سانتياغو بينيا يواجه «صداعين» سياسيين: عقوبات واشنطن... والعلاقات مع تايوان

رغم تعزيز حزبه اليميني قبضته على الباراغواي

الرئيس المنتخب سانتياغو بينيا وسط مناصريه (رويترز)
الرئيس المنتخب سانتياغو بينيا وسط مناصريه (رويترز)
TT

سانتياغو بينيا يواجه «صداعين» سياسيين: عقوبات واشنطن... والعلاقات مع تايوان

الرئيس المنتخب سانتياغو بينيا وسط مناصريه (رويترز)
الرئيس المنتخب سانتياغو بينيا وسط مناصريه (رويترز)

مرة أخرى، وكما جرت العادة منذ 70 سنة بلا انقطاع، فاز الحزب الأحمر - أو الملوّن - (الكولورادو) بالانتخابات الرئاسية والاشتراعية في الباراغواي. الحزب اليميني القوي فاز بعدما حصل على 43 في المائة من الأصوات أمام معارضة منهارة ومبعثرة بين عشرات الأحزاب الصغيرة، خسرت على كل الجبهات بما فيها غالبية مجلس الشيوخ الذي كان لسنوات طويلة معقلها الرئيسي والوحيد في وجه الحزب الحاكم. هذا الفوز هو السابع الذي يحققه الحزب الأحمر من أصل ثماني انتخابات رئاسية خاضها منذ سقوط ديكتاتورية ألفريدو ستروسنر عام 1989، وهذا رقم قياسي لم يصل إليه أي حزب آخر في أميركا اللاتينية، وما يزيده أهمية أنه يأتي اليوم بينما يتسم المشهد السياسي في المنطقة بتراجع شعبية الأحزاب الحاكمة واليمينية وصعود الأنظمة اليسارية أو التقدمية. بهذه النتيجة، بعد أن ضمن الرئيس الجديد سانتياغو بينيا الغالبية في مجلسي الشيوخ والنواب، وحكام 15 مقاطعة من أصل 17، فإنه سيتمكن من حكم هذا البلد الذي يشكّل أقدم معقل يميني في قارة أميركا الجنوبية، من غير معارضة تذكر، بيد أنه سيواجه عدداً من التحديات على الجبهة الخارجية، أبرزها العلاقات مع واشنطن ومسألة المحافظة على الاعتراف بتايوان التي كانت أحد العناوين الرئيسية في الحملة الانتخابية.

كان سانتياغو بينيا في السابعة والثلاثين من عمره عندما انضمّ إلى الحزب الأحمر (الملوّن - الكولورادو) عام 2016 عندما تسلّم حقيبة وزارة المالية في حكومة الرئيس الأسبق أوراسيو كارتيس ليصبح الأصغر سناً في تاريخ الباراغواي بعدما كان قد تخرّج في جامعة هارفارد الأميركية العريقة، وتولّى مهام تخطيطية في صندوق النقد الدولي.

ولكن، لئن كان الرئيس الجديد يدين لـ«عرّابه» كارتيس بهذا الصعود السريع إلى قمة المشهد السياسي، فإن هذه العلاقة ستكون من العقبات الأساسية التي ستعترض ولايته منذ أصدرت الإدارة الأميركية قراراً بملاحقة الرئيس الأسبق بتهمة غسل الأموال والتعاون مع منظمات إجرامية لتهريب المخدرات. وكان بينيا بذل جهداً كبيراً خلال الحملة الانتخابية لفصل صورته وبرنامجه السياسي عن صورة كارتيس الذي ما زال الشخصية الأوسع نفوذاً في الحزب الحاكم. إلا أن بينيا صرّح أخيراً بـ«أن من حق الأشخاص الذين تشملهم هذه العقوبات الأميركية، وأيضاً من واجبهم، أن يدافعوا عن أنفسهم، سيما وأن كارتيس قد أنكر التهم الموجهة إليه».

