما يتنقص من متعتها ويعكر مزاجها وهي تقضم «ساندويتش شاورما الدجاج» المفضل لديها.