قبل هذا التصريح سعى بينيا منذ إعلان ترشحه لرئاسة الجمهورية، وطوال الحملة الانتخابية إلى إبراز «استقلاليته» ودحض الاعتقاد السائد بأنه سيكون «دُمية» بيد الرئيس الأسبق الذي يملك أكبر ثروة في الباراغواي، والذي خرج أخيراً ظافراً من المعركة التي خاضها ضد الرئيس الحالي ماريو عبده للسيطرة على الحزب اليميني الحاكم. ولكون بينيا تكنوقراطياً لا يملك خبرة سياسية؛ فإنه بنى برنامجه السياسي على تأكيد قدرته على «تجديد الحزب» الذي يتوالى على الحكم في الباراغواي منذ سبعة عقود. غير أن بينيا تولّى إدارة مصرف يملكه كارتيس بعدما كان وزيراً للمالية في حكومته، وقبل أن يعلن ترشحه للرئاسة وينهزم في انتخابات الحزب التمهيدية أمام الرئيس الحالي ماريو عبده. ولاحقاً، في أول تصريح له بعد إعلان النتائج الرسمية للانتخابات قال بينيا إن الحزب الأحمر «صمد كل هذه السنين لأنه كان يعرف دائماً كيف يتماهى مع مختلف المراحل في تاريخ الباراغواي، وإنه اليوم قادر على التكيّف مع التغيرات الجديدة ومقتضيات العصر الحديث».

رئيس الباراغواي الأسبق كارتيس

 

أسباب مساعدة للانتصار

عديدة هي الأسباب التي ساعدت «الكولورادو» على الاستمرار طوال هذه السنوات مسيطراً على المشهد السياسي في الباراغواي، باستثناء الفترة القصيرة التي فاز فيها الأسقف اليساري السابق فرناندو لوغو عام 2008. ولعل أبرز هذه الأسباب، أن الانتخابات الرئاسية تُحسم في جولة واحدة، وهو ما يعني أن مرشحاً يمكن أن يُنتخَب رئيساً للجمهورية حتى لو صوّت ضده 57 في المائة من المواطنين كما حصل الآن مع سانتياغو بينيا، وقبله مع سلفه ماريو عبده والرئيس الأسبق أوراسيو كارتيس.

السبب الثاني هو أن الحزب، الذي يسيطر منذ سبعة عقود على أجهزة الدولة، بنى خلال هذه الفترة الطويلة شبكات واسعة تدعم مصالحه وتؤمّن له الدعم الشعبي مقابل الخدمات التي يقدمها لأنصاره. والسبب الثالث، أن «الكولورادو» قرّر حسم صراعاته الداخلية قبل الانتخابات، فتوافق الطرفان المتنازعان بقيادة الرئيس الأسبق كارتيس والرئيس الحالي ماريو عبده على دعم ترشيح بينيا كمخرج من الأزمة بينهما. ورابعاً وأخيراً، أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على كارتيس ساهمت في «شدّ العصب الحزبي» حوله خلال الأشهر الأخيرة... بعد الحملة التي شنّها أنصاره ضد ما اعتبروه «تدخلاً من واشنطن» في الشؤون الداخلية للباراغواي.

ولكن على الرغم من الفوز الواضح الذي حققه الحزب، ليس من الأكيد أن الرئيس المنتخب بينيا لن يواجه معارضة من التيار التقليدي داخله، وهو تيار كان يعارض ترشحه، خاصة أن الانقسامات الداخلية هي من السمات التي ميّزت هذا الحزب منذ سنوات، وهي تظهر عادة بكل حدتها عند تشكيل الحكومة. ومن هنا سيكون بينيا مضطراً إلى إيجاد «توازن» بين الابتعاد عن كارتيس مسافة كافية كي لا يظهر بأنه على صلة بالمنظمات الإجرامية من جهة، ومن جهة أخرى الحرص على تحييد التيار الموالي للرئيس الأسبق الذي حصد نتائج مهمة في الانتخابات. وتجدر الإشارة إلى أنه لم يسبق لـ«الكولورادو» الحصول على الأكثرية في مجلسي الشيوخ والنواب معاً. وتحقق هذا الأمر الآن قد يفتح شهيّة التيارات الداخلية المتنازعة على المزيد من الصراعات، ويحتّم على الرئيس الجديد ترتيب الأوضاع داخل الحزب قبل أن يتفرّغ لتنفيذ برنامجه الانتخابي، علماً بأن احتمالات الانشقاق تزداد منذ احتدم الصراع بين كارتيس وعبده.

انشقاقات وهواجس

من التداعيات المحتملة للانشقاق الداخلي انضمام بعض الأحزاب التي أيّدت منافس بينيا، المرشح الليبرالي إيفرايين آليغري، الذي لا يختلف برنامجه الانتخابي كثيراً عن برنامج الرئيس المنتخب، لتشكيل جبهة يمينية معتدلة. ولا يستبعد بعض المراقبين أن يكون بينيا ميّالاً إلى هذا الاحتمال، لا بل قد يكون يخطط له؛ إذ يرى فيه مدخلاً إلى تجديد حزبه الذي لمح إليه مراراً في حملته الانتخابية، وربما مخرج من العلاقة المحرجة مع كارتيس بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه.

ولكن التحالف المحتمل مع آليغري والقوى الليبرالية والديمقراطية المسيحية التي دعمته، طريق محفوفة بالمحاذير والمخاطر. إذ إن معظم الأحزاب التي دعمته في الانتخابات الرئاسية لم تفعل ذلك اقتناعاً منها ببرنامجه، بل سعياً إلى تشكيل أوسع جبهة ممكنة لإسقاط مرشح الحزب الأحمر وإنهاء هيمنته المزمنة على مقدرات البلاد. وما يستحق الإشارة في هذا السياق، أن آليغري كان قد فشل مرتين في السابق للوصول إلى الرئاسة، الأولى عام 2013 ضد كارتيس والأخرى ضد ماريو عبده عام 2018. يضاف إلى ذلك أن معظم الأحزاب التي أيّدته في الانتخابات الأخيرة كانت قد اشترطت أن يكون العنوان الرئيس لحملته «محاربة المنظمات الإجرامية» التي تمارس نفوذاً واسعاً على الحياة الاقتصادية والسياسية في بلد يحتل المرتبة الثانية في أميركا اللاتينية على قائمة الفساد، التي تتصدرها فنزويلا. وبالفعل، كان آليغري قد صرّح في ختام حملته الانتخابية بأن هذه الانتخابات ليست ضد «الكولورادو»، بل ضد المال الذي تشتري به المنظمات الإجرامية ضمائر السياسيين وتفرض عليهم شروطها عندما يصلون إلى السلطة.

في القريب المنظور تبقى العلاقة مع الولايات المتحدة هي الهاجس الأكبر لدى سانتياغو بينيا، خاصة إذا قررت واشنطن طلب استرداد الرئيس الأسبق كارتيس الذي صدرت بحقه عقوبات، ومذكرة بملاحقته قضائياً بتهمة التعاون مع منظمات إجرامية وتبييض الأموال. وهنا سيجد الرئيس الجديد المنتخب نفسه أمام معضلة كبيرة وهامش ضيّق للمناورة يكاد يقتصر على ورقة العلاقات مع تايوان، التي كانت تحظى دائماً بترحيب الإدارات الأميركية، والتي كانت أحد العناوين الرئيسية التي دارت حولها الحملة الانتخابية الأخيرة بعدما دعا مرشح المعارضة إلى إعادة النظر فيها والاتجاه صوب الصين التي تتسع دائرة نفوذها الاقتصادي في الباراغواي كما في بقية بلدان أميركا اللاتينية.

تشيانغ كاي شيك

في الواقع، الباراغواي هي الدولة الوحيدة في أميركا الجنوبية التي لا تزال تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع تايوان. ولقد قال الرئيس المنتخب إنه «لا بد من المحافظة عليها طالما أن البنى الاقتصادية في البلاد ما زالت غير جاهزة لتعميق العلاقات التجارية مع الصين»؛ وذلك رغم الضغوط القوية التي يمارسها قطاع الصناعات الغذائية - الذي يشكّل العماد الأساسي لاقتصاد البلاد - للانفتاح على السوق الصينية الضخمة.

بل ربما كانت الباراغواي الدولة الوحيدة التي يقع المتجول في شوارع عاصمتها على نُصب وتمثال ضخم للزعيم الصيني تشيانغ كاي شيك.

وتشيانغ هو الزعيم اليميني وقف في الصين بوجه الثورة الشيوعية التي قادها ماو تسي تونغ، قبل أن ينتقل إلى جزيرة فورموزا، حيث أسس الدولة التي تعرف اليوم باسم تايوان، والتي تعدّها بكين جزءاً لا يتجزأ من الوطن الصيني. إذ يرتفع تمثال تشيانغ كاي شيك باللباس العسكري في الجادة الطويلة والفسيحة التي تحمل اسمه في أرقى أحياء العاصمة أسونسيون. ثم إن هناك مدرسة كبيرة تحمل اسم مؤسس جمهورية تايوان وجامعة خاصة باسم «تايوان - باراغواي»، وحديقة نباتية فريدة من نوعها في المنطقة، فضلاً عن الاستثمارات المقدّرة بمئات الملايين من الدولارات، ومساعدات مالية يسيل لها لعاب زعماء «الكولورادو»، وفي طليعتهم الرئيس الأسبق كارتيس، بجانب مشاريع ضخمة لترميم وسط العاصمة التاريخي، من بينها مبنى البرلمان ومقرّ وزارة الخارجية.

تمثال تشيانغ كاي شيك في أسونسيون

غير أن وجود سفارة للباراغواي في تايوان، التي لا يزيد عدد يكانها على 24 مليوناً، يعني أن لا وجود لسفارة لها في الصين التي تجاوز تعداد سكانها 1400 مليون نسمة. وعدم وجود علاقات دبلوماسية مباشرة بين البلدين يعني انعدام أي علاقات تجارية مباشرة بينهما؛ ما يجعل الباراغواي مضطرة إلى اللجوء لوسطاء مثل تشيلي والأرجنتين والبرازيل لاستيراد البضائع والمنتجات الصينية، كما أن صادرات الباراغواي الرئيسية من الصويا واللحوم لا يمكن أن تصل إلى السوق الصينية من دون أن تمرّ عبر بلدان ثالثة.

حسابات الاقتصاد

خلال ولاية الرئيس الحالي ماريو عبده أصبحت تايوان المستورد الثاني للحوم من الباراغواي بعد تشيلي. والباراغواي هي الآن في عداد الدول العشر الأولى المصدِّرة للحوم في العالم، والرابعة المصدّرة للصويا، وهي تملك أيضاً طاقات هائلة لمضاعفة إنتاجها وزيادة صادراتها إلى الأسواق الدولية. والمفارقة اليوم هي أن الباراغواي لا تصدّر سوى كمية ضئيلة من الصويا إلى الصين، عن طريق الأرجنتين بقيمة لا تزيد على 30 مليون دولار سنوياً، بينما معـظم وارداتها تأتي من السوق الصينية بقيمة تجاوز 4 مليارات دولار. ويقول رجل الأعمال الصيني تشارلز تانغ، الذي يرأس غرفة التجارة التي تضمّ أكثر من مائة شركة في الباراغواي تصدّر المنتوجات الزراعية، إن بكين لن تسمح أبداً بفتح مكتب تجاري للباراغواي في الصين قبل إقامة علاقات دبلوماسية بين الطرفين، وبالتالي قطع العلاقات مع تايوان.

إلى جانب ذلك، تعتبر تايوان أن لعلاقاتها الدبلوماسية مع الباراغواي أهمية رمزية كبيرة، خاصة في سياق التوتر المتزايد بين واشنطن وبكين والأزمة الناشئة عن الحرب الدائرة في أوكرانيا، فضلاً عن أن الباراغواي هي حليفها الوحيد في أميركا الجنوبية، وواحد من حلفائها الثلاثة عشر في العالم. وعليه، فإن خسارتها سيكون لها إثر معنوي كبير، خاصة بعدما قررت هوندوراس قبل فترة قصيرة قطع علاقاتها معها وإقامة علاقات مع بكين. ويطرح تانغ، في معرض النقاش الدائر حول التخلي عن تايوان وإقامة علاقات مع بكين العرض التالي: شبكة للقطارات الكهربائية تغطّي جميع أنحاء الباراغواي، وتجهيز 30 مستشفى، وبناء 30 ألف وحدة سكنية جديدة، وبجانب إنشاء قطار سريع يربط العاصمة بمدينة الشرق في أقل من ساعة، ومطار جديد، ومترو أنفاق في العاصمة واستثمارات بقيمة 4 مليارات دولار في العام الأول من العلاقات بين البلدين.

حقائق

الباراغواي... «دولة بوليسية» حقيقية في عهد ستروسنر

يعود تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الباراغواي وتايوان إلى العام 1957، أي بعد ثلاث سنوات على بداية حكم أطول نظام ديكتاتوري في أميركا اللاتينية قاده ألفريدو ستروسنر، مؤسس «الكولورادو» (الحزب الأحمر أو الملّون)، الذي تبنّى كلياً عقيدة واشنطن المناهضة للأنظمة الشيوعية إبّان الحرب الباردة، على غرار ما فعلت بلدان عدة في أميركا اللاتينية. إلا أنه مع بداية الصعود الاقتصادي لجمهورية الصين الشعبية راحت هذه البلدان اللاتينية تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان وتقيمها مع بكين. ووصلت العدوى إلى الولايات المتحدة نفسها التي أسست علاقاتها الدبلوماسية الرسمية مع الصين في العام 1979، في حين أصرّ نظام ستروسنر على إبقاء علاقاته مع تايوان، لا بل سعى إلى تطويرها وترسيخها على شتى الصعد.

إلى جانب ذلك، أخذت الباراغواي تتحوّل على عهد ستروسنر «دولة بوليسية» لجأ إليها مئات المسؤولين العسكريين والمدنيين الفارين من وجه العدالة في عدد من البلدان الأميركية اللاتينية بسبب ارتكابهم فظائع ضد مواطنيهم. وهو ما أدى لاحقاً إلى إنشاء «أرشيف الإرهاب» في العاصمة الباراغوية أسونسيون، الذي يحوي مجموعة من الوثائق والمستندات والمعلومات حول القمع الذي كانت تمارسه الديكتاتوريات العسكرية في أميركا اللاتينية ابّان سبعينيات القرن الفائت. وتضمّ هذه الوثائق كل المراسلات الخطية التي كانت تتبادلها السلطات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية المدنية في الباراغواي على عهد ستروسنر حول ملاحقة المعارضين، من شيوعيين وليبراليين وفنانين ونقابيين، وتعذيبهم أو إعدامهم.

كذلك يضم الأرشيف العديد من المراسلات والوثائق العائدة للبرازيل وتشيلي والأرجنتين والأوروغواي إبان عهد الديكتاتوريات العسكرية التي حكمت تلك البلدان في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. وأيضاً تضمّ هذه المستندات معلومات مفصّلة عن التعاون الذي كان قائماً بين تلك الأنظمة بإشراف وتوجيه الولايات المتحدة وأجهزتها الاستخباراتية التي كانت تمدّ الأجهزة الأمنية والعسكرية في أميركا الجنوبية بالمساعدات والموارد التقنية والمالية لقمع المعارضين السياسيين.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.